Announcement

Collapse
No announcement yet.

يعتبر أدب الأطفال كجنس أدبي متفرد بذاته نموذجاً ثقافياً فكرياً حساساً

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • يعتبر أدب الأطفال كجنس أدبي متفرد بذاته نموذجاً ثقافياً فكرياً حساساً

    أدب الأطفال.. بين كلاسيكية النص والتطور المعرفي عند الطفل

    دمشق - سانا
    يعتبر أدب الأطفال كجنس أدبي متفرد بذاته نموذجاً ثقافياً فكرياً حساساً ويعود ذلك للشريحة التي يتوجه إليها حيث يوصف العلماء والمفكرون التعامل مع الأطفال بالخطر على اعتبار أن ما يقدم له من علم ومعرفة وثقافة هو ما يؤثر على مستقبل البلدان والأجيال القادمة لذا يجب التعامل مع هذا الجنس الأدبي بمنتهى الدقة والتركيز.
    ويأخذ أدب الأطفال مكانة هامة في مختلف المجتمعات كونه توعويا توجيهيا بالمقام الأول وفق رأي المختصين إضافة إلى أنه يسهم بفتح أبواب المعرفة أمام الأجيال الصاعدة ويرسخها في أذهانها على اعتبار أن الطفل متلق مختلف عن الفئات العمرية الأخرى بحكم أن معارفه للأمور بسيطة ومتطورة بشكل سريع.
    وترى الكاتبة مريم خير بيك أن أدب الأطفال في سورية يعاني من مجموعة مشكلات تعيق انتشاره وتقف عثرة أمام تبوئه لمكانه الصحيح بين الأنواع الأدبية الاخرى من جهة وبين موارد ثقافة الطفل العربي من جهة أخرى فرغم الخطوات التي تقوم بها وزارة الثقافة لدعم هذا الأدب إلا أنه ما زال يتعثر بمشكلات لها علاقة بالدعم المؤسساتي وقوانين التجارة والربح والخسارة والمنافسة الشديدة من قبل وسائل الإعلام الأخرى الموجهة للطفل كالتلفزيون والانترنت حتى أصبح هذا الأدب يصارع وحيدا للنجاة والحفاظ على مكانته ووجوده.
    وقالت خير بيك: إن ثقافة الطفل في سورية ليست على ما يرام فالقطاع الخاص يهتم بالربح فقط ولا يقدم أدباً في حين أن ما تقدمه مؤسسات الدولة لا يندرج ضمن برنامج شامل كما ونوعا معتبرة أن وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم واتحاد الكتاب العرب تراجعوا بشكل كبير بما يتعلق بأدب الأطفال فمجموع ما تصدره هذه المؤسسات مجتمعة لا يصل الى خمسين كتيبا لافتة إلى غياب آخر للترجمات التي تغني ساحة الطفل وتلبي بعض ما يفتقده وخاصة في ظل المعوقات التي تعترض هذا النوع من الأدب وتكاليفه المتزايدة.
    وعن تقييمها لأدب الطفل الذي يكتبه الاطفال بأنفسهم قالت.. في كل مرة اجتمع بالأطفال واحكم على كتاباتهم في سورية وخارجها أجد أن الطفل كتلة من النشاط المبدع في مجال الأدب مبينة أن المشكلة لا تكمن بالطفل بل عند الأدباء وفي المدرسة وعند كل من له علاقة بعالم الطفل.
    وأضافت.. الطفل المبدع كثيرا ما يتلاشى ابداعه ويحل معه الاحباط حين لا يجد التربية الصالحة لنمو ابداعه وتطوره ربما بسبب ضعف وعي أهله أو وضعهم الاقتصادي وربما لعدم وجود من يرعاه داخل المدرسة أو خارجها واشارت خير بيك إلى تراجع اهتمام القنوات التلفزيونية الوطنية بثقافة الطفل وتطوير بنيته الفكرية والابداعية لافتة الى ضرورة البدء بالعمل الجاد من خلال مشروع وطني متكامل يشرف عليه مختصون قادرون على مواجهة القنوات الفضائية التي تبث للأطفال وفق سياساتها التي لا تناسب بل قد تتعارض مع مصالح أطفالنا.
