Announcement

Collapse
No announcement yet.

أميرة الجبل( أسمهان ) قيثارة النغم وصاحبة الصوت الملائكي الحساس

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • أميرة الجبل( أسمهان ) قيثارة النغم وصاحبة الصوت الملائكي الحساس

    الذكرى الـ67 لرحيل "قيثارة النغم" أسمهان


    بعد أيام تمر الذكرى الـ67 لرحيل أميرة الجبل وصاحبة الصوت الملائكي الحساس أسمهان.
    كان ذلك اليوم صيف 1944 يوم إنطفأت الشمعة الكبرى وغدت الدنيا درباً حالك الظلام.
    هي صاحبة أجمل صوت بعد أم كلثوم. ظهر في العصر الذي تربّعت فيه "تومة" على عرش الغناء العربي.
    كانت "قيثارة النغم" أسمهان فنانة في كل شيء في جمالها وأنوثتها الطاغية..
    لم تكن طفولة أسمهان تدل أنها ستصبح مطربة كانت تذهب الى المدرسة لتتعلّم. وكانت أمها تجلس الى جوار " الفونوغراف" تستمع الى قصائد ام كلثوم.
    ولما كانت أنشودة الزمن تعيد غناء قصائد أم كلثوم. كانت والدتها ترافقها عن طريق العزف على العود.
    تولّت الوالدة تعليم إبنتها العزف على العود والمقامات الموسيقيّة. كانت أسمهان صوتاً دقيق الملامح فريد النبرات.
    وفي الرابع عشر من شهر تموز عام 1944 إختطف الموت أسمهان.
    بشارة الخوري " الأخطل الصغير" رثاها بقصيدة رائعة مطلعها: "اضاع جبريل من قيثارة وتراً في ليلة ضل فيها نجمه الهادي".
    اسمها الحقيقى آمال الأطرش، وهي الابنة الوحيدة التي كتب لها الحياة في أسرتها. والدها فهد الأطرش وهو درزي من جبل الدروز في سوريا وكان مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا، ووالدتها علياء المنذر وهي درزية لبنانية من بلدة حاصبيا، ولديها شقيقين هما : فؤاد وفريد الأطرش المطرب والموسيقار المعروف والذي كانت على وفاق تام معه والذي أخذ بيدها إلى عالم الفن وجعلها نجمة غناء لامعة إلى جانب شهيرات ذلك الوقت أم كلثوم، نجاة علي، ليلى مراد وغيرهن. وقد كان لها شقيق ثالث يدعى أنور وشقيقة تدعى وداد الذين توفيا صغيرين قبل مجيء الأسرة إلى مصر.
    ولدت في 22 تشرين الثاني 1917 على متن باخرة كانت تقل العائلة من تركيا بعد خلاف وقع بين الوالد والسلطات التركية. وقد مرت العائلة في طريق عودتها من تركيا إلى بيروت حيث بعض الأقرباء في حي السراسقة، ثم انتقلت إلى سوريا وتحديداً إلى جبل الدروز بلد آل الاطرش، واستقرت الأسرة. وعاشت حياة سعيدة إلى أن توفي الأمير فهد في عام 1924. واضطرت والدتها الأميرة علياء على إثر نشوب الثورة الدرزية في جبل الدروز وانطلاق الثورة السورية الكبرى إلى المغادرة إلى مصر.
    في القاهرة أقامت العائلة في حي الفجالة وهي تعاني من البؤس والفاقة، الأمر الذي دفع بالأم إلى العمل في الأديرة والغناء في حفلات الأفراح الخاصة لإعالة وتعليم أولادها الثلاثة.
    ظهرت مواهب آمال الغنائية والفنية باكراً، فقد كانت تغني في البيت والمدرسة مقلدة أم كلثوم ومرددة أغاني محمد عبد الوهاب وشقيقها فريد. وفي أحد الأيام استقبل فريد في المنزل (وكان وقتها في بدايه حياته الفنية) الملحن داود حسني أحد كبار الموسيقيين في مصر، فسمع آمال تغني في غرفتها فطلب إحضارها وسألها أن تغني من جديد، فغنت آمال فأعجب داود حسني بصوتها، ولما انتهت قال لها "كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالاً وصوتاً توفيت قبل أن تشتهر لذلك أحب أن أدعوك باسمها أسمهان" وهكذا أصبح اسم آمال الفني أسمهان.


    أخذت أسمهان منذ 1931 تشارك أخاها فريد الأطرش في الغناء في صالة ماري منصور في شارع عماد الدين بعد تجربة كانت لها إلى جانب والدتها في حفلات الأفراح والإذاعة المحلية، وراح نجمها يسطع في سماء الأغنية العربية.
    في سنة 1934 تزوجت من الأمير حسن الأطرش وانتقلت معه إلى جبل الدروز في سوريا ليستقروا في قرية عرى مركز إمارة آل الأطرش لتمضي معه كأميرة للجبل مدة ست سنوات رزقت في خلالها ابنة وحيدة هي كاميليا، لكن حياتها في الجبل انتهت على خلاف مع زوجها، فعادت من سوريا إلى مصر. وقد عاد إليها الحنين إلى عالم الفن لتمارس الغناء ولتدخل ميدان التمثيل السينمائي.

