قصيدة للشاعر السوري الكبير
عمر أبو ريشة
ملحمة النبي
أي نـجوى مـخضلة الـنعماء** رددتـهـا حـناجر الـصحراء
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى** وضـجـت مـشبوبة الأهـواء
ومـشت في حمى الضلال إلى** الـكعبة مـشي الطريدة البلهاء
وارتـمت خـشعة عـلى اللات** والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
وبـدت تـنحر الـقرابين نحرا** فـي هـوى كـل دمية صماء
وانـثنت تضرب الرمال اختيالا** بـخـطى جـاهـلية عـمياء
عـربدي يا قريش وانغمسي ما** شـئت فـي حمأة المنى النكراء
لـن تزيلي ما خطه الله للأرض** ومـا صـاغه لـها مـن هناء
شـاء أن يـنبت النبوة في القفر** ويـلقي بـالوحي مـن سـيناء
فـسلي الربع ما لغربة عبد الله** تـطوى جـراحها فـي العزاء
مـا لأقـيال هاشم يخلع البشر** عـلـيها مـطـارف الـخيلاء
انـظريها حـول الـيتيم فراشا** هـزجا حـول دافـق الـلالاء
وأبـو طالب على مذبح الأصنام** يـزجي لـه ضـحايا الـفداء
هـو ذا أحمد فيا منكب الغبراء** زاحــم مـنـاكب الـجوزاء
بـسم الـطفل للحياة وفي جنبيه** ســر الـوديـعة الـعصماء
هـب مـن مـهده ودب غريبَ** الـدار فـي ظـل خيمة دكناء
تـتبارى حـليمةٌ خـلفه تـعدو** وفـي ثـغرها افـترار رضاء
عـرفت فيه طلعة اليمن والخير** إذا أجـدبـت ربــى الـبيداء
وتـجلى لـها الـفراق فاغضت** فـي ذهـول وأجـهشت بالبكاء
عــاد لـلـربع أيـن آمـنةٌ** والحب والشوق في مجال اللقاء
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت** عـلـيه سـتـائر الـظـلماء
يـا اعـتداد الأيتام باليتم كفكف** بـعـده كـل دمـعة خـرساء
أحـمد شـب يـا قريش فتيهي** في الغوايات واسرحي في الشقاء
وانفضي الكف من فتى ما تردى** بــرداء الأجــداد والآبـاء
أنـت سـميته الأمين وضمخت** بـذكـراه نــدوة الـشـعراء
فـدعي عـمه فـما كان يغريه** بـما فـي يـديك مـن إغراء
جاءه متعب الخطى شارد الآمال** مـابـيـن خـيـبة ورجــاء
قال هون عنك الأسى يابن عبد** الله واحـقن لـنا كـريم الدماء
لا تـسفه دنـيا قـريش تبوئك** مــن الـمـلك ذروة الـعلياء
فـبكى أحمد وما كان من يبكي** ولـكـنـها دمــوع الإبــاء
فـلـوى جـيده وسـار وئـيدا** ثـابت الـعزم مـثقل الأعـباء
وأتـى طـوده الـموشح بالنور** وأغـفى فـي ظـل غار حراء
وبـجفنية مـن جـلال أمـانيه** طـيـوف عـلـوية الإسـراء
وإذا هـاتف يـصيح بـه اقرأ** فـيـدوي الـوجود بـالأصداء
وإذا فـي خـشوعه ذلك الأمي** يـتـلـو رسـالـة الإيـحـاء
وإذا الأرض والـسـماء شـفاه** تـتـغنى بـسـيد الأنـبـياء
جـمعت شـملها قريش وسلت** لـلأذى كـل صـعدة سـمراء
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد** فــي جـنـح لـيـلة لـيلاء
ودرى سـرها الـرهيب عـلي** فـاشتهى لـو يكون كبش الفداء
قـال : يـا خاتم النبيين أمست** مـكـة دار طـغـمة سـفهاء
أنـا بـاق هـنا ولـست أبالي** مـا ألاقـي من كيدها في البقاء
سـيروني على فراشك والسيف** أمـامـي وكـل دنـيا ورائـي
حـسبي الله فـي دروب رضاه** أن يــرى فـيّ أول الـشهداء
فـتـلقاه أحـمد بـاسم الـثغر** عـليما بـما انطوى في الخفاء
أمـر الـوحي ان يـحث خطاه** فـي الـدجى لـلمدينة الزهراء
وسـرى واقـتفى سراه أبو بكر** وغـابا عـن أعـين الـرقباء
وأقـاما في الغار والملأ العلوي** يـرنـو إلـيـهما بـالـرعاء
وقـفت دونـه قـريش حيارى** وتـنزهت جـريحة الـكبرياء
وانـثنت والرياح تجار والرمل** نـثير فـي الأوجـة الـربداء
هـللي يـا ربـا المدينة واهمي** بـسـخي الأظـلال والأنـداء
واقـذفـيها الله أكـبـر حـتى** يـنتشي كـل كـوكب و ضاء
واجمعي الأوفياء إن رسول الله** آت لـصـحـبة الأوفــيـاء
