قالوا عن حمص (10)
المهندس جورج فارس رباحية
1 ـ قال الرحّالة الشهير ابن بطوطة (1) في كتابه ( تحفة النُظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ) عن حمص عندما مرّ بها :
(( سافرت إلى مدينة حمص ، وهي مدينة مليحة ، أرجاؤها مؤنّقة وأشجارها مورقة ، وأنهارها مُتدفّقة ، وأسواقها فسيحة الشوارع وجامعها مُميّز بالحسن الجامع (2) وفي وسطه بركة ماء . وأهل حمص عرب ، لهم فضل وكرم . وبخارج هذه المدينة قبر خالد بن الوليد سيف الله ورسوله ، وعليه زاوية ومسجد . وعلى القبر كسوة سوداء . وقاضي هذه المدينة جمال الدين الشريشي من أجمل الناس صورة وأحسنهم سيرة )) .
2 ـ و قال المؤرّخ والجغرافي ابن فضل الله العمري (3) في كتابه الشهير ( مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ) فيما ذكره عن حمص ، نقتطف منه ما يلي :
(( كانت حمص معظّمة عند الروم ، كرسي ملكهم ، ولم يزل يُشار إليها بالتعظيم ، وهي في وطأة ممتدّة على جانب نهر العاصي في شماله .
والمدينة مبنيّة بالحجر الأسود الصغير ، وبها الحجر الأبيض أيضاً ، لكن الأكثر هو الأسود . ويستدير بها سور ، وبها قلعة لا تمنع . وفي هذه القلعة قُبّة ، يُقال لها قُبّة العبّاس ، عليها صورة رجل من نحاس ، قد بسطَ يده وأشار بالسبّابة إلى موضع .وكانت هذه الصورة في انطرطوس . وكان عند أهل حمص مصحف أمير المؤمنين عثمان بن عفان فدفعوا المصحف إلى أهل انطرطوس (4) وأخذوا هذه الصورة . وللمدينة من العاصي ، ماء مرفوع يجري إلى دار النيابة وبعض مواضع فيها ومنها الجامع الأعظم ، وهو جامع كبير (5) حسن البناء وبه عمود يُقال أنه من الكحل الأصفهاني . وفي المدينة مدارس ومساجد كثيرة وغير ذلك . وبها قبر خالد بن الوليد خارجها ، ولا يصحّ هذا ، وإنّما هو قبر خالد بن يزيد بن معاوية لأن خالد بن الوليد مات بالمدينة (6) . وظاهر حمص أحسن من باطنها ، لا سيما في زمن الربيع ، وما يلبس به ظواهرها من حلل الربيع الموشّحة بالأزهار ما مدّ النظر ، ترنو بأحداق النرجس وثغور الأقاح ، ويتوسّط بها البحيرة ( يقصد يحيرة حمص ) الصافية الماء والصافية السماء ذات السّمك المنقول إليها من الفرات حتى تولد فيها والطير المبثوث في نواحيها .
وحمص تتلو إسكندرية مصر في ما يعمل فيها من القماش الفائق على اختلاف الأنواع وحسن الأوضاع )) .
3 ـ وذكر المؤرخ والجغرافي أبو الفداء (7) حمص في كتابه ( تقويم البلدان ) فنقتصر على
ما دوّنه عن بحيرة قدس فقال :
(( بحيرة قدس وهي بحيرة حمص ، طولها من الشمال إلى الجنوب نحو ثلث مرحلة وسعتها طول السد حسبما نذكره ، وهي مصنوعة على نهر الأورنط (8) . فإنه قد صنع في طرف البحيرة سد بالحجر من عمارة الأوائل ويُنسَب إلى الإسكندر (9) . وعلى وسط السد المذكور بُرجان من الحجر الأسود . وطول السد شرقاً وغرباً/1287/ ذراعاً وعرضه /5ر18/ ذراعاً (10) . وهو حبس لذلك الماء العظيم بحيث لو تخرّب السد لسال الماء وعدمت البحيرة وصارت نهراً . وهي في أرض مستوية تبعد عن حمص بعض يوم في غربها (11) ويُصاد بها السّمك )) .
