![](http://www.diwanalarab.com/local/cache-vignettes/L100xH100/auton2233-f94bd.png)
بقلم أم البنين مرزي
![](http://www.diwanalarab.com/local/cache-vignettes/L113xH150/arton31192-e9347.jpg)
محمود حسن إسماعیل
حیاته وأدبه
أم البنين مرزي
ناقدة أدبية إيرانية
بحث مستخرج من رسالة الماجستیر بإشراف الأستاذ الدکتور یوسف هادی پور
وهكذا يقول الشاعر عن بزوغ ميزته الشعریة:
« و لم تترك طفولتي في الصعيد بصمات علی حياتي كشاعر فحسب بل كانت هي السر الذي اندلعت منه حياتي الشعرية . فهي لم تكن طفولة فقط بل كانت امتداداً منذ مولدي بالقرية إلی أن نزلت المدينة و قهرني فن الشعر علی التفجر قبل انتهاء مدة الدراسة العلیا بصدور ديواني الأول ( أغاني الكوخ ). ذلك أني عشت القرية بروحي و جسدي متوغلاً في دخانها و ترابها و في جميع أجزائها و رأيت الإنسان فيها أذل من سائمته كما يقودها يقاد و كما يطعمها يطعم و رأيت المجتمع كله يتعاور علی أعتاب حفنة من السادة و لا أستطيع تفسير شحنة العذاب و القلق و الرفض التي كنت أحملها كما فسرتها (أنغام الكوخ)، و (هكذا أغني)، و( أين المفر) و سائر الدواوين والأشعار التي نشرت بعد ذلك. و كان ديواني الأول ( أغاني الكوخ ) يمثل إحساسي بالرفض لعالم القرية الذي يخيم علیه الرق و المسكنة و التجبر و المغايرة الشنيعة بين إنسان و آخر في كل شيء و التناقض بين طرفي الإنسان: إنسان في الهلاك من الذل و الحرمان والآخر يكاد يهلك من البطنة و الترف و الاستعلاء الجائر،و من خلال هذا المناخ تولدت أحاسيسي الأولی نحو فلسفة الوجود و موقفي الملتزم بالطبيعة بفلسفتي الخاصة ، ترفض هذه الفلسفة أول ما ترفض رق الوجود و المسافات المضروبة بين الناس بدون عدل و تقدس الحرية التي لاتشكل قيداً علی نفسها .» [4].
إن شاعرنا محمود حسن إسماعيل يصف الشاعر بأسلوب رائع و يعد له عدداً من الميزات الشاعرية حیث يقول:
« الشاعر هو الذي يحمل البعد السابع من النفس بمعنی أن هناك بعداً أبعد من الحواس الخمس التي تتعامل مع الوجود تعاملاً مباشراً ، و أيضاً أبعد من الحاسة السادسة التي أضافها علم النفس الحديث في تفسيره للنفس البشرية أمام معطيات الكون. و هذا البعد هو الذي تترسب فيه آثار المعارك و الصراعات بين الحواس الخمس و الحاسة السادسة التي قال بها علماء النفس، لأن البعد السابع يتلقی آثار هذا الصراع فقط دون أن يحرص علی الإفضاء بها أو التعبير عنها و إنما تأتي فجاة كلما امتلا و ضاق كيانه عن حمل مذخوراته من كافة ألوان التجارب أو العواطف التي شكلتها الحواس الخمس أو تصورتها الحاسة السادسة، و في البعد السابع تخترق التجارب الزائده في وجود الإنسان و تختلط و تتصارع و تتعانق و تذوب و تأخذ شكلا جديداً ، يختلف كل الاختلاف عن أصولها الأولی و حين تمتلئ تفور كما يفور البركان الذي ضاق بمحتواه.. هناك ضراوة من العداء بيني و بين النفس، بيني كإنسان و بيني كشاعر. لأن الشاعر فيما أتصور هو الأصل و الإنسان هو المضاف إلیه بشرياً. و قد أوقعني هذا المضاف في كل ما من شأنه أن يشكل عقبة أمام تيار الشعر و تدفقه الذي كنت أتمنی أن لايرتفع أي سد أو أي حاجز أمام انهماره من نفسي في أية لحظة ،و هذا يشكل جمهرة القلق الدائمة في نفسي و التي تطرح و هجها علی وجودي كله سواء كان وجود شاعر أو وجود إنسان و بالرغم من إحساسي الواضح بهذا الصراع فإني لم أضق به ذرعاً، بل احتملته بشعور خفي أتمنی فيه أن ينتصر الشاعر علی الإنسان كجسد و وجود متحرك .»
[5]