Announcement

Collapse
No announcement yet.

مطالبات بوقف مشعوذي الطب الشعبي في الفضائيات

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • مطالبات بوقف مشعوذي الطب الشعبي في الفضائيات

    يشكل دخول الطب وصحة الإنسان مضمار التجارة الاعلامية مشكلة حقيقية باتت تؤرق ليس الجهات الصحية المسؤولة فحسب بل افراد الجمهور أيضا الذين بدؤوا يعانون من ضياع البوصلة في فهم الكثير من القضايا التي تمس أدق تفاصيل حياتهم والمتمثلة في الصحة، حيث إن هناك امراضا يتم تشخيصها عبر الفضائيات والمواقع الالكترونية وأدوية ترسل عبر وسائل النقل السريع للمرضى دون تشخيص من اختصاصيين لعلاج مرض عُضال أو سرطان مميت ، صورة متكررة تحدث بين الفينة والأخرى أبطالها هؤلاء المتعلقون بأستار الدجل والمتحدثون باسم الطب والمتلاعبون بأجساد المرضى والقصص في ذلك كثيرة وعظيمة أما الضحايا فهم المرضى بلا شك.

    وزارة الصحة التي أصدرت اول قانون للإعلانات الصحية تتابع هذه الفضائيات والمواقع الالكترونية لكنها لا تملك ايقاف تلك القنوات الفضائية التي تروج لهؤلاء المشعوذين ولكنها تقوم بمصادرة الادوية المرسلة ومخالفة مندوب تلك الفضائية او الموقع في حال ورود رقمه في الاعلان داخل الدولة.

    اوضح الدكتور عبد الكريم الزرعوني مدير ادارة الاعلانات الصحية في وزارة الصحة ان الوزارة وبالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات قامت العام الماضي بحجب 16 موقعا إلكترونيا ارتكبت مخالفات تراوحت بين الترويج لمنتجات صحية غير مرخصة والترويج لمواد ممنوعة أو مخدرة،

    واشار الى أن (المواقع التي تم حجبها تمثل 9% من إجمالي المخالفات الإلكترونية التي تم رصدها وتحريرها منذ بداية العام الجاري والعام الماضي والبالغ عددها 186 مخالفة، 91% منها مخالفات ضد مواقع الكترونية مباشرة أو المؤسسات التابعة لها).

    مواجهة صعبة

    ورأى الدكتور ابراهيم كلداري استاذ الامراض الجلدية في كلية الطب في جامعة الامارات أن أي دولة مهما اتخذت من احتياطات وإجراءات احترازية ومهما سنت من قوانين وتشريعات فلا يمكن مجابهة ما تبثه بعض الفضائيات، مؤكدا ان من الصعوبة بمكان السيطرة على الاعلانات التجارية خاصة في ظل العولمة والفضائيات العابرة للقارات. بل إنه من الصعوبة كذلك وقف الفضائيات المضللة فوقفها عبر قمري نايل سات وعرب سات سيجعلها تلجأ الى آسيا سات والأقمار الاوروبية.

    وقال: (للأسف الشديد السيطرة على ثورة المعلومات من قبل الدول النامية ضعيفة بل تكاد تكون معدومة امام الاطباق اللاقطة وبالتالي ما نبحث عنه هنا ليس الحل لهذه المعضلة وإنما عن معجزة حقيقية تخرجنا من هذا المأزق).

    وأفاد كلداري بأن هذه الفضائيات تفتح أبوابها لهؤلاء المعالجين المزيفين دون تدقيق في شهاداتهم ومؤهلاتهم، وهي طامة كبرى (كما يشدد كلداري على وصفها).

    تصنيف ضروري

    وقال الدكتور عبد الرحمن العوضي رئيس المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية ان الثورة الهائلة في مجال البث والاتصالات حملت معها إلى العالم العربي، حجما مذهلا من المعلومات في كل مناحي الحياة ومنها العلوم الصحية سواء في مجال العلاج او الدواء عموما، لكنه يحذر من أن تلك المعلومات منها العلمية ومنها غير العلمية، لافتا الى ان من يقف وراء هذه الاعلانات شركات كبرى من الدول الصناعية وتغزو المنطقة بها عبر مختلف تقنيات الاتصال الحديثة، وخصوصا العابرة للحدود، موضحا أنها وفي غالبيتها تكون اعلانات لا امانة فيها ولا صدق في المعلومة، بل ضلال وتضليل، مشيرا الى تحويل الشركة عبر الهجمة الشرسة الاعلان ليكون الوسيلة الاساسية للعلاج عند المريض بدل الطبيب خاصة لذوي الامراض الخطيرة من خلال الآمال التي تبعثها تلك الاعلانات.