    كانت الشهرة التي نالتها كمطربة جميلة الصوت والصورة تذكرة سفر لدخولها الى عالم السينما، فمثلت 1941 في أول أفلامها "انتصار الشباب" إلى جانب شقيقها فريد الأطرش، وشاركته أغاني الفيلم. وفي خلال تصويره تعرفت إلى المخرج أحمد بدرخان ثم تزوجته عرفيا، ولكن زواجهما إنهار سريعاً وانتهى بالطلاق دون أن تتمكن من نيل الجنسية المصرية التي فقدتها حين تزوجت الأمير حسن الأطرش.
    وفي سنة 1944 مثلت في فيلمها الثاني والأخير "غرام وانتقام" إلى جانب يوسف وهبي وأنور وجدي ومحمود المليجي وبشارة واكيم وسجلت فيه مجموعة من أحلى أغانيها، وشهدت نهاية هذا الفيلم نهاية حياتها. وقد سبق لها أن شاركت بصوتها في بعض الأفلام كفيلم يوم سعيد، إذا شاركت محمد عبد الوهاب الغناء في أوبريت "مجنون ليلى"، كما سجلت أغنية "محلاها عيشة الفلاح" في الفيلم نفسه، وهي من ألحان محمد عبد الوهاب الذي سجلها بصوته في ما بعد، كذلك سجلت أغنية "ليت للبراق عيناً" في فيلم "ليلى بنت الصحراء".
    أثيرت الكثير من القصص والأقاويل حول تعاونها مع الاستخبارات البريطانية وتقول إحداها انه في أيار 1941 تم أول لقاء بينها مع أحد السياسيين البريطانيين العاملين في منطقة الشرق الأوسط جرى خلاله الاتفاق على أن تساعد أسمهان بريطانيا والحلفاء في تحرير سوريا وفلسطين ولبنان من قوات فيشي الفرنسية وقوات ألمانيا النازية وذلك عن طريق إقناع زعماء جبل الدروز بعدم التعرض لزحف الجيوش البريطانية والفرنسية (الديغولية). وقد قامت بمهمتها خير قيام بعد أن أعادها البريطانيون إلى زوجها الأسبق الأمير حسن، فرجعت أميرة الجبل من جديد، وهي تتمتع بمال وفير أغدقه عليها الإنكليز، وبهذا المال إستطاعت أن تحيا مرة أخرى حياة الترف والبذخ وتثبت مكانتها كسيدة لها شأنها في المجتمع ولم تقصر في الوقت نفسه في مد يد المساعدة لطالبيها وحيث تدعو الحاجة.

    إلا أن وضعها لم يستقر، فساءت الحال مع زوجها الأمير حسن في الجبل في سوريا من جديد، كما أن الإنكليز تخلوا عنها وقطعوا عنها المال لتأكدهم من إنها بدأت تعمل لمصلحة فرنسا الديغولية ويقال انها بدأت ترفض طلباتهم حيث وجدت نفسها ستدخل سلسلة لا تنتهي من المهام، وارتأت هي أنها فنانة لا تريد أن توقع نفسها في هذا الشرك.
    عادت للعمل في الغناء والسينما في مصر رغم أن زواجها من أحمد سالم لم يكن سعيداً، وفي الوقت الذي كانت تعمل فيه بفيلم "غرام وإنتقام" استأذنت من منتج الفيلم الممثل يوسف وهبي بالسفر إلى رأس البر لتمضية فترة من الراحة هناك فوافق. فذهبت إلى رأس البر صباح الجمعة 14 تموز 1944 ترافقها صديقتها ومديرة أعمالها ماري قلادة، وفي الطريق فقد السائق السيطرة على السيارة فإنحرفت وسقطت في الترعة ، حيث لقت مع صديقتها حتفهما. أما السائق فلم يصب بأذى وبعد الحادثة إختفى، وبعد اختفائه ظل السؤال عمن يقف وراء موتها دون جواب. لكن ظلت أصابع الاتهام موجهة نحو الاستخبارات البريطانية وإلى زوجها الثالث أحمد سالم وإلى الكثيرين.

    ومن غريب المصادفات أنها قبل أربع سنوات من وفاتها، أي في أوائل أيلول 1940 كانت تمر في المكان عينه فشعرت بالرعب لدى سماعها صوت آلة الضخ البخارية العاملة في الترعة. وقالت للصحافي محمد التابعي رئيس تحرير مجلة (آخر ساعة) والذي كان يرافقها "كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة". وكان الفلكي الأسيوطي كلما يمسك بيدها ويقرأ الخطوط فيها يقول: " ستكوني ضحية حادث وستنتهي في الماء". وهكذا صدقت نبوءة الأسيوطي ورحلت أسمهان ولكنها بقيت صوتاً يتردد على شفاه الزمن.
Working...
X