Announcement

Collapse
No announcement yet.

الباحث محمد جابر صاحب كتاب (من الشعر العامي في جبل العرب) ..ظهرت العتابا في الجبل بين الشعراء والعتابا.. عتاب المحبوب

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الباحث محمد جابر صاحب كتاب (من الشعر العامي في جبل العرب) ..ظهرت العتابا في الجبل بين الشعراء والعتابا.. عتاب المحبوب

    "العتابا".. عتاب المحبوب

    ضياء الصحناوي

    الملخص : ظهرت العتابا في الجبل بين الشعراء النبطيين لمعاتبة الزمان على فقد أحدهم، فانتشرت العتابا كنوع من النواح على غياب ركن من أركان الشعر، أو لغياب صديق عزيز ذي مكانة في المجتمع المحلي.
    مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21/5/2013 الباحث الأستاذ "محمد جابر" صاحب كتاب (من الشعر العامي في جبل العرب) الصادر عن وزارة الثقافة، حيث قال: «تقول الحكاية إن رجلاً كان يعيش في جبل "سنجار" أحب فتاة اسمها "عتابا" وتزوجها قبل أن يرحل باحثاٌ عن الرزق الحلال، ولما عاد من الغربة وجد محبوبته قد تركته لترتمي في حضن الإقطاعي، فهام على وجهه وراح يقول أشعاراً يبدؤها باسم محبوبته "عتابا" حتى انتشر هذا الفن الغنائي في العتاب والمعاتبة للمحبوب في سائر الشرق، ومنه

    إلى جبل "العرب" حيث تلقفه شعراء العامية، وغناه عازفو الربابة في سهراتهم».

    وعن معناه وميزاته قال: «هو فن زجلي رباعي له أربعة أشطر وأربع قواف تكون الثلاثة الأولى متفقة في المبنى مختلفة في المعنى أما القافية الرابعة فتكون مخالفة وغالباً ما تأتي على شكل عتاب. ومعناها عاتب معاتبة وعتاباً: كل ذلك لامه، قال الشاعر:

    أعاتب ذا المودة من صديق.. / إذا ما رابني منه اجتناب

    إذا ذهب العتاب فليس ودا.. / ويبقى الود ما بقي العتاب

    وفن العتابا إنما سمي بهذا الاسم، من معاتبة الزمن، والزمن عند العامة اصطلاح يختزل كل الضروب التي تواجهه، إذاً هي المعاتبة والملامة من موجدة أو قهر أو أسف أو حزن، عتاب الزمن أو القدر أو الحظ أو المحبوب أو الأخ أو الصديق، وربما هي ليست دائماً على قدر المحبة، وأهم ميزاتها البراعة في الصنعة اللفظية أو المعنوية، فهي تشغلك في التفكير واستنباط المعاني. كما أن لها تأثيراً كبيراً في النفس لدرجة الإعجاب لما تحمله أكثر الأحيان من حزن وشجى ورقة وعذوبة في الشكوى، والعتاب، حتى إنها قد تثير الدمع أحياناً».

    وتابع: «وزنها على البحر الوافر، أي مفاعلتن مفاعلتن فعولن. ويتألف بناؤها من بيتين شعريين لا أكثر ولا أقل هما بمثابة قصيدة قائمة بذاتها، أو صورة كاريكاتورية يجب أن تفي بالغرض، فهي كل ما يريده الشاعر، بهذين البيتين لا غير. ويتكون هذان البيتان من أربعة أشطر، وأربع قواف، تكون الأشطر الثلاثة الأولى بقافية موحدة متجانسة، وقد تكون كلمة واحدة، ولكن معناها مختلف في كل قافية عن سواها، فالقوافي الثلاث متفقة في اللفظ مختلفة في المعنى، الشاعر الشعبي "أنيس ناصر". أما الشطر الرابع فيكون مختلف القافية، ويجب أن تكون مغايرة، وغالباً ما تنتهي بباء قبلها حرف مد على وزن عتاب، أو لأي حرف آخر مطلق بألف ممدودة أو مقصورة أو هاء، ومنها ما يسمى (الموالف) وهو أن تكون قافية البيت الثاني (القافية الثالثة) لها تكملة في المصراع الذي يليه».

