Announcement

Collapse
No announcement yet.

ما هو الاكتئاب - إعداد :محمود عمان

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • ما هو الاكتئاب - إعداد :محمود عمان

    ما هوالاكتئاب
    إعداد :محمود عمان

    يعد الاكتئاب من اكبر المشاكل النفسية و الاجتماعية في البلاد المتقدمة خاصة حيث ينتشر اليأس و فقدان الأمل في المستقبل كما تنتشر حالات فقدان الثقة بالنفس و يتناقص الاهتمام بالناس و الأشياء المحيطة و الميل إلى العزلة.
    أيضا تتناقص الهمة و النشاط و الرغبة في العمل.
    يعبر عن ذلك كله حالة من عدم الاطمئنان الدائم وكذلك التشاؤم، و يصاحبه أيضا أعراض عضوية مثل ضعف الشهية و قلة النوم و فقدان الطاقة الجنسية.
    لقد حاول الأطباء علاج هذه المشكلة بالصدمات الكهربائية إلا أن الطب الحديث قد تخلى عن هذا الأسلوب في العلاج بعد أن اثبت فشله.
    كما إن العلاج الطبي بالأدوية الكيماوية أو العلاج الطبي النفسي لم يثبت حتى الآن أن أي منهما له تأثيرات إيجابية علاجية لهذه المشكلة.
    ولقد تعددت و تنوعت التفسيرات بالنسبة للاكتئاب، فمن التفسيرات من يوصفها بأنها مشكلة عضوية ، و تفسيرات أخرى تجعلها مشكلة نفسية.
    و لكن في الحقيقة؟؟؟؟

