Announcement

Collapse
No announcement yet.

مرتــــحلٌ وبــــــاق .. ‏‏مدحة عـــكاش - غانم سلمان‏‏

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مرتــــحلٌ وبــــــاق .. ‏‏مدحة عـــكاش - غانم سلمان‏‏

    مرتــــحلٌ وبــــــاق .. غانم سلمان‏‏
    مدحة عـــكاش





    مدحة عـــكاش

    مرتــــحلٌ وبــــــاقٍ..‏‏
    فعلت الثمانية والثمانون حولاً فعلتها- ورحم الله زهيراً- رحل أبوعاصم تاركاً خلفه بنياناً ثقافياً تعهده بصبره وعناده وببصره وماله- انفرد بمهمةٍ وعرة المسالك وهو في ريعان شبابه‏‏
    وبندرة موارده- اندفع للمهمة مستبشراً بالوحدة السورية المصرية عام 1958 فأصدر أول أعدادها مفتتحاً بالقول: مجلة الثقافة مستوحاة من كونها تصدر في أخصب مراحل تاريخ الأمة العربية- ومستوحاة من حاجة كبرى لنهضة ثقافية جامعة تحتضن رواد الفكر والأدب- وتتعهد البراعم الواعدة.‏‏
    -رحل أبو عاصم تاركاً أعباء المهمة على كواهل المتطوعين من الرجال الذين يستمرون في عطائهم لتبقى أشعة الثقافة كما كانت تنير دروب العاشقين لتراث الأمة ومستقبل أبنائها في بحر التآمر والتخاذل.‏‏
    هل نقول بحرقة التشاؤم خسرت أعمدة الثقافة ولم يعد صاحب القامة المديدة، والوجه الباش المبتسم في صدر المكتب، وكما كان عندما كانت دار المجلة في شارع الأرجنتين حيث المنتدى اليومي حول النافورة - في بهو دمشقي ساحر قبل الانتقال القسري إلى برج دمشق.‏‏
    مَن من المثقفين المتابعين لايعرف عنه احتضانه للثقافة ورجالاتها واستقطابه الأقلام الحرة المميزة- ورعايته للناشئة من الشباب المغمورين كلما اكتشف موهبة متميزة بادر إلى صاحبها مرشداً ومساعداً ينفق على طباعة الديوان ويشتري من نسخه يوزعها هدايا لأصدقائه-‏‏
    تحمل أبو عاصم الصعوبات بأنواعها وتصدّى لها بعزيمة إيمانية، وهمة المبدع وهب وقته وعمره وبصره وصبره وماله حتى أينع بستان الثقافة وأصبحت المجلة أسبوعية وشهرية- وأصدر عن دارها أكثرمن، 350 كتاباً- أحيا وساهم في تكريم رجال الفكر في كافة محافظات القطر وأقطار الوطن العربي- لايملّ ولايكلّ).‏‏
    روى لي أنه في بداية الستينات وفي ليلة ربيعية فض مغلفاً فيه قصيدة بعنوان (امرؤ القيس والعذارى) وقبل إتمام قراءتها اطلع على اسم الشاعر فقرأ »حامد حسن« دريكيش- أعادها- وقرر في نفس الليلة أن يسافر باحثاً عن هذه الموهبة - وصل حمص مع الفجر.‏‏
    تناول فنجان القهوة في »الاكسبريس« ومع الصباح انطلق إلى دريكيش حيث كان اللقاء وترتيب انتقال حامد حسن إلى دمشق وحصل ذلك، ومن منا لايعرف حامد حسن وعطاءه وقس على ذلك.‏‏
    وفي 1999 أثناء حفل تأبيني لأحد الشعراء المحليين في منطقة صافيتا فوجئت بوصوله وكان لحضوره مالايمكن وصفه من التقدير والتكريم ، مدحة عكاش ابن حماة البار- والعربي الأصيل- حافظ شعر من الطراز الفريد قديمه وحديثه- ذاكرة متوقدة- بديهة حاضرة- حافظة ومبهرة يتقن الدعابة والطرفة.‏‏
    ارتبط مع عشرات شعراء العرب المتميزين بصلات وعلاقات رسخت مفاهيم الأمة في وحدة ثقافتها وتاريخها وانفرادها بالضاد المميز لها.‏‏
    عزيمته لاتلين ونظرته ثاقبة رغم سماكة نظاراته يقول في إحدى قصائده »
    ياليل‏‏
    أنا رغم غضبة دهري المجتاج‏‏
    ياليل، ماسمع الزمان نواحي‏‏
    وهزئت بالشكوى، وكيف أعيرها‏‏
    طَرفي؟ ودنيا الحب تملأ ساحي‏‏
    هذا هو أصمعي العصر الذي فقدناه - رغم حياته المضمونة في سفر الخالدين..‏‏
    غانم سلمان‏‏
Working...
X