Announcement

Collapse
No announcement yet.

الراحل محيي الدين اللباد - يرصد السوري يوسف عبد لكي 50 عاما من إبداعه

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الراحل محيي الدين اللباد - يرصد السوري يوسف عبد لكي 50 عاما من إبداعه




    يوسف عبد لكى يرصد 50 عاما من إبداع اللباد








    الفنان المصري الراحل محيي الدين اللباد







    بيروت - أ ش أ ماذا يقول مبدع كبير عن مبدع كبير حاضر رغم الرحيل، ويشاطره كثيرًا من اهتماماته وأحلامه؟!، هاهو الفنان والتشكيلي السوري، يوسف عبد لكي يتحدث عن الفنان المصري الراحل محيى الدين اللباد، في مقالة مستفيضة، نشرتها مجلة الدراسات الفلسطينية، في عددها الأخير لربيع عام 2012.

    وهذه المقالة ليست تحية إلى محيى الدين اللباد أو رثاء له، وإنما هي محاولة لرصد تجربته الفنية خلال 50 عامًا أمضاها متنقلا بين مهارات ثلاث: الرسم والتصميم والكتابة.

    واللافت كما يلاحظ يوسف عبد لكى أنه بقدر تميز محيى الدين اللباد فى تصميم المجلات وأغلفة الكتب وخصوصا للأطفال فإنه على خلاف عشرات التجارب لفنانين آخرين لم يكن متألقا فى مجال وعاديا فى مجال آخر، وإنما كان عمله فى كل محور من محاوره الثلاثة اى الرسم والتصميم والكتابة علامة من علامات التميز.

    ويقول عبد لكي فى مقالته التى تصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية فى بيروت:"ليس اللباد اسما لفنان كبير من فنانينا المعاصرين وإنما هو عنوان لطريقة فى التفكير كما أنه رجل على قدر مدهش من التماسك والانسجام العالى بين محاور عمله وحركته.

    وتابع قائلا :"تفتح وعى اللباد فى خمسينيات القرن العشرين حيث انقسم العالم إلى معسكرين اشتراكى ورأسمالى، وانحاز اللباد للاشتراكية والاستقلال والتحرر والتنمية المستقلة ونقل قناعاته إلى حيز العمل الإبداعى.

    وقال عبد لكى : هذا الجرافيكى الاستثنائى عرف كيف يجعل من رؤيته الفكرية وانجازاته الفنية وحدة واحدة ؛ فإلى جانب رسومه البديعة لكتب الأطفال وتصميماته الجرافيكية للكتب والمجلات ورسومه السياسية ؛ ترك لنا مكتبة مدهشة ملآى بملاحظاته الثاقبة فى شأن كثير مما يدور حولنا من لوحات الشوارع إلى رسوم الأطفال إلى الفنانين الذين تجهلهم ثقافتنا ومثقفينا إلى تصميمات التى- شيرت.

    كما نوه يوسف عبد لكى بدور اللباد فى إعادة اكتشاف رسامى الكاريكاتير العرب وتصميمات الحروف والعلامات التجارية والتعريف بتظاهرات كتب الأطفال فى العالم، موضحا أنه فعل كل ذلك بطريقة بديعة فى الكتابة تجمع بين عمق الفكرة وسلاسة النص وخفة الظل.

    ويلاحظ عبد لكى أن اللباد أدار ظهره للموروث الأوروبى فى صوغ رسوماته على الرغم من شيوعه وعالميته واتجه إلى الموروث المحلى كرسوم الفلاحين على جدران منازلهم ورسومات الفلاحات على الثياب اى التطريز لأنه يعبر عن روح الجماعة.

    ومسألة القطع مع الموروث الأوروبى فى صوغ الرسم والتصميم هو أمر شديد الصعوبة لأن هذا الموروث - كما يوضح عبد لكى - أصبح مكونا أساسيا فاعلا منذ قرن ونصف القرن فى أركان المعمورة كافة غير أن اللباد انطلق من أن لكل بلد من بلاد العالم موروثه الخاص والغنى حتى وأن بدا بسيطا بل وساذجا بالمقارنة مع تقدم الرؤى والتقنية الأوروبية غير أنه يعبر عن روح الجماعة او الأمة.

