Announcement

Collapse
No announcement yet.

فاطمة الناهض بالمجموعات القصصية «كل مائة عام أو أقل قليلا»

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • فاطمة الناهض بالمجموعات القصصية «كل مائة عام أو أقل قليلا»

    أديبة لكل مائة عام أو أقل




    علي الصراف





    أديبة لكل مائة عام أو أقل

    علي الصراف








    المجموعات القصصية الثلاث في كتاب «كل مائة عام أو أقل قليلا»، الذي صدر حديثا عن دار «إي-كتب» البريطانية، تكشف عن أديبة من طراز خاص.
    وقبل أن يتوصل قارئ فاطمة الناهض الى أنه يتعرف على كاتبة من بين أرقى ما قدم الأدب العربي الحديث، فان الدهشة سوف تأخذه طولا وعرضا بين سطور لا تبخل في رسم عالم واسع العبارة، فسيح المعنى، عميق الدلالات، كل في آن واحد.
    الفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى الى إن الناهض تضمخ نصوصها بدفق لا ينقطع من لغة الشعر وغناه، إنما دون تكلف، بل ودون تقصد، سوى ما تفرضه الغايات المكثفة للقصة القصيرة.
    العالم الذي ترسمه الناهض يبدو مفتوحا، حتى إنها لا تحتاج أن تحدد لمجريات الأحداث مكانا، أو بيئة اجتماعية بعينها. والراوي في قصصها قد يكون هو، هي، أنا، نحن، من دون أن تفرض على نفسها شخصية دون غيرها. وقد تنظر الى عالمها من فوق، أو من تحت، أو من أي زاوية أخرى، إلا أن المقترب الفردي، يظل هو القاعدة التي تتأسس عليها الحكاية. وهذا ما قد يفعله أي قاص أو روائي محترف، إلا أن الناهض غالبا ما تغمر السرد الحكائي المفتوح بشحنات من نبض الصور والملامح حتى لتكاد تكهربه كله بالحياة، فتجعله عامرا ومتدفقا. ولا يعود من الغريب، في هذه الحال، أن تشارك كل الأشياء في رسم المعنى، لتحول المشهد الى لوحة مذهلة.
    لا تقترب من نصوص فاطمة الناهض إلا وتشعر أنك أمام أديبة تقف على مدخل معرض للصور حاشد بكل ما يعصف بالانسان، لكي تجد أن عالمك لن يعود هو نفسه، وأن نظرتك الى الأشياء ستكون محكومة بما لم تنظر اليه من قبل. وسترى أنه ما من شيء إلا ويساهم في رسم أبعاد الحكاية.
    وثمة من غنى اللغة ما يجعل السرد يفيض بالروح، حتى تكاد لا تمر جملة إلا وتكون محمّلة بدفق معنى مختلف، وصورة ساحرة.
    وتؤنسن الناهض كل ما يحيط بك، وتجعله شريكا في ضربات الفرشاة المتتالية، من أجل أن تصل الى ما تريد أن تأخذك اليه.
    عالم مشحون بما لا حصر له من المشاعر. ولكن الجوهر لا يقتصر على قابلية أخّاذة للوصف، ولكنه يعرض نسيجا، قد يغري بالتحليل والتجنيس، إلا أنه يغري بالقراءة أولا، ويجرك اليه جرّ المسحور بجنّية أدب.
    إقرأ، وستجد أنك تقرأ الى النهاية. صفحة بعد صفحة، لترى عالما تعيش فيه الآن، ربما، إلا أنك تراه لأول مرة، وستعود لتتعرف على أناس تعرفهم، وأماكن زرتها، وحوادث سمعت عنها، وحكايات حب خبرتها بنفسك، ولكنك ستراها مرسومة هذه المرة، بريشة أديبة تُغدق كبئر كلما نهلت منه، زاد فيضا.
    فاطمة الناهض لا تقدم غناها على طبق من ذهب. إنها تقدمه فحسب. حتى لا نقول انها تدلقه دلقا، دون حساب، ودون تكلف. وسيجد قارئها أنه يقف حيال أديبة تخوض معتركها مع العمق الإنساني نفسه، من أنوائه المختلفة، وتكتبه كما لو كانت تخرج به الى السطح لتجعل غموضه ساطعا.
