Announcement

Collapse
No announcement yet.

عاشق الطبيعة والجمال والبساطة والعفوية - حسن كمال

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • عاشق الطبيعة والجمال والبساطة والعفوية - حسن كمال

    حسن كمال: أعشق الطبيعة والجمال والبساطة والعفوية التي نشأت متأثراً بها.. وما زلت

    يكتبها هذا الأسبوع حسن كمال:
    ''عند حسن كمال سوف تصادف الكائن الإنساني متمثلا في سلوكه الشفيف وهو يتقدم إليك متعثرا بتلعثم الطفل وهو يقول لك كلمة المحبة، كمن يعتذر عن قصوره في التعبير عن الحب'' يقول قاسم حداد. سوف يهش إليك هذا الكائن الشفيف، كلما التقيته في فعالية ثقافية يحرص على أن لا يفوته منها شيء، سيقبل عليك في كل مرة بعفوية وأريحية مميزتين، ستجده هاشاً إليك روحاً وقلباً، سترى منه ولعاً صادقاً بالفن والثقافة والأدب، كما سترى شغفاً بالطبيعة والجمال والحياة. أحبه الناس صوتاً إذاعياً دافئاً في وقت كان المذياع أقرب إلى الناس من الناس. في جنته يروي لنا حسن كمال شيئاً من ملامح نشأته في فريق الفاضل، وشيئاً من ملامح زمن ومكان قد مضى..

    * باسمة القصاب
    --------------



    - جنتي الأولى..
    بيتنا القديم بفريق الفاضل في المنامة، يفصله عن المسجد طريق تتفرّع منه طرق تؤدي لطرقات تقود إلى البيوت المجاورة والسوّق والمدارس والمستشفيات والحدائق وبقيّة الأماكن التي نشاهدها في طفولتنا في الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين. البيت كبير قديم من طابقين ويطلّ على شارعين، يقابله بيت عبدالعزيز القصيبي والد محمد وسعود، أول صديقين من أبناء الحي في سني، لهما التحية أينما كانا.
    سكن البيت بعدهم الطبيبة فاطمة الزياني، ثم سكنه الوطنّي المعروف عبدالرحمن الباكر، والد المرحوم الدكتور عبدالله الباكر، والصديق إبراهيم الباكر، ثاني أصدقاء الحيّ.
    في الجهة الأخرى، يقابل بيتنا مسجد مِجْبِلْ أو مسجد (بن غريب) كما أخبرني المرحوم خميس بن صالح قبل سنوات. بوابة ودهليز. نُسميه (الدهريز) تُطلّ منه بوابة صغيرة تفضي إلى بيتنا المجاور من الشمال، وتطل فيه بوابة دار المجلس.
    بعد الدهليز هناك حوش كبير، به ثلاث نخلات (خصايب عصفور)، وبئران، وحوطه صغيرة لثلاث بقرات (بدروه) و(سمحوه) ولا أذكر اسم الثالثة، لأن لونها لم يكن يعجبني.
    في الجهة الأخرى عدد من حجرات متلاصقة يتوزع فيها أفراد العائلة، وفي المقابل ليوان وغرفة جدّي، ثم غرفة الوالد والوالدة. كانت جدتي تنام معنا نحن الصغار، وتروي لنا الكثير المتنوّع عن حرب الزبارة. كانت تعيد روايتها المرة بعد المرة، تمعن في التفاصيل التي لا أتذكرها الآن، كأنها تسرد الأحداث لنفسها، كي لا تنسى.
