Announcement

Collapse
No announcement yet.

كيف نعبر عن هشاشة عواطفنا ؟ - إعداد المحامي : بسام المعراوي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • كيف نعبر عن هشاشة عواطفنا ؟ - إعداد المحامي : بسام المعراوي

    كيف نعبر عن هشاشة عواطفنا ؟
    إعداد المحامي : بسام المعراوي

    هناك تعابير عديدة عن اللانضوج أو ضعف النضوج العاطفي لدى الإنسان العربي أو المسلم عامة ، أبرزها الاندفاع الشديد في القول أو الفعل وبشكل غير منضبط ، سواء نحو ما يحب أو ما يكره .
    فتاة ما تحب رجلا ما لدرجة أنها مستعدة لمنحه إحدى عينيه لو أنه أحتاجها ، كعربون لهذا الحب ...!
    لا أشك في أنها صادقة لكن ...لماذا ؟
    لماذا هذه الاستهانة المرعبة بذواتنا لدرجة أن نكون مستعدين لتوزيع أعضائنا على أحبتنا ؟
    ثم من هذا الذي يستحق أن أمنحه عيني أو أذني ، وماذا سأنال منه ؟
    ما هو الثمن ؟
    وإلى أي مدى يمكن أن أستمر بتجرع مرارة العمى أو الصمم من أجل آخر ...؟
    لو أنني قلت لواحدة أنني مستعدٌ أن اموت من أجلها ، فأنا هنا أما كاذب ، أو مجامل مستهين بما يقول ومنفصلٌ قوله بالكامل عن فعله أو إن نفسي رخيصة للغاية لدرجة أني مستعد لتوزيعها على الآخرين ، ربما من أجل مكاسب أرخص تدخل ضمن إضفاء الأمان أو الحماية أو الرغيف الرخيص .
    كراهية النفس انعكاس لما قاله لنا الآخرون منذ الصغر من أننا فاشلون لا نستحق الحياة ، أو من خلال إيحائهم المستمر لنا بأننا لولاهم ما وُجدنا وما عشنا وبالتالي أما ، يكون كل ولائنا لهم أو أن نموت ليتخلصوا منا ...!
    التربية الشرقية تدجن الإنسان منذ الصغر لكي يكون جارية أو عبدا للأب والأم والأخ الأكبر والعم وشيخ القبيلة والواعظ ورجل الدولة .
    منطق الفئران الذي يحكمنا نحن المسلمون ، منطق العدوانية الجبانة اللاإنسانية ، منطق الفسطاطين ، ( وليت الفسطاط المؤمن يملك حلا للحياة غير الموت ) هو الذي قتل في الإنسان العربي والمسلم حبه لذاته بذلك الشكل الراقي والمرهف الذي يجعله يتحمل مسؤولياته عن نفسه وعن بيئته وعن محيطة وعن الإنسانية جمعاء ببطولة .
    يحضرني في هذا المقام نادرة من نوادر حكيم العرب أو الفرس ، جحا .
    يقال أنه جاءه يوما من قال له أن الفساد حل ببلدتكم يا جحا ، فأجابه بزهو ، الحمد لله فأنه لم يبلغ بيتي بعد ، بعد أيام جاءه ذات الرجل وقال له ، ولكنه بلغ بيتك يا جحا ، فهتف بذات الزهو ، الحمد لله فأنه لم يبلغني ذاتي بعد .
    كائنا ما كان هذا الفساد الذي جعل جحا يتلمس ثيابه برعب ثم يهتف وقد تنفس الصعداء " الحمد لله...الفساد لم يبلغني بعد " ، فإنه بالنتيجة الفساد القيمي الذي ينشأ ويتعزز في ظل جهل المرء بجوهره وتماهيه مع وعي الفئران الذي ينتجه عقل مشغول بالكسب وإشباع الغرائز ولا شيء آخر .
    إذا كانت عيوننا غير قادرة على رؤية ما في داخلنا بنقاء ، فإن من المستبعد أن تكون رؤيتنا لهذا العالم ولمفاهيم الحياة والموت والحب والتطور وغيرها ، رؤية نقية صافية صادقة .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
Working...
X