    واضاف: (قد يحصل المريض على الدواء مباشرة من شبكة الانترنت او التلفزيون وهو لا يعرف شيئا عن الدواء، كيف واين صنع وما هي درجة امانه او جودته)، مشيرا الى ان من كوارث هذه الثورة التقنية أنها أنقذت الكثير من المشعوذين الذين منعوا من ممارسة الشعوذة، لافتا الى أنه وللاسف فإن الكثير منهم يدير الآن قنوات فضائية تروج على مدار الساعة لشعوذاتهم وهو ما جعل لهم مكانة خاصة عند المرضى والباحثين عن الشفاء تتفوق على مكانة الأطباء وأصحاب اكبر الشهادات العلمية.

    تفاقم الحالة

    لكن أليست الأعشاب أفضل من الدواء ولن تضر بأي حال من الأحوال؟ يرد الدكتور كلداري بأن هذه هي كلمة السر في رواج منتجات هؤلاء المشعوذين الذين يكفيهم ان يباع منتجهم مرة واحدة فقط لكل مريض، إلا أن هذه المرة التي يحصل فيها المريض على منتجهم قد تتسبب له في كارثة وتزيد من الخطورة على صحته وخصوصا أنها توصف دون معرفة حقيقية ودون استشارة طبيب. بل إن الأمر أصبح يتجاوز بكثير الخطورة التي تسبب بها هذه الفضائيات على صحة المرضى إلى صناعة المرض للأصحاء أنفسهم.

    وهذا ما يؤكد عليه الدكتور عبد الرحمن العوضي وهو يعدد غرائز الانسان التي تستهدفها الهجمة الشرسة لإعلانات الفضائيات. وكما أن أدوية تعزيز الحياة درت الملايين من الدولارات على منتجيها عبر مخاطبة غريزة الجنس فقد استغلت أدوية أخرى غريزة الاكل والتي يترتب عليها التخمة فبدل النصح بعدم الافراط في الاكل اخترعت أدوية لتخفيف الحموضة وآلام المعدة إلى جانب تشجيع عمليات تحزيم المعدة بدل أن يطلب من المريض الصوم لتخفيف كميات الاكل.

    تنسيق

    وطالب الدكتور كلداري وزميله العوضي بالتحرك السريع لاعادة الامور الى نصابها الصحيح، والتحرك عربيا وبالتنسيق والتعاون مع الجهات الاقليمية والدولية لوقف بث هذه الاعلانات المضللة لان آثارها تطال الجميع ، لافتا الى أن هذا التعاون اثمر من قبل حيث اتفقت جميع الدول على عدم نشر الاعلانات المتعلقة بالتبغ، مشيرا كذلك إلى تجربة الامارات التي تعتبر الدولة الوحيدة التي سنت نظاما للاعلانات الصحية واصفا لها بالخطوة الجيدة ومشددا مع ذلك على ضرورة التحرك الجماعي.

    وشدد الدكتور امين بن حسين الاميري على ضرورة مراقبة المواقع الالكترونية خاصة في ظل اتخاذ العديد من الشركات والمؤسسات الصحية غير الرسمية في اعتماد المواقع الإلكترونية كوسيلة ترويجية هامة لمنتجاتها من خدمات طبية وصحية وحتى صيدلانية أو أجهزة ووسائل طبية وصحية، وذلك استنادا إلى التطور الكبير والمتسارع الذي تشهده تكنولوجيا المعلومات بما فيه اتجاه العديد من أفراد الجمهور إلى التسوق الإلكتروني بشكل عام.

    وقال: (من خلال متابعة تلك المواقع تبين أن بعض الإعلانات الصحية عليها وحتى محتويات بعض المواقع الإلكترونية أخذت ذات المنحى الذي سارت عليه الأنماط الأخرى من الوسائل الإعلانية من حيث استغلال بعض ذوي النفوس الضعيفة لحاجات المرضى أو طالبي الخدمة كطريق للإثراء السريع)، لافتا الى قيام المواقع المخالفة ببث إعلانات مضللة ومخادعة بل زادت تلك الوسائل الإلكترونية على ذلك باستغلال التقنيات الحديثة وفنون الجرافيك لإبهار وجذب طالبي الخدمة حيث وصل الأمر في بعض الحالات إلى بث صور خادشة للحياء، أو نتائج لاستخدام لمنتج معين من خلال صور لا تعبر عن الحقيقة.



