Announcement

Collapse
No announcement yet.

الفنان الراحل حامد العويضي (1957-2008) الخط العربى يبتهل عنده

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الفنان الراحل حامد العويضي (1957-2008) الخط العربى يبتهل عنده

    الخط العربى يبتهل عند حامد العويضى


    دينا قابيل -


    من أعمال - حامد العويضي

    «الحرف يسري حيث القصد». تلك الكلمات القليلة الدالة تفسر عالم الخط العربى الذى غاص بداخله الفنان الراحل حامد العويضي (1957-2008). يأخذ العويضى حرف الجيم ليشكل به لوحة كاملة هو مركزها، ويفسر لمشاهد لوحاته، هذا المتأمل، الزاهد، الصوفى، كيف يسرى هذا الحرف نحو معنى «الجنة»، أو معنى «الجحيم»، نفس الحرف يحّمله الفنان بالطاقة التشكيلية الكامنة لينقل المعنى للمشاهد. تماما مثلما يفعل الفنان العبقرى نفسه الذى لم يكتف بكونه خطاطا متمرسا متقنا للمعرفة الأكاديمية للخط العربى، لكنه فنان تشكيلى يعرف كيف يوظف الحرف على اللوحة ليس فقط ليعبر عن المعنى المراد، بل ليضفى بعدا روحانيا قلما تجده فى أعمال كبار الخطاطين.
    
إذا تأملت لوحة «وقل رب زدنى علما»، تبدو روعة التشكيل فى التكوين نفسه، لا تتصدر الآية الكريمة مركز اللوحة بشكل أفقى كما اعتدنا فى العديد من لوحات الخط، وحتى لدى العويضى نفسه، لتعبر عن خطاب قرآنى صريح، بل تتوالى الكلمات الواحدة تلو الأخرى فى شكل تصاعدى معبرة عن الرجاء، كما لو كانت يد مبتهلة تتوجه بالدعاء إلى أعلى، بينما الحروف بسيطة لا زخرف فيه ولا تنميق، فقيرة إلى الله زاهدة إلا فى طلب العلم والمعرفة، وترمى الحروف بظلالها فى كل كلمة لتشكل فى النهاية جملة موازية، كما لو كان رجع الصوت المبتهل الراجى المتوجه إلى الله متلعثما فى انتظار رد رجائه، أما فى جانبى اللوحة فتتكرر الوحدة التشكيلية بحجم أصغر على جانبى اللوحة لتؤكد فكرة رجع الصوت، وتظهر الحروف متداخلة متكدسة فوق بعضها البعض فى صورة شفيفة على جانبى اللوحة الأخريين.
    يعيدنا هذا البناء التشكيلى المويسقى إلى تكوين الفنان نفسه الذى كان يهوى الطرب وبرع فى التلاوة القرآنية وكان له خبرة عريضة بالقراءات القرآنية مثل الشيخ عبدالباسط عبدالصمد.
    وجمع حامد العويضى بين انحيازه للحس اليسارى والعدالة الاجتماعية وبين روح الإيمان والتصوف، وانعكس ذلك فى أعماله واختياراته ليس فقط فى لوحاته التشكيلية الشهيرة لأشعار أمل دنقل، أو لأقوال العرب المأثورة، لكنه انتقى أيضا من القرآن الكريم الآيات التى تدعو إلى العزة فى الإسلام وروح العدل مثل «أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون» أو «فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون».
    اختطف المرض حامد العويضى وهو على مشارف الخمسين، ولم يشأ القدر أن يعايش الثورة المصرية التى حلم بها طويلا من خلال أعماله فى فى دار المستقبل، و فى الاخراج والتصميم فى «الأهالى» مع أستاذه عبدالغنى أبوالعينين فترة الثمانينيات. وصمم كتاب «الأهالى» ومجلة «آفاق اشتراكية» ثم انتقل إلى «الأهرام» فى السنوات الاخيرة، ليشرف فنيا على إصدارات مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
Working...
X