Announcement

Collapse
No announcement yet.

الدكتورة نجاح العطار وعطر المشوار - الأدب النسائي - عفاف يحيى الشب

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • الدكتورة نجاح العطار وعطر المشوار - الأدب النسائي - عفاف يحيى الشب



    الأدب النسائي.. عمقه وفحواه...
    «الدكتورة نجاح العطار وعطر المشوار»
    حبر الأنثى التي تتسم بالأصالة والعشق الوطني

    عفاف يحيى الشب


    حطمن أبواب الحرملك.. أمسكن بأطياف الشمس.. قبضن على أبجديات النور وسطرن على صفحات الأمل قصص التحدي وحكايات السفر إلى الوجود الكريم..


    نسجن دروب التقدم إلى مساحات الوعي الإنساني بكل إيمان ووجدان نبت كالحق على أفنان الأوطان حتى أصبحت لهن مدارسهن الفكرية التي انساحت على آفاق النصر المعرفي لتمسح عن الجباه كل عتمات الغربة إلى جهل المعلومة ولتنشر في آفاق المجتمع نظريات تنقض ما كرس طويلاً من أن النساء لا حول لهن أكثر من منزل زوجي يضج بالأولاد.
    اليوم سقطت قيود تاريخية تحجب وعي النساء وترسل مداركهن إلى دونية وإسفاف ونهضت إلى حقول العطاء الفكري نساء استطعن أن يقدمن من نتاجهن الفكري والأدبي ما أكد أمرين ضروريين أولهما: إن انتعاش المجتمع الكامل يأتي عن طريق تفعيل دور كل المتشاركين في العيش ضمن ربوعه وثانيهما: أن المرأة إن نشطت في مجال الأدب بكل منافذه «كتابة الشعر والرواية إلى الأدب السياسي والاقتصادي» فهذا يقدم معياراً براقاً لتقدم المجتمع ويعكس فعلياً رقيه ومسارات وعيه وثقافاته. من هنا سأتناول تباعاً لمحات من سيرة نساء استطعن أن يتجاوزن عصر الغياب النسائي عن الساحات الفكرية الأدبية لتكون لهن ريادة النهضة الأدبية للمرأة العربية بشكل ما، ليبقى هنا سؤال مهم يطرح ذاته متجاوباً مع ضرورة انخراط المرأة في مصانع الفكر الأدبي وهو: هل استطاع الأدب النسائي في المجتمع العربي عامة وسورية بشكل خاص أن يفرض نفسه ويتصدى لتلك المهمة بكل نجاح متغلغلاً في عمق الأبعاد الإنسانية المراد إيقاظها؟ وهل اتسعت شموليته ليصل إلى الأدب السياسي الذي أصبحت أسواق مجتمعاتنا العربية تتطلبه بعطش واضح بسبب الظروف التي حاصرت هذه المجتمعات أخيراً من كل الجبهات السياسية والاقتصادية والإعلامية؟ الجواب يأتي طبعاً من تراجم نساء تصدين لذاك التحدي كانت منهن السيدة نجاح العطار.. السيدة كوليت خوري.. غادة السمان.. نديمة المنقاري.. ألفة الأدلبي... ثريا الحافظ.. قمر كيلاني والعديد من حفيدات الخنساء وشقيقات لرائدات النهضة العربيات اقتحمن بإصرار ساحات الأدب الذي كان حكراً على الرجال منذ قرن من الزمان.

    نبوغ مبكر وموهبة
    سورية البلد الذي شب على قمم التاريخ منذ أقدم العصور فمنحه هويته التي تشرق معها رغبات السوريين في أن يستمروا بصناعة تاريخهم عن طريق الاجتهاد والتعلم والسفر والاطلاع على شتى الحضارات والانتهاء إلى انتهاج خطة عمل تسهم في رفع مستوى وطنهم إلى مدارج الأمم المتقدمة الحرة في قراراتها والمتمكنة من أدائها والمالكة لكل وسائل دفاعها عن كل حق لها في الحياة. من هؤلاء تنهض السيدة التي أستضيفها وهي الدكتورة نجاح العطار أول وزيرة ثقافة في سورية وأول امرأة سورية يصدر مرسوم رئاسي بتعيينها نائبة للرئيس السوري. نبوغ مبكر وموهبة مثمرة: في وسط أسرة دمشقية محافظة ذات مستوى ثقافي عال واهتمامات دينية واضحة عاشت السيدة نجاح العطار وكانت ولادتها عام 1933م لأب يعمل بالقضاء حصل على إجازة في الحقوق 1905 مع ميل لقرض الشعر ولقد كان تبادل وجهات النظر بمواضيع قيمة شغلت بال الطالبة المجتهدة نجاح العطار مع والدها المثقف دافعاً لرفع مستوى مخزوناتها الثقافية وكان والدها يوافقها الرأي بمعظم الأحيان ويسر بما تعرض ابنته من أفكار شفافة ترسم ما في محيطها من مشاكل وقضايا تحتاج إلى متابعة وكفاح، ومما يذكر هنا أن السيدة العطار هي شقيقة للمراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين عصام العطار.

