Announcement

Collapse
No announcement yet.

قصة اغتيال متقاعد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • قصة اغتيال متقاعد

    تحية طيبة ومودة



    قصة
    اغتـيـال مُتـَقاعِـد

    محمودمحمدأسد



    الأستاذ نبيل تبلَّغَ دعوةَ نقابته لحضور حفل تكريم المتقاعدين بالتأكيد هو واحدٌ من المكرَّمين قال في نفسه :
    خدمتُ لثلاثين عاماً في سلكٍ يصعب على المرء أن يستمرَّ فيه كنْتُ أعيش بسبع أرواح قبلْتُ التحدِّي مع الكثيرين بالفعل حدَّثَ نفسَهُ بعد انقطاعٍ عن العالمِ و انزواءٍ. حرّكتْهُ هذه الدعوة أعدَّ عدَّتهُ، بحثَ عن أحدثِ الثيابِ التي مرَّ عليها عقدٌ من الزمن اشتراها بمناسبة زواج ابنه البكر و كرّر ارتداءَها يومَ زواج ابنته ليلى و هاهو يقول من جديد :
    (( المهمُّ رتابةُ الروحِ و نظافةُ اليدِ و حسنُ الختام و أخذ نظرةً من مرآةٍ مغبَّرةٍ متشظّية و قال في نفسِهِ : الحمد لله الحمد لله هناك بقيَّة من صحة و نضارة
    جرى الاحتفالُ الذي أشْعلَ ذكرياتِهِ و أعادَه لسنوات خَلَتْ كان احتفالاً أنيقاً جمع مسؤولي البلد . استمع إلى كلمات التمجيد التي لم تشأْ ذكرَ فضلِهِ على الموجودين . قُدِّمَتِ الهدايا للمكرَّمين كان وحيداً لا زوجةً معه .. لا أولادَ يباركون له .. جرَّ قدميه و هو يحمل شهادة التكريم و بطاقةَ دعوة لشخصين في مطعم مشهور
    منذ البداية شعر بالفرحِ و السرور ، و لكن سرعان ما عادَ إلى التفكير و الاستسلام لتداعي الأفكار و لنشاط الذاكرة التي كانت خامدة
    نظر إلى شهادة التكريم و عادَ إلى الوراء إلى ذلك اليومِ المغروس في ذاكرته منذ ثلاثين عاماً فيه تسلَّمَ قرار التعيين بفرح غامرٍ و إرادةٍ متوقّدة .. و بعد فترةٍ استسلمَ للتفكير حينها، و صحبه فتورٌ عجيب لا يريد تفسيراً لفرحِهِ و لا يحاول معرفة سبب فتوره عندها قال : (( المرءُ أقدرُ على قراءة نفسه و تحليلها )) و هي العبارة التي اصطادَها من مدّرس علم النفس التربوي حقَّقَ أمنيّة طالما سعى إليها و تمنَّاها كان يتابع أستاذَ التاريخ بأناقته و ثقته أعطاهُ كثيراً من الاعتبار .. كان يقرأ التاريخ بحياديّة و عقليّة متفتّحة و هذا أمرٌ هامٌ بالنسبة له عاش نبيل طفلاً عاديّاً تحيطُ به أسرة أمِّيّةٌ لا تعرف القراءة و لا تقدِّرُ العلمَ و المتعلّمين و مرَّة شكا أمرَه لأستاذِهِ فقال له : ( يا نبيل ! المرءُ عدوُّ ما يجهل ) تذكَّرَ قَلقَهُ و هو متوجِّهٌ إلى تلك القرية النائية سيـبتعد عن والديه و أختِهِ العانسِ إنه أمامَ تجربة جديدةٍ بعيداً عن محيطه
