Announcement

Collapse
No announcement yet.

الدكتورة سامية محرز بكتابها حروب الثقافة في مصر

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الدكتورة سامية محرز بكتابها حروب الثقافة في مصر

    هل يعيد مثقفو اليوم أمجاد الكبار؟



    تحقيق: صلاح صيام
    عن معارك المثقفين المصريين والأزمات الثقافية طوال قرن مضي وبدايات القرن الحالي، ومحطات صدام الثقافة بالسياسة والسلطة الدينية،
    ترصد الدكتورة سامية محرز، أستاذة الأدب العربي بقسم الدراسات العربية والإسلامية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة الظاهرة ، في كتابها «حروب الثقافة في مصر».
    تحلل في البداية العلاقة التي تربط بين الدولة ومجالات الثقافة، وتؤكد أن الثقافة غالبا ما يتم التمسك بها مادامت تحقق واجهة تبدو حداثية ومستنيرة ومنفتحة وعلمانية. لكن الواقع أن هذه العلاقة مع الوقت تتحول إلي سيطرة وهيمنة من قبل مؤسسات الدولة والنخب، ومع ذلك فإن هيمنة الدولة - كما تري محرز - لا تعني بالضرورة قمع الثقافة، ولكن ما حدث أن المثقفين أصبحوا موظفين لدي الدولة في ضوء احتياجها لهم ضد المد الديني. وتنتقل محرز بعد ذلك إلي حركات المثقفين السياسية والاحتجاجية ومن أبرزها «أدباء وفنانون من أجل التغيير»، وتنتقد محرز أشكال احتجاجات المثقفين في مصر بأنها تأخذ طابعا متقطعا وموسميا، فتتساءل: لماذا يبدو في البدء الترابط قويا بين هذه الحركات وبين مطالب التغيير عموما التي تنشدها الحركات العمالية والطلابية وغيرها، وفي لحظة ما لا يستمر هذا الترابط؟ وتجيب بأن ذلك راجع إلي التضارب في مصالح المثقفين داخل الساحة الثقافية، وكذلك تضارب مواقفهم من بعضهم أيضا، ويظل التشكيك قائما في نوايا المدافعين عن الحريات من المثقفين أنفسهم، لأن لكل أغراضه، وهذا هو المعني الخفي للحروب الثقافية الذي تقصده محرز، والذي يؤدي إلي فشل أي جبهات موحدة أو عمل جماعي للتصدي لقضايا المثقفين، ومن هنا تطلق الأستاذة الجامعية دعوتها بضرورة استقلال المجال الثقافي.
    وعن معارك بعض المثقفين السياسية يحدثنا الدكتور عبد المنعم الجميعى فيقول: العقاد مثلا شارك بقوة فى الحياة السياسية, وكان من أشد المحبين لسعد زغلول والمؤيدين له وكتب فيه كتاب (سعد زغلول.. سيرة وتحية) وكان كذلك من عشاق حزب الوفد, ودافع عن الدستور باستماتة لدرجة أنه دخل السجن عندما هاجم الملك فؤاد قائلا: (أى شخص يعتدى على الدستور ولو كان أكبر رأس فى البلد فإنه لن يتركه)وكان عضوا بارزا فى البرلمان وله مواقف رائعة أغضبت منه جمال عبد الناصر فلم يهتم ورفض ذكر اسم عبد الناصر فى خطابه احتفالا بحصوله على جائزة الدولة التى منحها له عبد الناصر.
    ويضيف (الجميعى) طه حسين شارك فى السياسة بحذر , ولكنه كان صديقا للنحاس باشا ورفض طلب اسماعيل صدقى ترك الجامعة والتفرغ لرئاسة تحرير جريدة الحزب الامر الذى كلفه الاقصاء عن الجامعة ولم يعد اليها إلا بعد خروج صدقى من الوزارة.