    الخطابة عنوان الوطنية والوجدان
    في البداية وبعد تلك اللمحة البسيطة عن المناخات الأسرية للسيدة العطار لا بد من الإشارة إلى ما تمتعت به من موهبة أدبية خطابية منذ طفولتها ولا بد من الحديث عما كانت تتمتع به أيضاً من روح وطنية وعشق شغوف لسورية تجلى قوياً من خلال محطات كثيرة في حياتها كانت بدايتها كما ذكر عنها بالمرحلة الابتدائية حين خرجت مع طالبات مدرسة التطبيقات في حي الروضة حيث تلقت تعليمها بتظاهرة طلابية إلى مدرسة الفرنسيسكان للمطالبة بالإفراج عن طالبات احتجزن لأنهن طالبن بإنهاء الانتداب الفرنسي على بلدهن سورية وهناك وبحماستها التي كانت في تلك المرحلة تشكل محور التحدي الأساسي للاستعمار. هناك ألقت نجاح العطار خطبة حماسية رغم صغر سنها اختزلت موهبتها التي تفوق مدارك الكثير من نديداتها وتترجم باكورة مواقفها التي رافقتها خلال مشوار دراستها وعملها بما دفع الإدارة آنذاك إلى احتجازها ورفيقاتها داخل حديقة الفرنسيسكان إلى أن تمكن قائد الشرطة في النهاية من الإفراج عن الجميع وسط ذهول تام من حماسة الطالبة نجاح العطار. هذه الحادثة إن دلت على شيء فهي تؤكد أن السيدة العطار ترتبط بجذور الأدب العربي الجامع الأكبر للعرب أجمعين وتسمو به إلى وطنية نحتاج إليها في كل وقت، والغاصبون لم يقصروا يوماً في تفتيت عروبتنا على مدار السنين، وها هي نجاح العطار تدلي بخطبة أخرى في ساحة المرجة وقد تقدمت بالعمر قليلاً بفصاحة بالغة وحماسة ملتهبة بالصدق الوطني تحمل العناوين نفسها التي رفضت الانتداب الفرنسي لسورية لكنها هذه المرة تندد بالاحتلال الصهيوني إثر النكبة الفلسطينية عام 1948م.

    الثقافة الزاخرة والعمل المزهر
    بعد نيل الشهادة الثانوية دخلت السيدة العطار جامعة دمشق لتتخرج في كلية الآداب 1954 ثم سافرت إلى بريطانيا مع الدكتور ماجد العظمة الذي تزوجته إثر تخرجها من جامعة دمشق ومن بريطانيا حصلت على شهادة الدكتوراه بمرتبة شرف من جامعة أدنبرة... وهنا بدأ مشوار التحدي الوظيفي عند السيدة العطار حين توجهت إلى جامعة دمشق لتعمل في التدريس الجامعي لكن إدارة الجامعة رفضت ذلك كونها امرأة ما أضاف إلى اهتماماتها أمراً كبيراً يتعلق بإمكانيات المرأة المغيبة عن ساحة العمل رغم أهمية وجودها فيه لإخراج مخزوناتها العلمية وخبراتها إلى نور العطاء خدمة للأوطان التي يشتد عودها وتصلب مواقفها ويزهر تطورها في تضامن جميع أبنائها نساء ورجالاً لصناعة الحاضر والمستقبل بما يخدم توجهات الأمة ويحقق طموحاتها في التقدم واللحاق بمواكب التحضر العالمي. بعد ذلك توجهت السيدة نجاح العطار إلى التدريس في المدارس الثانوية ومن ثم ونتيجة اهتماماتها ذات الزخم الأدبي والثقافي انتقلت إلى وزارة الثقافة لتعمل هناك مديرة لقسم الترجمة مع نخبة من المثقفين السوريين مثل أنطوان مقدسي وحنا مينة، ومما يذكر هنا أنها حصلت على شهادات أخرى في مجال العلاقات الدولية والنقد الأدبي وان الكثير من علماء سورية أثنى عليها أمثال الدكتور عبد اللـه الدايم والمؤرخ شاكر مصطفى.