    ركب حينها سيارة أكل عليها الدهر و شربَ كانوا يسمّونها ( البوسطة ) تَنْهَبُ الطريق على دفعات و محطّاتٍ كثيرةٍ ينظر إلى الركاب و يقرأ معالمَ الوجوهِ ثم يرمي نظرةً إلى الأراضي الجرداء و هو الوحيد الذي لا يتكلّم باستثناءِ قراءته لصحيفة بين يديه يقطعُ عليه صمتَهُ صوتُ بعضِ الحيوانات التي حظيت بشرف مصاحبته
    يتذكر من جديدٍ ، و ينتقل إلى مرحلةٍ أخرى تتوقّفُ السيَّارة ثم يتابع السيرَ على قدميه إلى أين ؟! إلى قرية تُدْعى (( المهدومة )) تناثرت بيوتها هنا و هناك و عندها تذكَّرَ معلقة امرئ القيس الذي بكى و أبكى و اشتكى خالطَهُ شيْءٌ من الرهبة
    كيف أعيش هنا ؟ .. كيف سأمضي الوقت ؟ و لأجلِ مَنْ جئْتُ ؟ ..
    تناثرت نظراتُهُ و تتشتَّتُ هنا و هناك القرية خاوية سوى بعض البيوت نظر من جديدٍ حوله و جاءتْ نظرتُهُ وليدةَ خيبة فقد كان يتوقَّعُ التفافَ الأولادِ و أهلِ القرية حوله تصوَّرهم يسرعون مبتهجين و مرحِّبين أبدى تضايقه تذمَّر سأل عن بيت المختار و كانت أمامه خيبة أخرى .. القرية لا يوجد فيها مختار و لا حاجة للمختار بعد سوء معاملة المختار السابق و عندما ماتَ فَرِحَ الجميعُ و لكنهم كتموا فرحَهُمْ في أعماقهم سأل عن المدرسة جاءَتهُ الإشارةُ مصحوبةً بنـزقٍ و جفوةٍ : - .. هناك عند الأغنام ِ و الأبقارِ انظر على سطحها دجاجةٌ و ديك
    ذهب وحيداً يجرُّ الحَيْرةَ و سأل نفسهُ :
    أين الشّجَرُ ؟ أينَ العطاءُ ؟ أينَ الخضار ؟ أينَ الأولادُ ؟ و أخيراً قال : أين أنا ؟ ..
    لم يجد سوى شجيرات طاعناتٍ رماهنَّ الفقرُ و الجفاف .. إحدى الشجيرات تمازُحها نعجة و حولها أطفالٌ يُقَطِّعون أغصانها تقرَّبَ أحدهم قائلاً :
    خذ يا أستاذ إنَّهُ قضيبٌ سيلزمك كثيراً
    قال له الأستاذ : - لن تحتاجوا إليه إن شاء الله و تابع الطفلُ من جديد : - سيلزمك لتبعد عنك الذباب و الحشرات بعد أيَّام تحبُّ القرية و تحبُّك و أمضى سنوات سعيدةً رائعة الخضرة
    ها هو نبيل في طريقه إلى بيته وحيداً ، يحمل قرار التقاعد ، و شهادة التكريم و بطاقة الدعوة ، و هو يفتِّش عن شخصِ ثانٍ يصطحبه للمطعم بيده عصا يتكئ عليها طريقهُ مزدحمةٌ الأرصفة مكتظةٌ بالسيَّارات و الأبنية و الناس
    كان التفكير جيشاً من الوساوس و كتيبة من التساؤلات يحاول أن يربط بين سنواتٍ مضَتْ و أيَّامٍ تبقَّتْ قطع عليه تفكيرَهُ سهمٌ جارِحٌ من سائقٍ أرعن (يضربك العمى) أين عيناك ………
    هزَّ نبيلٌ رأسَهُ و قال لهُ : أنتَ لم تمرَّ على أستاذٍ في حياتك يا ولدي








