Announcement

Collapse
No announcement yet.

عن الثورة ( شجرة العابد ) رواية جديدة للدكتور عمار علي حسن

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • عن الثورة ( شجرة العابد ) رواية جديدة للدكتور عمار علي حسن

    "شجرة العابد"

    رواية جديدة عن الثورة



    غلاف الرواية
    كتب بلال رمضان
    صدرت حديثًا عن "دار نفرو"، رواية "شجرة العابد"، للدكتور عمار علي حسن، وتقع الرواية فى 412 صفحة من القطع فوق المتوسط.
    وتأخذ الرواية منحى ملحميًا فى رسم أحداث تمتد بين الأرض والسماء، وتجرى وقائعها على البر والبحر وفى الفضاء، متقلبة بين الواقع والخيال، وشخوصها من الإنس والجن، وزمانها لحظة فارقة للصراع بين الشرق والغرب فى أواخر عصر المماليك، ومكانها يصل صعيد مصر وصحاريها بالقاهرة فى أيامها الزاهرة.
    والبطلة المتفردة للرواية شجرة عجيبة مقدسة يهفو الجميع إليها وإن اختلفت مقاصدهم، ومحرك أحداثها رجل كان يسعى فى شبابه إلى الثورة على السلطان المملوكى الجائر فانتهى إلى درب التصوف هاربا من العسس والسجن والشنق الذى ينتظره، عشقته جنية فاتنة فى أيامه الأولى، واستخدمته لتصل إلى غرضها، واتكل هو عليها فى تصريف أموره فحسبه الناس من أهل الطريق، لكن أرملة جميلة من الإنس، مات زوجها فى قتال الفرنجة عند جزيرة قبرص، علمته كيف يكتشف الطاقة الفياضة الكامنة بين جوانحه، فوصل إلى ما أراد بالمصالحة بين العقل والروح، والمزاوجة بين العلم والذوق، لاسيما حين اختلى بنفسه سنين عددا فى زاوية صغيرة بناها إلى جانب أحد الأديرة المطلة على البحر الأحمر.
    هنا تروى الشجرة الغريبة المباركة، ويحكى العابد الزاهد، بلغة رائفة عذبة، فندرك بعض ما تنطوى عليه الحياة من فلسفة عميقة، مثل تلك المغروسة فى صدور المصريين منذ الفراعنة، ونعرف بعض طرائق العيش وأشكال العمران فى مصر المملوكية عند المسلمين والمسيحيين واليهود، من أهل الريف والحضر والبدو، ونتأكد من أن استبداد الحكم وفساده لم يهلك المجتمع تماما. وندرك أن مصير الإنسانية واحد مهما تفرقت بالناس السبل.
    و"شجرة العابد"، هى الرواية الرابعة للدكتور عمار على حسن بعد رواياته "حكاية شمردل" و"جدران المدى" و"زهر الخريف" علاوة على مجموعتين قصصيتين هما "عرب العطيات" و"أحلام منسية". وقد فاز حسن، الذى له العديد من المؤلفات فى العلوم السياسية، بعدة جوائز أدبية منها جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، وجائزة "أخبار الأدب" للقصة القصيرة، وجائزة "القصة والحرب" وجائزة غانم غباش للقصة القصيرة، أما كتابه "التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر" فقد فاز بجائزة الشيخ زايد فى التنمية وبناء الدولة.
    وهنا مقطع من الرواية:"آه يا حفصة. آه يا وجعى الجميل. استدار الزمن، وتسربت الأيام من بين أصابعي. أنت مستريحة الآن فى الملكوت الأعلى، وأنا معذب بالانتظار، أروض النسيان، لكنه يأكل روحى بلا هوادة. ما يزيد على مئة عام وهيئتى على حالها، كأننى لا أزال أدب وراء شيخى القناوى فى شوارع المحروسة منتظرا لحظة الانقضاض على السلطان الجائر. تعاقب السلاطين، وغارت أمامى كل حالات التمرد. واحدة بقيت مشتعلة طيلة الوقت، إنها محاولة الانتصار على نفسي. ألم تبوحى بذلك ذات يوم يا حفصة؟ ألم تطلبى هذا وأنا أقول لك: أنت شيخى وأنا مريدك.
    كنت تنظرين فى الأفق وكأنك ترين كل ما يأتى وتقولين لى فى ثقة: "ستتذكر كل هذا فى أيام لا تعد ولا تحصى وأنت ذائب فى نور يملأ أرجاء خلوتك الطويلة" ثم تتوهين برهة وتواصلين: "شجرتك أنت هناك، ليست على باب مغارة، إنما تحت سفح جبل مديد، أعطته من روحها فاخضرت أحجاره حتى ولو لم يسقط عليها مطر. هناك بالقرب من الماء العذب الجارى بلا انقطاع، حطت اليمامة الموعودة رحالها، وبدأ كل شىء".
    هاأنا قد وصلت إلى غايتى يا حفصة، علوت على شهواتي. تساميت حتى صرت غريباً على الجميع، قريباً إلى نفسي. وصلت إلى النهاية التى جاهد أبوك من أجلها ولم ينلها. ربما كانت الأقدار رحيمة به. فمن يدرى أين يكون الخير؟
    استلقيت على ظهري، وتاه بصرى فى الأغصان والأوراق والثمار، وضاع أنفى فى رائحة لم أشمها من قبل. ارتفع وجيب قلبي، وخالط زقزقة عصافير، رنت لحناً لم أسمعه يوماً من أيامي. ورأيت هناك يمامة بنية فاقع لونها تسر الناظرين. عيناها وسيعتان وكأنها غمستهما فى قارورة كحل. كانت تنظر إلى بامتنان، ثم ترفرف بجناحيها، فيتراقص داخلى فرح عميم، وتتساقط عن روحى كل همومها.
    فاضت عيناى بدموع غزيرة، وتاه عقلى فى مسارب لا نهاية لها، وشعرت برغبة فى النعاس، لكن النوم لم يأت أبدا، بقيت بين صحو ونوم، وحضور وغياب، ووعى وسكر، وشعرت أن الزمن توقف، وفارقتنى رؤى الليل وأحلامه إلى غير رجعة، ونسيت كل ما جرى ورائى من عاديات الأيام، حلوها ومرها. لم يبق فى ذاكرتى سوى وجه حفصة، وبيرق الحاج حسين، وعكاز الشيخ القناوي، ومشاهد متناثرة من أيامى الغابرة فى قريتى العزلاء المنسية.
    رميت أذنى فسمعتها تحكى فى صوت رائق. تحكى وكأنها تخاطب الناس أجمعين، لكننى أنا وحدى الذى أسمعها وأراها، وهى واقفة فى شموخ يتحدى الزمن. كان الكلام يتساقط من فروعها، أو يخرج من تحت لحائها، أو يأتى من جوفها العميق، لا أدري. لكن الحروف كانت صافية جلية، بلغتى التى تعلمتها فى صحن الأزهر. كل شيء مدهش، لكن الدهشة نفسها انعقد لسانها أمام ما سمعته منها وهى تتحدث، بينما الجبل يهتز، والماء يتماوج ويفيض".
Working...
X