    في الطابق الثاني غرفتان وسطوح. لن أنسى صناديق الحمام المعلقة بين الطابقين وفي بعضها الأفراخ، ومناظر الحمام وألوانها وسلوكها وحركاتها، أنا أحب هذا الطائر. في ركن آخر حجرة مظلمة تحوي جراراً كبيرة، لا أزال احتفظ بواحدة منها - يخزّن فيها الرز والقمح والدقيق، ثم حجرة مماثلة للماء ثم بقيّة المرافق. والمطبخ الأسود الواسع. أشياء كثيرة حولي، الحمام، النخلات، بئر الماء، البقر، الحوش. كلها أشياء دخلت من عيني إلى قلبي، وإلى الأبد. كل شيء بدا حولي طبيعيا وبسيطا وتلقائيا وعفويا، وربما هذا ما جعلني أعشق الطبيعة والبساطة والتلقائية، وتتشربها روحي وقلبي وحياتي.
    - جنة البساتين والعيون
    لعيون البحرين مذاقات مختلفة، ولكل عين حال، وأنا أكاد لم أترك عيناً من عيون البحرين إلا وذهبت للسباحة فيها. كانت جنات البحرين تقتطف السعادة إلى داخل قلبي الصغير، والبحرين كلها كانت جنة بالنسبة لي. لا أستطيع عدّ البساتين التي كنا نذهب لها في طفولتنا. كنا نذهب إلى بستاننا المسمى (صنيديق). سمي كذلك نسبة إلى وجود قطع صخرية كبيرة في الجدول الذي يمر أمام البستان، كانت على شكل صناديق. بعد أن بيع هذا البستان كنا نذهب في رحلات عائلية إلى البساتين الكثيرة المنتشرة في كل مناطق وقرى البحرين. نذهب أطفالاً مع نسوة الحي. نستمتع كثيراً ببرك هذه البساتين التي كان معظمها طبيعياً، وبرك الآبار الارتوازية فيما بعد. كنا نستمتع بالسباحة في مائها العذب البارد، وكنا نقطف من أشجار اللوز والتين والكنار وكل فواكه البحرين آنذاك. أما الرطب فكان ينهمر علينا من فلاحي النخل الذين كانوا يعبرون لنا بذلك عن احتفائهم بقدومنا. آه.. ما أجمل هذه الذكريات. لا أنسى متعتي عندما أتمدد على الجداول المعشبة في ظلال الأشجار الوارفة والنخيل.
    أما البحر، فقد كان الجنة التي نصلها من أي مكان في البحرين. أول مرة دخلت فيها البحر كان بعد أن ذهبت لزيارة جدتي في فريق الذواودة الواقع جنوب رأس رمان، دخلت البحر لأول مرة من هناك مع الصبية. ولأنني كنت غريباً عنهم (عمري 10 سنوات)، فقد كانوا يتركون لي المجال للصيد ويعلموني. من هناك تعلمت الدخول للبحر والصيد. في المرة الأولى اصطدت عشر سمكات صغيرة، وسمكة واحدة كبيرة (بياح). أتى أحد الصبية المستقوين (فتوة) وطلب منى نسبة مما اصطدته. عرفت من الصبية الآخرين أن هذا دأبه مع الهواة والصغار. أذكر أني أعطيته السمكة الكبيرة كي احتفظ بالسمكات العشر الصغيرة. اضحك على نفسي الآن حين أتذكر ذلك. تعلمت بعدها طرق الصيد البحرينية جميعها. كنا نتفنن ونحتال حسب الماء والمنطقة وأنواع الأسماك. بقيت أمارس هذه الهواية بمتعة شديدة فيما بعد. أوزع السمك على الأهل والأصدقاء. أدون رحلاتي البحرية ومع من ذهبت وكم يوم قعدنا وماذا صدنا. صار لدي سجل مكتوب حافل بالرحلات.
    - جنة الحيّ

