Announcement

Collapse
No announcement yet.

د. جميل حمداوي ( آليــــة التأجــيل ) - روائية ألواح خنساسا - لــ بنسامح درويش

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • د. جميل حمداوي ( آليــــة التأجــيل ) - روائية ألواح خنساسا - لــ بنسامح درويش

    د. جميل حمداوي ( آليــــة التأجــيل )
    - روائية ألواح خنساسا - لــ بنسامح درويش

     آليــــة التأجــيل:
    تتميز رواية:" ألواح خنساسا" لبنسامح درويش بخاصية التأجيل الدلالي بمفهوم جاك ديريدا، فهي لاتقدم لنا نفسها بنفسها مع بداية الرواية، ولا تبين لنا وقائعها وأحداثها في مرحلة الوسط، ويعني هذا أن الكاتب قد أرجأ ذلك إلى نهاية الرواية، حيث يتلاشى الغموض الشذري شيئا فشيئا. و فهمنا في الأخير بأن سارد الرواية هو خنساسا الشرير، وقد آن الأوان للكاتب أن يتخلص منه، بعد أن تملك زمام السرد والحكي. والآتي، أنه دبر مكيدة نكراء لسارده " خنساسا" المخادع المزيف، بتعاون مع السكري وابنه خمبي، رغبة في الحد من خيلاء خنساسا، وتألهه المتنامي، وفساده المتعاظم، والتخلص من جبروته المرعب، وسلطته الدموية. وفي هذا النطاق، يقول السارد الحقيقي:" ها أنذا أتولى بنفسي مقاليد الحكي، وأستأنف ما غاص من تفاصيله في حمإ المقلب الرهيب الذي دبره لي من غير سابق إشعار ذلك النذل المستهتر الذي فتقته في لحظة عنف جبارة من فضاء مرحاضي مشبوب بشرر الملاحم، وسميته الاسم الذي يرضى، وهيأت له آلهة تامة وأنصاف آلهة تدين له بالطاعة والولاء، وتواطأت معه تحت أجنحة الخفاء الدامس ضد غرمانه العتاة، ورففت له الأرض من دون الآلهة قاطبة، وصقلته لحظة لحظة.. بحنكة الأدباء الكبار، واستأمنته على سردي. استأمنته على سردي-ابن الكلب- فخانني!
    فها أنذا أمسك بتلابيب الوقائع على عواهنها بتقنية ربورتاجية ساذجة وتكنيك اعتباطي يعكس بشفافية ذلك الغمر من الارتباك الذي اكتسح أخاديد نفسي جراء ذلك الانفلات الغادر، والانقطاع المفاجىء لتيار الحكي، وتوقف ورشة الرواية على حين غرة؛ وإن كنت الآن أحاول بتبصر وحكمة عاليين، وخبرة متواضعة، أن أمهد مجرى للأحداث برفش التحليل والتأويل، وأسوسها إلى نقطة ما، فإنني في الآن نفسه أجهر بلعنتي على خنساسا، وإنني لن أقبل منه توبة- إن تاب- ولا اعتذارا، ولن يعود ثانية إلى رحاب ثقتي..إنني قد أهدرت لغته!!"# وهكذا، يكون الموت المحتوم هو نهاية خنساسا المتجبر، بعد أن "تسلطن" وتعجرف وتكبر في الأرض والسماء، وتمادى في تمرده وخيانته وفساده، ورفض الانصياع لأوامر السارد الرئيس:"خنساسا: (ترنح بقوة، ثم انهار في مركز القوس الإلهي).
    انطفأت الآلهة في رحاب الباحة؛ تاركة أطيافها في عيني برهة من الوقت، ولم يعد هناك سوى خمبى ؛ الواقف مشدوها بباب المرحاض، والسكري الذي كان يتقدم محاذرا نحو الجسد المنهار فوق أرضية الباحة الندية المشبعة برائحة البول والنفايات وزرزا التي كانت تهرول كالشبح الهلوع صوب البوابة الحديدية العتيقة.
    ركنت إلى المصطبة وكأن تلك الجثة الملقاة في باب المرحاض لاتعنيني."# وهكذا، لايمكن للقارىء أن يستجمع دلالات النص ومقصدياته المباشرة وغير المباشرة بشكل جلي وواضح إلا في الصفحات الأخيرة من الرواية، بعد أن يستدرجه الكاتب خطوة خطوة، عبر آليات التحفيز والتشويق والإمتاع والتطويع.
Working...
X