Announcement

Collapse
No announcement yet.

اللاذقية في: العصر البيزنطي (395-637) زمن الفتح العربي (637-1097) الحروب الصليبيّة (1097-1287) عصر المماليك (1287-1516)

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • اللاذقية في: العصر البيزنطي (395-637) زمن الفتح العربي (637-1097) الحروب الصليبيّة (1097-1287) عصر المماليك (1287-1516)

    اللاذقية في العصر البيزنطي (395-637)


    بدأ العصر البيزنطي عام 395 عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلا شطرين وأصبحت بيزنطة (استنبول حاليّا) عاصمة الشطر الشرقي منها. أمّا لاوذكيّة فكانت، حسب التقسيمات الإداريّة التي أجريت، ضمن مقاطعة أطلق عليها اسم «سورية الأولى» عاصمتها أنطاكيا.
    كانت سورية في ظلّ الدولة البيزنطية بلاداً مسيحيّة بوجه عام تسيطر عليه الصفة الدينيّة، غير أنها امتازت في هذا العهد بالخلافات العقائدية التي نتجت عن ظهور بدع جديدة والتي أدّت إلى انشقاقات واضطرابات مختلفة. وهكذا نرى بين الأساقفة الذين تعاقبوا على لاوذكية من كان يتبع السلطة الكنسيّة الشرعية ومن كان يميل إلى إحدى الهرطقات الرائجة آنذاك.
    في 2 كانون الثاني 529 وقع في لاوذكية زلزال عنيف دمّر قسماً كبيراً منها وسبّب مقتل سبعة آلاف وخمسمائة نسمة. ولمساعدتها أمر الإمبراطور يوستنيان بإعادة بناء الأحياء المتضرّرة وأعفى المدينة من الضرائب لمدة ثلاث سنوات، كما أحدث مقاطعة جديدة جعل من لاوذكيّة عاصمتها وألحق بها الساحل حتى بانياس، وأطلق على هذه المقاطعة اسم «ولاية تيودوريادس» تيّمناً باسم الإمبراطورة تيدورا.
    ويرجح أنّه في القرن السادس بني في الطرف الشمالي من لاوذكيّة دير الفاروس الذي عرف فيما بعد شهرة واسعة.
    لا ندري بالضبط في أي عهد تقلّصت مساحة المدينة التي كانت، كما رأينا، تحتلّ في العصرين الهيلنستي والروماني كامل الرأس، بينما يستدل من الأوابد التي تظهر من حين إلى آخر في أيامنا أن القسم الجنوبي من الرأس لم يكن مأهولاً في القرون الوسطى.

    اللاذقية من الفتح العربي حتى الحروب الصليبية (637-1097)


