لماذا يتحول المخرجون الجيدون إلى منتجين منفذين؟
عدنان حبال - الوطنقام كل من نجدة أنزور وهيثم حقي وبسام الملا وحاتم علي خلال العقدين الماضيين بإخراج عدد لا بأس به من الأعمال الدرامية التلفزيونية الجيدة نذكر منها بكل تقدير وإعجاب مسلسلات: «إخوة التراب» و«دائرة النار» و«أيام شامية» و«عصي الدمع» وأعمالاً درامية متميزة أخرى. لكننا شاهدنا للأسف في السنوات الماضية أعمالاً أقل مستوى من سابقتها بكثير
والسؤال الآن: ماذا فعل هؤلاء المخرجون الجيدون، بعد أن تحولوا إلى أصحاب أو وكلاء شركات أو مكاتب تنفيذية للدراما التلفزيونية السورية، تحت ستار «الإشراف العام»؟ لقد أنتج المخرج والمنتج نجدة أنزور وعن طريق مكتبه المدعو «بانه» في دمشق مسلسل «ذاكرة الجسد»، وبالتوازي معه مسلسل «صبايا»، ففشل كلاهما فشلاً ذريعاً، وها هو ذا يخرج الآن مسلسلاً عن حياة الشاعر العربي الكبير «محمود درويش» بعنوان «في حضرة الغياب»، وسوف ترون أن خوفنا من عدم نجاح هذا العمل له ما يبرره.
أنتج المخرج سابقاً والمنتج حالياً هيثم حقي مسلسلات رديئة ومسيئة لسورية مثل أجزاء «الحصرم الشامي»، ثم لحقها «أبو خليل القباني» رغم النص «الورق» الجيد الذي كتبه خيري الذهبي.
أنتج المخرج والمنتج «بسام الملا» الأجزاء الثلاثة الأخيرة من «باب الحارة»، فأفسد في هذا المسلسل «الجماهيري» أكثر مما أصلح، وها هو ذا ينتج مسلسلاً جديداً من النوعية ذاتها، تنفيذاً لما تطلبه منه الشركة الممولة صاحبة القرار الأخير.
أما المخرج الجيد المحبوب الذي طالما افتخرنا به وامتدحنا أعماله الاجتماعية الرائعة حاتم علي، فقد أنتج الآن مسلسلاً تجارياً طويلاً بعنوان «مطلوب رجال»، شاهدنا بحزن وأسف وخيبة أمل حلقات عديدة منه، ولم نجد فيها روح حاتم علي ولا ذوقه الفني وفكره وثقافته الدرامية، بل صدمتنا رداءة الحوار والإخراج والتمثيل وضحالة الأحداث والأفكار التي لم نعتد مثلها في أعمال المخرج علي.
لماذا يتحول المخرج الجيد إلى منتج منفذ سيئ؟ هل هي الرغبة في المغامرة التجارية أو الغيرة من نجوم التمثيل الذين صاروا يتقاضون ملايين الليرات السورية عن كل دور يقومون به، وقد وصلت لدى أشدهم لمعاناً إلى أكثر من عشرة ملايين ليرة للمسلسل الواحد؟ وهل سيخضع المخرجون الجيدون القلائل الذين ظلّوا مخلصين لرسالتهم الفنية الإبداعية ويستسلمون لإغراء المال والتجارة؟ إن من حقهم أن يطالبوا المؤسسة العامة العتيدة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي بإعطائهم نصوصاً جيدة ومنحهم الثقة والدعم اللازمين لإخراجها ضمن شروط إنتاجية غير تجارية تنقذ الدراما التلفزيونية السورية من كبوتها الحالية.
وأخيراً أليس من واجب قناة سورية دراما أن تحسن اختيار الأعمال الدرامية التي تعيد عرضها وتروج لها باستمرار وأن تتوخّى عدم إساءتها إلى أعصاب المتفرجين وذوقهم؟
أما الممثلون الجيدون الذين تحولوا إلى منتجين منفذين مثل عبد الهادي الصباغ وفراس إبراهيم وأيمن زيدان وبعض نجمات الجنس اللطيف مثل جمانة مراد وسوزان نجم الدين وأخيراً لورا أبو أسعد وصفاء سلطان وآخرين وأخريات، فمنهم من استمر في تنفيذ الإنتاج إلى جانب التمثيل، ومنهم من توكل على اللـه واكتفى بمهنة التمثيل الإبداعية التي نجح فيها في سورية والوطن العربي وصار من النجوم