Announcement

Collapse
No announcement yet.

لا تُعلم حتى مبادئ الرسم كلية الفنون الجميلة كما صرحت الفنانة سارة شمة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • لا تُعلم حتى مبادئ الرسم كلية الفنون الجميلة كما صرحت الفنانة سارة شمة

    سارة شمة: كلية الفنون الجميلة
    لا تعلم حتى مبادئ الرسم
    "جهينة"
    عندما طاردت ظل الغيمة وهي صغيرة، لم تكن تعرف أنها تطير باتجاه حلمها بأن تقبض على الغيمة وما فوقها، حلم بدأته وهي ابنة الأربع سنوات، عندما كانت الجدران دفاتر شغبها الذي لن يتوقف، فها هو القماش يمتد فضاءً جديداً، حمّلته "اللوحة" ذاكرتها القديمة، الأمل، واللاوعي... الذي لا ينفصل عن الفنان، مؤكدة أن الفن الجدير بالاهتمام هو الفن الذي يضيف لتاريخ الفن، فكانت جريئة أن اختارت صورتها كأول موديل عندما بدأت الرسم كمحترفة، ولا تزال إلى اليوم ترى الآخر من خلال تلك الصورة التي أضافت لها اليوم صورة زوجها، معلنة تشاركيتهما حتى في أدق تفاصيل الحياة، إنها الفنانة سارة شمة التي تؤكد في معرضها "ولادة" ضيف أروقة الآرت هاوس مؤخراً، أنها الفنانة الواقعية بامتياز، واقعية سحرية تتداخل بجوانب كبيرة مع السريالية والتعبيرية والتجريد معاً.
    "جهينة" التقت الفنانة المبدعة سارة شمة في حوار امتد من الطفولة حتى الأمومة:

    دمشق - جهينة:

    من التماعة عينيها تعرف أنك تنبش في زاوية مشرقة من الروح، تلك الطفولة المفعمة بالفرح والحب، طفولة أزاحت الستار عن حلم طفلة، أخذ الأهل يدعمون نجاحها من خلال تربية علمية مدروسة وبإشراف الأم خريجة علم الاجتماع- علم نفس الطفل، والأب المهندس المدني الشغوف بالموسيقى، كل ذلك كان البداية لدخول سارة كلية الفنون الجميلة كفنانة لا كمبتدئة، مما وضعها في حالة تفرد على زملائها، وصلت ربما لتكون بحضورها نرجسية لوّنت جلَّ أعمالها، عن هذه المرحلة تقول: طفولة لا يوجد فيها ممنوع، الحرية والحب الكبير، إضافة لجو البيت المريح جعلها طفولة رائعة، أتمنى أن أربي أولادي مثلما تربيت، كنت أرسم في كل مكان "الأرض والجدران"، مما نبّه عائلتي لميولي الفنية فأحضروا لي الألوان وكل الأغراض الخاصة بالرسم. دخلت معهد أدهم إسماعيل الذي أغنى موهبتي، علماً أن دراستي في المعهد كانت كافية لشق طريقي في الفن، مذ كان عمري أربعة عشر عاماً عرفت أن طريقي هو الفن، لكن لرغبتي في التعرف على ماهية الوسط الفني في سورية دخلت كلية الفنون الجميلة، مما أتاح لي ممارسة الرسم بشكل يومي وبالتالي التعاطي مع شريحة مختلفة عرّفتني على بيئات مختلفة وفضاءات أوسع، لم يكن يتسنى لي الاحتكاك بها في محيطي الضيّق. سبق دخولي الكلية أربع سنوات من التأسيس الحقيقي، تجلّت بدراسة وقراءة الكتب الفنية بلغتها الأم ما ساعدني في الاطلاع على تاريخ الفن... فالبحث هو الأساس في الوصول للمعرفة، ومهمة الأكاديميات تعليم الطالب البحث، لذلك هي كذبة كبيرة أن الفن يُدرّس، كما الكثير من الكذبات التي لا تتجاوز كونها نوعاً من التسويق. لا يوجد معهد أو كلية تصنع فناناً، الكلية أو المعهد بإمكانهما تعليم الفنان مبادئ الرسم، باستثناء كلية الفنون الموجودة هنا لأنها لا تعلم حتى مبادئ الرسم. التفوق أو الجوائز ليست الأهم بالنسبة للفنان، فقد أنهيت دراستي الجامعية عام 1998 بمشروع ضخم كنت فيه الأولى على دفعتي 35 لوحة بأحجام كبيرة، أخذتُ قبو الكلية وعلّقتُ فيه اللوحات، التي كانت عبارة عن بورتريهات... اعتمدت فيها الخيال، وكان الأهم أن أنجز لوحة تحقق شيئاً ما في داخلي، أو معرضاً يقدمني للمتلقي كما أريد.
    ذاكرة لونية خصبة
    لوحات شمة تفوح منها رائحة التربنتين في علاقته بالألوان الزيتيّة، بعد أن بدأت مرحلة الطفولة ودخول معهد أدهم إسماعيل باللونين الأبيض والأسود، إذ كانت ترسم بالفحم والرصاص إيماناً منها بقدرة اللونين على استخراج أدق التفاصيل، والذي ساعدها على فهم كل من "الحجم، الإضاءة، الفراغ، المساحات" بشكل أعمق، مهد الدخول باللون إلى مكانه الصحيح، عن تكنيك عمل اللوحة تحدثنا سارة: الفن حالة حرية وانفلات إلى اللاوعي، وذاكرتي اللونيّة هي من كل ما يحيط بي "الطقس، الأيام، الصوت والكلمات" جميعها لها لون، حتى الرائحة لها لون، كل شيء يرتبط عندي باللون، لذلك ألواني مما أعيشه وأسمعه وأحب من الأشخاص والموسيقى، وبالتالي تنعكس في لوحتي دون قرار أو تخطيط. أرسم ما عايشته وما أحلم به.. أرسم انعكاس كل ما أستقبله من المحيط لتكون اللوحة. "الأبيض والأسود" لونان يحملان متعة خاصة من خلالهما أشعر بالألوان، ويتحرك الخيال لفهم اللون أكثر. لذلك إذا أردت تعليم أحد سأعلمه بالأبيض والأسود. فيما بعد بدأت الرسم بالألوان الزيتية ولا أزال. أما تكنيك إنجاز لوحتي فعند تنفيذ اللوحة أعمد إلى وضع طبقات شفافة فوق بعضها، مثلاً هذه اللوحة "تظهر أجزاء من وجه معلقة بخيوط رفيعة" اشتغلت الوجه كاملاً، ثم بدأت أجتزئ منه شقفاً ألوّن فوقها، هكذا طبقة إثر طبقة... بينما اللوحة الأخرى "تُظهر وجهها ووجه زوجها متلاصقين" استعنت بالمرآة لتكبير التفاصيل، ووضعتها على عيني مما مكّنني من رؤية أدق المسامات، فأنا أشتغل على أدق التفاصيل، مثلاً أحب رؤية حتى