Announcement

Collapse
No announcement yet.

أســــتاذي ومعلمــــي‏‏ ( مدحة عـــكاش ) أحمد بوبس‏‏

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • أســــتاذي ومعلمــــي‏‏ ( مدحة عـــكاش ) أحمد بوبس‏‏



    أســــتاذي ومعلمــــي‏‏ ( أحمد بوبس‏‏ )
    مدحة عـــكاش



    مدحة عـــكاش

    أســــتاذي ومعلمــــي‏‏
    منذ نحو أربعين عاماً كانت أول زياراتي إليك في مكتب مجلة الثقافة الغراء في ذاك البيت الدمشقي. ثم في المقر الثاني في مكان مجاور من زقاق الصخر.‏‏
    ‏‏
    كان مكتب المجلة منتدى ثقافياً يومياً يجتمع فيه كبار الأدباء السوريين. فكان الاستاذ عكاش يتصدر الجلسة حول بركة الماء ونافورتها الصغيرة، ونجلس نحن حوله على شكل نصف دائرة مفتوحة نحو مدخل مكتب المجلة. نستمع إلى أحاديثه الطلية والمفيدة. في تلك الجلسات تعرفت على كبار الأدباء أمثال حامد حسن وعبد السلام العجيلي ونعمان حرب وعبد اللطيف يونس وعبد الرحيم الحصني وسعيد قندقجي وناديا خوست، وأسماء كثيرة يضيق المجال عن ذكرها.‏‏
    منذ أن أتيته أول مرة أرغب في نشر قصائدي عنده، لقيت منه كل رعاية واهتمام. كان لي الموجه والأستاذ. كان لايبخل علي بنصيحة من أجل تطوير كتابتي الشعرية، وأحياناً تتحول النصيحة إلى تأنيب عندما يجدني أكرر نفسي. ولم يكن معي فقط في ذلك، فقد كان الناصح المعلم لأجيال من الأدباء. فبفضله وعن طريق مجلتيه (الثقافة الشهرية)و(الثقافة الاسبوعية) كبر أولئك. ولكن معظمهم جحدوه ونسوه. ولم يعودوا يسألون عنه في كبره ومرضه. ولم نشاهد أحداً منهم في جنازته التي غابت عنها أيضا وزارة الثقافة، فلم يشارك في التشييع ولاحتى مدير من الدرجة الثالثة. كما غاب أيضاً اتحاد الكتاب العرب برئيسه ومكتبه التنفيذي.‏‏
    ستون عاماً أو يزيد ومدحة عكاش يخدم الأدب والثقافة، دون أن ينتظر عرفاناً بجميل ولامكافأة من أحد. فالأدب والثقافة كانا بالنسبة له رسالة. ولما وجد شحاً في المنابر الأدبية في سورية عمد إلى إنشاء مجلتيه آنفتي الذكر. ومن أجل استمرارهما باع الكثير من ضروريات حياته، وتعرض لأزمات مالية. لكنه نجح في الحفاظ على استمراريتهما حتى الآن. والأمل أن تستمر المجلتان في الصدور استكمالاً لرسالته الأدبية ووفاء له.‏‏
    وماذا بعد..وهل يبقى لنا إلا الليل نتدثر به من خلال قصائدك الجميلة التي جمعتها في ديوان (ياليل)، فكان صديق العاشقين في سهرهم وملاذ المفارقين في وحدتهم. كم قرأته وقرأته فكان الشهد الذي لايرتوى القارئ منه حتى يشتهيه.‏‏
    ودعناك إلى مثواك الأخير بعبرة في العين وحزن في القلب. وعزاؤنا أنك باق في وجداننا وذاكرتنا أديباً ومربياً ومعلماً. باق في حكايتك الأدبية التي كانت لنا متعة وزوادة أدبية . باق في ذاكرتي كل يوم. فقدري الجميل أن أمر كل يوم من جانب قبرك في ذهابي ومجيئي، لايفصلني عنك إلا جدار وبضعة أمتار، أتذكر تلك الاوقات الجميلة التي أمضيتها بقربك وصحبتك في سفرات عديدة.‏‏
    أحمد بوبس‏‏
Working...
X