    لا يستطيع أي إنسان أن يعيش بلا آمل، فبالأمل يكون قادر على ان يهضم خوفه و قلقه و صراعاته في حاضره.فهو مستعد تماماً بأن يضحي بحاضره كله في سبيل الأمل الذي لم يأت بعد ، في سبيل الجنة التي تنتظره في حياته او هي مؤجلة في حياة أخرى في عالم الغيب...هو دائماً في حالة انتظار.شيء ما عظيم سوف يحدث...شيء ما يحقق له السعادة التي لم يعرفها بعد...يحقق له تطلعاتهوما يتوق إليه.
    فأحلامه كلها سوف تتحقق غداً . و الغد كان دائماً مانحاً للحياة.
    و الحكومات كانت دائماً ما تعد بالجنة...بمدينة أفلاطون الفاضلة حيث لا مكان للفقر و لا مكان للطبقات و الحرية المطلقة والمساواة هي شعار الجنة الموعودة حيث متاح لكل إنسان ما يحتاجه.
    كما أن رجال الدين الموظفين كانت وعودهم دائماً خلابة، لقد كانت جنتهم الموعودة دائماً في علم الغيب،في حياة أخرى.
    انهم يفتقدون المقدرة على صنع حياة سعيدة...هم فقط يساعدون الحكومات في استغلال براءة الإنسان فهم دائماً ينصحونه بالصبر و التحمل و عدم التمرد و هضم الواقع المرير،مستغلين في ذلك الأمل بالجنة الموعودة.
    فاعتياج الإنسان النفسي للأمل_لكي يستطيع أن يعيش-كان دائماً هو السلاح الذي تمتلكه الحكومات و رجال الدين لكي يحافظوا على الاستقرار و عدم التمرد حفاظاً على مناصبهم و أوضاعهم الاجتماعية.
    كما أن الإنسان نفسه سواء كان من أهل الدنيا أو من أهل الآخرة ، إذا لم يجد الأمل و الوعد لدى الحكومات و رجال الدين، فهو يخلق أمله بنفسه حتى يستطيع أن يتحمل واقعه المرير.
    وفي النهاية هو سعيد بعيادة التعاسة و الفقر لأنه في حالة انتظار دائم...فكل ما يمكن أن يحلم به الفقير سوف يتحقق في غد لم يأت بعد.
    من أجل ذلك ، كانت كل تعاسات حاضره تبدو صغيرة جداً...كان يتحملها في رضا و في سعادة...فلم يكن هناك إحباط.
    أما الاكتئاب ، فهو ظاهرة حديثة مرتبطة بهذا العصر الذي نحياه " عصر القلق " و برغم فشل رجال الدين أيا كانت انتماءاتهم في تحقيق الاتزان النفسي عن طريق بث شيء من الرضا في النفوس ، إلا أن الفقراء لا زالوا سعداء و لا زالوا قادرين على تحمل تعاستهم و معاناتهم.
    فلا يزال الناس الفقراء يذهبون الى أماكن العبادة، هم يتزاحمون لا رغبة في جنة و لا خوفاً من نار...هم يتزاحمون فقط لأنهم لا يريدون أن يشعروا بالوحدة...ففي هذه الحالة الكئيبة المظلمة هم يتمئنون مع الجماحة.و لكنهم يعرفون تماماً انه لا شيء سوف يحدث و أن التعاسة و الفقر و المعاناة لن تزول!!! و أن الفقراء سوف يزدادون فقراً و الأغنياء يزدادون غنىً و قسوة...و لأن الهندوس لا زالوا ينتظرون كريشنا برغم انتشار الرذيلة و علوها فوق الفضيلة و برغم انتشار السخرية و إيذاء البسطاء و الأبرياء و لكن كريشنا لا يزال ينتظر المزيد.
    ولأن العالم المسيحي كله لا زال ينتظر المسيح...إلا انه لم يأت بعد...فمتى سوف يفي بوعده و يزيل هذا الكابوس الرهيب الجاثم في صدور الفقراء و التعساء . لكل ذلك فأن فكرة أن التعاسة و العذاب و الألم نهاية لم تعد مقبولة. لأن المسيح هو في قلب المؤمن...المسيح هو الضمير الكوني...كلنا من روح الله...المسيح من رو ح الله...فإذا...علينا أن نرى بنور الله لا بنور السياسة و التعاسة و الآمال بالوعود الكاذبة...
    كما أن فكرة أن هناك اله يهتم، لم تعد مقنعة لغالبية الفقراء و المساكين، و لكن الفقراء لا زالوا يذهبون الى أماكن العبادةطمعاً في دفئ الجماعة و أملاً في شيء هم يعرفون تماماً أنه لن يحدث أبداً ولأن الله مع الجماعة لا مع المجاميع...
    هل تعرف أن في إنكلترا وحدها هناك 30000 شخصاً يعبدون الشيطان ...فما هي معتقداتهم...انهم يقولون أن الشيطان ليس ضد الله...فالشيطان هو أبن الله...فهم يعتقدون أن الله قد خلق العالم و تخلى عن تدبيره و ترك الأسباب الدنيوية تدير هذا العالم...الشيطان حقيقة موجودة في الخوف و في عقولنا الطماعةالى كسب الحرام ...
    وللأسباب الدنيوية قانونها الخاص الذي يقدس الأقوى و يحترم أصحاب القدرات الخاصة و يدوس الضعفاء و الفقراء بآلته القاسية.
    إذا فقد تخلى الله عن العالم و لم يعد يهتم...فقد كانت الطريقة الوحيدة هي التوسل لابنه و إقناعه بالطقوس و العبادة ربما يهتم و يساعدهم في إزالة هذه التعاسة.هذا هو الأمل الجديد الذي خلقوه لأنفسهم حتى يستطيعوا أن يتحملوا ما لا يطيقون....علينا بالعودة الى قلوبنا لا الى جيوبنا و الى أفكارنا المحلية...الإنسان كائن كوني...كامل الصفات...