عروق العين، أشعار الذقن المختبئة... بدأت بوضع لون شفاف يسيل على كامل اللوحة وتركته لينشف، فيما بعد رسمت الشكل، بهذه اللوحة تحديداً وفيما يخصّ رسم عين زوجي منذر أخذت له لقطة لكن لم أستطع استخدامها، فقط اعتمدت في اللقطة لأخذ شكل عينه، بينما وجهي أخذته عن المرآة، ففي مرسمي أكثر من مرآة أحركها كما أريد مستعينة بها للوصول للقطة التي أريد، وفي لوحة أخرى أرسم نفسي من الخلف، وقد ساعدتني المرآة في تصوير ذلك لأن الرسم على الواقع حياة، يعطي الرسم تفاصيل أكثر، في حين الصورة الفوتوغرافية تبقى جامدة، بالإضافة إلى أنني استعنت في بعض اللوحات بموديل صورته والحليب مطروش، استعملته مع تغيير للموديل إذ رسمت نفسي مع تغيير بالحليب قليلاً، إلى أن بدأت أرسم الحليب من خيالي. وبالنسبة للفراغ فهو تكوين فني ضروري لإبراز الكتلة وجميل أيضاً، فهو يعطي إحساساً بالصفاء ودعوة للخيال دون توقف، تفتح الرؤيا للبعيد، حيث أحلم بالطيران إلى اللامحدود.
    تجربة الحمل.. وانفلات الخيال
    لم تخشَ سارة بعنونة معرضها "ولادة" أخذ المتلقي إلى قالب معدّ سلفاً، فقد أحبّت توجيهه إلى أن هناك حالة حمل وولادة كانت الفنانة تعيشها وتمثل لها أهم شيء. التعب والإرهاق المرافق للحمل يقابله ولادة هي أبهى صور الخلق، التي تجعل من المرأة آلهة، عن تجربة الرسم وفترة الحمل تقول: كانت تجربة صعبة، لكن إصراري ورغبتي أن أرسم في هذه الفترة دفعني للذهاب يومياً إلى المرسم، لا أريد لهذه التجربة المهمة بحياتي "الحمل" والتي طبعاً سأعيدها لأنني أحببتها، لا أريدها أن تعبر دون أن أرسم. أما عنونة المعرض "ولادة" فكانت فقط لأن اللوحات أنجزتها أثناء فترة حملي ولأخذ طرف من الخيال إلى ذاك الفضاء. اللوحات تمثل حالة ولادة بكل معانيها، تحدّدها رؤية كل متلقٍ، ولو أن الفن سيقدّم للمتلقي ما يتوقعه لا يعود فناً، ولا يحفّز خياله.. من يتابع أعمالي يعرف أني عام 2008 قدمت معرضاً عن الطفولة والأمومة، حيث رسمت رجلاً بحالة حمل، هل يعقل أن يتوقع المتلقي تكرار الموضوع ذاته. الفنان لا يرسم بمرحلة ويتوقف وإلا كرر نفسه، كل سنتين هناك اختلاف في منجزي. ليس بالضرورة أن يتم التعبير عنه بشكل مباشر ومخطط له بالعقل، بل عبّرت عنه بانفلات الخيال ورسم ما أحسّه. بتجربة الحمل أصبحت نظرتي للحياة أكثر شمولاً وهدوءً، أكثر قدرة على استيعاب الأشياء، إضافة للتغيرات التي حدثت، فقد أدهشني موضوع الحليب "خروجه وإطعام الرضيع"، الموضوع غنيّ جداً، أتمنى أن يعيشه كل شخص والرجل أولاً، الموضوع ليس بالحليب بقدر ما هو تحليله في عقلي.
    أحكام لا تستند إلى أصول علمية
    آراء كثيرة تناولت المعرض: جميل جداً لكن ينقصه الإحساس، رائع إلا أنه قريب من الإعلان وأغلفة الكتب الجامعية، أحدث كاميرا تعجز عن تصيد هذه اللقطة، اعتمدت الطباعة ثم الرسم فوقه... كل ذلك لم يضع سارة في موقع تبرير لما سمعت، لأن العمل الفني ليس بالضرورة أن يصل للجميع، فهي تشاهد مئة معرض ولا تحسّ بمعرض واحد، فالأمر كما تقول: موضوع شخصي لا أستطيع أن أقرره، وما قدمته.. قدمته من قلبي وبحب... وضعت كل إحساسي فيه وليس بالضرورة أن يصل للجميع. أما أن تكون هناك أحكام بأن ما قمت به طباعة وما شابه، فنحن أمام جهل عام، فلو أن كلية الفنون الجميلة تعلّم بشكل صحيح ما كنا لنسمع هذا الكلام، اليوم أي شخص يعرف يظن أنه يفهم أمام شيء يعجز أن يشتغله بيده، الناس غير معتادة وجود عبقرية في الدنيا وأن هناك أناساً لديها إمكانيات قوية.. لأن المبادرة مفقودة، حتى التربية في المدارس تعتمد الحفظ البصم، هذا أيضاً ينطبق على الكليات والمجتمع ككل. هناك خوف من المبادرة التي يختفي معها الإبداع، ومن يخاف لا يصدق أن الآخر أبدع ما أمامه، فيقف عاجزاً ليطلق أحكامه. الأمر واضح للإنسان العادي في التمييز بين الطباعة والرسم، الأجدر أن يتعلموا مني بدل إطلاق أحكام لا تستند إلى أصول علميّة.