    تحملني أمي معها في زياراتها للأهل والجيران، فأتعرف على طرقات الحي ووجوه أهاليه. كبرت ولعبت مع أبناء الحيّ كلّ الألعاب في طرقاته. كبرت ومارست معهم كلّ الهوايات. لم نكن نعرف من هوياتنا غير أننا أطفال نلعب معاً، لم نكن نعرف السني والشيعي والمسيحي واليهودي. كلنا أطفال في براءة الحب واللعب والمرح. كذلك نسوة الحي والبيوتات. كانت البيوت مفتوحة ومجالس النساء معقودة تدخلها نسوة الحي يأتين بعضهن من كل لون ومن كل جنس ومن كل مذهب.
    بدأت أخرج عن نطاق الحيّ إلى الأحياء الأخرى، والأسواق، والسينما، والمطاعم، والحدائق. يأخذك شارع الشيخ عبدالله إلى آخر جانبيّ، يقود لبوّابة عملاقة لحديقة الحيوان (الباغشة). نعم كانت لدينا حديقة حيوان. هل تصدقون؟ كانت تمتدّ من موقع مدرسة الزهراء، إلى الشارع الشرقي، وفي زاوية منها مركز الإطفاء. الحديقة كبيرة وجميلة بها نخيل وارفة وأشجار النارجيل وكانت تتلون بالأزهار الجميلة. وكان بها بركة كبيرة تربّى فيها الحراسين والعفاطي. يأخذونها في طشوت كبيرة يحملها اثنان يدورون بها في الحي، يوزعونها منها على الآبار، يضعون في كل بئر كمية من هذه الأسماك الصغيرة لتنظيفه من الشوائب. قبل الوصول إلى حديقة الحيوان، سترى مبنى وزارة المعارف. هي المبنى الوحيد المكتوب عليه وزارة حينها. والقسم الداخلي تقابله المدرسة الشرقيّة الابتدائية التي دخلتها بقبول مديرها المرحوم حسن الجشّي. تعرّفت في المدرسة على قصص وأناشيد ودروس وحديقة وحظيرة دواجن، وعريش الأشغال وملاعب، وأصدقاء جدد كثيرين، بقي ملازما لي منهم إلى الآن الصديق العزيز عبدالحميد كاظم زمان (أبوقتادة).
    تسألون عن الحيوانات في حديقة الحيوانات؟ كانت هناك أقفاص كثيرة، وكثير منها كانت خالية حين صرت أذهب لها. لا أعرف ماذا كان يوجد فيها قبل ذلك، لكني أذكر أني كنت أشاهد الثعلب والذئب. كنا نسميه العوّة. نقول سنذهب لنرى العوّة. كنت أذهب مع والدي. نجلس أحياناً مع الفلاح هناك. يأتي لنا بالرطب ''يخرفه'' من إحدى النخيل. أذكر أنه أتى لنا مرة برطب كان غريباً جداً ولذيذاً، لم أره من قبلها ولم أره بعدها أبداً. لن أنسى أن أخبركم عن الفرقة الموسيقية التابعة للشرطة. كانت تصدح بأنغامها في الشارع كل يومين تقريباً. كانت تتدرب على العزف وتمتعنا به في الوقت نفسه. كان ذلك في أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات. نقف على جانب الشارع متعجبين من الآلات اللامعة. لا أزال أذكر قائد الفرقة الذي كان سيخياً بلحيته البيضاء المشبوكة بشواربه الطويلة.
    وفي حيّنا لن أنسى أيضاً صورة سيارة البلدية وهي تمر على بعض الشوارع والأسواق بشكل شبه يومي، ترش الماء على الشوارع لتمنع الغبار ولتلطف الجو.
    - جنــة المدرســة
    هي جنّة المرح وبداية الاكتشافات، أصدقاء لا يشبهونني لكن أرواحنا متشابهة. كلنا في المدرسة نبت جيل واحد. أذكر زملائي كلهم، محمد الخزاعي، حميد زمان، خالد كانو، فؤاد كانو، يوسف كانو، سدني خضوري، عبدالرسول الحدّاد، حميد مزعل، علي الصالح، محمد حسن نصرالله، أحمد كمال، عبدالرحيم الكشاف، فيصل القصيبي، حمد الزامل، وآخرون في الصف التحضيري. أتذكّر كلّ الأساتذة آنذاك، علي تقي، خليل زباري، خليفه غانم الرميحي، أحمد يتيم، أحمد السنّي، مصطفى جعفر، عدنان شيخو، خير الدين الأتاسي، أحمد عمر صالح، خليل الكوش، خير الدين الخطيب، أحمد سالم من عُمان، وعبدالمنعم من العراق. أتذكر أيام العطل والرحلات التي هي أجمل الأيام.
    رسبت في الصف في الثالث الابتدائي، وأعرف لماذا رسبت. كنت وبعض الصبية نقوم بتغيير ديكور الفصل بين حين وحين فنتعرّض لعقاب مدير المدرسة خير الدين الأتاسي (أبوجهاد) الذي يقوم بطردنا من المدرسة يوماً أو يومين نقضيهما خلف فصلنا المطل على البحر مباشرة بمدرسة رأس الرمان بعد انتقال المدرسة الشرقيّة إلى هناك.
    أجدها متعة عظيمة مراقبة النوارس في (البطح) خلف المدرسة، الجنّ، الحريش، الصلال، وفي المواسم يأتي العوّيفي، الكرّيويّه، النقّد، واللوه.. وأشعر أنني أحد تلك الطيور. في الفصل أصدقاء وزملاء آخرون، صالح بوصيبع، حسن محمود، عبدالله يوسف محمود، سلمان تقي، صالح فرج، إبراهيم الكويتي، أحمد خميس، سعيد العريّض، علي إبراهيم العريّض، عبدالرؤوف الجشي، يوسف البسّام، غلوم حسين وآخرون. شكيت قاسم الماضي لأنه يمسكني من شعري ليجبرني على تمثيل دور الوزير في مسرحية (غروب الأندلس) وكان الملك عبدالرحمن الناصر، عبدالعزيز الخاجة، وكان فيصل فالح العبدالله يمثل دور الملكة، فكنت الوزير المخلوع. أذكر الحوار المسرحيّ الذي حفظته لدوري، وكلّ أدوار الزملاء.
    _ أفهَازلٌ أم ذاهلُ؟
    _ بل صادعٌ لجليل أمرك
    _ لا أكاد أصدّقُ، هل قد أمرتُك؟
    _ إنّ أمركَ ساقهُ مولايَ يحيى
    _ كاذبٌ ومُلفّق، مولاك يحيى؟ ابني؟ أَتهذي؟
    _ إنها لحقيقةٌ، فابعث بمن يتحققُ
    _ أمكابرٌ بالإثم ؟
    _ إني ظننتُ ولّى عهدكَ صادقاً
    وابنُ الملوكِ إذا يقُولُ مصدَّقُ
    _ لا تخلُقِ الأعذار، قتلُكَ قربةٌ لله..

