Announcement

Collapse
No announcement yet.

بقلم رقية عبوش الجميلي - حرية التعبير أساس كل الحرية

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • بقلم رقية عبوش الجميلي - حرية التعبير أساس كل الحرية

    حرية التعبير أساس كل الحرية


    رقية عبوش الجميلي
    كاتبة عراقية


    بقلم رقية عبوش الجميلي



    (فرحة) اسم ذو وقعٍ بهيج على النفس. يبعث على الابتسام. وهو إسم علم يطلقهُ القرويون على بناتهم. إلتقيت بها صدفة كانت شاحبة الوجه. طويلة القامة. سلبت حياة الريف الشيء الكثير من نعومة أطرافها. حتى بدت نصف انثى.
    جلست (فرحة) متصدرة أمام باب عيادة أحد الاطباء الذين كنتُ على موعدٍ معهُ... سكونٌ وهدوء يعم المكان. وليس ثمة إلا صوت (فرحة) يلعلع. والكل مصغٍ الى قصتها.
    تقص (فرحة) بحزنٍ على المجموعة من النساء وعدها الذي قطعتهُ لحبيبها (حمد). وهو قريبها. ويعيش معها في ذات القرية. لكن الموت سرقهُ من أحلامها إبان حرب الثمانينات. فأبت فرحة أن يحل أحد محل (حمد).
    ناضلت (فرحة) أمام إلحاح الأهل والأقارب الخاطبين ودها. وما تزال على العهد. وقد ولجت عقدها الرابع. ما لفت انتباهي. ليس القصة. فربما كانت دقيقة. وربما اعتورتها بعض الفبركة. ولكن الجدير بالانتباه. هو كيف لفتاة ابنة الريف. لم تسمع او تقرأ شيئاً عن حرية التعبير عن الرأي. لكنها برغم ذلك استطاعت أن تُعبر عن رأيها أمام غريبات. لم تلتق بهن من قبل. وربما لن تلتقي بهن مستقبلاً.
    سردت عليهن. دون خوفٍ أو حياء. وكأنهن جئن مدعواتٍ لسماع القصة. ما زالت المرأة في إطار مغلق يدور حول حوارٌ ثابت يكاد لا يتغير. مفادهُ (الحرية). وأية حرية؟ أ حرية الفكر؟ أم حرية الجسد؟ أم هو محض حوارٍ نبع عن مؤثراتٍ سمعنا بها. أو شاهدنها.
    لم ألتمس منذ بدء هذا النزاع بين مفهوم الحريات إلا الشيء القليل. بقدرٍ لا يكاد يسد رمق امرأة. عاشت الكبت والتمزق. ولم تدرك الحرية إلا في جلساتٍ خاصاتٍ. لا يحوين غير الإناث يتهامسن ويتغامزن. وتحاول إحداهن أن تبوح بأساها الذي أنهكها. سواءٌ أ كان في حياتها الجنسية أو المهنية أو العاطفية. وليبقى الحوار في دائرة مغلقةٍ من دون تحليل أو علاجٍ. دون أن تدرك أنها قد زادت تكبيل عقدها الأزلية. مشيرة بأصابع الاتهام صوب خصمها الأزلي الرجل. مصورة إياه كوحشٍ كاسر. يبغي الإطاحة بحريتها. ظلت تعمل على زيادة عقدها النفسية المحصورة داخل إطار مغلقٍ لا يتعدى جلسة الحوار. أو سماعة الهاتف أحياناً. حيث تفرغ الهموم بينها وبين الاخريات. برغم انها تطالب بالحرية على مسمع ومرأى من العالم. وشكلت مجاميع من النساء. لتطالب بأقصى العقوبات على العدو (الرجل) حتى نسيت. او تناست دوره في حياتها. كأب وأخٍ وحبيبٍ و زوجٍ وابن. إن كانت المرأة نصف المجتمع. فأين نصفها الثاني؟ إنه الرجل بلا ريب.
    ما هو مفهوم الحرية؟ وأين يمكن أن يترجم؟ أ في البدن؟ أم في الهندام؟ أم وأين حرية الفكر؟ وأين (فرحة) من الكثيرات من المتعلمات اللاتي ألتقي بهن في أماكن العمل. وفي جلسات خاصة. فتبات إحداهن تلوك الكلمة عدة مرات قبل أن تقذف بها مشوهة إلى مسامع الحاضرين. ليس على المرأة إلا أن تحرر نفسها قبل أن تتحرر
Working...
X