  • #2
    رد: قصة اغتيال متقاعد

    هذه القصة منشورة في منتديات ( ناعم العود )
    بتاريخ 13/3/2007
    (( اغتيال متقاعد )) القصه الفائزه بمسابقة القصه القصيره
    اعرض لكم القصه الفائزه بمسابقة القصه القصيره للعضو (( رحال ))

    بعنوان // اغتيال متقاعد


    الاستاذ نبيل تبلغ دعوة نقابته لحضور حفل تكريم المتقاعدين بالتاكيد هو واحد من
    المكرمين...قال في نفسه::
    خدمت ثلاثين عاما في سلك يصعب على المرء ان يستمر فيه..كنت اعيش بسبع ارواح قبلت
    التحدي مع الكثيرين...بالفعل حركته هذه الدعوه بعد انقطاع عن العالم وانزواء اعد
    عدته بحث عن الاحدث بين الثياب التي مر عليها عقد من الزمن اشتراها بمناسبة زواج
    ابنه البكر وكرر ارتدائها يوم زواج ابنته ليلى..وها هو يقول من جديد:
    (المهم رتابة الروح ونظافة اليد وحسن الختام)
    واخذ نظرة من مراة مغبره متشظيه وقال في نفسه::الحمد لله..الحمد لله..هناك بقية من
    صحة ونظاره..
    جرى الاحتفال الذي اشعل ذكرياته واعاده لسنوات خلت..كان احتفالا انيقا جمه مسؤولي
    البلد.استمع الى كلمات التمجيد التي لم تشأ ذكر فضله على الموجودين.قدمت الهدايا
    للمكرمين..كان وحيدا..لازوجة معه..لا اولاد يباركون له..جر قدميه وهو يحمل شهادة
    التكريم وبطاقة الدعوة لشخصين في مطعم مشهور..من البدايه شعر بالفرح الكبير ولكن
    سرعان ماعاد الى التفكير والاستسلام لتداعي الافكار ولنشاط الذاكره التي كانت
    خامده..نظر الى شهادة التكريم وعاد الى الوراء الى ذلك اليوم المغروس في ذاكرته منذ
    ثلاثين عاما وفيه تسلم قرار التعيين بفرح وارادة متوقده فقد عاش طفلا عاديا تحيط به
    اسرة اميه لاتعرف القراءة ولا تقدر العلم والمتعلمين ومره شكا امره لاستاذه فقال له
    (يانبيل المرء عدو ما يجهل).
    تذكر قلقه وهو متوجه الى تلك القرية النائية مبتعدا عن والديه واخته ..ركب حينها
    سيارة اكل الدهر عليها وشرب ..ينظر الى الركاب ويقرأ معالم الوجوه ثم يرمي نظرة الى
    الاراضي الجرداء وهو الوحيد الذي لايتكلم باستثناء قرائته لصحيفة بين يديه..تتوقف
    السياره فيتابع السير على قدميه الى اين؟؟؟
    الى قريةتناثرت بيوتها هنا وهناك سال نفسه حينها<كيف اعيش هنا؟كيف سامضي
    الوقت؟ولاجل من جئت؟..
    تتناثر نظراته وتتشتت هنا وهناك..القرية خاويه سوى من بعض البيوت نظر من جديد حوله
    وجاءت نظرته وليدة خيبة فقد كان يتوقع التفات الاولاد واهل القرية حوله تصورهم
    يسرعون مبتهجين ومرحبين ابدى تضايقه وكانت امامه خيبة اخرى ..القريه لا يوجد فيها
    مختار ولاحاجة للمختار بعد سوء معاملة المختار السابق وعندما مات فرح الجميع ولكنهم
    كتموا فرحهم في اعماقهم..سأل عن المدرسه جاءت الاشاره مصحوبة بجفوة((هناك عند
    الاغنام والابقار انظر على سطحها دجاجة وديك..
    ذهب وحيدا يجر الحيرة وسأل نفسه..اين الشجر؟ اين العطاء؟ اين الخضار؟ اين
    الاولاد؟واخيرا قال:اين انا؟
    لم يجد سوى شجيرات طاعنات رماهن الفقر والجفاف احدى الشجيرات تمازحها نعجه وحولها
    اطفال يقطعون اغضانها تقرب احدهم قائلا...
    خذ يا استاذ..انه قضيب سيلزمك كثيرا..رد عليه الاستاذ لن تحتاجوا اليه ان شاء الله
    فتابع الطفل من جديد..
    سيلزمك لتبعد عنك الذباب والحشرات بعد ايام تحب القرية وهي تحبك..
    وامضى سنوات عديده سعيدة رائعة الخضره..
    ها هو نبيل في طريقه الى بيته وحيدا يحمل قرار التقاعد وشهادة التكريم وبطاقة
    الدعوه وهو يفتش عن شخص ثان يصطحبه للمطعم بيده عصا يتكىء عليها طريقه
    مزدحمه..الارصفه مكتضه بالسيارات والابنية والناس..
    كان التفكير جيشا من الوساوس وكتبة من التساؤلات يحاول ان يربط بين سنوات مضت وايام
    تبقت....قطع عليه تفكيره سهم جارح من سائق ارعن..((يضربك العمى..اين عيناك))
    هز نبيل رأسه وقال له..انت لم تمر على استاذ في حياتك يا ولدي...

    النهـــــــــــــــايه

    (( مجرد ملاحظة صغيرة جدا ً جدا ً ))
    سمير حاج حسين

    Comment


    • #3
      رد: قصة اغتيال متقاعد

      بسم الله الرحمن الرحيم

      أحمد الله أنّ المصادفة كانت كاشفة للسرقة ، فالقصة منشورة في مجلة الجيل وبعض الصحف منذ أكثر من خمس سنوات تحت غنوات اغتيالات ( مجموعة قصص تحمل عنوان اغتيال عصري+ اغتيال الزهر + ) وأنا على استعداد لتقديم أرقام العدد والبحث في الموضوع )

      أحببت التنويه وعند الله لا يضيع حقّ .

      Comment

      Working...
      X