    وهي توظف كل ما يتاح لها توظيفه من أجل أن تشاركها المعنى، وتعيشه معها، وتراه كما رأته هي.
    ومع ذلك، فقد ظلت الحكايةُ حكاية. تقرأها لتعرف أناسا لم تعرفهم، ولترى أماكن لم تزرها، وحوادث لم تسمع عنها، وقصص حب لم تختبرها بنفسك! وهذا من براعة الأدب. بل إنه هو بالأحرى، ما يجعل من الأدب أدبا. وهذا جانب مما يجعل فاطمة الناهض أديبة من طراز خاص. الإنسيابية والسلاسة، جانب آخر.
    وبراءة النفس، وطهر الروح، جانب آخر.
    مقاربتها الساحرة، نصا ومعنى وحكاية، وفرت لأعمال الناهض المنشورة الكثير من الشهادات بالأثر الملفت بين العديد من الأدباء والنقاد والصحافيين.
    يقول خالد الجبور (قاص وناقد وشاعر من فلسطين): لفاطمة الناهض لغة لافتة إلى حد الإدهاش، فمن يقرأها لا بد وأن يجد نفسه أسيراً لسحر اللغة التي تعيد إنتاجها على نحو يكاد أن يكون غير مسبوق، بمعنى أن صوتها لا يتقاطع مع أي من الأصوات الأدبية المعروفة في أدبنا، فثمة اختيار للألفاظ يشبه عملية التقطير أو الغربلة، وكأن فاطمة ظلت ومنذ أن وعت الكلام تغربل فيه، فتعزل منه ما يروقها من ألفاظ، لتضيفها إلى كنزها المخبوء في روحها الشاعرة، وثمة اختيار آخر أدهى وأصعب يتمثل في انتقاء الأساليب البنائية للتعبير على نحو يحقق الجدة والرشاقة والصدمة الفنية ربما.
    ويقول حسن البقالي (قاص وروائي وناقد من المغرب): ثمة من الأعمال الإبداعية ما لا يحب المتلقي أن يوضع لها نقطة نهاية, كي تستمر في الإندلاق كصنبور ماء للرواء , حتى مع وجود أب يتشمم جدائل "شمة" وعطر الليمون ورائحة الغموض فيها , بينا على مسافة حلم مسفوح خلف حائط طيني , يتضور التِّرب القديم من استيهامات جارحة.. قصصت هنا لشمة الحلة التي يتعذر علي قصها.
    ويقول شوقي عبد الحميد يحيى (كاتب وناقد من مصر): فاطمة الناهض كاتبة تجيد التخفي وراء الكلمات، وتريد من قارئها أن يشارك ولا يقف سلبيا، والكتابة بهذا الإسلوب تتطلب من الكاتب أن ينثر بعض نقاط الضوء التي تعين القارئ، فلا تلقي به في تيه صحاري الكلمات. وهي في القصة "شمس صغيرة يا رب" أغلقت علي نصها وألقت بمفتاحها في الصحراء، وطلبت من قارئها أن يغربل رمالها بحثا عنه. معتمدة علي السؤال الأبدي والملح لدى القارئ عقب كل قراءة: ماذا يريد الكاتب أن يقول؟، أو ما هي الرسالة التي يود إبلاغها؟
    ويقول سعيد رمضان علي (قاص وروائي وناقد من مصر): من الصعب الحديث بشكل مباشر عن فاطمة الناهض. كل ما اعرفه أني أبحر مع نصوصها فتسقط عني أثقال كثيرة تقيدني.. كالتقليد والمحاكاة والأشياء العادية.
    أجد نفسي خفيفا مبحرا بدهشة، وأنا واثق بأنني لست مبحرا بشكل تكراري ممل للشيء نفسه. وعن لغتها فمن الصعب تعريفها.. لأنها لغة ترواغ أي محاولة لتصنيفها.. لغة تملك صاحبتها حساسية جمالية.. هذه الحساسية يمكن تعريفها كمنخل يفرز اللغة فلا يبقى منها سوى كلمات متكاثفة ومتناغمة.