    اما توفيق الحكيم فبرغم ميوله الليبرالية ووطنيته؛ فقد حرص علي ‬استقلاله الفكري والفني، ‬فلم ‬يرتبط بأي حزب سياسي في حياته قبل الثورة؛ فلما قامت ثورة ‬يوليو 1952، ‬ارتبط بها وأيدها ‬ولكن في الوقت نفسه كان ناقدًا للجانب الديكتاتوري ‬غير الديمقراطي الذي اتسمت به الثورة منذ بدايتها, كما تبنى عددًا من القضايا القومية والاجتماعية وحرص على ‬تأكيدها في كتاباته، ‬فقد عنى ببناء الشخصية القومية، ‬واهتم بتنمية الشعور الوطني،‬ونشر العدل الاجتماعي، ‬وترسيخ الديمقراطية، ‬وتأكيد مبدأ الحرية والمساواة نزّله جمال عبد الناصر منزلة الأب الروحي لثورة يوليو، بسبب عودة الروح التي أصدرها الحكيم عام 1933، ومهّد بها لظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة من رقادها. ومنحه جمال عبد الناصر عام 1958 قلادة الجمهورية، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1960، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى في نفس العام. ولم يذكر أن عبد الناصر منع أي عمل لتوفيق الحكيم، حتى عندما أصدر السلطان الحائر بين السيف والقانون في عام 1959، وبنك القلق عام 1966، حيث انتقد النظام الناصري ودافع عن الديمقراطية. ووصل الأمر الي أن عبد الناصر كان يستقبل الحكيم في أي وقت وبغير تحديد لموعد. وهو ما أكده الحكيم نفسه في جريدة الأهرام في 15 مارس 1965. بعد وفاة عبد الناصر عام 1970 وأثناء تأبين الزعيم سقط توفيق الحكيم مغمى عليه وهو يحاول تأبينه وبعد أن أفاق قال خطبة طويلة من ضمنها:
    اعذرني يا جمال. القلم يرتعش في يدي. ليس من عادتي الكتابة والألم يلجم العقل ويذهل الفكر. لن أستطيع الإطالة، لقد دخل الحزن كل بيت تفجعا عليك. لأن كل بيت فيه قطعة منك. لأن كل فرد قد وضع من قلبه لبنة في صرح بنائك إلا أن الحكيم في عام 1972 أصدر كتاب «عودة الوعي» مهاجما فيه جمال عبد الناصر بعنف.‏ ترتبت على «عودة الوعي» ضجة إعلامية، حيث اختزل الحكيم موقفه من التجربة الناصرية التي بدأت كما ذكر: يوم الأربعاء 23 يوليو 1952 حتى يوم الأحد 23 يوليو 1973، واصفا هذه المرحلة بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصري فاقد الوعي، مرحلة لم تسمح بظهور رأي في العلن مخالف لرأي الزعيم المعبود، وأعلن في كتابه أنه أخطأ بمسيرته خلف الثورة بدون وعي قائلا:
    العجيب أن شخصا مثلي محسوب على البلد هو من أهل الفكر قد أدركته الثورة وهو في كهولته يمكن أن ينساق أيضا خلف الحماس العاطفي، ولا يخطر لي أن أفكر في حقيقة هذه الصورة التي كانت تصنع لنا، كانت الثقة فيما يبدو قد شلت التفكير سحرونا ببريق آمال كنا نتطلع إليها من زمن بعيد، وأسكرونا بخمرة مكاسب وأمجاد، فسكرنا حتى غاب عنا الوعي. أن يري ذلك ويسمعه وألا يتأثر كثيرا بما رأي وسمع ويظل علي شعوره الطيب نحو عبد الناصر. أهو فقدان الوعي. أ‎هي حالة غريبة من التخدير.
    في فبراير 1972 كتب بيده بيان المثقفين المؤيدين لحركة الطلاب، ووقّعه معه وقتذاك نجيب محفوظ. وساءت بعدها علاقة الحكيم مع محمد أنور السادات حيث قال السادات وقتذاك «رجل عجوز استبد به الخرف، يكتب بقلم يقطر بالحقد الأسود، إنها محنة أن رجلا رفعته مصر لمكانته الأدبية إلى مستوى القمة ينحدر إلى الحضيض في أواخر عمره». حاول بعدها محمد حسنين هيكل جمع الحكيم مع السادات ونجح بذلك بعد حريق مبنى الأوبرا.