    إن انتصار العرب في معركة اليرموك، بتاريخ 20 آب 636، فتح لهم أبواب سورية. أما لاوذكيّة فقد تمّ فتحها سنة 637 على يد عبادة بن الصامت الأنصاري بتكليف من أبي عبيدة بن الجرّاح. عندئذ أخذ اسم المدينة قالبه العربي متحوّلاً من لاوذكيّة إلى لاذقيّة. ثم أصبحت تلقّب بلاذقيّة العرب لتتميّز عن المدن الأخرى التي تحمل الاسم نفسه والتي كانت لا تزال في مناطق يحكمها البيزنطيون.
    بموجب مقرّرات مؤتمر الجابية المنعقد سنة 638 قسّمت سورية إلى أجناد أي إلى مناطق عسكرية، فصارت اللاذقية تابعة إلى جند حمص الذي كان يشمل أيضاً حماة وتدمر وجبلة وبانياس وطرطوس.
    في عام 718 أغار البيزنطيون على اللاذقية من البحر وألحقوا بها الدمار، فأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بإعادة بناء ما تهدّم وبتحصين المدينة. وتتابعت هذه الأعمال في عهد خلفه يزيد بن عبد الملك. وفي سنة 859/60 تعرّضت اللاذقية إلى هزّة أرضيّة عنيفة هدمت معظم أبنيتها وأودت بعدد كبير من الضحايا، فأمر الخليفة المتوكل بدفع تعويضات إلى المتضررّين.
    في سنة 863/64 تولى على اللاذقية يوسف بن إبراهيم التنوخي، وفي سنة 933 لما جاء المتنبي إلى اللاذقية كانت لا تزال في أمرة أسرة التنوخيين كما يتبيّن من القصائد التي نظمها في أثناء إقامته فيها والتي تذكر ثلاثة منهم. ومن جهة أخرى نسمع أن العرب الذين كانوا يقطنون اللاذقية في هذه الفترة هم من أصل يمني وينتسبون إلى قبائل حمدان وزبيد وسليح ويحصب.
    بدأ حكم الحمدانيين في حلب سنة 944 وشملت سلطة سيف الدولة سورية الشماليّة بما فيها اللاذقية التي أصبحت تابعة لحلب. وفي عام 968 هاجم الإمبراطور البيزنطي الدولة الحمدانيّة، وعند احتلاله الساحل استولى على اللاذقية التي أضحت من جديد تحت السلطة البيزنطيّة.
    لا نعرف بالضبط في أي تاريخ زار أبو العلاء المعري اللاذقية وأقام فيها فترة من الزمن، رغم أن أكثر من مؤرّخ أتى على ذكر هذه الزيارة. كل ما نعلم أنّها جرت ما بين عام 988 وعام 1008، وقد حلّ وقتئذ ضيفاً على رهبان دير الفاروس، ويبدو أنّه اطّلع فيه على الفلسفة اليونانيّة.
    وقبيل الحروب الصليبية تبعت اللاذقية لفترة قصيرة أمراء بني منقذ أسياد قلعة شيزر الذين سلّموها بدورهم إلى السلطان السلجوقي مالك شاه عام 1086، وبقيت في أيدي السلاجقة حتى قدوم الفرنج.

    اللاذقية والحروب الصليبيّة (1097-1287)


    حاول الفرنج، اعتباراً من شهر آب سنة 1097، الاستيلاء على اللاذقية أكثر من مرّة، فكانوا تارة يهاجمونها وتارة يحاصرونها وأحياناً يحتلّونا بصور موقّتة أو يستعملون مرفأها. فخلال هذه المرحلة المضطربة من تاريخ الساحل السوري كانت اللاذقية مسرحاً تنازع الصليبيّين فيما بينهم وللمنافسة بين الصليبيين والبيزنطيين الذين تمكّنوا هم أيضاً من بسط سلطتهم عليها.


    قلعة المرقب


    لم يتمركز الصليبيون في اللاذقية إلا في سنة 1108 عندما استولى عليها أمير انطاكيا تانكريد، فضمّه إلى أمارته التي كانت تمتدّ من خليج الاسكندرون حتى قلعة المرقب. وقد أطلق الفرنج على اللاذقية اسم لاليش.
    ليس لدينا معلومات دقيقة عن دور الفرنج في إنشاء التحصينات التي كانت تحمي المدينة في القرون الوسطى. فهناك قلعتان تعلوان إحدى الهضبتين اللتين سبق ذكرهما (والهضبة تعرف في أيامنا باسم «القلعة»)، وبرج كبير ينتصب عند مدخل المرفأ، ولكن لا ندري ما إذا كانت هذه التحصينات من صنعهم أو من صنع البيزنطيين بعد احتلالهم المكان سنة 968، ويمكن أن يكون الفرنج قاموا فقط بتحسين أو ترميم ما كان موجوداً قبلهم. أما بالنسبة للمرفأ فتذكر المصادر أن سلسلة هائلة من الحديد كانت تصل بين البرج الكبير وبين برج آخر في الجهة المقابلة من المدخل فلا تسمح للسفن والمراكب بالدخول أو الخروج إلا إذا أنزلت. وحتى القرن الماضي كانت لا تزال تظهر في القسم السفلي من البرج الحلقة التي كانت تربط بها السلسلة المذكورة.
    في عام 1136 أغار بصورة مفاجئة على اللاذقية جيش أمير حلب أتابك زنكي بقيادة الأمير سيف الدين أسوار وكان يتألف من ثلاثة آلاف جندي. فباغتوا الفرنج وأسروا منهم سبعة آلاف شخص وغنموا عدداً كبيراً من الدواب وعادوا بهم إلى حلب. وفي كل من عام 1157 وعام 1170 حدث زلزال كبير جداً في سورية الشمالية ألحق أضرار جسيمة في اللاذقية وغيرها من المدن.


