Announcement

Collapse
No announcement yet.

حمص تفتح أبوابها للتاريخ - خالد الأحمد

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حمص تفتح أبوابها للتاريخ - خالد الأحمد

    حمص تفتح أبوابها للتاريخ

    خالد عواد الأحمد
    ما من مدينة عربية تاريخية إلا ولها سور وأبواب، ويخيل للأجيال الحديثة أن نشأة المدن العربية ارتبطت منذ البداية بأفكار الحماية والتحصين وهو ما توهمه الرحالة الأوربيون الذين وفدوا إلى ديارنا في القرون الثلاثة الأخيرة وهم يصادفون الأسوار والبوابات والقلاع سواء في مدن تقع على سواحل البحار أو التي تقع في أحضان الصحراء أو حتى تلك المطلة على الأنهار كمدينة حمص التي يختصر تاريخها خمسة آلاف سنة من عمر الزمن.
    وتقع مدينة حمص القديمة ضمن الأسوار التي أعطى امتداد مسارها شكلاً يقترب قليلاً من المستطيل المشوه في استقامة أضلاعه، وتشكل قلعة حمص الزاوية الجنوبية الغربية لهذا المستطيل، والمدينة القديمة المحصورة ضمن الأسوار هي مدينة حمص الإسلامية وكذلك الحال بالنسبة إلى الخندق الذي يحيط بجدران أسوارها من جميع الجهات فهو من ضمن النظام الدفاعي للمدينة القديمة. ولقد أثبتت بعض المعلومات أنه لا توجد علاقة مباشرة لكتلة جدران السور وبالتالي لشكل المدينة القديمة بمخطط مدينة (إميسا) التي وجدت زمن الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية والمخطط الحالي للمدينة القديمة في حمص هو مخطط إسلامي والأسوار الرومانية مدفونة تحت أنقاض المدينة الحالية مباشرة. ويبدو أن البقايا الحالية من كتلة أسوار مدينة حمص وبواباتها تعود إلى عهد المنصور إبراهيم وقد بقيت هذه الأسوار قائمة بشكل كامل زمناً طويلاً إذ أن الرحالة الأوروبي (بيربيلون) وصف أسوار حمص في القرن السادس عشر الميلادي بأنها منيعة وقوية ومشيدة بأحجار منحوتة. وهو وصف ينطبق على بقايا جدران الأسوار التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا ومع ابتداء القرن الحالي تداعت الأسوار وبدأت يد الهدم تمتد إليها إلى أن وصلنا إلى الحالة الراهنة التي نعرفها عن جدران تلك الأسوار.
    أما أبواب حمص فاستناداً إلى الإخباريين العرب مثل الواقدي (بداية القرن الثالث الهجري) فكانت عند الفتح الإسلامي للمدينة أربعة أبواب وهي (باب الرستن وباب الشام وباب الجبل وباب الصغير)ويعتقد أن باب "الرستن" الذي دعي في فترة زمنية متأخرة بـ "باب السوق" كان يقع عند الزاوية الشمالية القريبة من الجامع النوري الكبير وسمي كذلك بـ (باب المغلاق) بعد إنشاء حي الحميدية وبناء الأسواق والخانات والدور بينه وبين الجامع الكبير أواخر القرن التاسع عشر.
    وفي فترة المنصور إبراهيم جعل لحمص أبواباً جديدة منها: (باب تدمر) ويقع في الطرف الشمالي لسور البلد الشرقي وبقيت معالمه حتى السبعينات من هذا القرن وكان يفضي إلى الطريق الذاهبة إلى تدمر.
    ويقع (باب السباع) إلى الشرق من القلعة وهو يفضي إلى المدينة القديمة من الجهة الجنوبية. وكان يستند في دعامته الغربية إلى السفح الشمالي الشرقي للقلعة وفي دعامته الشرقية إلى سور المدينة. أما موضعه فيؤكد بشكل ما أنه من البوابات التي كانت تخدم مدينة حمص قبل العصر الإسلامي. وكان مفتتح الطريق إلى دمشق عن طريق مسكنة، وهناك (باب التركمان) الذي يستند في دعامته إلى السفح الشمالي الغربي للقلعة وقرب الطريق الصاعد إليها ونرجح أن هذا الباب شق في السور بعد إغلاق (باب المسدود) ليتمكن الناس وراءه من الوصول إلى غرب البلدة من تلك الجهة، ولما كان السلطان سليم قد أنزل في تلك المنطقة عدداً كبيراً من التركمان فقد عرف الباب باسمهم وكذلك الحي الذي نزلوا به.
    (الباب المسدود)
    أما (الباب المسدود) فيقع في الشمال مباشرة من باب التركمان وسمي بهذا الاسم لأن السلطان سليم عندما غادر حمص سنة 1516 خرج من هذا الباب وأمر بسده كعادة السلاطين العثمانيين حتى لا يمر به أحد بعده وانزل وراءه عائلات تركمانية لا تزال أغلب دورهم هناك حتى الوقت الحاضر لذا صار هذا الباب يدعى باب المسدود وربما كان يعرف قبل ذلك بـ (باب الجبل) وبجانب الباب برجان وجزء من خندق وتشاهد على إحدى دعاماته كتابة تشير إلى أن بانيه هو المنصور إبراهيم بن شيركوه بن محمد هذا نصها (أمر بعمارة هذا الباب مولانا السلطان الملك المنصور السيد الأجل العالم العادل المجاهد المرابط المؤيد المظفر المنصور سلطان الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين ناصر أمير المؤمنين أبي طاهر إبراهيم بن شيركوه بن محمد بنظر العبد الفقير على عفو ربه الغفور زين الدين يعقوب بن نصر المجاهدي المنصوري في شهر ذي الحجة سنة 641 هجرية).
    والباب الرابع هو (باب هود) وهو يقع في الجهة الغربية من حمص قرب مقام النبي هود و(هود) _ كلمة كنعانية قديمة تعني المجد ولم تبق من آثاره سوى بعض المداميك الحجرية المتناوبة بين الأسود والأبيض ويؤكد موضعه على أنه كان دائماً بوابة عبر العصور لمدينة حمص إذ أنه يفضي إلى الجهة الغربية من خارج المدينة.
    أما سور حمص فلا تزال بعض معالمه ظاهرة في المنطقة الواقعة بين باب تدمر وباب الدريب وعندما هدمت البلدية حي الأربعين في الثمانينات ظهرت قطعة من سور المدينة كانت داخلة في بنية البيوت التي تمر بها، فأبقت عليها البلدية للذكرى والتاريخ ولم تلحقها بحي الأربعين وكانت تقوم في هذه الأسوار أبراج لا يزال بعضها ماثلاً حتى الآن كبرج جامع الأربعين.
Working...
X