    وتتعدد المنابع الأدبية التي ينهل منها الطفل فمن قصة وشعر ورواية ومسرحية ومقطوعات ادبية إلى وسائل الإعلام المسموعة والمقرؤة والمرئية التي تسهم بمستويات متعددة بتحقيق ثقافة لغوية وتربوية ومعرفية للأطفال.
    بدورها قالت الدكتورة الكاتبة نظمية اكراد: إن ادب الطفل يتوجه الى مراحل عمرية محددة من مرحلة ما قبل المدرسة الى مرحلة ما قبل الشباب ويدخل فيه الادب الموجه للفتيان وهو في معظمه يتركز في القصة والرواية والشعر والتمثيليات والمسلسلات التي تقدم في التلفاز أو افلام الكرتون وقليلا ما يكون هناك مقالات موجهة لمرحلة عمرية معينة.
    وبينت أن ما ينضوي تحت هذا العنوان من دراسات ونقد وتحليل قد لا يعني الاطفال في المراحل العمرية المختلفة بقدر ما يعني الكتاب والشعراء والمبدعين في هذا المجال وكذلك من يهتم بأدب الاطفال من المربين والمعلمين والمدرسين مشيرةً إلى أن هناك بين الأجناس الادبية التي يتناولها ادب الطفل تباينات في المواضيع والاساليب والمعالجة الفنية تجعل لكل فرع خصوصية تميزه عن غيره.
    وتوضح أكراد أنه في القصة والرواية الموجهتين للطفل على سبيل المثال نجد قصص الخيال العلمي والروايات التي تعتمد عليه ونجد قصصا وروايات واقعية تقدم الحياة والبيئة بما يتلاءم والطفل والنصوص التي تعتمد على الخيال والسحر والتي تقدم التاريخ والتراث والمواضيع الدينية مركزة على قيم وتعاليم وأفكار روحية وحياتية سامية فكل جنس من الأجناس الأدبية الموجهة للطفل محكوم بمقومات السرد الفني أو الابداع الشعري أو البناء المسرحي وبالقيم الفنية الخاصة به.
    واعتبرت الكاتبة أن أدب الطفل يقوم بأداء وظيفة تربوية اجتماعية خلقية انسانية ومعرفية من خلال الحدث والشخصيات والافكار والمعالجات الفنية للمضامين التي يحتويها ويصل ذلك الى المتلقي بصورة مباشرة أو غير مباشرة حسب الكاتب والنص وأسلوب الاداء اضافة الى التسلية والامتاع وتنمية الخيال والمدارك وتقديم المعرفة باساليب مبتكرة وفعالة.
    وتابعت أكراد.. أن أدب الأطفال يؤدي وظيفة لغوية مهمة من خلال سلامة المفردات والجمل وقوة الاسلوب مع ملاءمته للمرحلة العمرية المعينة كما يساهم في تنمية الذوق والتذوق الأدبيين والقدرة على فهم النص والإحاطة بالمضمون الذي يقدمه.
    ورأت الكاتبة ان اقامة علاقة ايجابية بين المتلقي الطفل والادب ايا كان جنسه يوءسس لعلاقة بين القارئ والكتاب وذلك الأمر لا غنى عنه للإنسان اذا أراد أن يواكب العصر ويفهم الحياة ويتعلم ويبتكر قائلةً: نحن في مجتمعنا العربي نعاني كثيرا من عدم الاقبال على القراءة ومن ضعف علاقة المواطن بالكتاب ويمكن لأدب الطفل أن يساهم في تقليص هذه الهوة اذا استطعنا أن نرفع مستواه من جهة وأسسنا لعلاقة سليمة بين الأطفال والأدب من جهة أخرى.