    السيدة العطار في حضرة الصحافة
    في عودة إلى مقدمة المقال التي يراد به تسليط بعض الضوء على الأدب النسائي أقول: إن الدكتورة نجاح العطار استطاعت أن تتقدم إلى منصة الأديبات السوريات من خلال كتابة المقالات العديدة في جريدة البعث السورية وغيرها من المجلات والصحف وفي تأليفها العديد من الكتب وإجادتها للفرنسية والروسية حتى قيل إنها نظمت شعراً باللغة الروسية. ولقد تناولت الدكتورة نجاح العطار في مقالاتها الصحفية مواضيع مهمة تناسب ما يطفو على سطح المجتمع السوري من قضايا وحاجات وما يتعرض له من أحداث إلى أن كان مقالها السياسي المهم الذي حمل عنوان «إلى سيد يضيق بالسياسة» حيث أشارت فيه إلى ضرورة وضع الشارع السوري في صورة الحدث إثر حرب تشرين عام1973م والجدير بالذكر أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كان من المهتمين والمتابعين لمقالات الدكتورة نجاح العطار ولقد رفض استقبال وفد من الكتاب السوريين لأن السيدة العطار لم تكن بينهم، وهنا يبرز مؤشر مهم من اهتمام الرئيس السوري بتقدم المرأة السورية والارتقاء بجهودها لتكون فاعلة وبناءة في إعمار سورية الحرة القوية المتطورة.. بعد ذاك المقال الذي طالبت فيه السيدة العطار بأهمية التواصل الإعلامي بين المواطن السوري والمسؤول متقدمة على الكثيرين في التركيز على جدوى الإعلام المتطور الهادف، كان لقاؤها مع الرئيس السوري حافظ الأسد.

    من الصحافة إلى الوزارة
    من حبر الأنثى الذي كانت السيدة العطار تسطر به اهتماماتها الشاملة قرأ الرئيس الراحل ما يجيش داخلها من مشاعر تتسم بالأصالة والعشق الوطني لسورية والعروبة وخلال اللقاء معها ظهرت له سيدة عصرية سورية عربية بامتياز تمثل نساء سورية اللواتي يناضلن لأجل سورية الحرة المتطورة وكم كانت تكتنز من ثقافة عالية في حضور بهي وحماسة جليلة وكيف لا وهي لم تنس آنذاك أن هناك قضية مركزية كبرى عصفت بالمقاومة العربية وشلت الكيان العربي في ربيع حريته التي نالها بعد سنوات استعمارية طويلة ونلمس هذا في سؤالها المهم للسيد الرئيس حافظ الأسد وهو «هل يأتي يوم نراك تساوم على القضية الفلسطينية؟» نعم تلك هي ابنة دمشق العروبة.. دمشق المنعاء.. دمشق الحاضنة الأم لقضايا العرب.. الممسكة بمفاصل القضية الفلسطينية منذ نحو نصف قرن وهي تخشى عليها من الضياع على أبواب الزمان والانفصام العربي كما يحصل هذه الأيام التي ضاعت فيها فلسطين تحت رماد مؤامرة الربيع العربي التي جمح الدم العربي ضدها كالشلال العنيد ليقول للأوغاد: لا لن تأكلونا هذه المرة كما فعلتم عام 1948. أما الرئيس السوري حينها فقد قال لها فوراً: «لا». ولقد أعاد الرئيس الأسد الجواب نفسه على السيدة العطار بعد سبعة وعشرين عاماً أثناء زيارتها له في المشفى الذي يعالج به قبيل رحيله: «أترين يا دكتورة.. لقد وصلت إلى هذه المرحلة ولم أتخل عن القضية الفلسطينية...» لقد استطاعت الطالبة الدمشقية ذات الموهبة الخطابية والطموح الواسع أن تكون أول امرأة سورية تشغل منصب وزيرة للثقافة عام 1976 ضمن خطة الرئيس حافظ الأسد التي انتهجها لإنعاش وضع المرأة السورية وإثبات قدرتها على تولي مناصب مهمة كان منها تكليفه امرأة سورية بمنصب المحامي العام الأول لأول مرة في تاريخ القضاء السوري والعربي. وفي عام 2006م صدر مرسوم رئاسي بتعيينها نائبة للرئيس السوري بشار الأسد لتكون أيضاً أول امرأة سورية تشغل هذا المنصب مفوضة بمتابعة السياسة الثقافية في سورية.