    وتابع يوسف عبد لكى قائلا "لذا فالأولى أن ينهل فنانو ذاك الموروث من هذا المنهل، اى أن موقفه - على حد قول يوسف عبد لكى - لم يكن رفضا للانجازات الأوروبية المتقدمة التى أصبحت حقيقة معممة لايمكن تقريبا تجاوزها- وإنما هو جزء من نزعة الاستقلال والاعتزاز بالخصوصية الوطنية.

    من هنا نرى اهتمام اللباد بالرسوم الشعبية على جدران بيوت الفلاحين والرسوم الشعبية على الزجاج والتطريزات الشعبية للثياب والأقمشة لدى الفلاحات وصور الأبطال الشعبيين فى خيال الظل فضلا عن اهتمامه برسامى الكاريكاتير ورسامى كتب الأطفال من أصحاب الخصوصية الخارجين على الوصفات الأوروبية الجاهزة.

    ويستعيد عبد لكى وقائع تعرفه بصورة شخصية إلى محيى الدين اللباد فى نهاية ثمانينيات القرن العشرين ثم عشرات اللقاءات التالية بينهما فى باريس والقاهرة وكان قد تعرف على رسومه وكتاباته قبل ذلك بخمسة عشر عاما.

    ومنذ اللقاء الشخصى الأول بقيت صورة اللباد فى ذهن عبد لكى "كشخص لايؤخذ على حين غرة وذهن يقظ وحس ساخر ومعاينة نفاذة للمحيط الذى انخرط فيه بقدر ماانتقده"، كما أنه رجل كان البعد العربى حاضرا فى ذهنه واهتماماته "فالعرب شركاء تاريخ ومصير شاء من شاء وأبى من أبى".

    ويقول يوسف عبد لكى إن اللباد فى مجال الكاريكاتير السياسى عمل على خطين الأول فى الرسم:خط حر بسيط متقشف تصنع ثخانته الفرشاة المشبعة بالحبر الأسود من دون عرض مهارات كأنه فنان تلقائى يرسم على الجدار بعفوية وصدق ترحيبه بجاره العائد من الحج.

    أما الخط الثانى كما يوضح عبد لكى- فهو استمرار العزف على أفكاره وقناعاته السياسية فى مواجهة الهيمنة الغربية ونقد الاستبداد ومناصرة الشعب الفلسطينى. وفى مجال تصميم الكتب والمجلات وهو الحقل الثانى الأثير لدى اللباد الذى كان يحلو له أن يقول عن نفسه "إنه صانع كتب" فقد كان يبدأ بطرح عشرات الأسئلة عن طبيعة المطبوعة وأهدافها فيما كان مفتونا بتصميم الكتب العربية القديمة وجاءت تصميماته لتنهل من الموروث الشعبى- العربى-الإسلامى.

    ويرى يوسف عبد لكي أن رسومات اللباد كانت بسيطة اليفة كأنها خارجة من ذاكرة صبى غادر طفولته للتو.. فهو يرسم بواقعية لكنه لايزال مسكونا بخيال الطفل فيما شكلت أعماله على مستوى كتب الأطفال التأسيس الثانى لرسوم كتب الأطفال العربية حيث نقلها من سويتها التوضيحية إلى حيز للجمال والخيال.

    وجاءت المقالة بحق نزهة جميلة فى تجليات عناصر إبداع محيى الدين اللباد الذى سيتذكر الفنانون والمتذوقون والأطفال العرب دوما كتبه التى انجزها لجمالها وقوة اللون فيها وعفوية خطوطها كما سيبقى دائما مثالا للفنان المنحاز للشعب وصاحب الذهنية الفائقة المرونة دون تقديم اى تنازلات لأعداء الشعب وخصوم الإبداع.
Working...
X