Announcement

Collapse
No announcement yet.

ذات ظهيرة - كاتبة الموضوع ( فاتن الجابري )

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • ذات ظهيرة - كاتبة الموضوع ( فاتن الجابري )

    كاتبة الموضوع: فاتن الجابري
    ذات ظهيرة

    ذات ظهيرة
    فاتن الجابري


    يتناهى الى سمعي صوت تدفقات الماء في ظهيرات الصيف القائضة .. يفر نوم القيلولة من أجفاني مع أندلاق المياه أخرج خلسة الى الشارع والجميع نيام تحت لفحات مبردة الهواء التى يزمجر صوت محركهاعاليا.
    أتسلل خلسة , أرفع مزلاج الباب بحذر زقاق حينا خال تماما من المارة ، أراقب قدميها الوردتين وأتحرق لانفراجة صغيرة من الباب الحديدي المتأكل ، كان القلب ينبض بدقات العشق الاولى لابنة الجيران أتلصص كلما فتح بابها علني أرى وجهها الجميل مشرقا بأبتسامتها الحلوة وهي تغلق الباب تاركة فرجة صغيرة تنظر الي من خلالها.
    كنت لا أرى سوى قدمين حافيتين تغمرهما المياه المتدفقة من الخرطوم البلاستيكي حتى عتبة الباب , صبية زقاقنا يتهامسون بقصة حبي لذات الضفائر الذهبية ويسخرون متضاحكين من ساعات أنتظاراتي الطوال تحت أشعة شمس تموزاللاهبة التي أحسها نسائم ربيعية باردة تهفف على روحي الغافية بالعشق الذي لايناسب ضألة جسدي وسنوات عمري المبكرة ، كانت الطائرات المقاتلة تجوب السماء بأتجاه الشرق تاركة خلفها خيطا أبيضا من الدخان نتبعه راكضين حالما نتركه عائدين أدراجنا ، لكني في تلك الظهيرة قبلت التحدي لأختبار رجولتي ، العملاقة ، والجنية والحبابة كن واقفات منتصبات وسط حديقة دارنا يشهدن حماقة مغامرتي , ليست هذه أسماء فتيات بل نخلات جميلات يميزن بيتنا عن البيوت الاخرى فهن علامة دالة لا يخطئها النظر، الجنية ذات التمر الخستاوي طولها بطول قامة رجل أو أطول بقليل نرفع ايدينا ونقطف رطبها الذي ينضج مبكرا أسماها جدي جنية عندما غرس فسيلتها قبل ولادة والدي ,غرسها بين الحبابة التي نتسلق سلما صغيرا ونقطف تمرها الخضراوي و العملاقة الباسقة ، التي لاأحد يستطيع أقتحامها والتمتع بتمرها الحلاوي ، تبقى عصية علينا الا أن يحين وقت قطافها من قبل الصاعود صاحب الخبرة في صعود النخلات الباسقات كعملاقة دارنا ، لكني راهنت الصبية على, تسلقها وقلت لهم ستأكلون من تمرها بعد دقائق ،ضحكوا غير مصدقين ، دخلت حديقة الدار حملت كيساربطته حول معصمي ، خلعت النعال البلاستيكي وضعت طرف دشداشتي في فمي طوقت جذع النخلة بيدي الاثنتين وبدأت أنقل قدمي بخفة ومهارة أذهلت الصبية المتجمعين خلف السياج ، كنت أبتعد عن الارض لاأشعر بجسدي الذي أصبح كريشة ، أشجار الحدائق المجاورة تحت بصري ,مرةأخرى .. بدأ الهلع يزحف الى قلبي الذي غمرته السعادة لسماع ترقرقات الماء من بيت جارتي ، كانت هناك تراقب سقوطي المحتمل ، واصلت الصعود حتى قلب النخلة الزاخر بالعذوق المتدلية والحبلى بالرطب ، أمسكت بقوة بسعفاتها ، وخزات السلى كانت توخز أقدامي ويداي المتشبثتين بتحدي جلست بين السعفات فوق الابر المدببة التي أخترقت مؤخرتي بعد أن مزقت دشداشتي ، في حين كنت أسمع تصفيقا وهتافات تشجيعية من الصبية الذين تفرقوا حين ظهور أمي تجري ورائهم صارخة وموبخة تشتم وتلعن رعونتي ، نشوة المنتصر تلاشت ، وأنا أرى أمي كدمية تروح وتجئ في حيرة أستعانت بسلم طويل مدته لي لكنه لم يصل الى نصف جذع النخلة تجمع الجيران ينظرون بهلع نحو القرد العالق في قلب النخلة وليس لديه أدنى فكرة عن طريقة النزول الى الأرض ثانية ، أشعر بأصوات الطائرات الحربية مدوية وهي تمر من فوق راسي ، في رحلتها شرقا ، أرتعد وتهتز فرائصي هلعا ، حركة حمقاء مفاجئة واحدة غير محسوبة العواقب تقذفني جثة هامدة لاأدري بأي أتجاه تقذفها الريح التي زادت حركتها في ساعات العصر حيث كنت عالقا, خرج جدي من غرفته التي نادرا ما يغادرها معتكفاغارقا بالحزن وهموم الذكريات منذ أستشهاد والدي, مستندا الى عصاه اقترب ووقف تحت النخلة يكلمني ويشد من عزيمتي لكني لاأسمع صوته الواهن ، فجأة أنكسرت أحدى السعفات تحت قدمي وتهاوت أرضا علا صراخ أمي مدويا يبووووووووووووتوقف حالا بسقوط السعفة اليابسة أرضا ...
    بدأ جدي يرفع صوته يرشدني الى طريقة النزول الامن ملوحا بعصاه أن أستدير بمهل .
    ـ أترك السعفات وأحضن جذع النخلة مبتعدا عن العذوق ، بدأت بتنفيذ تعليمات جدي وأنقل يدي وقدمي بالتناوب محتضنا الجذع بقوة بيدي الداميتن ، عاد الصبية خلف السياج يهتفون مشجعين نزولي بسلام .... همت أمي بصفعي ، منعها جدي وهو يحتضنني بحب ,قائلا
    ـ دعيه اليوم أجتاز أمتحان الصعود الأول
    لكني عاهدت نفسي أن يكون الاخير ,لان جارتي الحلوة أنتقلت من زقاقنا ولم أرها منذ ذلك اليوم .

  • #2
    رد: ذات ظهيرة - كاتبة الموضوع ( فاتن الجابري )

    تسلم ايدك رحاب ..

    حلوة كتير القصة....

    Comment

    Working...
    X