    يُسدل الستار. أعجبني الموقف، وقصّرت شعري لئلا يجرّني قاسم الماضي منه مرة أخرى، واعتمدت على نفسي فيما أقرره عن اقتناع بلا إجبار، فمثلت (سيرانو دي برجراك) (أذفونش)، (المعتمد بن عبّاد)، (وقاضي أشبيلية). في البرّ كانت المدرسة الثانوية. مبنى كبير وساحة واسعة، وزملاء وأصدقاء آخرون، من كل مدن البحرين وقراها. أعود ماشيا من القضيبية إلى البيت بفريق الفاضل لأستمتع بملاحقة الجنادب والجراد في الطريق. بعد المدرسة، أمرُّ بنفس الشارع وتفرّعاته مع عوض اليماني، محمد غانم الرميحي، حميد زمان، نتوقف عند سينما الزياني لمشاهدة دعايات الأفلام، ومداعبة الحصان المربوط بقربها دعاية لفلم عنتر وعبلة، نتسكع حتى المساء.
    رجلٌ أنا، لما لا أدخن. واشتريت العلبة الأولى. وأغريتُ الصّحاب.
    - جنة الأصدقاء

    ليلة الجمعة ندخل السينما، سينما البحرين، الحمراء، الأهلي، اللؤلؤ، وسينما المحرّق أو سينما العوالي وبوابة سترة أحياناً. لا زلت أحتفظ بورقة وعد لقاء مشاهدة فلم (شارع الحب) لعبدالحليم حافظ بسينما البحرين.. ذلك في الخمسينات.. وكنت أذهب إلى مكتب الاستعلامات البريطاني للاطلاع على ما تحوي المكتبة وما يستجد فيها من كتب ونشرات، وما تحوي المكتبة العامّة (مكتبة المعارف) وإلى مكتبة المؤيد، المكتبة الكمالية، مكتبة إبراهيم محمد عبيد، مكتبة المهزع بالمنامة، مكتبة القلب المقدّس لصاحبها (دانيال)، المكتبة الإسلامية، المكتبة العصريّة. وفي المحرّق مكتبة الجودر.
    كنت أقرأ وأطالع: الهلال، المختار، الأديب، سلسلة أرسين لوبين، السندباد، المصوّر، آخر ساعة، صباح الخير، روزا اليوسف، الاثنين، كتاب الجيب، وبعض دواوين الشعر القديمة، والحداثية.
    في تلك الفترة الجميلة، كنّا نطوف (بشانزلزيه البحرين) شارع باب البحرين، لحقت على بناء بوابة باب البحرين والحديقة المستديرة التي أمامه. من باب البحرين إلى مكتبة الماحوزي إلى سوق العجم، كانت أكبر متاجر البحرين وأرقاها. وفي الصيف، كنا ندخل المتاجر الكبيرة في هذا الشارع الحيوي، نلاحق الفتيات وهن يدخلن متجر أشرف. وكانت استراحتنا في برادات جواد القريبة من السوق. نجلس في المقهى الصغير الموجود في الأعلى. هناك يأتي الطلبة الذين يدرسون في الخارج ويخبروننا عن البلدان التي يدرسون فيها، وكنا نكتشف نحن ونتعلم ونسأل بشغف. منهم عرفنا عن البلدان الأخرى الكثير وتمنينا أن نتخرج ونسافر وندرس في الخارج مثلهم. كنت في الثانوية حينها. كان محل المرطبات بدكان (حاجّي) مكاناً آخر نستريح فيه ونجتمع ونقضي أوقاتنا. أصدقاء آخرون من كلّ مدينة وقرية. تخرّجت من (المعلمين) والتحقت بإذاعة البحرين اللاسلكية. أصدقاء وزملاء آخرون. إبراهيم كانو، علي تقي، علي الشاعر، عبدالرحمن عبدالله، أحمد كمال، يوسف مطر، سعيد الهندي، المهندس انطون، شاهد نجيب أبادي، محمد إبراهيم خالد، مبارك عيسى، سلطان عيسى، نهى بطشون، ألس سمعان. يس الشريف، وعبدالرحمن الصوير، المدرّسون من البعثة المصرية، ومن فلسطين، لبنان، سوريا، والعراق، مثقفون من البحرين وفنّانون: علي الناصر، عيسى عاشير، عيسى ومحمد صالح عبدالرزاق، مصطفى جعفر، حسين منديل، محمود بهلول، د.جليل العريّض، محمد حسن بوهاني، يعقوب المعتز، وداود سلمان. والمطربون الشعبيّون، ومطرب شاب حديث هو حمد الدوخي. الإذاعة تتطور، ويزداد الأصدقاء. شخصيّات من الوطن العربي على امتداده تزور الإذاعة وتسجّل برامج ونجري لها مقابلات، فكري أباظة، النّاحل، إبراهيم الهطيل، الأخضر السائحي، وغيرهم كثيرون من الشخصيات المشهورة.
    وفنانون ومطربون: عفيفة اسكندر، انطوانيت اسكندر، حضيري بو عزيز، محرّم فؤاد، موفق بهجت، سعد عبدالوهاب، هيام يونس، نزهة يونس، سميرة توفيق، وآخرون وأخريات. وازداد الزملاء والأصدقاء من الإذاعة، أحمد يتيم، عتيق سعيد، سعيد الحمد، أحمد سليمان، نزيهة رضوي، ثريا رضوي، د.رمزي فايز، د. جنيد، د. محمد الخطيب، وآخرون. وأصدقاء كثيرون من مستمعي الإذاعة ومتابعيها من كل المستويات، ومن بلدان الخليج، من البصرة حتى عمان. كانت إذاعة البحرين قبساً نأخذ منه لإنارة عالمنا حينذاك.
    - جنة الثقافة

