Announcement

Collapse
No announcement yet.

بزوغ شاعرية ( محمود حسن إسماعیل ) - أم البنين مرزي

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • بزوغ شاعرية ( محمود حسن إسماعیل ) - أم البنين مرزي





    بقلم أم البنين مرزي



    محمود حسن إسماعیل

    حیاته وأدبه

    أم البنين مرزي
    ناقدة أدبية إيرانية

    بحث مستخرج من رسالة الماجستیر بإشراف الأستاذ الدکتور یوسف هادی پور


    وهكذا يقول الشاعر عن بزوغ ميزته الشعریة:

    « و لم تترك طفولتي في الصعيد بصمات علی حياتي كشاعر فحسب بل كانت هي السر الذي اندلعت منه حياتي الشعرية . فهي لم تكن طفولة فقط بل كانت امتداداً منذ مولدي بالقرية إلی أن نزلت المدينة و قهرني فن الشعر علی التفجر قبل انتهاء مدة الدراسة العلیا بصدور ديواني الأول ( أغاني الكوخ ). ذلك أني عشت القرية بروحي و جسدي متوغلاً في دخانها و ترابها و في جميع أجزائها و رأيت الإنسان فيها أذل من سائمته كما يقودها يقاد و كما يطعمها يطعم و رأيت المجتمع كله يتعاور علی أعتاب حفنة من السادة و لا أستطيع تفسير شحنة العذاب و القلق و الرفض التي كنت أحملها كما فسرتها (أنغام الكوخ)، و (هكذا أغني)، و( أين المفر) و سائر الدواوين والأشعار التي نشرت بعد ذلك. و كان ديواني الأول ( أغاني الكوخ ) يمثل إحساسي بالرفض لعالم القرية الذي يخيم علیه الرق و المسكنة و التجبر و المغايرة الشنيعة بين إنسان و آخر في كل شيء و التناقض بين طرفي الإنسان: إنسان في الهلاك من الذل و الحرمان والآخر يكاد يهلك من البطنة و الترف و الاستعلاء الجائر،و من خلال هذا المناخ تولدت أحاسيسي الأولی نحو فلسفة الوجود و موقفي الملتزم بالطبيعة بفلسفتي الخاصة ، ترفض هذه الفلسفة أول ما ترفض رق الوجود و المسافات المضروبة بين الناس بدون عدل و تقدس الحرية التي لاتشكل قيداً علی نفسها .» [4].
    إن شاعرنا محمود حسن إسماعيل يصف الشاعر بأسلوب رائع و يعد له عدداً من الميزات الشاعرية حیث يقول:
    « الشاعر هو الذي يحمل البعد السابع من النفس بمعنی أن هناك بعداً أبعد من الحواس الخمس التي تتعامل مع الوجود تعاملاً مباشراً ، و أيضاً أبعد من الحاسة السادسة التي أضافها علم النفس الحديث في تفسيره للنفس البشرية أمام معطيات الكون. و هذا البعد هو الذي تترسب فيه آثار المعارك و الصراعات بين الحواس الخمس و الحاسة السادسة التي قال بها علماء النفس، لأن البعد السابع يتلقی آثار هذا الصراع فقط دون أن يحرص علی الإفضاء بها أو التعبير عنها و إنما تأتي فجاة كلما امتلا و ضاق كيانه عن حمل مذخوراته من كافة ألوان التجارب أو العواطف التي شكلتها الحواس الخمس أو تصورتها الحاسة السادسة، و في البعد السابع تخترق التجارب الزائده في وجود الإنسان و تختلط و تتصارع و تتعانق و تذوب و تأخذ شكلا جديداً ، يختلف كل الاختلاف عن أصولها الأولی و حين تمتلئ تفور كما يفور البركان الذي ضاق بمحتواه.. هناك ضراوة من العداء بيني و بين النفس، بيني كإنسان و بيني كشاعر. لأن الشاعر فيما أتصور هو الأصل و الإنسان هو المضاف إلیه بشرياً. و قد أوقعني هذا المضاف في كل ما من شأنه أن يشكل عقبة أمام تيار الشعر و تدفقه الذي كنت أتمنی أن لايرتفع أي سد أو أي حاجز أمام انهماره من نفسي في أية لحظة ،و هذا يشكل جمهرة القلق الدائمة في نفسي و التي تطرح و هجها علی وجودي كله سواء كان وجود شاعر أو وجود إنسان و بالرغم من إحساسي الواضح بهذا الصراع فإني لم أضق به ذرعاً، بل احتملته بشعور خفي أتمنی فيه أن ينتصر الشاعر علی الإنسان كجسد و وجود متحرك .»
    [5]




Working...
X