    نعم هناك جهل لكن لا أقصد الجميع، والجاهل هو أحد أهدافي أن يأتي إلى معرضي ويتعلّم، وإن لم يتعلّم فيكفي أن أترك في رأسه سؤالاً، من يسأل ليس بجاهل لكن من يطلق أحكاماً هو الجاهل الذي قصدته.
    بين الحركة التشكيلية المحلية والعالمية
    تؤكد الفنانة سارة شمة وجود نقاد تشكيليين في سورية، لكن ينقصهم ما ينقص الفنان السوري "ثقافة واسعة ولغة"، فغزارة الإنتاج، ونشاطها الموزع بين معارض داخلية وخارجية، جعلها على اطلاع كبير وعن قرب على الحركة التشكيلية المحلية والعالمية، وقدرة على قراءة جريئة للحركة التشكيلية السورية والتي تقول فيها: تغيب الحرية عند النقاد، ليحضر الخوف من صالة العرض أو الفنان ومن يدعمه، لذلك يحجمون عن الكتابة... أحب من أي شخص أن يقرأ أعمالي وأي متلقٍ مدعو لقراءة أعمالي، والناقد كأي متلقٍ. أما الحركة التشكيلية السورية بالنسبة لتاريخ الفن في سورية فهي حركة غنيّة، نمتلك كل مقومات نجاحها، لدينا مجموعة فنانين مهمين، وعدد من صالات العرض لا بأس بها إضافة لوزارة الثقافة التي تقوم بأنشطة مقبولة، كما لدينا نقابة للفنون، لكن هذه الحركة بالنسبة لما يحدث في العالم وما أتأمله أنا كسارة ينقصها الكثير، ينقصنا نقابة للفنون التشكيلية غير تابعة للدولة تمتلك قدرة تغيير، كلية فنون جميلة وأكاديميات للفنون تعلّم بأسس تعليمية مهمة وهذا غير متوفر لدينا، كما ينقصنا اليوم مدرسون أكفاء وليس مدرسون أخذوا شهادة الدكتوراه بالمال من الاتحاد السوفييتي "روسيا" وغيرها... مما أساء للحركة التشكيلية في بلدنا.
    السوريون بالنسبة لما يحدث في العالم فنياً غير أقوياء، لأن الفنان السوري يفتقد القدرة على التواصل من خلال التكنيك القوي، لدينا آلاف الخريجين لكن من يعرف الرسم أو النحت هم بعدد أصابع اليد، وهذا يعود للكليات الفاشلة... كما ينقص هذا الفنان الثقافة والحرية وحرية التعبير ليس لأن أحداً يمنعه، فالفن اليوم في بلادنا له مطلق الحرية، لكن الفنانين تنقصهم حرية التعبير الداخلية، بسبب المحرمات الموجودة في مجتمعنا التي لا يستطيعون الخروج عنها، بأن هناك آلهة بالفن وأسماء كبيرة سورية أو غير سورية لا يمكن المساس بها وهذا خطأ كبير. لي الحق أن أنتقد بيكاسو وسلفادور دالي تماماً كما للآخر الحق بأن ينتقدني، الشخص السوري يفتقد ذلك والفنان انعكاس للمجتمع السوري الذي يرضخ لهذه المحرمات "السياسة والدين والجنس" وهي صلب الحياة، وبما أن كل ذلك محرّم فالتعبير صعب. الفنان الذي يعجبني يجب أن يمتلك تكنيكاً عالياً يدهشني أولاً وحرية تعبير ثانياً والثقافة "للتواصل". اليوم من الممكن التسويق لفن سيئ ليصل عتبة القمة وهذا موجود في كل العالم، التسويق شيء والفن شيء آخر بالنهاية يستمر الفن الجيد، الفنان الجيد هو الذي يحتفظ بفنيته العالية مع تحقيق سوق لأعماله، السوق تفرض توجهاً تشكيلياً معيناً لكن فقط على الفنان الضعيف، لذلك على الفنان اختيار الطريق النظيف.
    90% مما يُسمع عن الفن كذب
    سارة شمة تفرض لوحتها بقيمتها الفنية وبالتالي تفرض سعرها. تقول: أما أسعار اللوحات التي تتكلم بأرقام خيالية "ملايين الدولارات" فوراءها مافيات، هذه الأرقام مجرد كلام في الهواء للدعاية، هل تعرفين من يشتري بهذه الأسعار؟ إنهم تجار المخدرات والأسلحة ومبيضي الأموال وهذا غير موجود في سورية، هنا تصل اللوحة إلى مليون ليرة سورية، بالمقابل لا توجد صالة عرض تبيع للخارج، وكل ما نسمع به مجرد دعاية كبيرة، و90% مما يُسمع عن الفن كذب.

  • #2
    رد: لا تُعلم حتى مبادئ الرسم كلية الفنون الجميلة كما صرحت الفنانة سارة شمة

    تسلم ايدك انانا ...

    تقرير رائع و هام جدا,,,

    Comment

    Working...
    X