ما هو الحب...
مطافات أدبية للكاتب السوري مالك نصر
دمشق ـ علاء الجمّال
«مطافات أدبية جميلة يبين فيها كاتبنا السوري "مالك نصر" ماهيّة الحب والحقيقية المقدسة من وجوده، يوضح ماهيّة العاطفة الصادقة، الحيّة، النبيلة... كيف تكون خلاصة للحب العذري، كيف ترقى بشخصنا إلى الصورة الملائكيّة المُتحررة من براثن الشر والنوازع المُميتة».
«هو الحب الذي يتحدث عنه أديبنا، ويتحدث من خلاله عن مملكة السلام، مملكة الحضور الإنساني المُقدس».
يقول في نصّه:
الحب... ماء الخلود العذري.
الحب... كلمة البهاء الأولى التي تجمع اثنين في بلورة واحدة (الجسد والروح).
الحب... مملكة الحضور الإنساني المُقدس، الذي يجمع السلام والمُلامسة لكيان الله الممتزج فينا.
الحب... السحر الوجداني المُتجدد في كل وقت.
الحب... أروع إحساس يُحرك مشاعرنا لتصل إلى الكمال، ليصهرها اللطف وتصوغها البراءة.. فلو أن الحروب تنتهي، ويدرك الإنسان معنى هذه النعمة، يدرك معنى هذا الشعور الإلهي، لزال الشر، وزالت معه كل البراثن والنوازع المُميتة.
غريب هذا الشعور، غريب هذا الحزن.
يُمزق داخلي كلما فكرت بالحب، وكلما فكرت بعذريته، وترجمت نشوته الصادقة بمفردات من نور. أتساءل لم هذا الحزن؟ أ لأنني أتحدث عن شيء مثالي لم يعد لوجود وتحققه مكاناً في هذا العصر، وما تبقى فقط مشاعر آنيّة تلوذ بالهرب هنا وهناك خوفاً من التفكك والتلاشي؟
لماذا يعتصرني الحزن كلما تحدثت عن الحب، فأجد نفسي صامتاً، خاضعاً، وحيداً، بعيداً في هواجسي وتطلعاتي ونداءاتي عن هذا العالم...
كلما فكرت بعذريّة الحب، أدركت الحنان الذي خلقنا لأجله، خلقنا لأجل أن نتعلمه، أن نحياه أن نمارسه بالعلم والقول والعمل، وأن نصنع من خلاله أبجديات جديدة للسلام الإنساني..
الحب مكون إلهي من مكونات الروح، بل والأكثر مساساً لأوتار الإنسان المُبدعة.
حقك يا صديقي أن تتعلم أولاً في هذه الحياة كيف تعيش الحب، وكيف تشرق بمعانيه الشفافة، وكيف تنضج وتتطور حتى تصبح إحساساتك الرقيقة ملامسة لكيان الله الممتزج فيك، وهذا حقي الذي أبحث؟
أبحث عنه وسط زحام وضجيج وقهر ومعاناة... ليس لي فحسب، بل لكل نفس شفافة ترقب النور، ثم تتضرع خاشعة بالدعاء لقبلة السلام.
يا ليتنا نعي معان الحب.
أسأل نفسي: هل أصبحت العاطفة مُجرّد حديث أو رغبة بسيطة تعيشها للحظات ثم تنقضي؟. هل أصبحت العاطفة شيء رمزي نقرأ عنه أو نستذكره كأي شيء عادي؟. هل أصبح الحب فسحة من الوقت بين الزحام.
لماذا أطالب بالحب وأتحدث عن وجداني؟ أليس لأنني أحسّ بعطش حقيقي يتلوى أمامه مُجتمعي الغارق بفوضى الدماء، والأفكار المُعتمة، المشوهة، ومثيله مُجتمعات ومُجتمعات؟
نعم أصبحنا بعيدين عن الحب بعيدين عن العاطفة، الصادقة، الحيّة، النبيلة، التي تجمعنا وتضمنا وترفعنا إلى جوهرنا الإنساني المفقود، التي تخرجنا من اللهاث خلف ساعات العمل والفراغ الميت، أي (الصورة المُزيفة التي نُقنع أنفسنا بها لبعض الوقت).
Comment