    ثم أضاف: «كثيرون هم الذين تحدثوا في هذا الموضوع، ولكن أحداً لم يعط تاريخاً دقيقاً لمكان وتاريخ ولادتها، فمن قائل إنها ولدت في الغرب وآخر إنها ولدت في الشرق.. وهناك من قال من العلماء إنها نشأت في نهاية القرن الخامس الهجري. وهناك من يميل إلى الاعتقاد أنها قد تعود في أصولها إلى الزجل الذي ولد في ذلك التاريخ في الأندلس وبعدها انتقل إلى المشرق. (نشأ الزجل في الأندلس ثم انتقل إلى المشرق وأخذ من لون المكان، وفي الشام عرف الزجل بالمعنّى، وفي العراق بالعتابا والزهيري).


    غير أن الحكاية تقول إن تسميتها منسوبة لفتاة جميلة كان اسمها "عتابا" كانت تقيم في جبل "سنجار"، وقد أحبها شاب فقير لا يمتلك شيئاً كان يعمل في الزراعة، ثم أدى ذلك الحب إلى الزواج وعاش العاشقان حياة ملأى بالحب والفقر مما دعا الزوج للسفر بسبب الحاجة وضيق العيش، ولما عاد لم يجدها وفوجئ بخيانتها له وتركها بيته إلى قصر سيد القرية ذلك الإقطاعي الذي استغل غيابه وبعده عنها، وأغراها بما عنده فأيقن الزوج أنها لن تعود إليه وقد ضاعت منه، فراح يبكي وهام على وجهه، لا يلوي على شيء، تاركاً "عتابا" والبلاد وما فيها، وانطلق حزيناً بائساً، ولكنه لم ينس ذلك الحب، فأخذ يغني أبياتاً رباعية الباحث الأستاذ "محمد جابر". في العتاب، سميت فن العتابا قيل إنها أول أبيات في العتابا، وراح الناس يتبعونه في هذا الفن، والأبيات هي:

    عتابا بين برمي وبين لفتي / عتابا ليش لغيري ولفتي

    أني ما روح للقاضي ولفتي / عتابا بالثلاث مطلقه».

    الشاعر الشعبي "أنيس ناصر" قال عن علاقة العتابا بالشعر في الجبل وأمثلة عنه: «العتابا هي فن شعري زجلي له أصوله وقواعده البنائية والموسيقية. حيث تغلب عليه مسحة الشجن، وهو اليوم يضيف الغزل والوصف والنقد الاجتماعي المحبب للكثيرين من الناس، وقد نشره شعراء العامية عندما كانوا يتعاتبون فيما بينهم في السهرات والأمسيات التي لا يتواجد فيها إلا أناس قلائل، وأكثر تلك الأشعار كانت تركز على معاتبة الزمن عندما يتوفى أحد الأشخاص القريبين، وكان من ضمن الحاضرين عازف ربابة، لأنه فن يغنى على الربابة وآلات موسيقية مختلفة، وثمة مقولة في جبل "العرب" مفادها أن من لا يجيد العتابا على الربابة فهو عازف غير ماهر. يقول الشاعر الراحل "حمد اليونس" شاعر قرية "الحريسة":

    سقى الله يا ضيا عيني متى الفيت / يالوما فراقهم روحي ماتلفيت

    لك الله عالفرح عيني ما تلفيت / مطول عيونكم عني غياب

    وقد كان لرحيل شاعر العتابا "أحمد مكنى" صدى حزيناً في نفوس أصحابه من شعراء الجبل، حيث راحوا يرثونه بعتاب مر، مثل الشاعر الشعبي الكبير "عبد الكريم رباح" الذي وصف الربابة التي فقدت هي الأخرى وليفها الراحل فقال:

    ربابة تصيح يا أحمد مكنّاي / عبير العين عا فقدك مكنّاي

    هبت دنياك عدّنا مكنّاي / سوا وتزورنا وفود الشباب.

    أما الشاعر الراحل "أحمد كمال" فقال على نفس الموضوع:

    الربابة فاقده
    أحمد وملها / يومنّو ضاع مقصدها وأملها

    بدنيا فانية مالك وملها / إذا مالت على أكبر أنصاب».
Working...
X