Announcement

Collapse
No announcement yet.

شاعر الكاميرا يوسف شاهين المخرج السينمائي المتمرّد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • شاعر الكاميرا يوسف شاهين المخرج السينمائي المتمرّد

    الذكرى الثالثة لرحيل

    "المخرج المتمرّد" يوسف شاهين


    بعد أيام تمر الذكرى الثالثة لرحيل شاعر الكاميرا المخرج السينمائي يوسف شاهين. هذا المخرج الذي غازل بعدسته الساحرة المجتمع العربي طيلة نصف قرن من الزمن.
    أعماله جاءت معظمها تمرداً على الواقع الأليم في الشارع العربي منذ إطلالته الأولى في السينما المصرية حتى آخر أفلامه "هي فوضى" الذي أحدث ضجة كبرى وجدلاً واسعاً لدى النقاد. فإستحق عبر مشواره السينمائي الطويل لقب "المخرج المتمرّد".
    جذوره الزحلاوية منحته لقب شاعر الكاميرا، فإنضم برهافته وإحساسه ورقته وعبقريته الى قوافل المبدعين في مدينة الشعراء زحلة كالأخوين فوزي ورياض المعلوف الذين إنتشرت قصائدهم في أصقاع الدنيا كما إنتشرت شاعرية شاهين السينمائية خارطة السينما العالمية.

    لم يمرّ فيلم من افلام شاهين دون ان يحدث جدل واسع حوله. منذ ان بدأ فى السينما وهو يقول : كل أفلامي لغز غامض لا يقوى على فهمه الكسالى الذين يريدون - بحكم العادة - فهم الأشياء مسبقًا قبل التفاعل معها.
    هو "يوسف جبرائيل شاهين"، مسيحي كاثوليكي، ولد لأسرة مصرية من الطبقة الوسطى، في 25 كانون الثاني 1926 في مدينة الإسكندرية لأم من أصول يونانية وأب من أصول كاثوليكية لبنانية هاجر إلى مصر في القرن التاسع عشر، وكمعظم الأسر التي عاشت في الإسكندرية في تلك الفترة فقد كان هناك عدة لغات يتم التحدث بها في بيت يوسف شاهين. وعلى الرغم من انتمائه للطبقة المتوسطة كافحت لتعليمه، كانت دراسته بمدارس خاصة منها كلية فيكتوريا، والتي حصل منها على الشهادة الثانوية. بعد اتمام دراسته في جامعة الإسكندرية، انتقل إلى الولايات المتحدة وأمضى سنتين في فى معهد پاسادينا پلاي هاوس المسرحي ثم عاد وبدأ عمله فى السينما ولم يتجاوز عمره بعد اربع وعشرون عاماً.
    بعد رجوع شاهين إلى مصر، ساعده المصور السينمائي ألڤيزي أورفانيللي (Alvise Orfanelli) بالدخول في العمل بصناعة الأفلام. كان أول فيلم له هو بابا أمين (1950). وبعد عام واحد شارك فيلمه ابن النيل (1951) في مهرجان أفلام كان.

    قدم يوسف شاهين خلال عمره 37 فيلما روائيا طويلا لم يمرّ اي منها مرور الكرام، ففي عام 1963 قدم شاهين فيلما من اقوى الافلام المصرية والذي اختارته لجنة السينما كاحد اهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهو فيلم "الناصر صلاح الدين" الذي اعتبر اكبر انتاج لفيلم مصري في ذلك الوقت.
    قدم شاهين افلاما مع اهمّ الاعلام الفنية العربية منهم فيروز في فيلم "بياع الخواتم" عام 1965 ومع فريد الاطرش فى فيلم "انت حبيبي" ومع دليدا فيلم "اليوم السادس" ومع ماجدة الرومي في "عودة الابن الضال".
    وفي عام 1970 حصل على الجائزة الذهبية من مهرجان قرطاچ. حصل على جائزة الدب الفضي في برلين عن فيلمه إسكندرية ليه؟ (1978)، وهو الفيلم الأول من أربعة تروي عن حياته الشخصية، الأفلام الثلاثة الأخرى هي حدوتة مصرية (1982)، إسكندرية كمان وكمان (1990) وإسكندرية - نيويورك(2004). في 1992 عرض عليه چاك لاسال (Jacques Lassalle) أن يعرض مسرحية من اختياره ل- كوميدي فرانسيز (Comédie Française). اختار شاهين أن يعرض مسرحية كاليجولا لألبير كامو والتي نجحت نجاحًا ساحقـًا. في العام نفسه بدأ بكتابة المهاجر (1994)، قصة مستوحاه من شخصية النبي يوسف ابن يعقوب. تمنى شاهين دائمًا صنع هذا العمل وقد تحققت أمنيته في 1994. ظهر شاهين كممثل في عدد من الأفلام التي أخرجها مثل باب الحديد وإسكندرية كمان وكمان.

