Announcement

Collapse
No announcement yet.

قالوا عن حمص (4)

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • قالوا عن حمص (4)

    قالوا عن حمص (4)


    المهندس جورج فارس رباحية


    إن الكثير من المؤرخين والرحالة العرب والأجانب طافوا بلاد الشرق وأصقاعها ومرّوا ببلدانها ووصفوها ودوّنوا ما شاهدوه بكتبهم ، فالرحّالة الإنكليزي ( بريكهارت بورتر ) الذي زار المنطقة عام 1850 م وطاب له العيش في سورية وسكن في دمشق مدة خمس سنوات عاد بعدها إلى لندن وألّف كتاباً عن رحلته في الشرق بعنوان ( خمس سنوات في دمشق ) وطبعه في مجلّدين عام 1855 وسنورد ما جاء في مجلّده الثاني مشاهداته عن مدينة حمص في مقال ( جولة في مدينة حمص ) وما جاء في ترجمته ( مع الاعتذار عن ما ورد من ضعف في الترجمة وتركيب الجُمَل ) ونقتطف منه :
    (( مدينة حمص واقعة في سهل واسع يمتدّ في بعض المحلاّت حتى يُلاقي الأفق . وقد اغتنمت الساعات الأولى لوجودي فيها بالصعود إلى تلال القلعة ، وفحصت بدقة كل النواحي التي يمتدّ إليها البصر ، وسألت عن كل قرية وعن كلّ ما يستلفت الانتباه ويستحق الذكر .
    وقد رافقني خلال هذه الجولة كاهن يوناني ( يقصد إنه روم أرثوذكس ) اسمه الخوري عيسى الحامض (1) مشهود له أنه من جلة العلماء في حمص كما رافقني شخص آخر اسمه سليمان عوض من المنتمين إلى الكنيسة السريانية القديمة ، وهو ذو خبرة واسعة في تلك الأصقاع ومعروف بفهمه وصدقه .
    قال عن بحيرة حمص : بحيرة حمص أو بحيرة قادس كما يُسمّيها أبو الفداء ، عبارة عن صفيحة مائية صافية شيّقة المنظر . وقد تأكّدت بعد التحري أن طولها يزيد عن ستة أميــال
    ( 9 كم ) وأكبر عرض فيها ثلاثة أميال (5ر4 كم ) والغالب أنها بحيرة اصطناعية . ويقع السد على بعد ستة أميال من حمص ( 9 كم ) . أما التلّة التي ترتكز عليها قلعة حمص يبلغ قطرها الأكبر /300/ ياردة ( 270 م ) وارتفاعها /200/قدم ( 60 م ) . وكانت قديماً محاطة بخندق عميق ، وكانت جوانبها مرصوفة بمربّعات من الحجر الأسود البركاني ، ولكن معظمه قد أُخِذ الآن لتُبَلّط به شوارع المدينة . وكان يوجد عند قمّتها جدار شامخ ، متين البناء ، واجهته قائمة من مربّعات من الحجر الكلسي الضخم ، ووسطه مؤلف من حجارة خشنة مغموسة بملاط متين . ولم يبق الآن ما يستحق الذكر في القلعة ، وما بقي إن هو إلاّ بضع قطع من أجنحة الأبراج أمام الجدار الشمالي ، وهي من الأصل الشرقي . وفي قمة القلعة عدة قطع من أعمدة حجر سُمّاقي ( لون السُمّاق ) صلب هي بلا ريب بقايا الهيكل الفخم الذي كان يشغل هذا الموقع وقتاً ما .
    ومدينة حمص ، لم يرد ذكرها في التوراة ، لكنه أشار إليها المؤرخ اليهــودي يوسيفوس
    ( 37 ـ 100 ) م وكذلك الجغرافيون الرومانيون الأوائل ، واسمها القديم " أميزا " كما يكتبه (بتولمي) ، وهو يضعها في مقاطعة أفاميا . أما (بليني) فيدعوها " هيميزا " . وبعد قليل من عصر هذين الكاتبين برز اسم أميزا ( أميسـا ) الريفية إلى الظهور في عِداد ذكر المدن الكبرى في الإمبراطورية الرومانية . وقد اشتهرت وتمّيزت سنين عديدة باحتوائها على هيكل فخم مُكَرّس لعبادة الشمس . وقد كانت وظيفة رئيس الكهنة في هذا المركز المقدّس معدودة في درجة عظمى من الأهمية والشرف .
    وقد تكلّم بورتر بالتفصيل عن عصر الأباطرة الحمصيون الأربعة الذين حكموا روما خلال الفترة بيــن ( 193 ـ 235 ) م ،وعن عصر مملكة تدمر وملكتها زنوبيا وكيف تعرّف عليها الفيلسوف الحمصي الكبير ( لونجين ) واكتسب صداقتها فعيّنته أستاذاً لها في اللغة اليونانية وآدابها ومستشارها الخاص ، وبعد ذلك أصبحت حمص( أميسا ) عاصمة ولاية فينيقيا في لبنان ، كما كانت لفترة من الزمن أعلى درجة من مدينة دمشق )) .
    ونترك بورتر لنقرأ ما كتب الرحالة الأميركي ( روبنسون ) عن حمص الذي زارها سنة 1856م وشاهد بحيرتها فأطال الكلام عنها ومما قاله :
    (( يتكوّن من نهر العاصي على بُعد ثلاث ساعات من ربلة نحو الشمال بحيرة تُسمّى بحيرة قادس أو بحيرة حمص التي طولها مسافة ساعتين وعرضها مسافة ساعة واحدة وطرفها الشمالي يبعد عن حمص مسافة ساعتين . وأكثر أجزاء هذه البحيرة ـ حتى لا نقول كلّها ـ صناعية ، فهي مؤلّفة من سد قديم يعترض جريان مياه النهر ، وطول هذا السد من أربعمائة إلى خمسمائة ياردة ( من 350 ـ 450 م ) وارتفاعه لا يتجاوز 14 قدماً ( 5ر4 م ) وعلى طرفه الشمالي الغربي برج صغير . وفي الجهة الشمالية جزيرة صغيرة وتل . وقد ذكر أبو الفداء هذه البحيرة وسماها بحيرة قادس واعتبرها صناعية لأنه لو هدم السد لجرى الماء ولم يبق ثمّة بحيرة بل نهر يجري . وكانت العامة قبل عهد أبي الفداء تنسب هذه البحيرة إلى الإسكندر المكدوني الكبير ( 356 ـ 324 ) ق.م )) .

    25/4/2011 المهندس جورج فارس رباحية
    المفــردات :
    (1) ـ الخوري عيسى بن سليمان الحامض : أحد نوابغ حمص في القــــرن 19"
    عمل في التدريس ثم مال لتعلّم مهنة الطب عن طريق المطالعة والممارسة مع
    أطباء الحملة المصرية (1832 ـ 1840) م فشهدوا له بالذكاء والبــراعة
    وسمحوا له بمزاولة المهنة . رسم كاهناً على حمص سنة 1837 م توفي عام
    1864 م .
    المصادر والمراجع :
    ـ تاريخ حمص : الخوري عيسى أسعد ، الجزء الأول 1939
    ـ تاريخ حمص : منير الخوري عيسى أسعد ، الجزء الثاني 1984
    ـ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
    ـ مواقع على الإنترنت :
Working...
X