Announcement

Collapse
No announcement yet.

في حضرة التاريخ حديقة خولة بنت الأزور في باب توما مكان للاستراحة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • في حضرة التاريخ حديقة خولة بنت الأزور في باب توما مكان للاستراحة

    حديقة خولة بنت الأزور في باب توما
    مكان للاستراحة في حضرة التاريخ


    دمشق - سانا
    لم يعد المارة والقاطنون في باب توما يستوقفهم الأرث التاريخي المتمثل في بابها الشهير الذي يعتبر أحد أبواب دمشق السبعة فقط بل أصبح بإمكانهم أيضا التمتع بجمال حديقة خولة بنت الأزور التي تقع على يسار الداخل إلى ساحة باب توما.
    الحديقة التي سميت كناية لمقام خولة بنت الأزور الموجود فيها ابصرت النور بفضل لمسات من سواعد الشباب المتطوعين بالتعاون مع محافظة دمشق وهي تعتبر تحفة فنية رائعة تزين الساحة وتضفي عليها بريقا آخذا وخاصة في سكون الليل مع توهج المصابيح الخشيبة التي تتلألأ من السور القديم ومن كل ركن من المكان فتعيدنا إلى دفء حارات دمشق القديمة والجالس في الحديقة يأخذه سحر المكان إلى العصور القديمة حتى ليحسب نفسه فارسا يتجول على صهوة حصانه العربي الأصيل فمن خلفه سور دمشق وقد تكشفت نوافذ بيوته القديمة وشرفاته تسندها الألواح الخشبية البنية الداكنة التي تتجانس مع لون الحجارة القديمة فتبدو وكأنها لوحة فنان وأمامه ضريح خولة بنت الأزور بقبته الخضراء الجميلة وعلى يساره باب توما العريق الذي سمي على اسم القديس توما أحد تلاميذ السيد المسيح الأثني عشر وإلى اليمين امتداد الحديقة بمساحات خضراء منسقة يجري فيها احد افرع نهر بردى وقد اقيم عليه جسران خشبيان صغيران للعبور إلى القسم الداخلي من الحديقة المتاخم للسور كما سيج بألواح خشبية حماية للناس.
    في الجهة المقابلة للحديقة في الجزيرة المنصفة تم انجاز سارية معدنية بطول 12 مترا نقش عليها رموز تتحدث عن الحضارات في سورية ورموز الإخاء والتسامح تزينها اجراس معدنية صغيرة على جانبيها تصدر أصواتاً جميلة عندما يهب الهواء تنبه الناس الموجدين في المكان فتتعلق أنظارهم نحوها وتحيط بالحديقة التي أقيمت فيها مقاعد خشبية وطاولات سبع حدائق صغيرة عمل الشباب المتطوعون على تأهيلها والعناية بها حتى كادت تشبه الجزر الصغيرة التي تحيط بالحديقة .
    كما عمل المتطوعون على ترميم السور كاملاً من الداخل والخارج وفق دراسة علمية موثقة، إضافة لإعادة تأهيل الحديقة بالكامل متضمناً ترميم الضريح كما عملوا على تنظيف النهر وتأهيل الحدائق السبع المجاورة كل حسب اختصاصه حيث اهتم طلاب كلية الزراعة بتنسيق الحديقة والعناية بالتربة فيما أعد طلاب المعهد الهندسي ماكيتا موثقا للمشروع بينما عمل طلاب المعاهد الصناعية على تصنيع نموذج حضاري للمقاعد وسلات المهملات الموضوعة في الحديقة في حين أشرف طلاب الآثار على عملية ترميم السور القديم من الداخل والخارج.
    ويبدي جهاد شاهين أحد سكان منطقة باب توما سعادته ككل سكان المنطقة بأن يثمر العمل عن هذا الانجاز الكبير ويقول أن هذا الانجاز لايخص فقط سكان المنطقة وإنما دمشق ككل ويضيف شاهين وهو طالب جامعي أن السياح يعشقون التجول في دمشق القديمة بحاراتها الشعبية ومتاجرها الشرقية ومطاعمها مشيراً إلى أن وجود الحديقة حسن المنطقة واكسبها بريقاً وتنوعاً وملاذا لطلب الراحة بعد يوم طويل من التجول وخاصة مع وجود السوق التجاري.