    لا أزال احتفظ بالكتب التي اشتريتها منذ الخمسينات. لا يمر يوم لا أدخل كتابا أو أكثر في البيت. لدي ما يربو على أكثر من 3000 كتاب من مختلف المواضيع لكن أكثرها أدبية وشعرية. منذ بداية ظهور الحداثة الأدبية، بداية من نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، كانت أول قراءات لنا في الشعر العربي الحديث.
    عملي مديراً بإدارة الثقافة جعلني قريبا جداً من أجيال ثقافية وفنية مختلفة، وجعلني متواصلا مع مستجدات الساحة الثقافية بشكل كبير. حتى الآن أجد نفسي على تواصل مع النشاط الثقافي والفعاليات التي تقيمها المراكز الثقافية المحلية.
    سفرات عملٍ كثيرة، وسفر الإجازات السنويّة، زرت فيها كثيراً من البلدان، عشت أيامها ومواسمها، واطّلعت على مباهجها ومدنها وقراها وعجائبها ومعالمها، واكتسبت فيها صداقات وعلاقات.
    أعود منها لمزاولة عملي، وممارسة هواياتي، وكان منها رفاق البحر. واكتشفت أنني أقضي عامين من كل عشرة أعوام وأنا في البحر، فوق الماء أو فيه، أستمتع بالصيد وبكلّ أجواء الطبيعة المحيطة بي، وبالمفاجآت الجميلة الغريبة التي تتخلل تلك الرحلات.
    النوخذة (حسين بن علي)، هو أكثر من دخلت معه البحر من النواخذة. والأصدقاء راشد سوار، ماجد الشتي، أحمد تقي، بهروز التوراني، وعدنان أيوب هم رفاق البحر.
    ثم دخلت البحر مع أصدقاء جدد كثيرين، سُعدتُ بصحبتهم، وتعلمت منهم.
    أعود من رحلات البحر وجنّاته لأدخل جنّتي، بيتي.
    هنا كل شيء يزيد الحياة.
    أحتضن المنزل بمن فيه وما فيه.
    أطالع أشيائي البسيطة والمتواضعة كمن يطالع كنوز الكون.
    وأدلل نفسي بالغناء، والرسم، والقراءة، وأعيش حياتي كما أريد، وأحمد الله وأشكره.

    عدسة الوقت
Working...
X