وأطـلّ النبي فيضا من الرحمة** يـروي الـظماء تـلو الـظماء
عمر أبو ريشة
ملحمة النبي
أي نـجوى مـخضلة الـنعماء** رددتـهـا حـناجر الـصحراء
سمعتها قريش فا نتفضت غضبى** وضـجـت مـشبوبة الأهـواء
ومـشت في حمى الضلال إلى** الـكعبة مـشي الطريدة البلهاء
وارتـمت خـشعة عـلى اللات** والعزى وهزت ركنيهما بالدعاء
وبـدت تـنحر الـقرابين نحرا** فـي هـوى كـل دمية صماء
وانـثنت تضرب الرمال اختيالا** بـخـطى جـاهـلية عـمياء
عـربدي يا قريش وانغمسي ما** شـئت فـي حمأة المنى النكراء
لـن تزيلي ما خطه الله للأرض** ومـا صـاغه لـها مـن هناء
شـاء أن يـنبت النبوة في القفر** ويـلقي بـالوحي مـن سـيناء
فـسلي الربع ما لغربة عبد الله** تـطوى جـراحها فـي العزاء
مـا لأقـيال هاشم يخلع البشر** عـلـيها مـطـارف الـخيلاء
انـظريها حـول الـيتيم فراشا** هـزجا حـول دافـق الـلالاء
وأبـو طالب على مذبح الأصنام** يـزجي لـه ضـحايا الـفداء
هـو ذا أحمد فيا منكب الغبراء** زاحــم مـنـاكب الـجوزاء
بـسم الـطفل للحياة وفي جنبيه** ســر الـوديـعة الـعصماء
هـب مـن مـهده ودب غريبَ** الـدار فـي ظـل خيمة دكناء
تـتبارى حـليمةٌ خـلفه تـعدو** وفـي ثـغرها افـترار رضاء
عـرفت فيه طلعة اليمن والخير** إذا أجـدبـت ربــى الـبيداء
وتـجلى لـها الـفراق فاغضت** فـي ذهـول وأجـهشت بالبكاء
عــاد لـلـربع أيـن آمـنةٌ** والحب والشوق في مجال اللقاء
ما ارتوت منه مقلة طالما شقت** عـلـيه سـتـائر الـظـلماء
يـا اعـتداد الأيتام باليتم كفكف** بـعـده كـل دمـعة خـرساء
أحـمد شـب يـا قريش فتيهي** في الغوايات واسرحي في الشقاء
وانفضي الكف من فتى ما تردى** بــرداء الأجــداد والآبـاء
أنـت سـميته الأمين وضمخت** بـذكـراه نــدوة الـشـعراء
فـدعي عـمه فـما كان يغريه** بـما فـي يـديك مـن إغراء
جاءه متعب الخطى شارد الآمال** مـابـيـن خـيـبة ورجــاء
قال هون عنك الأسى يابن عبد** الله واحـقن لـنا كـريم الدماء
لا تـسفه دنـيا قـريش تبوئك** مــن الـمـلك ذروة الـعلياء
فـبكى أحمد وما كان من يبكي** ولـكـنـها دمــوع الإبــاء
فـلـوى جـيده وسـار وئـيدا** ثـابت الـعزم مـثقل الأعـباء
وأتـى طـوده الـموشح بالنور** وأغـفى فـي ظـل غار حراء
وبـجفنية مـن جـلال أمـانيه** طـيـوف عـلـوية الإسـراء
وإذا هـاتف يـصيح بـه اقرأ** فـيـدوي الـوجود بـالأصداء
وإذا فـي خـشوعه ذلك الأمي** يـتـلـو رسـالـة الإيـحـاء
وإذا الأرض والـسـماء شـفاه** تـتـغنى بـسـيد الأنـبـياء
جـمعت شـملها قريش وسلت** لـلأذى كـل صـعدة سـمراء
وأرادت أن تنقذ البغي من أحمد** فــي جـنـح لـيـلة لـيلاء
ودرى سـرها الـرهيب عـلي** فـاشتهى لـو يكون كبش الفداء
قـال : يـا خاتم النبيين أمست** مـكـة دار طـغـمة سـفهاء
أنـا بـاق هـنا ولـست أبالي** مـا ألاقـي من كيدها في البقاء
سـيروني على فراشك والسيف** أمـامـي وكـل دنـيا ورائـي
حـسبي الله فـي دروب رضاه** أن يــرى فـيّ أول الـشهداء
فـتـلقاه أحـمد بـاسم الـثغر** عـليما بـما انطوى في الخفاء
أمـر الـوحي ان يـحث خطاه** فـي الـدجى لـلمدينة الزهراء
وسـرى واقـتفى سراه أبو بكر** وغـابا عـن أعـين الـرقباء
وأقـاما في الغار والملأ العلوي** يـرنـو إلـيـهما بـالـرعاء
وقـفت دونـه قـريش حيارى** وتـنزهت جـريحة الـكبرياء
وانـثنت والرياح تجار والرمل** نـثير فـي الأوجـة الـربداء
هـللي يـا ربـا المدينة واهمي** بـسـخي الأظـلال والأنـداء
واقـذفـيها الله أكـبـر حـتى** يـنتشي كـل كـوكب و ضاء
واجمعي الأوفياء إن رسول الله** آت لـصـحـبة الأوفــيـاء
وأطـلّ النبي فيضا من الرحمة** يـروي الـظماء تـلو الـظماء