Announcement

Collapse
No announcement yet.

لأدونيس :الكتاب أمس المكان الآن - تاريخ يتمزق في جسد إمرأة

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • لأدونيس :الكتاب أمس المكان الآن - تاريخ يتمزق في جسد إمرأة



    لأدونيس :الكتاب أمس المكان الآن - تاريخ يتمزق في جسد إمرأة




    الكتاب أمس، المكان، الآن

    شعر، دار الساقي، 1995-1998.

    يقول أدونيس أن القصيدة الغنائية القصيرة المفردة أصبحت ضيقة على الشعر، ولم تعد تتسع له إلا مساحة بحجم التاريخ، هكذا يتمسرح التاريخ العربي في هذا الكتاب كأنه شريط سينمائي جامع، ترى في كل منظر منه أي على كل صفحة من هذا الكتاب، كيف تتقاطع الأزمنة الثلاث وكيف يتلاقى الذاتي والموضوعي وكيف يتصارع القديم والجديد. ويذكر أدونيس أن بنية الصفحة في هذا الكتاب تستفيد من الفن السينمائي.

    ليس هذا الكتاب مجرد «حفر أركيولوجي في الجانب المظلم من التاريخ العربي»، وإنما هو حفر شامل في هذا التاريخ بوصفه كلاً لا يتجزأ بجوانبه المظلمة وجوانبه المضيئة على السواء، إضافة إلى ذلك الصوت الخافت تحت التاريخ أو على هامشه أو ما وراءه والذي يصفه بأنه صوت من لا أحد لأنه صوت الكل. وهو ما يتمثل على نحو خاص في القسم الأسفل من متن كل صفحة في الكتاب.

    وكم نستمتع ويذهب خيالنا بعيداً حين نسمع هذا الصوت ينشد مرة:

    «يسأل الرعد في هذه الغيوم التي
    تتلبّد في يأسه
    كيف يبقى بعيداً قريباً إلى رأسه؟».


    تاريخ يتمزق في جسد إمرأة

    شعر، دار الساقي، 2007.

    يقول فيه الباحث بيار أبي صعب أن أدونيس في ديوانه الأخير هذا يسترسل في «نحته الواعي» للعبارات والصيغ والإيقاعات والصور كي تتسع للرؤيا ويستعيد تلك الأرض الخراب التي تحتضن حضارة على شفير الزوال، ليصوغ قصيدة درامية طويلة ربما على طريقة إليوت ويستسلم إلى «هجرة لا قرار لها والطريق امرأة».

    نجد الكورس الإغريقي أو الجوقة، والراوية، والرجل، والبطلة التي تقارب إلكترا، وأندروماك وميديه أيضاً، حيث البطلة امرأة مضطهدة امرأة وطفلها: «هذه سيرة امرأة عبدة وابنها نُفيَت، لا لشيء سوى أنها كسرت قيدها، ويحكى أنها زُوِّجَت لنبي وأن ابنها صار من بعدها نبياً، ولكن لم يجئ في تعاليمه أنها حُرّرت».

    إنه كتاب مسكون بالعناصر الأولى، بالغسق والقمر والسماء والنخيل، مسكون بالجسد والشبق والحب الصعب ونداء الحرية والكلمات المركبة والنبوة والمجاز: «أتراني أعيش مجازاً ولست امرأة؟ خطواتي قيود ولكن جسمي فضاء. آه ما أجمل الحياة وسحقاً لجنتها المرجأة». هذا نزوع صوفي شبقي بأكثر معاني الشبق تمرداً وجودياً وعصياناً ميتافيزيقياً: «سأصلي لجسمي لثنياته ولنهديّ مسترسلين، صعوداً هبوطاً إلى كل ما جهلته النبوات فينا».

    ويعود الباحث بيار أبي صعب ليقول في نصه الشعري إن أدونيس يبدو بطريركاً خارج البطريركية يعرف أن الأنوثة هي الطريق إلى الحقيقة. إنه نبي خارج على النبوة وعرّاف لا يقيم وزناً لأحكام القبيلة يأخذ بطلته إلى ذروة الفاجعة يتركها «في حالة من العذاب كأنما ليس وراءه إلا الموت»، ثم يترك للجوقة أن تعيد إليه الكلمة عند ذروة المأساة: «إنها وابنها أسيران في ظلمات بداياتها لفظة ونهاياتها لفظة، يقرأ الطالعون من الوحي ما تيسّر منها: زمن بائد ودم نافر، إهدِهم إهدِهم أيها الشاعر».


    خاتمة

    لا شك أن أدونيس أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل، فهو حيناً شاعرٌ وآخراً ناقدٌ لاذع أو فيلسوفٌ أو باحثٌ. لقد ترك أدونيس لنا تراثاً أدبياً وفكرياً كبيراً، عسى أن نتفاعل بصدق مع ذلك الصوت الذي انبثق من هذه الأرض الجميلة وهذا الوطن الغالي!


    المراجع

    - حوار نُشِر في «عيون»، إعداد مارغريت أوبانك وصموئيل شمعون.
    - كتاب الحوارات الكاملة 1960-1980، الجزء الأول، ط1، دار بدايات، جبلة، 2005.

    نبيل سلامة

    اكتشف سورية



Working...
X