    قلعة صلاح الدين


    دخل السلطان صلاح الدين الأيوبي سورية سنة 1188 ليحرّرها من الصليبيين. لقد وصل أمام اللاذقية في 20 تموز عند الغروب فأحكم الحصار عليها، وفي اليوم التالي بدأ هجومه على القلعتين إلى أن استسلمت الحامية الموجودة فيهما مساء 22 تموز، وبعد ذلك توجّه السلطان نحو المدينة فاستكمل احتلالها في 23 تموز 1188، وقد سبّبت المعارك التي دارت آنذاك بعض الأضرار بالمباني. وفي اليوم التالي تابع مسيره قاصداً قلعة صهيون، وسلّم اللاذقية إلى ابن أخيه المالك مظفر تقي الدين الذي أعاد بناء ما هدم منها وحصّن قلعتيها.
    بعد وفاة صلاح الدين تنازع أولاده على البلاد التي كانت تحت سلطته، وبموجب الصلح الذي تمّ بينهم في تمّوز 1197 أصبحت اللاذقية تابعة إلى ابنه الثالث المالك الظاهر الذي كان يحكم حلب. وقد تمّ بأمره بناء مئذنة الجامع الكبير في اللاذقية كما يتبيّن من كتابة مؤرّخة في عام 1211 ولا تزال موجودة على جدار واجهته عند المدخل.
    لا ندري بالضبط متى استعاد الصليبيون اللاذقية، ففي عام 1223 كانت حسب المصادر لا تزال بيد المسلمين، بينما نراها في عام 1260 تحت حكم الفرنج.
    تعتبر عادة معركة عين جالوت، التي دارت في 30 أيلول 1260 وانتصر فيها المماليك على المغول، بداية العصر المملوكي في سورية، غير أن الصليبيّين ظلّوا متمركزين بعدها في قسم كبير من الساحل ولاسيما في اللاذقية. فأخذ المماليك، على يد السلطان بيبرس ثم في عهد السلطان قلاوون، يطردونهم من موقع تلو الآخر.
    في 22 آذار 1287 حدث زلزال عنيف في اللاذقية الحق أضراراً في بعض أحيائها وفي تحصينات المرفأ ولاسيما في البرج الكبير، فاغتنم السلطان قلاوون هذه الفرصة ليهاجم اللاذقية، وقاد الحملة الأمير حسام الدين طرنطاي الذي استولى على المدينة بعد أن حاصرها، وقد استسلم له الفرنج بتاريخ 20 نيسان 1287.

    اللاذقية في عصر المماليك (1287-1516)


    قسّمت سورية في عصر المماليك إلى مقاطعات إدارية تدعى نيابات، فألحقت اللاذقية بنيابة طرابلس التي أحدثت عام 1289. أما وضع المدينة في النصف الأول من القرن الرابع عشر فنعرفه ممّا كتبه عنها الرحّالة والجغرافيون العرب الذين زاروها أو سمعوا أخبارها آنذاك. ويستنتج من مؤلفاتهم أن مرفأها كان جيداً وأنه بقي يحتفظ بالسلسلة المربوطة عند مدخله وأن الأشجار فيها كانت قليلة لعدم وجود ماء جار وأن أهلها يستقون الماء من الصهاريج. وتتحدث هذه المؤلفات بإعجاب عن دير الفاروس حتى قال ابن بطوطة أنه «أعظم دير بالشام ومصر».كان الفرنج في هذه الفترة لا يزالون في جزيرة قبرص حيث أسّسوا مملكة صليبيّة، وفي عام 1636 نظّموا هجوماً على الساحل السوري، فقاموا بإنزال على اللاذقية وأحرقوها. وعندما زارها سنة 1477 السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي رأى أن بعض أبنيتها ولاسيما الدكاكين لا تزال متهدمة، كما شاهد فيها حمّامات ومطحنة هوائيّة، وكان المرفأ يتّسع آنذاك داخل السلسلة إلى سبع سفن.
    في 24 آب 1516 دارت معركة مرج دابق التي تغلّب فيها السلطان سليم الأول على المماليك، فأصبحت سورية جزءاً من الدولة العثمانية.
Working...
X