Announcement

Collapse
No announcement yet.

أول ملامسة أبي الجود - من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • أول ملامسة أبي الجود - من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

    من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد
    أول ملامسة أبي الجود:

    يمكن القول أنها كانت هي المرة الأولى التي يحس فيها كفاح بملامسة الجنس الآخر وذلك بسبب هذه الحالة الاضطرارية للجلوس المضغوط سيرفيسياً في حافلة أبي أحمد... .
    ولقد جاءت الملامسة لطيفة أيما لطف فقد احتكت يده اليسرى بيدها اليمنى فكلاهما كان يرتدي كماً قصيراً وحين تلامسا أول مرة أبديا في آن معاً حركة اعتراضية تعففية أو لنقل تطبيقية يتجسد فيها كل ما تعلماه من أخلاقيات وتوصيات ومحرمات، ولكن الحركة هذه كانت غير قابلة للتحقيق عملياً فعن يسار( ميساء) جلست امرأة بملاءتها السوداء ( تزن طناً على الأقل) وجلست ( ميساء) المسكينة في المنتصف وعن يمينها جلس كفاح الذي بدأ يستقطبه الكائن الجميل الذي يجلس بجانبه.
    سلّمت هي بالواقع القائم وسلم هو أيضاً وفيما يبدو أن هذا التسليم كان مرحباً به ضمنياً ولم يبقَ عليهما إلا الاسترسال مع الصوت القادم من المسجل المتهتك والذي ربما كان يعمل بواسطة ( الخبطة) المتعارف عليها إضافة لبطارية السيارة طبعاً... . !
    أغنية ( أنت عمري) بالحقيقة شيء أكبر من أغنية، هي عرس شعري ولحني يتزوج فيه الكلام مع النغمة ويعقد عليهما الصوت الصداح فيصير إلابداع أكبر من أي وصف، وللأسف يبقى الحزن قائماً على أبناء اللغات الأخرى والثقافات الأجنبية لأنهم لم ولن يصلوا إلى نشوة الاستماع للغناء العربي.
    هفا قلبها وهفا قلبه وغنيا سوية مع أم كلثوم وتصادف أن ينزلا سوية من السيارة على نفس المحطة وابتديا بالمشي يلفهما الجبن والخجل والخوف
    على شيء غالٍ ربما... ربما ينقذانه قبل أن يضيع... أيمدُ يده ليتعارفا؟أتمد يدها لتقول له ما اسمك؟
    نعم... نعم كأنه شيء نفيس وقع أويكاد يقع في البحر فيغرق ولايعود... لن يعود... .
    ولكن صراعات كفاح انكسرت وخرج عن صمته واستعار شجاعة نادرة ليسأل:
    - مااسمكِ ؟
    - ( مبتسمةً) ميساء
    - اسمك ( حلو كتير)
    - صمت وابتسامة جميلة
    - أنت طالبة
    - نعم
    - أين
    - في ثانوية البنات
    - في الصف العاشر؟
    - نعم ( وركضت مبتعدة) ملوحةً بيدها
    وقف صامتاً ينظر إليها من بعيد يتابعها بلهفة وخوف وأخذ قلبه يزيد من دقاته... .
    - متى أراك ثانية ( صاح) لكنها اختفت.
    حينها كان كفاح مولعاً بالتدخين والقراءة وكان يدخن سراً عن أهله بالطبع رغم أن والديه كأنا متفهمين متحررين... إلا أنه وحده كان يشعر باقتراف الذنب.
    أشعل سيكارةً وهو يمشي واتجه نحو بيت صديقه الفلسطيني ( معتز) حيث كان الشباب يلتقون بسبب مناسبة المكان ووسعته لمثل هذه اللقاءات.
Working...
X