    نجاح العطار الوزيرة والزوجة والأديبة والأم
    وكما نجحت السيدة نجاح العطار في الانطلاق بأحلامها الثقافية والأدبية والسياسية بشكل ساهمت به في إثراء المسيرة النسائية في سورية فقد نجحت في بناء أسرة سوية مجتهدة مع زوجها الدكتور ماجد العظمة حيث أنجبا ابناً درس الطب وفتاة درست الطب أيضاً تلبية لرغبة والدها رغم ميل السيدة العطار إلى أن تدرس علم الاجتماع.

    الوزيرة الرمز والحلم
    لم تتوقف ابنة دمشق الياسمينة العطرة الفواحة بشذا الجد والاجتهاد والجريئة في تبني قضايا أمتها دون تقصير أو انكفاء بل ازدادت توهجاً وطنياً وبلادها سورية محاصرة بكل وسائل الحرب ومكائد المؤامرات، وذلك بتقديمها المزيد من الجهود لأجل سورية وثقافة سورية وتاريخ سورية وعروبة سورية.
    وما أجملها من كلمات نطقت بها السيدة العطار في خطاب يؤكد وحدة الشعبين السوري واللبناني وهي تقول: بداية التحية والحب والترحاب في أصدق لقاء أخوي.. لتتابع: وبيروت هي دمشق، ومن ثم تقول: إن لبنان كان درعاً للعروبة أيقظ لغتها من غفوتها، ومنه بدأت تباشير إحيائها على يد البستاني واليازجي.. لكل ما كتبته وقالته أصبحت هذه السيدة رمزاً لكل نساء سورية وأنا أولهن فلطالما حلمت منذ بدايات الشباب أن أكون نموذجاً عن تلك السيدة العصماء التي نقرأ في عطاءاتها شموخ قاسيون وتوهج سنابل القمح وكبرياء قلاع الشام وحنان أسوارها وألفة حاراتها ولقد كانت صديقاتي المقربات يعرفن هذا الحلم ويتابعن نشاطي الأدبي والثقافي بكل تشجيع حتى إن رسائلهن لي حملت عبارات متوهجة بصدق مواقفهن من حلمي مثل: «يوماً ستكونين ما تتمنين...» فتشرق داخلي قصائد نزار وأشعار الخنساء وتكبر عزة عربية سكنت القلب والرأس وتضحك الأزهار لتنقلني على جناحات الأمل إلى حالة من الانتصار لكل مقولة ذات عمق وبعد وذات دلالة وروح ولتنهض في ناظري صورة السيدة نجاح العطار من جديد تبشرني بأن نساء سورية بألف خير وأن الأدب النسائي السوري يجب أن يتابع السير على قوافي الحق ليكون رسالة الحق وأن الاهتمام به يجب أن يكون كبيراً ليكسو وجه سورية بكل المعاني التي تمنحها المزيد من التألق ومن عنفوان التصدي لكل الانتهاكات وليمضي مع النساء إلى ضفاف النور وإلى أسواق أدبية خلاقة تنضح بفخامة العطاء وتتعطر بشموخ المجد الذي تصنعه نساء عمالقة في الأدب والفكر وقد أنجبتهن سورية في مواسم عز وفخار.
    لمحة عن أهم مؤلفات ومقالات الدكتورة نجاح العطار:
    1- أدب الحرب بمشاركة حنا مينة عام 1976م.
    2- من يذكر تلك الأيام بالمشاركة مع حنا مينة 1974م.
    3- نكون أو لا نكون. مقال في جزأين عام 1984.
    4- أسئلة الحياة مقالات 1984.
    ملاحظة: بتصرف عن دراسات كتبت عن الدكتورة نجاح العطار.

Working...
X