1/12/2011 المهندس جورج فارس رباحية
المفــــردات :
(1) ـ ابن بطوطة : ( 1303 ـ 1377 ) م هو محمد بن عبد الله وُلِدَ في طنجة ، رحّالة
طاف أنحاء العالم المعروف واستغرقت رحلاته الثلاث زهاء 29 سنة . تُرجمَ كتابه
" تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية .
(2) و (5) ـ يقصد به جامع النوري الكبير في حمص القديمة حيث كان معبداً للشمس ثم
تحوّل إلى كنيسة القديس يوحنا حوالي عام 391 م ثم تحوّل إلى جامع عند الفتــح
العربي سنة 636 م .
(3) ـ العمري : ( 1301 ـ 1349 ) م هو شهاب الدين أحمد بن يحيى بن محمد بن فضل
الله القرشي العدوي العمري ، وُلِدَ في دمشق ونشأ فيها كما أنه توفي فيها . من أعظم
آثاره كتاب " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار " وكان في عشرين مجلّداً وجعـله
في قسمين ، الأول : في الأرض . والثاني : في سكان الأرض .
(4) ـ إنطرطوس : ربما أنه يقصد اسطنبول حيث كان يوجد مسجداً في قلعـــة حمص
يُحتفظ فيه بمصحف عثمان بن عفّان (رض) المخطوط على رق الغزال وللحفــاظ
عليه نُقِلَ إلى جامع خالد بن الوليد ، ثم نقله جمـال باشا إلى اسطنبول .
(6) ـ يذكر أكثر المؤرخين وفاة خالد بن الوليد (رض) في مدينة حمص منهم الواقــدي
، ابن حجر العسقلاني ، الطبري ، ابن الأثير ، أبو الفداء ، وابن بطــوطة ، بينما
ياقوت الحموي والعمري يرجّحان وفاته في المدينة وإن المنجد في اللغة والأعـلام
ذكر أنه توفّي في المدينة .
(7) ـ أبو الفداء : ( 1273 ـ 1332 ) م هو إسماعيل بن علي بن محمود بن محمـد بن
عمر بن شاهنشاه بن أيوب ، الملك المؤيد صاحب حماه ، مؤرّخ جغرافي وُلِدَ فـي
دمشق وذهب إلى مصر واتصل بالملك الناصر فأحبّه وجعله سلطاناً على حماه وبلغ
عدد المدن التي وصفها في سفره /623/ مدينة مرتّبة حسب الأقاليم . ألّف كــتب
عديدة أهمّها كتاب : تقويم البلدان .
(8) ـ الأورنط : يقصد به نهر العاصي الذي يمرّ غرب حمص .
(9) ـ الإسكندر : يقصد به الإسكندر المكدوني ( الكبير ) ( 356 ـ 324 ) ق.م .
(10) ـ حسب ما ذكر المؤرخ في طول وعرض السد : فيكون طول السد /865 / متراً
وعرضه /13 / متراً .
(11) ـ تبعد بحيرة حمص عن المدينة بحدود 12 كم .
المصــادر والمــراجع :
ـ تاريخ حمص الجزء 1 : الخوري عيسى أسعد 1939
ـ تاريخ حمص الجزء 2 : منير الخوري عيسى اسعد 1984
ـ ربوع محافظة حمص : د . عماد الدين الموصلي 1981
ـ حمص دراسة وثائقية : سباعي وزهراوي 1992
ـ الجذر السكاني الحمصي ج 2 : نعيم الزهراوي 2003
ـ الجذر السكاني الحمصي ج 5 : نعيم الزهراوي 2006
ـ مقالات تاريخية : المهندس جورج فارس رباحية 2005
ـ مدينة حمص في ظل الخلافة العثمانية : محمد غازي حسين آغا : 2005
ـ حمص وخالدها : محمد فيصل شيخاني 2006
ـ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ـ حمص في التاريخ الأجزاء 1، 2 , 3 : جامعة البعث بحمص سنة 2008
Comment