    وعن مواقف عباس محمود العقاد السياسية يقول الدكتور محمد صابر عرب ان العقاد لم يكن الشاعر الرقيق وإنما كان مشبوب الحماسة، قوي الإرادة، وهو يتصدي للحكومات المصرية بعد ثورة 1919، ويجاهد ضد الإنجليز ويدافع عن الحريات، ويهدد بسحق رأس الملك فؤاد، ويسجن بسبب الدستور، ويحض علي الاستمساك بالديمقراطية الصحيحة، وفي كل هذا كان يقاتل، ويستميت في القتال مثل أبطال الحرب المساعير، وقد تدفق كل هذا في أنحاء كتاب الدكتور صابر الذى خصصه للعقاد.
    ووصف مقالاته السياسية التى تعد بالآلاف دون أية مبالغة، بأنها «نارية» و«منشورات ثورية» لذلك كانت موجهة للساسة، مؤثرة في الشعب، والأستاذ ليس كاتبا سياسيا فحسب، وإنما مفكر سياسي وله عدا المقالات مجموعة غير قليلة من الكتب السياسية نذكر منها: «الحكم المطلق في القرن العشرين، اليد القوية في مصر، هتلر في الميزان، فلاسفة الحكم في العصر الحديث، الديمقراطية في الإسلام، الحرب العالمية الثانية، مواقف وقضايا في الأدب والسياسة» وغيرها وغيرها، وقد عكف في هذه الكتب علي النظم السياسية، ودراسة التاريخ وفلسفة التاريخ وسجل أفكاره في الملكية والقيصرية والحكومات الديمقراطية الدستورية والحكم المطلق والاستعمار والجمهورية والحكومات الإمبراطورية والنازية وأدوار الشعوب في ظل هذه النظم، ومن خلال كل هذا يفسر التاريخ ويستخلص الرؤي التاريخية، أو ما يسمي بفلسفة التاريخ.
    ويتناول د. عرب فى كتابه فكر العقاد السياسى من خلال مقالاته من الثورة العرابية إلي منتصف القرن العشرين، ويقف في الميادين الرئيسية ويحدد معالمها، ويعرض لموقفه العاطف علي ثورة عرابي، وما سطره عن مصطفي كامل مدحا وقدحا، ودفاع المؤلف عن الحزب الوطني، ثم يحدثنا باستفاضة عن اتجاهات العقاد السياسية قبل سنة 1919 ثم انخراطه في ثورة 1919، ورسوخ قدمه في حزب الوفد وبخاصة عندما ترجمت الصحف تصريح ملنر بأن مصر ستكون «تحت أنظمة دستورية» فصحح العقاد الترجمة بأنها «تحت أنظمة حكم ذاتي» ويظهر مدي ضراوة مقالات العقاد ضد وزارات عبدالخالق ثروت، ومحمد محمود، وإسماعيل صدقي، وتوفيق نسيم، وكانت حملات العقاد الهجومية تستهدف زحزحة هذه الوزارات عن الحكم لإذعانها للإنجليزية والقصر، وانصرافها عن قضية مصر. ولم يفشل العقاد في عراكه العنيف ضد هذه الوزارات، فعلي الأقل شارك في إقصائها عن الحكم، وفي هذا يقول د. عرب: «أخذ العقاد يمارس ضغطا هائلا علي وزارة ثروت في محاولة لإسقاطها» ويقول أيضا: نجح العقاد بشكل لافت في إثارة الرأي العام علي حكومة نسيم.. مما عجل بنهايتها، وهي أقوال دقيقة سديدة.
    فقد كانت مقالاته ضد حكومة نسيم باشا ضافية زاخرة بالحجج القوية، هادرة متتابعة تنطلق منها الكلمات الكاشفة، والعبارات الخارقة التي لا عاصم منها.
    ثم يعرض المؤلف لخلاف العقاد مع الوفد حول وزارة نسيم التي كان الوفد يهادنها، والعقاد يهاجمها، وأنصف العقاد في هذا الخلاف بقوله: أثبتت التجربة أن العقاد كان أكثر رجالات الوفد حصافة، حيث أدرك منذ الوهلة الأولي نوايا نسيم باشا تجاه دستور23، وأخذ يحذر رجالات الوفد من مناوراته وأن ارتباطه بالقصر والإنجليز كان دليلا واضحا علي عدم صدق وعوده، بإعادة دستور 23.



Working...
X