Announcement

Collapse
No announcement yet.

الأديب ( مناور سليمان عويس ) باحث ومؤرخ أردني

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الأديب ( مناور سليمان عويس ) باحث ومؤرخ أردني

    مناور عويس
    ولد مناور سليمان عويس في بلدة عجلون سنة 1914م، وتلقى تعليمه الابتدائي في المدارس الطائفية فيها. ولمّا بلغ سن الرابعة عشرة من عمره ساعده أحد الأباء الكاثوليك لإتمام دراسته في (كليّة ترسانطة) بالقدس حيث قضى فيها ثلاث سنوات، توجّه بعدها إلى دمشق فأتمَّ تعليمه في الفرع الزراعي، وحصل سنة 1934م على شهادة الدبلوم في الفرع الزراعي من اللاذقية، وهو تخصّص نادر في تلك الأيام، إلا أنّه لم يمارس عمله في هذا المجال، وبقي ثلاث سنوات بلا عمل، واختار التدريس، فارتحل إلى يافا، وعمل في سلك التعليم في إحدى المدارس الطائفية.
    نشر مناور عويس مقالات في المجلاّت الأدبيّة التي كانت تصدر في مصر ولبنان، وأسهم في البرامج والأحاديث الأدبيّة في إذاعة (الشرق الأدنى) ومقرّها يافا، وراسل العديد من الكتّاب والأدباء العرب، منهم: "ناسك الشخروب"، "ميخائيل نعيمة". استقرّ مناور في فلسطين حتى سنة النكبة، ثم غادرها عائداً إلى مسقط رأسه عجلون.
    في عجلون، بدأ بتأسيس منتدى أسهم في النشاط الثقافي المبكّر في البلدة، وقد ضمّ عدداً من المثقّفين، والأدباء، وكان من أعضائه الصحفي يعقوب عويس، والكاتب شفيق عريضة. ودأب على إلقاء المحاضرات الثقافية التي تتناول القضيّة الفلسطينيّة، والحركة الأدبيّة في فلسطين قبل النكبة.
    عاد مناور إلى عمّان في الخمسينيات حيث عين في كلية الجبيهة الزراعية مدرساً للغة العربية، وعند افتتاح دار إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة، بدأ يساهم في البرامج الثقافيّة، ويشارك في إعداد الحوارات التمثيلية حتى منتصف الستينيات، وواصل نشر مقالات متنوّعة في الصحف الأردنية، إلا أنّه لم يجمع نتاجه في كتب، واقتصر على النشر في الصحف المصريّة واللبنانيّة، والفلسطينية، والصحف الأردنية في سنوات حياته الأخيرة· قام ورثته بجمع أوراقه في كتاب ضمّ كل ما استطاعوا جمعه، ونشروه تحت عنوان (أوراق متناثرة) وكان ذلك في عام 1983، قدّم له الدكتور عبد الرحمن ياغي، ويقع في 174 صفحة من القطع المتوسّط. ويتناول موضوعات تقع تحت عناوين مثل: تأمّلات، وومضات، وصور، وانطباعات مع الخالدين. توفي مناور في عمان، سنة 1988.
    درسان بليغان من التاريخ
    انتهيت بالأمس من قصّة ذلك الكفاح الرهيب الذي نشب منذ نيّف وعشرين قرناً، بين روما وقرطاجنّة، فاستوقفني وراعني هذان الدرسان البليغان اللذان أسوقهما إلى القرّاء، لعلّ فيهما عظة وعبرة!
    امتد ّالحرص على الحياة إلى "هزروبال" قائد قرطاجنّة الأكبر، فحاول الهرب من رفاقه وألقى بنفسه، فإذا هو جاثٍ يلتمس العفو عند قدمي "سيبيو"
    وقبل القائد الظافر ضراعته، وسار به بعرضه على أنظار الفارّين الذين تكدّست جموعهم وتزاحمت أفواجهم فوق سطح المعبد، فصبّوا على الخائن لعناتهم، وحصبوه، ووثب إلى نفوسهم عزم مبعثه اليأس ومصدره انقطاع الرجاء، فأوقدوا في المعبد ناراً، وآثروها على الضراعة للقائد الظافر وقبول المذلّة والهوان حرصاً على الحياة· وبدا المعبد كأنّه سرادق من نار. فتقدّمت زوجة "هزروبال" وقد ارتدت أفخر ما لديها من ثياب، وتحلّت بأجمل ما تملك من أدوات الزينة، ووضعت طفليها إلى جانبها والتفتت إلى "سيبيو" وقالت له في مرارة اليأس وسورة الغضب وجنون الجزع: "أما أنت يا بطل روما وفخر رجالها فلا أطلب إلى السماء أن تنزل نقمتها بك، لأنك لم تفعل إلا ما اقتضته نواميس الحرب وسنن النزاع إذا ما اشتدّ واستمرّ. أمّا هذا "الهزروبال" فإنّي أضرع إلى السَّماء أو إليك، باعتبارك رسولاً لها، أن تصليه عذاباً ونكالاً..
    ثم التفتت إلى زوجها وهي تصرّ بأسنانها، وقالت له والغيظ يطلّ من عينيها: "أيّها الدنيء الخائن الجبان أأستقبل أنا وطفلاي الموت بين ثنايا اللهب، ونتّخذ النار الحامية مقبرة لنا، وأنت- قائد قرطاجنة العظيم- تتوّج انتصار العدوّ بخيانتك البشعة، وتكلّل ظفره بهوانك ومذلتك؟ ثم غيّبت الخنجر في جسم كلّ من طفليها وقذفت بجثتيهما إلى اللّهب المندلع! وفعلت بنفسها ما فعلته بهما، وراحوا طعامآً للنار!
    وتوارت قرطاجنّة من الدنيا، ونعقت غربان الدمار فوق أرضها، ثمّ عاد "سيبيو" بعد هذه المأساة العنيفة إلى وطنه، وهبّ الشعب كلّه لاستقباله والاحتفاء به، وأقام له موكباً رائعاً، وسارت في ركبه عجلات تحمل الأسلاب والغنائم، وطائفة من أهل قرطاجنة الذين منعهم الحرص على الحياة من إيثار النار على ذلّ الرومان، يسيرون في الموكب، وقد نكسوا رؤوسهم، حياءً وندما.
    ويلي هؤلاء البطل الظافر يصطحب عبداً يهمس في أذنه طوال الطريق: "تذكّر أنّك لست إلاّ رجلاً" وذلك حتى لا يداخله الغرور.
    فهل يتذكّر أولئك الذين أبطرتهم النعمة الطارئة والحظّ الأعمى فأصابوا من المال والمنصب ما لم يكونوا به يحلمون، إنّهم ليسوا سوى ب
Working...
X