Announcement

Collapse
No announcement yet.

يكشف كتاب يوحنا النقيوسي قصص دخول العرب لمصر - عبد العزيز جمال الدين

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • يكشف كتاب يوحنا النقيوسي قصص دخول العرب لمصر - عبد العزيز جمال الدين

    يوحنا النقيوسي يكشف قصص دخول العرب لمصر
    كتب - سيد محمود حسن






    يمثل حفل التوقيع الذي يقام في التاسعة من مساء الخميس المقبل بمكتبة البلد وسط القاهرة لكتاب يوحنا النقيوسي تاريخ مصر والعالم القديم مناسبة للاحتفال بمحقق الكتاب عبد العزيز جمال الدين الذي يمثل بحد ذاته ظاهرة في الثقافة المصرية،




    لم تأخذ ما تستحق من عناية واهتمام, فالرجل أحد رهبان العلم القلائل الذين تفرغوا لتحقيق عدد من أبرز المصادر التاريخية, فقد سبق له وحقق مخطوط عجائب الآثار لعبد الرحمن الجبرتي و تحقيق كتاب تاريخ مصر من خلال تاريخ البطاركة لساويروس بن المقفع, وحقق كتاب أخبار أهل القرن الثاني عشر مع عماد أبو غازي, كما قام بدراسة وتحقيق كتاب قصة حياة أحمد باشا الجزارللأمير بشير الشهابي. وكتاب المسيحية في مصر ويصدر حاليا مطبوعة بعنوان المصري الليبرالي.
    ويعمل عبد العزيز جمال الدين الفرد الراهب وكأنه مؤسسة بكاملها معنية بتحقيق هذه المصادر المهمة و يشهد علي ذلك عمله في كتاب يوحنا النقيوسي الصادر مؤخرا عن دار الثقافة الجديدة وهو مصدر رئيسي من مصادر دراسة تاريخ مصر بعد دخول الاسلام, ومؤلفه هو أول من كتب عن دخول العرب لمصر.
    ويرجح جمال الدين في مقدمته أن نص الكتاب كتب غالبا في القرن السابع الميلادي ويظهر النص مثل غيره من نصوص تلك الفترة المطمورة في تاريخنا أن وجود المصريين الأقباط الي يومنا هذا يعد معجزة من معجزات البقاء ودليلا علي أن الديانة ليست هي معيار الانتماء للوطن. ويمثل عمل النقيوسي بحسب محققه نصا فريدا من نصوص أدب المقاومة أكثر ما يمثل نصا تاريخيا صرفا, كما يساعد علي فك الكثير من الالغاز المصاحبة لهذه الفترة, ومنها تحديد شخصية المقوقس حاكم مصر التي ظلت غامضة لزمن طويل.
    وساعد علي ذلك كون النقيوسي كان قريبا من الحدث تاريخيا, كما كان أسقفا لمدينة نقيوس ولاحد الاديرة القريبة من وادي النطرون, كما كان كاتبا في الديوان المصري في الفترة التي تلت دخول العرب لمصر, مما جعله يذكر تفاصيل عديدة لم يذكرها غيره من المؤرخين., الي جانب ذكره للعديد من محاولات الانتفاض ضد المحتل الاجنبي وكذلك توثيقه لاسماء عدة مدن مصرية ابيدت علي يد المحتلين الذين تعاقبوا علي غزو مصر.
    وفي سعيه لتأكيد أهمية المخطوطة يشير جمال الدين الي موقعها في الكتابات الكلاسيكية التي عالجت موضوع دخول العرب لمصر وابرزها كتاب الفريد بتلر الذي يشير صراحة الي أهمية المخطوط الذي أخرج تواريخ ذلك العصر من حيز الظن وجعلها قائمة علي أساس علمي, كما يشير الي ذلك أحد المؤرخين. كما يكشف جمال الدين السمات الاسلوبية التي تميز المخطوط حيث يمتزج فيه الدين بالتاريخ امتزاجا شديدا وهي سمة غالبة علي مؤرخي العصور الوسطي مسلمين ومسيحيين.
    وتكتسب المخطوطة أهمية اضافية علي الرغم من الاجزاء التي فقدتها خلال عمليات النسخ المتعاقبة, وهو امر يجعل عبد العزيز جمال الدين يشير الي أن النص مسه الكثير من المسخ وتغير الترتيب في بعض أوراقه, لكن علي الرغم من ذلك ثمة تواريخ تثير الانتباه لدقتها وتوثيقها لحوادث باتت من المعالم الرئيسية عند الحديث عن تلك الفترة اذ تحفل المخطوطة بذكر تفاصيل غزو العرب لمصر وكشف دقيق عن احوال مصر قبل دخول العرب والكيفية التي تعاملوا بها مع المصريين, ويمتاز النقيوسي عن بقية المؤرخين الذين عالجوا هذا الحدث وكانوا معاصرين له باعتماده علي تقننية الكتابة الحولية وهو كذلك يعني بالتأريخ لمدينة الاسكندرية لكونها عاصمة مصر انذاك ومقرا للكنيسة المصرية.
    وخلال مراحل تدقيق النص يقدم جمال الدين مقدمة وافية يستعرض فيها أحوال مصر قبل دخول العرب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ودينيا راصدا فترات الاضطهاد التي عاشها الاقباط قبل اعتراف الامبراطورية الرومانية بالمسيحية كديانة مرخص لها في الامبراطورية. وتكشف المقدمة قياسا علي وقائع يرصدها المخطوط كيف أن العامل المالي كان من أهم العوامل التي حولت أغلبية الأقباط الي اتباع الدين الإسلامي, لافتا الي أن الرهبان أعفوا من دفع الجزية والضرائب في البداية الي أن فطن عبد العزيز بن مروان الي أن للاديرة نشاطا اقتصاديا فقرر الزامها بدفع الضرائب ويبين النقيوسي أن الكثير من الاقباط أسلموا ليتخلصوا من دفع الضرائب المفروضة عليهم, كما يذكر أن الاقباط الذين بقوا علي دينهم قاوموا العرب مقاومة سلبية تمثلت في الهروب من مكان الي آخر وهجروا الاراضي الزراعية واعادوا انتاج ما قاموا به خلال عصور الاضطهاد, وتجلي ذلك بشكل خاص خلال ولاية قرة بن شريك الذي أنشأ هيئة مسلحة لوقف تلك الحركة.
    ويعيد جمال الدين انتاج آراء في شأن فهم تعقد علاقة العرب بسكان مصر لافتا الي أن جانبا من تعقيد هذه العلاقة سببه وجود تناقض طبقي يرجع لاصرار العرب علي إظهار انفسهم كأرستقراطية تحكم بالسيف والدم وبالتالي تشغل قمة الهرم الاجتماعي الذي كانت قاعدته من الذميين سكان البلد الاصليين وعلي الرغم من دخول كثيرين الي الدين الاسلامي الا انهم ظلوا معزولين لان العرب تمسكوا بعروبتهم كجنسية وعامل يحفظ بقاءهم كطبقة مغلقة تستحوذ علي جميع الامتيازات كما رفضت الدولة حرصا علي مواردها اسقاط الجزية عن هؤلاء المسلمين الجدد أو الموالي وظل هذا التناقض مصدرا لكل حركات الاستقلال السياسية والاجتماعية والثقافية في البلدان التي دخلها العرب وقد سجلت المرويات التاريخية التي يعرض الكتاب لبعضها وقائع كاشفة عن محاولات لحل هذا التناقض لا تزال تفرض نفسها الي الآن.

Working...
X