Announcement

Collapse
No announcement yet.

المطربة فيروز ( قصيدة خالقة ) من نعمياتكِ لي ألفٌ منوّعةٌ - للشاعر بدوي الجبل

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • المطربة فيروز ( قصيدة خالقة ) من نعمياتكِ لي ألفٌ منوّعةٌ - للشاعر بدوي الجبل


    بدوي الجبل

    إكتشف سوريا




    المطربة فيروز ( قصيدة خالقة )

    من نعمياتكِ لي ألفٌ منوّعةٌ - للشاعر بدوي الجبل


    الكيان الشعري عند بدوي الجبل
    بدوي الجبل والمرأة

    إلا أن القصيدة الأجمل في رأيي بين قصائد البدوي في المرأة هي قصيدة «خالقة» التي تماهى فيها الجسد بالروح، وتماهت فيها الكلمات بالصور، فانتقلت بالقارئ أو السامع إلى عالم آخر، ساحر الجمال.


    قصيدة خالقة:
    من نعمياتكِ لي ألفٌ منوّعةٌ
    رفعتِني بجناحَيْ قدرةٍ و هوىً
    تعبُّ من حسنه عيني فإن سكرتْ
    أخادع النّوم إشفاقاً على حلمٍ
    وزار طيفك أجفاني فعطّرها
    طيوبُها في زيارات الرؤى نزلتْ
    كأنّ همسك في ريّاهُ وشوشةٌ
    تندى البراءة فيه فهو منسكبٌ
    رشفتُ صوتك في قلبي معتّقةً
    لو كنت في جنّة الفردوسِ واحدةً
    خلقتني من صباباتٍ مدلّهةٍ
    فكيف أغفلتِ قلبي من تجلّده
    و كيف تشكين من حبّي غوايته
    وهل تريدين روحي هدأةً وونىً
    ألفتُ نفسي على ما صغتِ جوهرها
    ***
    كبّرتُ للطلعة النشوى أسبّحها
    يا طفلة الروح: حبّات القلوب فدى
    آثامك الخفراتٍ البيض لو جليتْ
    كأنّها أقحواناتٌ منضّرة
    يا نجمة تختفي حيناً و تشرق لي
    لقد هجرت أخاك الفجرَ وانتبهتْ
    من موطن النّور هذا الحسن أعرفه
    ففي السماء على مطلولِ زرقتها
    ***
    لا تجزعي من مقادير مخبّأةٍ
    عندي كنوز حنان لا نفاد لها
    أعطي بذلّة محروم فوا لهفي
    جواهري في العبير السكْب مغفية
    تاهت عن العنق الهاني فأرشدها

    وكلّ واحدةٍ دنيا من النورِ
    لعالمٍ من رؤى عينيك مسحورِ
    أغفت على سندسيٍّ من أساطير
    حانٍ على الشفة اللمياءِ مخمور
    يا للطيوفِ الغريرات المعاطيرِ
    من مقلتيَّ على أصفى القواريرِ
    دار النسيم بها بين الأزاهيرِ
    من لغوِ طفلٍ ومن تغريد عصفور
    لم تُعتصرْ وضياءً غير منظور
    من حُورها لتجلىّ الله للحور
    ظمأى الحنينِ إلى دَلٍّ وتغرير
    لمّا تولّيتِ إبداعي وتصويري؟
    وأنت كوّنتِ تفكيري وتعبيري
    فكيف أنشأتِ روحي من أعاصير؟
    يا غربتي عند تحويري وتغييري!
    أكان لله أم للحسن تكبيري
    ذنبٍ لحسنك عند الله مغفور
    لطور موسى لندّت ذروة الطور
    بمخضّبٍ عبق الريحان ممطور
    حيناً أفانين تعريفٍ وتنكير
    شمس الصباح على أنّات مهجور
    حلو الشمائل قدسيّ الأسارير
    أرى مساحبَ ذيل منك مجرور

    حنا يدلّلنا ظلم المقادير
    أنهبتها كلّ مظلوم ومقهور
    لسائل يغدق النعماء منهور
    من الونى بعد تغليس وتهجير
    إلى سناه حنين النور للنور
    وهذه القصيدة التي يمكننا الاستماع إليها بالصوت الساحر، لسفيرة العالم العربي واللغة العربية إلى النجوم، المطربة الكبيرة فيروز، تأخذ السامع أو القارئ إلى عوالم غريبة وصور من الخيال الذي يتجاوز الخيال، إنها اللغة الساحرة التي تتدفق كماء ينبوع ثر المياه دافئ المنهل، فينهل منها متعبو الأرواح والطامحون إلى تجاوز قيود هذا العالم، والغوص في أغواره الروحية، من حب وصداقة ونعيم العيش، كل ذلك من خلال العشق الصادق والحب العميق.
    وفي هذه القصيدة تبدو قدرة البدوي اللغوية. ولطالما تساءل النقاد عن قدرته في إيراد الألفاظ الصعبة، فتبدو في سياق القصيدة سلسلة عذبة ومن ذلك قوله: «يا للطيوف الغريرات المعاطير»، إذ أن كلمة «المعاطير» الصعبة اللفظ والمبنى بحد ذاتها، ترد هنا دون أي صعوبة تذكر، رغم توالي الحروف العصية اللفظ فيها كالعين والطاء والراء.
    كما تبدو قدرته التصويرية الهائلة في نقل القارئ إلى سياق مشهدي تتوالى فيه الصور، التي تحفز مخيلة القارئ، فهي صور ليست من هذا العالم، وعليه أن يرتقي إلى الحالة الشعورية التي تخلقها القصيدة، كي يعيش فيها ولها أجمل لحظات الإحساس والإبداع. وأظن أن هذه القصيدة أو مثيلاتها هي ما يتحدث عنه المخرج السينمائي السوري أسامة محمد، حين ينقل عنه الناقد السينمائي محمد الأحمد، في أنه تعلم عشق السينما من أبيات بدوي الجبل، ويرى أن قصائده تحتفي بمشهدية سينمائية عالية.
    وربما دفعت هذه القصيدة بالذات بعض النقاد إلى إبداء وجهة نظر تقول، أن قارئ شعر البدوي، يحس بأن للكلمات ظلاً في قصائده، يسير معها، ويستثير القارئ في التعمق في أغوارها ومحاولة اكتناه معانيها العميقة.
Working...
X