Announcement

Collapse
No announcement yet.

يا من قتلتم ولدي سارية أوجهها لكم، لا فجعكم اللـه بأبنائكم ولا تذوقوا ما أذقتمونا وأسأل اللـه لكم التوبة في هذه الدنيا

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • يا من قتلتم ولدي سارية أوجهها لكم، لا فجعكم اللـه بأبنائكم ولا تذوقوا ما أذقتمونا وأسأل اللـه لكم التوبة في هذه الدنيا

    يا من قتلتم ولدي سارية أوجهها لكم، لا فجعكم اللـه بأبنائكم ولا تذوقوا ما أذقتمونا وأسأل اللـه لكم التوبة في هذه الدنيا

    عندما نطق سماحة المفتي العام للجمهورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون بهذه الكلمات في وداع ابنه الشهيد سارية شهقت سورية برمتها وغصت بدمعها معه. إذ وجدت أنبل قيمها مجسدة في شخصه، فسماحته لم يقف عند أحزان نفسه وآلام أهله، ولم ينحدر إلى ما اعتدنا أن نسميه «فورة الدم»، ولم يطالب بتطبيق قانون العين بالعين، الذي تحفَّظ عليه غاندي ورأى أنه يمكن أن «يجعلنا جميعاً عميانا». بل سما عن فجيعته بابنه ليحذر مواطنيه السوريين من الفجيعة الكبرى التي تهددهم بقضم سلمهم وتفتيت بلدهم!
    كذا تبرز العقول الكبيرة والأرواح العظمى في الملمات الكبرى.
    «ولدي أهديك لله وإذا كان دمك فيه شفاء لهذا الوطن وفيه حقن للدماء فاللـه أشهد أني قدمت لك ولدي لأحقن دماء أبناء وطننا».
    ككل السوريين شهقت وغصصت مع سماحة المفتي وهو يلفظ هذه الكلمات في وداع ابنه الشهيد سارية، وككل السوريين أحسست بضوء إنسانه النبيل المتسامي يملؤني ثقة بسورية ومستقبلها.
    أمس الأول جمعتني مناسبة طيبة مع مجموعة أشخاص طيبين من مختلف مناطق سورية، وبينما نحن على المائدة استيقظ فينا ضوء سماحة المفتي. أعرب الحضور عن ذهولهم من صفاء ذهن سماحته وتماسك منطقه وهو يودع فلذة كبده الشهيد سارية، لكن أبلغ وأصوب ما قيل جاء على لسان السيدة المسيحية المتدينة ربة المنزل، التي قالت بمزيج من الخشوع والانبهار: «أحسست وأنا أستمع لسماحة المفتي أن اللـه كان يتكلم من فمه».
    عندها تذكرت، ما قاله سماحة المفتي، عندما كرمنا نحن أفراد أسرة مسلسل «سقف العالم» في دار الإفتاء: «أنا لست مفتي المسلمين فقط، أما مفتي المسلمين والمسيحيين واليهود والعلمانيين».
    بعض الناس استغربوا أن يتم استهداف نجل شخصية رحمانية تنضح حباً كسماحة المفتي حسون، ولهؤلاء أقول إن الأرواح العظمى تستفز من باعوا أرواحهم، وإلا فكيف يمكن فهم سلوك ذاك البراهماني المتعصب الذي اغتال الشيخ الوديع غاندي، الذي لم يملك إلا أن يودع هذا العالم بعبارة «هِي رام» التي تعني «آه يا الله»!
    العجيب هو أن (الروح العظمى) غاندي رغم رحيله عن هذه الدنيا ما يزال يستفز من لا أرواح لهم، فقد رأيت بأم عيني في ساحة (ميدان) بمدينة كالكوتا تمثال غاندي إلى جانب تمثالين الأول للزعيمين البلشفي لينين والثاني لزعيم بنجابي محلي، لكن تمثال غاندي هو الوحيد المحاط بالأسلاك الشائكة، لأن غلاة المتعصبين حطموه عدة مرات!
    يعلم من يتابعني أنني لا أحب المديح إلا عندما يكون حقاً مستحقاً وأنا أومن في قرارة نفسي أن صاحب السماحة، أحمد بدر الدين حسون هو المفتي اللائق بتاريخ سورية ومستقبلها، سورية العصية على الأخذ، سورية التي وصفها غبطة جون كاري كبير أساقفة كانتربري عندما زارها قبل أعوام:
    «من يرد أن يرى نموذجاً حياً من التعددية والتعايش بين العروق والأديان والمذاهب والطوائف فلا بد أن يعيش في سورية».

    حسن م. يوسف - الوطن


    Photographs - Logos - Webs -
    Advertisements

    00963-932767014
    [email protected]

Working...
X