Announcement

Collapse
No announcement yet.

إلى الوطن أخيراً يا أبا الجود أعرف أنك لم تشتق! من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • إلى الوطن أخيراً يا أبا الجود أعرف أنك لم تشتق! من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد

    من رواية ( أبو الجود ) د. محمد عبدالله الأحمد
    إلى الوطن أخيراً يا أبا الجود أعرف أنك لم تشتق!:

    مر زمن طويل منذ أن غادر كفاح وطنه وبيئته التي تربى بها، تمتلكه ( النوستالجيا) والحنين. الغربة ( وهذا الكلام لك يا أبا الجود) لها قوأعدها ونظم تعاملها الخاصة، ففيها قلما يستطيع المرء أن يكون وسطياً في المزج بين المكأنين اللذين عاش فيهما: مكان النشأة الأولى ووطن الاغتراب، خصوصاً عند ذلك النوع من ( مغتربي الأزمات) وغالباً المغترب هو رجل أزمة حاول حل أزمته بالاغتراب…
    سيدنا محمد ( ص) هو أول مغترب نعرفه وقرأنا عن تاريخ اغترابه وتعلمنا من التاريخ عن كثير من العظماء علماء وفلاسفة وفنأنين وغيرهم لم يجدوا بداً من الاغتراب عن مكان النشأة ( الوطن الأول) لسبب أو لأسباب مجتمعة أولها السياسي طبعاً والاقتصادي والاجتماعي…ونادراً، نادراً يغير أوطانهم أولئك الذين ليست لديهم أية… أزمة!!
    المهم أن كفاح ( الرجل المغترب والسجين الأعرج ومتقوس الظهر ذا اللحية الطويلة) قرر العودة واستعد لها.
    ركب الباص من محطته في صوفيا إلى مدينة استانبول التركية... . ومعه بعض الحوائج الخاصة التي لا تدل على اغتراب طويل على قلتها... . .
    كان على كفاح أن يصل استانبول في الرابعة صباحاً حيث لم يجد في محطة الباصات الضخمة إلا بضعة أشخاص منظرهم لا يسر العين وكان عليه أن يحتاط فهو يسمع كثيراً عن حوادث السطوعلى المسافرين... . فجأة فاجأه صوت رجل ثخين:
    - تكسي
    - نعم إيفت إيفت تاكسي
    ( استغل كفاح سجنه فتعلم التركية والروسية إضافة للأنكليزية والفرنسية ولم ينس العربية طبعاً)
    صعد إلى السيارة من الخلف تاركاً للسائق ممارسة مهمة تدليله بوضع الحقيبة في صندوق السيارة الخلفي، فهو يسمع أن ميزة الخدمة الجيدة موجودة لدى الأتراك ، بينما هي غائبة تماماً في البلاد الاشتراكية السابقة، لأن سائق التاكسي كان أهم من وزير أيام الاشتراكية وهم لازالوا يحملون بعضاً من ذكريات عزهم ومنهم من لازال يعتقد ( بأن الوزارة التي يشغل بها حقيبة سائق تكسي) لم تحل بعد، أما الأتراك فهم يشعرونك بأنك بيك وباشا بمعنى الكلمة ويجعلونك تدفع الأجرة والبقشيش سعيداً راضياً... .
    المهم صعد كفاح السيارة قائلاً للسائق:
    - هو تيل من فضلك
    وانطلق السائق عبر اوتوسترادات استانبول شبه النائمة، وهو يظن أن زبونه ضيف مهم على استانبول حيث لم يشارط كفاح على أخذه إلى فندق رخيص وهذا ما يفعله عادة المسافرون... . .
    السر يكمن في أن كفاحاً حسبها بأنه لو ذهب إلى فندق رخيص في هذا الليل البهيم فقد يأخذه السائق إلى مكان أبهم ويصبح كل شيء بهيماً وأن يترك السائق يختار فندقا محترما، ليطمع ببقشيش جيد فيعامله كما يشتهي! هكذا ظن كفاح بأن الحكمة تملي عليه أن يفعل... . .
    توقف السائق أمام فندق كبير بوسط المدينة العملاقة وأنزل السائق وخادم الفندق حقيبة كفاح وحين دخلوا إلى بهو الفندق سأل كفاح موظف الاستقبال عن أسعارهم ففي تركيا يجب أن تسأل وإلا فأنك ستدفع ضعفاً أوضعفين مما هو متعارف عليه وبعد ( مبارزة) بسيطة اتفق الطرفان على مبلغ أربعين دولاراً لقضاء الليلة في هذا الفندق الاستانبولي ذوالنجوم الأربع، ووافق كفاح ناقداً السائق أجرته وبقشيشه وصعد مع خادم الفندق الذي قال على الفور بالأنكليزية:
    - Do you want girl sir؟
    - No!!
Working...
X