Announcement

Collapse
No announcement yet.

قراءة بروايه – اللؤلؤ بعناقيده - الشاعرة رئيفة المصري - بقلم : طلعت سقيرق

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • قراءة بروايه – اللؤلؤ بعناقيده - الشاعرة رئيفة المصري - بقلم : طلعت سقيرق


    روايه – اللؤلؤ بعناقيده
    بواسطة: الشاعرة رئيفة المصري

    بقلم : طلعت سقيرق
    ذات فصل أو دربٍ مرصوف بالكثير من الإصرار على الإدهاش ، كانت رئيفة المصري شاعرة تعرف كيف تعزف على وتر الحنان والحنين ودفء الكلمة لتكتب ديوانها ” سنابل الوصل ” فرصفت على دروب الذاكرة ، وفي دروب التذكـّر ، أنّ الشعر مزدان بالقدرة على اصطياد الجمال وجعله قصرا من روح ونبض وحياة وزمان غنيّ بإبقاء الصورة عالقة في القلب والبال دون نهاية .. فكانت شاعرة استطعتُ مع قراءة ديوانها أن أتناول جمرة وزهوة الشعر بكلّ جوارحي.. وكنتُ وما زلتُ على يقين أنّ الشاعرة رئيفة المصري تكتب وستكتبُ الشعر بأصابعها وعمرها وعطرها وأنفاسها وصدقها وحبها ومعرفتها المتميزة لفنون الجمال الفتان وكيف يؤتى ..
    واليوم تأبى هذه المدهشة حقا أن تترك فنّ الإدهاش ، فهاهي تضع بين يديّ روايتها ” اللؤلؤ بعناقيده ” لأرى عالما قلّ أن تفتح الرواية مثيله أو شبيها له ، حين تبني ألف ليلة وليلة ، في ألف صورة وصورة ، ممسكة بخيط السرد الذي طرزت أول سطوره بحكاية الروح المفتوح على ينابيع سطوة الخيال ، وما تركت لهذا الخيط أن ينقطع في أيّ لحظة ، حيث ألقت كل القصّ في قصص يتراكم فيها الخيال وتعلو وتيرة الحضور الأخـّاذ لعوالم مدهشة ، وراحت تجمع قصصها هذه لتعود لنبع أو مصب واحد هو روايتها أو البناء الذي ارتضت أن يكون مغايرا ومخالفا وشديد البعد عن النمط ؛ فشكلت من روايتها هذه قصصا قد نستطيع أن نفصل إحداها عن الأخرى بدعوى الصيرورة الخاصة لكل قصة.. لكن حين نعود إلى المشاهد كلها مجتمعة ، نجد أنّ كل الينابيع تصبّ في بحر واحد يشكل رواية ثرة لامرأة أو شاعرة أرادت أن ترسم العالم حسب سحر خاص بها ، فأشعلت وردة يمكن أن تكون برية إن أخذنا الخاصّ والمتفرد في أسلوب رئيفة المصري ، ويمكن أن تكون في البيت الذي عرفته الرواية وشربت من نبعه إن نحن أرجعنا التفاصيل إلى الحداثة التي ما برحت تطور الرواية العالمية والعربية وتغنيها .. ولستُ أدري لماذا أفضل أن أعطي هذه الرواية خصوصية وبصمة وانفعالات ومشاعر وأسلوبية رئيفة ، لأرى أنها ستفتح عالم الرواية عندها ، في هذا الذي بين يديّ والمزيد القادم ، على فنّ روائي متفرد بجماليته وأسلوبه وطريقة سرده وتفتيت الحدث بشكل نألفه وسنألفه ونتماهى معه ونحبه كلما مضينا في قراءته خطوة إلى الأمام ..
    تجري حالة تركيز الضوء على عائلة واحدة تستل الروائية قصتها لتدخلها في عوالم ترفض الترتيب الزمنيّ ، وتنكر الجريان الطوليّ أو الأفقيّ المتتابع .. ثم وهنا النقلة الخيالية الجميلة المدهشة ، تدخلنا في عوالم الجان وأسطرة كل شيء ، لتبدو الصور في حالة غليان وشد وتوتـّر .. وللقارئ الذي يريد أن يشمّ رائحة الحبق أو الريحان مرجعية هنا تجعله يغترف من بحر السحر والأسطورة والخيال الكثير ، ولأنّ ماء البحر يزيد ظمأ الظمآن ، فأنت بحاجة إلى أن تستزيد من سرد رئيفة المصري وتمضي معها مأخوذا بعوالمها ، مسحورا بما تصبه من جمال وثراء .. ولك أن تخرج من الرواية طالبا المزيد ، وكأنك تصرّ على ضرورة أن تكتب رئيفة ما يزيد الظمأ لعوالم السحر التي لا تنغلق ..
    كنتُ في قراءتي الأولى لرواية رئيفة المصري، قد قلتُ لها إن المتعة هي سيد الموقف في روايتها هذه، وإن القارئ سيعيش الفن الجميل مستلذا بما تقدم من صور متلاحقة تبهر الأنفاس.. وأجد بعد أن قرأتُ الرواية مرة أخرى أنّ وراء الأكمة ما وراءها ، فقد صبـّتْ رئيفة في روايتها الكثير من المعاصر المعاش ، وحملت سطورها ما تريد دون أيّ مباشرة .. فوفقت بين صورة بادية ظاهرة تقول الأسطورة والخيال والسحر والجمال والتحليق بنا بعيدا عن الواقع ، وصورة متخفية أو شبه متخفية تقول الواقع وترويه وتشير إلى الكثير من تشعبات حياتنا بكل ما تحمل، لتكون روائية شاعرة ، وشاعرة روائية ، تستفيد من السرد كل الاستفادة ، وتضيف من دفاتر الشعر ما تريد بشكل عذب جميل شفاف ..
    وبعد .. لا أريد بالفعل أن أكشف خبايا هذه الرواية وهي كثيرة .. ولا أريد أن أعطي القارئ كلّ المفاتيح فمن حقه أن يملك مفاتيحه الخاصة التي ستفتح له أبوابا كثيرة متنوعة مدهشة .. ولأنني لا أريد أيضا أن أقول للصديقة رئيفة المصري شاعرةً وروائيةً إنها تفتح الباب على سرّ جميل من أسرار الإبداع لن تعرفه مني إلا بعد حين وليس هنا ، فإنني أترك سطوري هذه مفضلا أن يمارس القارئ متعته في قراءة هذه الرواية كما يشاء ..
    دمشق 2/5/2010
Working...
X