    ولفتت إلى أهمية رعاية من يكتبون أدبا طفليا مهما وتشجيعهم وتبويئهم المكانة التي يستحقونها من خلال انتاجهم ووضع النصوص التي تهدم اكثر مما تبني في الموضع الذي ينبغي أن تكون فيه مع الإشارة الى مضارها ليلتفت الآباء والأمهات والمهتمون الى هذا النوع من النصوص ويحذرون ما فيها مما لا يجوز أن يقدم للأطفال.
    وختمت أكراد بالقول إن أدب الأطفال يعاني من وجود نصوص كثيرة في هذا المجال لا تراعي ابسط ما ينبغي أن نحرص على تقديمه للطفل في مراحل التكوين العام ولاسيما اللغة العربية السليمة والقيم التربوية والانسانية والمتعة الفنية وفق أساليب البناء الفني المتقنة معتبرة ان كل هذا يوءثر في الطفل وفي تكوينه ومعارفه وعلاقته بالكتاب ومصادر المعرفة الصحيحة والمتقدمة في عصر نقف فيه كل يوم بل كل ساعة على جديد ومفيد.
    ويبدو الاقتراب من الأطفال وفهمهم ومعرفة ما يريدونه أساساً في تقديم المادة الثقافية لهم لذا فالتواصل مع الطفل هو الأمر الأكثر أهمية في مجال أدب الأطفال ويتحقق ذلك من خلال المحاضرات والأمسيات والنشاطات المدرسية وحتى في وسائل الإعلام المتلفزة والمطبوعة.
    ويرى الكاتب عبد الناصر الحمد عضو اتحاد الكتاب العرب والمعد في الفضائية التربوية السورية أن ما هو موجود الآن لا يمت إلى أدب الأطفال بصلة بل هناك محاولات خجولة لا ترقى إلى مستوى أدب الأطفال الحقيقي فمعظم الكتاب يكتبون عن الأطفال وليس للأطفال وهناك فرق كبير بين هذا وذاك.
    ويستغرب الحمد من أن الأطفال لا يعرفون كاتباً واحداً يقرؤونه باستثناءات قليلة كالشاعر سليمان العيسى الذي يتذكره الأطفال بالنصوص الشعرية التي كتبها لهم والتي وردت في مناهجهم المدرسية فهم يتذكرون القصائد التي أحبوها بينما ينسون تلك النصوص التي لم تعجبهم بمجرد نجاحهم من صف إلى آخر.
    من جهتها تركز الكاتبة نبوغ أسعد على الجانب التكنولوجي والتطور العلمي المعرفي لدى الأطفال حيث باتوا يرفضون الكثير من القصص الخيالية لمعرفتهم بالتكنولوجيا الأكثر تطوراً مما يقدم إليهم فأي شيء يتلقاه الأطفال بعيدا عن الواقع يواجهونه بالسخرية لذلك من المفترض أن يتمتع أدباء الأطفال بثقافة أكثر شمولية مما كانت عليه وصولاً إلى اختراق خيال الطفل ومجاله الذهني لخلق رابط جديد بدلاً من القديم الذي أكل الدهر عليه وشرب.
    وفي مجال الشعر ترى أسعد أن الطفل بات يصطدم بعوائق متعبة جداً لأنه يتفاجأ بالقصيدة الموزونة وهي تعاني من الخلل العروضي نظراً لضعف محاولات شعراء الأطفال حيث عانى هذا الأدب من التجريبية فمعظم الذين يكتبون شعراً حاولوا أن يكتبوا للأطفال فلا هم تواصلوا مع خيال الطفل ولا الطفل اقتنع بالبقاء في الساحة الشعرية ليتعاطف مع القصيدة كما كان يحصل لأطفال السبعينيات والثمانينيات عندما كانوا يتعاملون مع قصيدة سليمان العيسى مثلاً.

Working...
X