    ويقول سمير الفيل (قاص وروائي من مصر): نصها الإبداعي يكشف عن بعد إنساني كامن فيها. تمتلك لغتها امتلاكا كبيرا وفوق هذا تضبط الإيقاع ـ السردي ـ جيدا فلا يختل. ومن سمات النص عند فاطمة قدرته على أن يقدم مستويات متعددة للقراءة، وأحسب أن هذه نغمة مائزة تظلل نصوصها كلها. وفوق هذا فهي تبدو حذرة، واعية، متشككة في قدرة اللغة كمادة غفل عن طرح خطابها. فتقدم على اختبار مادة السرد عبر محاولات ناجحة لتقديم مشاهد طيعة، في غاية الحيوية. وأريد أن أتوقف عند فكرة النص / الشاهد. لفاطمة أكثر من نص على هذه الشاكلة منه نص "شمة". نص حاكم نتذكره دائما عندما نذكر اسم الكاتب. على هذا يمكننا القول أن فاطمة من هذا الطراز الذي يقدم لنا كتابة ناصعة غير مكرورة. كتابة فيها شيء من أحزاننا وأفراحنا وهواجسنا. كتابة فيها صدق وشجن ومتعة.
    ويقول شريف صالح (قاص وناقد ومسرحي من مصر): إن نص الناهض يقوم على استحضار كثيف للغة، ثم تبديدها في صور تستلهم التراث المجازي، وتتجاوزه. وهذا يجعله نصاً متجذراً في ثقافته، بعمق. مما يصعب التعامل معه بخفة حسب مقتضيات قراءات الانترنت. ولهذا يكون الانطباع الأولي عندما يمر القارئ بنص لها سابح في فضاء الانترنت أنه يجب أن يُقرأ مرتين أو ثلاثا، وربما من الأفضل رفعه على الكمبيوتر الخاص، لإمعان الحواس كلها في السطور وما وراءها. هذا الأمر تكرر معي شخصياً في أكثر من نص، إذ أردد: "هذا النص يحتاج إلى إنصات مختلف" ثم أرفعه، وأمتلكه، بما يسمح بقراءة أخرى له.
    ويقول د.عبدالله الطيب (قاص ومترجم من السعودية): فاطمة تأخذ الحروف، وتصنع منها دهشة مستديمة تعلق بالقلوب، اشبه بالإدمان على طعم الشوق في الكلمات، وسحر البيان في النصوص. أحيانا أتساءل.. كيف ستكون الرواية التي ستكتبها فاطمة الناهض؟ هل ستسرق منا أوقاتا وتحيلها إلى ساحات شعبية للإحتفالات الدائمة بغزارة الحرف وعشق الكلمات؟
    ويقول جهاد عقيل (قاص وروائي من سوريا): تعرف تماما الزاوية التي تستطيع أن تأخذك إليها.. أن تصطاد شهيتك.. تلمحها وهي تطارد غزلان اللغة وتحاول التقاطها فتلتقطك تأخذك إلى عوالمها موشاة بالدفء ومنداة بقطرات الطل تتناثر فوق أشياءها.. تضيف للحياة طعما أخر وللغة سر من أسرار تفردها... وأنت كذلك تحس دائما بحرفية من يعرف من أين تؤكل الكتف لتضفي على اللقطة اختيار المعلم.. إنها دائما تعرف من أين يبدأ وأين تنتهي.. تعرف كيف تقرأك قبل أن تقرأها.
    ويقول نبيل حاتم (قاص وروائي من سوريا): تبتعد بك عن كل غث، أو انحدار. نصوصها لا تشبه أحداً، وكلماتها لا تشبه إلا فاطمة الناهض، مرسومة بريشة لا تليق إلا بأناملها. أسعدني جداً أنها على وشك إطلاق أول إصداراتها، وأنا متأكد أنها إصدارات، سيكون لها شأن هام على الساحة الأدبية العربية، مهما كان جنسها الأدبي، لأنها تختار بعناية وتغوص بالتجربة إلى أعماقها".
    وتقول عايدة النوباني (قاصة وشاعرة وناقدة من فلسطين): القاصة فاطمة الناهض من الأصوات القصصية الجميلة التي تعمل على نصوصها بعناية وتمتلك أدواتها وتوظف لغتها وحسها الحداثي القوي في الكتابة لتقدم لنا رؤيتها العميقة في ثوب خاص متفرد. ويقول فيصل ابو سعد (قاص من سوريا): أقرأ يوميا ً قصصا ً يمكن تصنيفها من حيث استخدام اللغة إلى قسمين: قصة تكتفي بأن تستخدم اللغة بوظيفتها الأدنى وهي إيصال المعنى دون طموح للإدهاش أو التأثير بالقارئ، وقصة موغلة باستخدامات المجاز ومغرقة في التغريب والضبابية. ولكنني الآن مضطر إلى الحديث عن نص حداثي جديد يقدم لغة علية تبّز لغة الشعر في كثير من المواضع ولكن بوضوح آسر وحميمية تنحدر دون ركاكة إلى دفئ أحاديث الصبية في الحارات.
Working...
X