    و الحقيقة أن للفقر شيء واحد جميل، انه لا يدمر الأمل. فالأمل لا يتجه عكس أحلامك...فبالأمل يستطيع الإنسان ان يكون متفائلاً معتقداً أن الأشياء سوف تتحسن.
    ان هذه التعاسة سوف تنتهي...فقريباً سوف يأتي الصباح...ولكن أي صباح؟؟؟؟؟
    ولكن يجب أن تتذكر أن مشكلة الاكتئاب غير موجودة في الدول الفقيرة...فقط في الدول الغنية...فالفقراء ما زالوا متفائلين.الآن ليس هناك أمل...أصبح الغد مظلماً، و بعد الغد سيكون أكثر ظلاماً. لقد حققوا الأحلام المنشودة...الآن لن تزيدهم الجنة شيئاً...فلا بد أن يحدث الآن الاكتئاب...
    لقد وصلوا الى المكان الذي كانوا يريدون الوصول إليه و لكن لم يكونوا مدركين العواقب المصاحبة...الآن لديهم الملايين و لكنهم لا يستطيعون أن يناموا...الآن لديهم كل المال...ولكن ليس لديهم الشهية!!!
    برأيك من الأفضل؟؟؟ فقير بشهية أم غنياً بدون شهية؟؟
    طوال حياتك كنت تحاول أن تجني الأموال معتقداً إن يوماً ما عندما تحصل عليها ستحيا حياة مريحة...ولكنك كنت قلقاً و متوتراً طوال حياتك...لقد اصبح التوتر من شيمتك...اذاً لم تحصل على الهدف المنشود...الراحة!!!
    انك تلهث وراء الأموال، فمن لديه الوقت لينظر الى السماء و الزهور و الجمال...انك تؤجل كل هذه الأشياء حتى توفر كل طاقتك لتحقيق هدفك في جني الأموال...وكنت تمني نفسك دائماً بأنه سوف يأتي يوماً ما ترتاح فيه و تستمتع بالجمال الكوني و النفسي.
    ولكن عندما يأت هذا اليوم فسوف تكون كائن آخر شكلته بنفسك و تكون قد فقدت إنسانيتك. قد فقدت القدرة على رؤية جمال الزهور . أعمى عن رؤية أي جمال...
    لا تستمتع بالموسيقى أو أن تفهم الشعر...انك تفهم فقط طرق جني الأموال...ولكن تلك الأموال لن تعطيك الرضا أبدا...هذا هو سبب الاكتئاب..وهذا هو سبب وجوده في الدول الغنية خاصة....ففي الدول الغنية هناك فقراء و لكن ليس لديهم اكتئاب لان الأمل لا يزال يراودهم.
    هذا الإنسان الذي وصل الى ما كان يحلم به لا يستطيع أن تعطيه أملا آخر يخلصه من اكتئابه...فهو لديه كل شيء...
    كان هناك رجل شديد الثراء، كان لديه كل شيء يمكن أن تتخيله..ولكنه لم يكن يستطيع أن يستمتع بأي شيء،فالاستمتاع هو فن و أدب و يأخذ وقتاً طويلاً حتى تستطيع أن تكون على صلة في الجمال...
    إذا أنت تجاهلت كل الأشياء الجميلة لكي تحقق أحلامك في الثراء فأنت أفقر إنسان في العالم...لكي تصبح غنياً بلا فقر هو فن عظيم جداً...ولكي تكون فقيراً و أنت أغنى الأغنياء فهذا هو الوجه الأخر لهذا الفن...انه فن الاستغناء و ليس الغنى...
    هناك فقراء سوف تجدهم شديدي الثراء و ليس لديهم أي شيء لكنهم أغنياء...غناهم كامن في استغنائهم
    ...فهناك أغنياء لديهم كل شيء و لكنهم شديدي الفقر و لا يوجد في نفوسهم سوى مقبرة...
    انه قانون طبيعي و على الإنسان أن يتعلم مفرداته لأنه لم يتواجد إنسان حتى الآن حصل على كل شيء...
    والقانون يقول كن سعيداً في كل لحظة ولا تؤجل سعادتك، فأنت إذا أجلت سعادتك فسوف لن تجدها بعد ذلك أبدا.
    الحب، البهجة، و الاحتفال الجميل بالأشياء البسيطة في كل لحظة...ذلك هو عطر الحياة...وعندما تكون معطراً بهذا العطر الجميل فسوفتستطيع أن تفعل آي شيء...سوف تستطيع أن تكون سعيداً و غير مكتئباً.و عليك أن تتذكر أن السعي الدؤوب وراء المال متجاهلاً كل شيء سوفيدمر هذا العطر الجميل...
    وسوف تتفاجأ يوماً انك أضعت كل حياتك لاقتناء الأموال و هذا هو سبب الاكتئاب و خاصة في الغرب...
    في الشرق هناك أغنياء كان لهم هدف واضح و محدد و هو انه جزء من كل... بحيث إذا كان الطريق الى تحقيق المال سوف يشرد بهم في طرق أخرى تفقدهم طريقهم هذا الواضح المستقيم فإنهم سرعان ما يحولون طريقهم إلى الطريق الأصلي الذي يحقق لهم هدفهم النبيل... وكان هذا التحول سهل لا يبذلون فيه أي مجهود لأنه طبيعة فيهم توارثوها أجيال بعد أجيال.
    في الشرق ... كان الفقير في حالة جيدة ... وكان الغني أفضل حالا.
    فالفقير تعلم معنى السعادة لذلك فهو لا يهتم بالجاري وراء الطموح والغني تعلم إنه في يوم من الأيام سوف يكون عليه أن يتخلى عن غناه حتى يستطيع أن يصل إلى الحقيقة وهو يبحث عن معنى الحياة...