    افلام شاهين السينمائية وثّقت التاريخ ففيلمه "جميله بوحيرد" عبر عن النضال الجزائري وفيلم "الارض" صوّر مشكلة الاراضي الزراعية فى مصر . هذا بالاضافة الى رائعة فيلم "الناصر صلاح الدين" .
    كان ارتباط شاهين بالكاميرا شديدا جدا لدرجة جعلته يقرر الظهور فى العديد من افلامه سواء بشخصيته الحقيقية كما حدث فى فيلم "حدوتة مصرية" او في افلام غيره كفيلم "اسماعيل ياسين فى الطيران" اخراج فطين عبد الوهاب.
    ظل حلم العالمية هو الحلم الكبير ليوسف شاهين الا انه اختار ان تكون عالميته تلك نابعة من بيئته التي عاش فيها فلم يقدم فيلم لا يعبر عن واقعه الذى عاش فيه فاستطاع من محليته ان يصل الى تلك العالمية فحصل على "الدبّ الفضّي" عن فيلمه "اسكندريه ليه" في عام 1979، حتى قررت لجنة مهرجان "كان" تكريمه فى عام 1997 على جائزة انجاز العام عن فيلم "المصير" وهي اليوبيل الذهبي.
    أخرج يوسف شاهين ستة أفلام قصيرة هي: عيد الميرون (1967)، سلوى (1972)، الانطلاق (1974)، القاهرة منورة بأهلها (1991)، 11/9/2001 (2002)، لكل سينماه (2007).
    منذ بداية مشواره مع السينما، استخدم شاهين الموسيقى والغناء كعنصرين أساسيين في أفلامه منذ فيلمه الأول "بابا أمين" وحتى آخر أفلامه "هي فوضى". في تلك الأفلام تعامل مع عدد كبير من المؤلفين والملحنين والمطربين وكان يشارك في اختيار الأغاني والموسيقى التي تخدم فكرة. تعاون شاهين مع فريد الأطرش وشادية وقدمهما في صورة مختلفة في فيلم "انت حبيبى" عام 1957، وقدم مع فيروز والأخوان رحبانى فيلم "بياع الخواتم" عام 1965 واختار ماجدة الرومى لبطولة فيلم عودة الابن الضال عام 1976 ولطيفة قى "سكوت هنصور" عام 2001.
    ويمثل محمد منير حالة خاصة، لأنه أكثر المطربين مشاركة بصوته وأدائه في أفلام يوسف شاهين.

    كان ليوسف شاهين آراء سياسية واجتماعية واضحة، ففي الفترة بين 1964 و 1968 عمل يوسف شاهين خارج مصر بسبب خلافاته مع رموز النظام المصري، وقد عاد إلى مصر بوساطة من عبد الرحمن الشرقاوي. كما كان شاهين معارضا للرئيس حسني مبارك، وكذلك لجماعات ما يسمى "الإسلام السياسي".. كما تتضح آراءه في عدد كبير من أفلامه كفيلم "باب الحديد" الذي صدم الجماهير بتقديمه صورة محببة للمراة العاهرة، وفيلم "العصفور" سنة 1973 الذي كان يشير إلى أن سبب الهزيمة في حرب 1967 يكمن في الفساد في البلد. كما أثار فيلم المهاجر عام 1994 غضب الأصوليين لانه تناول قصة سيدنا يوسف ابن يعقوب عليهما السلام. كما تنوعت أفلام شاهين في مواضيعها فمن أفلام الصراع الطبقي مثل فيلم صراع في الوادي - الأرض - عودة الابن الضال - إلى أفلام الصراع الوطني والاجتماعي مثل - جميلة بوحريد - وداعاً بونابرت - إلى سينما التحليل النفسي المرتبط ببعد اجتماعي مثل - باب الحديد - الاختيار - فجر يوم جديد.
    في مساء يوم 15 حزيران 2008، أُصيب يوسف شاهين بنزيف متكرر بالمخ، وفي 16 حزيران 2008 دخل يوسف شاهين في غيبوبة وأدخل إلى مستشفى الشروق بالقاهرة. طالب خالد يوسف الذي أخرج مع شاهين فيلم "هي فوضى..؟" باستئجار طائرة خاصة لنقل شاهين إلى فرنسا أو بريطانيا لتلقي العلاج. ولاحقا في ذلك اليوم نقل شاهين علي متن طائرة إسعافات ألمانية خاصة إلي باريس، حيث تم إدخاله إلى المستشفي الأمريكي بالعاصمة الفرنسية، ولكن صعوبة وضعه حتمت عليه الرجوع إلى مصر.

    توفي يوسف شاهين عن 82 عاما في الساعة الثالثة فجر يوم الأحد 27 تموز 2008 بمستشفى المعادي للقوات المسلحة بالقاهرة، بعد دخوله في حالة غيبوبة لأكثر من ستة اسابيع ، وأقيم العزاء يوم 29 تموز في مدينة السينما بالقاهرة. وقد نعاه قصرا الرئاسة في مصر وفرنسا حيث وصفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالمدافع عن الحريات.
    رحل شاهين تاركاً للمكتبة السينمائية العربية والعالمية أروع نتاجه السينمائي الذي هزّ الكيان الانساني والسياسي والاجتماعي والوطني.
Working...
X