Announcement

Collapse
No announcement yet.

حكاية أدونيس مع زوجته

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • حكاية أدونيس مع زوجته



    حكاية أدونيس مع زوجته

    أدونيس مع زوجته
    وفي سنة 1956 أنهى خدمته الإلزامية وتزوج من خالدة سعيد وانتقلا إلى لبنان واستقرا في بيروت. وفي أواخر تشرين الأول 1956 في الأسبوع الأول من وصوله إلى بيروت التقى بيوسف الخال ومنذ لقائهما نشأت بينهما صداقة قوية، وكانت بدايةُ مجلة «شعر» أفقاً جديداً للشعر العربي. وكانا كمثل شخصين يسكنهما هاجس واحد من أجل قضية واحدة: «التأسيس لكتابة شعرية عربية جديدة». لقد كان يوسف الخال يطمح إلى وضع الشعر العربي من جديد على خارطة الشعر في العالم. وفي مطلع 1957 صدر العدد الأول من مجلة «شعر».

    يقول أدونيس: «ضم العدد الأول، على سبيل المثال قصيدة تفعيلية حديثة للشاعر سعدي يوسف، وضمّ بالمقابل قصيدة لشاعر على طرف النقيض فكراً وشعراً هو بدوي الجبل، وهي قصيدة كلاسيكية من طراز نادر ورفيع. هكذا لكي تؤكد أنها ليست "قطيعة" مع التراث وليست "هدماً" له، وإنما هي أفقٌ آخر في شعرية اللغة العربية، وهو أفق يتآخى مع الآفاق الأخرى ومن ضمنها أفق الفترة التأسيسية، فترة ما قبل الإسلام. وكل ما ركّزَتْ عليه أن هذا الأفق الذي تفتتحه يُوسع حدود الشعر التي وضعها أسلافنا، ومن ثم يطرح مفهوماً آخر للشعر يتسع للكتابة خارج الوزن أو لكتابة الشعر نثراً، شريطة أن يخرج النثر من نثريته. ولهذا ركزت في هذا المفهوم على طبيعة اللغة الشعرية وعلى جماليتها، لا على الوزن».

    وكانت المجلة تقيم ندوة أسبوعية باسم «خميس شعر» كان الشعراء المقيمون والضيوف العابرون يلتقون فيها، ويقرأ من يشاء منهم آخر ما كتبه أو بعض ما كتبه ثم يناقش الجميع في ما سمعوه، بحرية كاملة ومحبة كاملة. ودامت هذه الفترة من عام 1957 إلى 1963 وبعدها افترق أدونيس ويوسف الخال.

    بعد «شعر» وبعد نكسة 1967 أصدر أدونيس ومن بيروت مجلة «مواقف» وكانت تعنى بالأنشطة الأدبية والثقافية الجديدة.

    سنة 1973 حصل أدونيس على دكتوراه الدولة في الأدب من جامعة القديس يوسف في بيروت، وموضوع الأطروحة التي صدرت بعد ذلك كان «الثابت والمتحول».

    بدءاً من عام 1981 تكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة وألمانيا، وتلقى عدداً من الجوائز اللبنانية والعالمية وألقاب التكريم، وتُرجمت أعماله إلى ما يقارب الثلاث عشرة لغة.

    غادر بيروت في 1985متوجهاً إلى باريس بسبب ظروف الحرب وحصل سنة 1986 على الجائزة الكبرى ببروكسل، ثم جائزة التاج الذهبي للشعر في مقدونيا في تشرين الأول 1997.

    كانت باريس الصدمة الأولى في زياراته لمدن العالم: قروي فقير لم يكن يحلم حتى برؤية دمشق أو بيروت، وها هو في باريس، لقد كان الواقع بالنسبة له مثل الحلم. يقول: «قد بقيت في باريس فترة لا أعيش إلا بوصفها حلماً. مرةً سرتُ منتشياً من برج ايفل إلى مقهى الدوماغو تحت رذاذ مطر خفيف. تبللت طبعاً ثيابي وجسدي واخترقت الماء والحصى نعل حذائي. وما كان أسعدني. ربما بسبب من سيطرة هذا السحر، لم أقدر أن أتابع دراسة الفرنسية في مدرسة «الأليانس»، فبعد أسبوع من دخولي إليها قررت أن أهجر الدراسة نهائياً. وغرقتُ في التعرف على المدينة حياً حياً وشارعاً شارعاً. غرقتُ كذلك في التعرف على شعرائها وكتّابها وعلى نشاطها الثقافي بقدر ما كنت أستطيع. وفي فترة قصيرة نسبياً -أقل من سنة- تعرفت على عدد من أهم الشعراء، ونشأت بيني وبين بعضهم صداقة لا تزال قائمة حتى الآن».


    ولقد كانت باريس بالنسبة إلى أية مدينة أخرى غيرها مثل اللغة العربية إلى بقية اللغات. لقد كانت تحول دون دخول أية مدينة أخرى، كما اللغة العربية التي تحول دون أن تدخل إلى نفسه أية لغة أخرى. ففي طوكيو أُخِذَ بالأسواق الشعبية، في بكين وشنغهاي أُخِذَ بحسن الضيافة وهو يذكر أنه زار المركز الإسلامي ومسجده في بكين، فاستقبلته امرأة جميلة اسمها فاطمة كانت هي التي تشرف على شؤونه، وزار السور المشهور ووقف في الطواف عند نقطة لم يشأ أن يمضي إلى أبعد منها، وعلق المترجم ضاحكاً: «إنها النقطة بالضبط التي وصل نيكسون ولم يشأ هو أيضاً أن يمضي إلى أبعد».

    أما نيويورك فهو يذكر أنها المدينة الثانية التي أحدثت فيه انقلاباً نفسياً وفكرياً بعد باريس، ويصفها على أنها «جهنم الفكر، جنة الحواس، في جسد واحد» وكتب عنها قصيدة «قبر من أجل نيويورك». تعرّف إلى موسكو وعرف فيها عدداً من شعرائها، وكذلك آلما آتا عاصمة كازاخستان وهي مدينة إسلامية، وعندما زار مسجدها أخذ الناس يلمسون ثيابه ويتبركون لأنه آتٍ من جهة المدينة المنورة. وهكذا انتهى إلى أن الشرق والغرب أشبه بمصطلحين جغرافيين وأنه حضارياً الكون واحد والفرق في هذه البقعة أو تلك فرق في الدرجة لا في النوع.

    أما عن السياسة الغربية الأميركية على وجه الخصوص فهو يراها على أنها لا تحب هذا النوع من الكلام الشعري البسيط. فهي تريد على العكس أن «تُعَوْلِم» الكون في سوق واحدة تهيمن عليها، تريد أن تُذَوِّب «الشرق» في «الغرب» غربها، لا تريد أنداداً أو مشاركين أو محاورين وإنما تريد تابعين سامعين طائعين، وهي آخذة في تحقيق ما تشاء!!

    في 2007، كان أدونيس أحدَ المرشحين لجائزة نوبل للآداب ولكن للأسف لم ينَلْها.


Working...
X