الغفلة
إعداد المحامي :بسام المعراوي
ينبغي التأكيد على أن كثيرا من المزالق التي يتعرض لها الإنسان في حياته، منشأها الغفلة، إذ غفلة الرأس المعاصي، فهي تقود الإنسان إلى نسيان الله، و التكذيب، و الكفر .
و لقد تناول القرآن الكريم مشكلة الغفلة في مجموعة من آياته البينات، منها الآية الكريمة التالية :
(( و لقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ))، ( الأعراف / 179) .
إن خطورة الغفلة تكمن في إنها تلغي دور الحواس لدى الإنسان، فتنسيه قيمه و مبادئه و أهدافه، و تحوله إلى مجرد باحث عن الذات و الشهوات، و من يكون على حالة كهذه، لن تجد للوقت عنده ثمنا .
و في حقيقة الأمر أن الغفلة على قسمين :
أ- الغفلة البسيطة ( الجزئية ) .
ب- الغفلة الكبيرة ( الكلية ) أو ( المركبة ) .
فقد يغفل المرء عن موعد امتحانه الدراسي – مثلا – فيضطر إلى إعادة الامتحان، و لربما لاعادة الدورة الدراسية، و هذه غفلة جزئية، تكلفه كثير من الجهد، فتصرف من وقته الكثير أيضا .
و أخطر من هذه الغفلة البسيطة، الغفلة الكبيرة، و هي أن يغفل الإنسان دورة في الحياة، و مسؤوليته فيها، و هذا النوع من الغفلة يحرق عمره فلا يلتفت إلا عند الموت، و كأنه كان نائما فانتبه، و لكن بعد أن فات الأوان .
و المصابون بهذا النوع من الغفلة هم الذين يقول عنهم الإمام علي عليه السلام :
(( فيا لها من حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، و أن تؤديه أيامه إلى الشقوة ! ))، ( نهج البلاغة،خطبة/64) .
و يقول الله تعالى : (( و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة و هم لا يؤمنون ))، ( مريم /39).
و يحذر بني آدم من الغفلة الكبرى، فيقول سبحانه :
(( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين )) ( الأعراف /17).
فلماذا هذا التحذير ؟
لأن الغفلة مرض عضال، يضيع عمر الإنسان، فيفتك به.
و كمثال على تشبيه الغفلة، يحكى أن سارقا دخل بيتا ليسرقه، فاستيقظ صاحب البيت،و قال في نفسه، لأسكنن حتى أنظر غاية ما يصنع، و لأتركنه،حتى إذا فرغ مما يأخذ، قمت إليه فنغصت ذلك عليه و كدرته، فسكت و هو مضطجع في فراشه، و أخذ السارق يطوف في البيت، و يجمع ما قدر عليه، حتى غلب على صاحب البيت النعاس، فنام، و رافق ذلك فراغ السارق، فعمد الأخير إلى جميع ما جمعه و احتمله و انطلق به، و استيقظ الرجل بعد ذهاب السارق، فلم يجد في منزله شيئا، فأخذ يلوم نفسه و يعاتبها، و هو يقلب كفيه و يعض أنامله أسفا و حسرة، ولات ساعة أسف و حسرة ! .
وهكذا تفعل الغفلة في الإنسان، فتنسيه دوره و مسؤوليته، و تسرق منه حياته و تفسد عليه أعماله .
و من هنا يقول الإمام علي عليه السلام : (( إياك و الغفلة و الاعترار بالمهلة، فأن الغفلة تفسد الأعمال)) .
و قد جعل الإمام علي الغفلة على رأس قائمة أعداء الإنسان فقال : ((الغفلة أضر الأعداء)) .
قال عليه السلام محذراً الغافل و متوعداً إياه :
((ويل لمن غلبت عليه الغفلة فنسى الرحلة، و لم يستعد))، ( غرر الحكم ) .
و يصف عليه السلام الغافل بقوله :
(( كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه و إنما هو كفنه، و يبني بيتا ليسكنه و إنما هو موضع قبره ))، بحار الأنوار ( ج 77،ص401) .
و يقول الإمام علي عليه السلام – أيضا – موجها الإنسان إلى اجتناب الغفلة : (( كفى بالمرء غفلة أن يضيع عمره فيما لا ينجيه ))، ( غرر الحكم ) .
و يقول عليه السلام – أيضا - :
(( ألا مستيقظ من غفلته قبل نفاد مدته ))، ( المصدر ) .
و يقول أيضا :
(( إن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد ))، بحار الأنوار (ج7،ص381) .
الخلاصة
و هكذا فأن للوقت آفاته القاتلة، هذه الآفات التي يجب على المرء أن يكافحها و يحاربها، لكي يغتنم عمره و حياته في عما الصالحات، و ليحفظ دوره و مسؤوليته في الحياة، و تلك الآفات هي :
الفراغ .
اللغو .
اللهو .
التسويف .
الغفلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
إعداد المحامي :بسام المعراوي
ينبغي التأكيد على أن كثيرا من المزالق التي يتعرض لها الإنسان في حياته، منشأها الغفلة، إذ غفلة الرأس المعاصي، فهي تقود الإنسان إلى نسيان الله، و التكذيب، و الكفر .
و لقد تناول القرآن الكريم مشكلة الغفلة في مجموعة من آياته البينات، منها الآية الكريمة التالية :
(( و لقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس لهم قلوب لا يفقهون بها و لهم أعين لا يبصرون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ))، ( الأعراف / 179) .
إن خطورة الغفلة تكمن في إنها تلغي دور الحواس لدى الإنسان، فتنسيه قيمه و مبادئه و أهدافه، و تحوله إلى مجرد باحث عن الذات و الشهوات، و من يكون على حالة كهذه، لن تجد للوقت عنده ثمنا .
و في حقيقة الأمر أن الغفلة على قسمين :
أ- الغفلة البسيطة ( الجزئية ) .
ب- الغفلة الكبيرة ( الكلية ) أو ( المركبة ) .
فقد يغفل المرء عن موعد امتحانه الدراسي – مثلا – فيضطر إلى إعادة الامتحان، و لربما لاعادة الدورة الدراسية، و هذه غفلة جزئية، تكلفه كثير من الجهد، فتصرف من وقته الكثير أيضا .
و أخطر من هذه الغفلة البسيطة، الغفلة الكبيرة، و هي أن يغفل الإنسان دورة في الحياة، و مسؤوليته فيها، و هذا النوع من الغفلة يحرق عمره فلا يلتفت إلا عند الموت، و كأنه كان نائما فانتبه، و لكن بعد أن فات الأوان .
و المصابون بهذا النوع من الغفلة هم الذين يقول عنهم الإمام علي عليه السلام :
(( فيا لها من حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، و أن تؤديه أيامه إلى الشقوة ! ))، ( نهج البلاغة،خطبة/64) .
و يقول الله تعالى : (( و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة و هم لا يؤمنون ))، ( مريم /39).
و يحذر بني آدم من الغفلة الكبرى، فيقول سبحانه :
(( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين )) ( الأعراف /17).
فلماذا هذا التحذير ؟
لأن الغفلة مرض عضال، يضيع عمر الإنسان، فيفتك به.
و كمثال على تشبيه الغفلة، يحكى أن سارقا دخل بيتا ليسرقه، فاستيقظ صاحب البيت،و قال في نفسه، لأسكنن حتى أنظر غاية ما يصنع، و لأتركنه،حتى إذا فرغ مما يأخذ، قمت إليه فنغصت ذلك عليه و كدرته، فسكت و هو مضطجع في فراشه، و أخذ السارق يطوف في البيت، و يجمع ما قدر عليه، حتى غلب على صاحب البيت النعاس، فنام، و رافق ذلك فراغ السارق، فعمد الأخير إلى جميع ما جمعه و احتمله و انطلق به، و استيقظ الرجل بعد ذهاب السارق، فلم يجد في منزله شيئا، فأخذ يلوم نفسه و يعاتبها، و هو يقلب كفيه و يعض أنامله أسفا و حسرة، ولات ساعة أسف و حسرة ! .
وهكذا تفعل الغفلة في الإنسان، فتنسيه دوره و مسؤوليته، و تسرق منه حياته و تفسد عليه أعماله .
و من هنا يقول الإمام علي عليه السلام : (( إياك و الغفلة و الاعترار بالمهلة، فأن الغفلة تفسد الأعمال)) .
و قد جعل الإمام علي الغفلة على رأس قائمة أعداء الإنسان فقال : ((الغفلة أضر الأعداء)) .
قال عليه السلام محذراً الغافل و متوعداً إياه :
((ويل لمن غلبت عليه الغفلة فنسى الرحلة، و لم يستعد))، ( غرر الحكم ) .
و يصف عليه السلام الغافل بقوله :
(( كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه و إنما هو كفنه، و يبني بيتا ليسكنه و إنما هو موضع قبره ))، بحار الأنوار ( ج 77،ص401) .
و يقول الإمام علي عليه السلام – أيضا – موجها الإنسان إلى اجتناب الغفلة : (( كفى بالمرء غفلة أن يضيع عمره فيما لا ينجيه ))، ( غرر الحكم ) .
و يقول عليه السلام – أيضا - :
(( ألا مستيقظ من غفلته قبل نفاد مدته ))، ( المصدر ) .
و يقول أيضا :
(( إن من عرف الأيام لم يغفل عن الاستعداد ))، بحار الأنوار (ج7،ص381) .
الخلاصة
و هكذا فأن للوقت آفاته القاتلة، هذه الآفات التي يجب على المرء أن يكافحها و يحاربها، لكي يغتنم عمره و حياته في عما الصالحات، و ليحفظ دوره و مسؤوليته في الحياة، و تلك الآفات هي :
الفراغ .
اللغو .
اللهو .
التسويف .
الغفلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