    انعكاسات سلبية







    هناك العديد من الآثار السلبية والانعكاسات التي تتركها محطات الشعوذة، ومنها تسميم عقول الناس وتجهيلهم ودفعها للاعتقاد بوجود قوى أخرى (الجن، النجوم) مسؤولة عما هم فيه الآن،

    ومن ثم فإنهم مسيرون من هذه القوى مهما فعلوا، وأن ما يمرون به من سوء ليس منهم أنفسهم، بل من جراء هذه القوى المتسلطة عليهم، وأنهم واقعون تحت رحمة هذه القوى لاحول لهم ولا قوة. إضافة إلى النصب والاحتيال بواسطة مهنة ليست من المهن التي تقوم على أسس علمية مضبوطة، وتقدم خدمات لأشخاص في مجالات ليست من اختصاصها، وادعائهم بتحقيق أمور لا يمكن التأكد من صحتها وفاعليتها، ولا يمكن برهانها باستخدام أدوات لم توجد بالأصل لهذه الغايات، وإساءة استخدام واستغلال مآسي البشر وبيعهم خدمة لا تقود إلى حل مشكلاتهم، بل يمكن أن تزيد من مشكلاتهم.

    رقابة



    تقوم إدارة الإعلانات الصحية وقسم الرقابة تحديدا بالرقابة على المواقع الإلكترونية لرصد أية إعلانات أو أنشطة ترويجية صحية، حيث يتم تنظيم قيود بحق المخالفين لنظام الإعلانات الصحية. كما يتم في ذات الوقت التنسيق مع الجهات الصحية ومع هيئة تنظيم الاتصالات كجهة مسؤولة عن ترخيص مؤسسات تقديم الخدمات الإلكترونية والاتصالات بالدولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين لنظام الإعلانات الصحية، وكذلك لأنظمة مزاولة المهن الطبية والصيدلانية وأنظمة تداول المنتجات الصحية بالدولة.

    فضائيات الشعوذة تخاطب الأزمات الروحية

    مع الانتشار الواسع للقنوات الفضائية، وتحول العالم إلى قرية صغيرة، ظهرت للأسف بعض القنوات الفضائية التي تستقطب بعض المشعوذين ممن يدعون القدرة على علاج الأمراض المزمنة والمستعصية، بما فيها الأورام، عن طريق الشعوذة، مستغلين بذلك المثل القائل (الغريق يتعلق بقشة) ولو كان الأمر على حساب صحة الناس ومشاعرهم ومآسيهم وأزماتهم، والعمل على مخاطبة الأزمات الروحية لدى المرضى، فهناك سوق واسعة من «طالبي الخدمة» المتلهفين، الذين تعصف بهم أزماتهم الوجودية والنفسية، ومن الذين يعانون من فقدان الهوية والتوجه وضعف الثقة بالنفس، ومن الذين لا يعرفون إلى من يلتجئون في المساعدة في حل مشكلاتهم.

    وهناك دائماً عروض مقدمة من قبل عشرات الأشخاص الذين يدركون أزمة هؤلاء ويجيدون استغلالها والمتاجرة بها، دون أن يمتلكوا المؤهل اللازم والكفاءة المتخصصة في التعامل مع مشكلات من هذه الأنواع، وجاهزين لتقديم تفسيرات «ما ورائية» للأزمات الروحية والنفسية والوجودية التي تعصف بهؤلاء. فانتشرت على هذه الشاشات ظواهر مختلفة تحت تسميات متعددة، ظاهرها يوحي بالعلمية والمصداقية، وباطنها مجرد وهم، كالعلاج بالأعشاب لأمراض مستعصية من نحو التهاب الكبد والإيدز... إلخ.

    والتنجيم وقراءة الأبراج وقراءة الطالع، وأخيراً ممارسات الشعوذة التي تجاوزت كل منطق إنساني وإحساس أخلاقي وديني، لا تهدف إلا إلى الكسب المادي بالدرجة الأولى، ممارسة أشد أشكال الدجل والتدليس والنفاق والكذب والنصب، مساهمة في زيادة تغييب العقل وتهميشه، باستخدام وسائل تمثل بالنسبة للعامة نقاط ضعف بسبب الضياع العقلي والتيه الوجودي، مستغلة الدين في صورة من أشد صور استغلال الشريعة قذارة.

    وما تحتاجه المحطة ليس أكثر من «دجال» وكاميرا وهاتف ومقدمة برامج حسناء، والوهم المباع أو الوهم المطلوب هنا، هو أن يقوم «الدجال» بحل جميع المشكلات التي يعاني منها الإنسان دون أن يكون الشخص نفسه فاعلاً في الحل، ودون أن يفعل شيئاً في سبيل ذلك. وهو ما يعبر عن اتجاه حياتي استسلامي مستلب وأناني، دون أن يدرك طالب الخدمة هذا أن هذا الاتجاه بحد ذاته هو سبب مشكلته.





    أكثر...
Working...
X