    ويرى شاهين ان وجود الحديقة والأشجار المزروعة فيها والورود خفف من التأثر بدخان السيارات ولطف الجو كما ان تنظيف النهر وتسويره جعل الناس يدركون أهمية الاهتمام بالبيئة وعدم رمي الأوساخ في مجرى النهر وخاصة عندما تشح مياهه في فصل الصيف جراء ارتفاع درجات الحرارة.
    ولم يتوقع مهند حرفوش صاحب مطعم صغير تطل نوافذه الصغيرة على الحديقة أن يتحول المكان إلى هذه الروعة بجهود هؤلاء الشباب وبدعم من المحافظة مشيراً إلى أن تحسين الأماكن السياحية والعناية بمرافقها والبيئة المحيطة بها يساعد في جذب السياحة سواء أكانت الداخلية من سكان دمشق والمحافظات السورية ام من العرب والأجانب ولاسيما ان المنطقة فيها سوق تجاري كبير يقصده كل الناس ومن كافة الفئات وان وجود مثل هذه الأماكن الخضراء في وسط المدينة يخفف ضغط الازدحام.
    وعن الآثار الايجابية التي انعكست على مطعمه بشكل خاص من اعادة تأهيل المكان يقول أن الناس باتوا يرغبون في زيارة مطعمه أكثر بسبب اطلالته الجديدة والتمتع بالمناظر الطبيعية وروعة المكان وخاصة مع انارة الأضواء في المساء.
    وتستمتع رانية صومة بالجلوس على شرفة بيتها القديمة المطلة على الحديقة في مختلف الأوقات وهي تشاهد الناس وهم يجلسون ويتسامرون وتقول انها كانت تراقب ورشات العمل الا انها لم تتوقع ان يكون الانجاز سريعا وبهذه الروعة.
    وتضيف رانية ان زوار الحديقة هم من الشباب والفتيات والعائلات وحتى كبار السن كما تشاهد فيها من يقرأ كتابا او من يرسم لوحة مشيرة إلى أن عدة فرق موسيقية قامت باحياء حفلات موسيقية للعموم وبشكل مجاني مثل فرقة موسيقا على الطريق لاحياء التراث واحتفالا بالمناسبات الوطنية والدينية كرأس السنة الميلادية إضافة إلى وجود البائعين المتجولين الذين يطوفون الحديقة بأكلاتهم الطيبة القديمة والتي تعبر عن تراث دمشق كالغزلة والذرة وعرق السوس وغيرها.. خلود العمري وهي موظفة وتسكن في القيمرية تجلس في الحديقة ومن حولها ولداها وشقيقتها ووالدتها تشير إلى إهمية إنشاء الحديقة إنطلاقاً من كونها متنفسا للناس بعيداً عن البيوت الصغيرة.
    وتضيف خلود أن الحديقة حولت المكان إلى منتزه أنيق يقصده الناس طلبا للسكينة والهدوء وخاصة عند الجلوس إلى الخلف بمحاذاة السور وتدعو الناس إلى المحافظة على الحدائق وأهمية نشر الوعي البيئي خاصة لدى الشباب والصغار.
    أمل بكري تأتي وعائلتها من منطقة بعيدة لتزور الحديقة باستمرار تقول انها عندما مرت بالمكان للمرة الأولى اصابتها الدهشة حتى حسبت نفسها في مكان آخر لولا وجود باب توما.
    وتشير أمل انها ليست الوحيدة التي اندهشت من روعة الحديقة بل ان هناك آخرين وهم يدعون محافظة دمشق إلى القيام بمبادرات مماثلة لاعادة اللون الأخضر إلى دمشق التي كانت تتغنى بجمال بساتينها وغوطتها.
    وفي السياق ذاته يقول الموجه في المعهد المتوسط الصناعي الأستاذ ناصيف معقد أن طلاب المعهد قاموا بجهود مكثفة بصناعة المقاعد الخشبية والطاولات في الحديقة في ورش للتصنيع والبخ والتعتيق حتى تبدو وكأنها قديمة وتتناغم مع تاريخ المكان وذلك بشكل طوعي.
    وتمتد الحديقة حول السور القديم حتى تصل إلى باب شرقي كما تضم أيضا حمامات حديثة الشكل خصص قسم منها للمعوقين إضافة إلى وجود شاخصات تعريفية منصوبة على أعمدة وبعضها مثبتة على صخور، فضلاً عن الأنوار الموزعة في الحديقة والأرض والسور المطل على الحديقة.
    مي عثمان

Working...
X