    بوذا، مهافيرا... هؤلاء الحكماء كانوا في قمة الغنى ولكنهم رأوا أن ثراءهم حمل كبير وأنهم في حاجة إلى أن يتحولوا في اتجاه آخر قبل أن يأخذهم الموت... وكانوا بالشجاعة الكافية للاستغناء، لقد رأوا القمة ووجدوا أنه لا شيء هناك... لقد وصلوا إلى أعلى درجات السلم ووجدوا إنها لا تقود إلى أي شيء.
    أما إذا كنت غير مدرباً على التحول السريع... فإنك عندما تكون في وسط السلم أو في أدنى من الوسط فسوف يكون عندك دائماً أمل أن هناك درجات أعلى منك وعندما تأتي إلى النقطة التي تصل فيها إلى أعلى درجة... فعندما لن يكون أمامك سوى الانتصار أو الجنون وسوف تستمر في الضحك على إضاعتك حياتك حتى ينهيك الموت... فلقد وصلت إلى أعلى درجات السلم ولم تجد هناك شيئاً.
    أما في الشرق فلم يكن الاكتئاب أبداً مشكلة... لقد تعلم الفقير كيف يستمتع بأقل شيء يملكه... كما تعلم الغني انه عندما يملك الدنيا وما فيها وتكون تحت قدميه فهذا لا يعني له شيئاً. فلا بد أن يكون السعي والبحث عن معنى وليس عن مال.
    لقد تعلموا كيف يبحثون عن الحقيقة وقد وجدوها... فلم يصبح لليأس والاكتئاب أي معنى بعد أن وجدوا الحقيقة والحقيقة عندهم أن كل ما يقدموه سوف يعود إليهم.
    يحتاج الغرب الآن إلى حركة سريعة وكبيرة وضرورية تجاه التخلي عن الذات إلى مزيد من التأمل ومعرفة الحقيقة والتي هي إنهم جزء من كل... إنهم جزء من الجسد الكوني وكل ما سوف يقدمونه سوف يعود إليهم.
    وإذا لم يحدث ذلك سيقتل الاكتئاب أفضلهم الذين وصلوا إلى السلطة، المال والدرجات العليا... إنهم يائسون ومحبطون... إنهم سوف يفقدون خير أبنائهم.
    أما الآخرون الضعفاء الذين لا يملكون الموهبة للحصول على السلطة والاهتمام والاحترام فإنهم سوف يتحولون إلى إرهابيين... إنهم سوف يتحولون إلى طريق العنف فقط للانتقام فهم لا يستطيعون فعل أي شيء آخر... فقط يستطيعون التدمير.
    لقد توقف نبض قلوبهم منذ زمن بعيد لأن ليس لديهم أي سبب للحياة... إنهم جثث مزينة بشدة ولكنها خاوية وعديمة النفع.
    فالغرب في حالة أسوأ بكثير من حالة الشرق مع أنه يبدو للذين لا يفهمون أن الغرب في حال أفضل لأن الشرق فقير.
    لقد اتفقنا على أن الفقر ليس بمشكلة كبيرة ولكن المشكلة الحقيقية هي في الغنى الذي لا يملك أسلحة الرضى والسعادة... فهو فاشل ليس لديه أي شيء.

  • #2
    رد: ما هو الاكتئاب - إعداد :محمود عمان

    موضوع رائع ويستحق القراءة بجد حيث أن الجميع هذه الأيام يعاني حالات اكتئاب مختلفة الأصل والجميع في حالة انتظار!!!
    وحالة الانتظار هذه ذكرتني بمسرحية رائعة للكاتب المسرحي سامويل بيكيت تعبر عن حالات الككثير منا حيث كل شخصيةفي حال انتظاردائم و عنوان المسرحية يوحي بهذاWaiting For Godot هذا وحيث أن كلا منا في انتظار أل Godotالخاص به ولكن عبثاّ.

    Comment

    Working...
    X