Announcement

Collapse
No announcement yet.

من الصين إلى الأندلس رحلة العمارة الإسلامية - خالد عزب

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • من الصين إلى الأندلس رحلة العمارة الإسلامية - خالد عزب

    العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس - خالد عزب



    خالد عزب ورحلة العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس




    خالد عزب



    الكتاب:

    العمارة الإسلامية... من الصين إلى الأندلس
    المؤلف:
    خالد عزب
    الطبعة:
    الأولى – فبراير 2010 م
    عدد الصفحات:
    177 صفحة من القطع الكبير
    الناشر:
    مجلة دبي الثقافية – دبي – الإمارات العربية المتحدة
    عرض:
    نادية سعد معوض




    فادية مصارع
    طاف بين العواصم الإسلامية راصداً آثارها المعمارية منقباً عن كنوزها كاشفاً عن القواعد والأنظمة التي كانت تشيد وفقها المدن وتقام من خلالها العمائر وفقاً للمنظور الإسلامي.

    في كتابه: «العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس» يشير د. خالد عزب إلى أن الحضارة الإسلامية زخرت بتجارب لاحصر لها، منها التجربة العمرانية والتي كانت بداياتها مع هجرة الرسول (ص) إلى المدينة حيث بركت ناقته عند موضع مسجده فكانت أول وظيفة أحياها في المكان «المسجد» الذي كان بمثابة مركز الصلاة والعبادة إضافة إلى كونه مركزاً سياسياً واجتماعياً وحضارياً وملتقى علمياً وبذلك يكون أول من حدد الوظائف الأساسية للمكان الذي اختاره وأعاد صياغته صياغة إسلامية وضمت عناصر المدينة الإسلامية بدءاً من المسجد الجامع والمسكن ومصلى العيد ثم دور الضيافة وانتهاءً بالتحصين الحربي للمدينة ليقتدي المسلمون به فيما بعد في تخطيط مدنهم وعمائرهم الدينية والمدنية والحربية كما حدث في البصرة والكوفة والقيروان والفسطاط.‏
    في مدخله إلى الفقه الإسلامي يرى الكاتب أن القواعد المنظمة لحركة التخطيط العمراني للمدن الإسلامية لم يأخذ حقه من الدراسة وهو ما جعل المدارس الاستشراقية القديمة لا ترى في المدينة الإسلامية إلا السلبيات وبدا المشهد الحضاري لديها مضطرباً وفوضوياً وغير منظم.‏
    أما النزعة الأكثر موضوعية فقد رأت في المدنية الإسلامية تنظيماً للمجال الحضري منسجماً انسجاماً تاماً مع تركيبة اجتماعية متماسكة مشيراً إلى أن المدن القديمة التي دخلها المسلمون فاتحين تعاملوا مع بناياتها وفقاً للشرع الإسلامي أما الجديدة منها كالفسطاط مثلاً فقد سعت السلطة إلى وضع مخطط عام لديها هنا نشأ ما يعرف في فقه العمارة بالحق وحيازة الضرر.‏
    إذاً تكونت بين سكان الحارة علاقة تضامنية حافظت على المجتمع وكيانه وقيمه.‏
    وتتغير المعادلة فيما بعد فتفرض الدولة نفوذها على الحارات داخل المدن وتسقط سلطتها ليصبح شيخ الحارة عيناً للدولة عليها.‏
    ويركز الكاتب في حديثه عن العمارة الإسلامية على عناصر رئيسة وهي المسجد الجامع ثم مقر ولي الأمر والقاضي فالمدارس والبيمارستانات والحمامات وأخيراً القلاع والأسوار وتوابعها كالبساتين والساحات والميادين والمقابر.‏
    ويبين الباحث أن الهدف أولاً كان من بناء المسجد تهيئة الفراغ المعماري الذي يساعد المسلم على الخشوع ويبتعد في تشييده عن الزخرفة والتزيين ليمثل فيما بعد عملاً من أعمال التفاخر عند الحكام وبذلك يصبح المسجد في الفترات الأخيرة من العصر الإسلامي لا يمثل مركز الثقل الذي تتبلور حوله المدينة الإسلامية.‏
    وفي حديثه عن المسكن يوضح أن المدينة الإسلامية عرفت التكافل الاجتماعي عن طريق توفير المسكن للمعدمين أما السبيل الملحق بالمنشأة بالدور الأرضي فقد بني لسقاية العطاش من المارة وطبيعي ألا تتكامل المدينة أي مدينة إلا إذا توافرت فيها مجموعة من المؤسسات الخدمية التي تشكل عصبها وهي التي حرص المسلمون على إقامتها وتنظيم أداء وظيفتها وخاصة المؤسسات التعليمية والتثقيفية والصحية.‏
    فكانت المساجد المعاهد الأولى للتعليم عند المسلمين وأصبحت المساجد الجامعة الأولى في القرون الثلاثة الأولى خير أماكن التعليم وأبرزها المسجد النبوي في المدينة ومسجد الكوفة ومسجد الفسطاط بمصر والمسجد الأقصى بالقدس والجامع الأموي بدمشق ومسجد القيروان بتونس ومسجد قرطبة في الأندلس.‏
    أما التخطيط المعماري للمدرسة فكان مستمداً من المسجد الجامع الذي تطورت عمارته وتخطيطه وفق متطلبات المدرسة.‏
    ويذكر د. عزب أن أول من بنى المستشفيات في الإسلام لغرض الاستشفاء كان الوليد بن عبد الملك لتنتشر فيما بعد في ديار الإسلام وكان أشهرها البيمارستان النووي في دمشق والقلاووني في القاهرة.‏
    وبالنسبة للحمامات فقد تشابهت في العالم الإسلامي ولم تختلف إلا في تفاصيل الوحدات المعمارية.‏
    ويوضح أن شرف السقاية قديم جداً من عهد أشراف قريش الذين تباروا على أخذ السقاية بجوار الكعبة لأنهم وجدوا فيها رفعة لهم بين قومهم وإعلاءً لشأنهم لتنتقل الروح الطيبة الخيرة إلى المسلمين من بعدهم فيبنون الأسبلة كمنشآت لتخزين الماء وتقديمه للمارة لإرواء عطشهم.‏
    ويذكر أقدم ورود معروف لذكر السبيل في الكتابات الأثرية سنة (470هـ، 1077- 1078م) في مدينة دمشق حيث يوجد نص على سبيل بحي عمرا.‏
    وللسبيل أنواع فمنه المستقل وذو الكتّاب ناهيك عن كثير من الأسبلة الملحقة بالمنشآت المعمارية.‏



    صدر مؤخرًا عن مجلة دبي الثقافية التي تصدرها دار الصدى للصحافة والنشر والتوزيع بدبي كتاب بعنوان "تراث العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس"، للدكتور خالد عزب.
    يقدم الكتاب رؤية متكاملة لرحلة العمارة الإسلامية منذ عصورها المبكرة في المدينة المنورة، حين تشكلت في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ملامح المدينة العمرانية والمعمارية، بدءًا من عمارة مسجده ومسكنه والسوق ومصلى العيد، إلى التحصين الحربي للمدينة.
    يقول رئيس تحرير المجلة سيف المرّي في تقديمه للكتاب: "ونحن إذ نسلط الضوء، من خلال هذا الإصدار، على العمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس، باعتبار هذه المساحة هي المعروفة جغرافيًّا والمتعارف عليها في التعريف بالعالم في وقت من الأوقات، وهذه الدراسة الفريدة بقلم الدكتور خالد عزب بذل فيها جهدًا عظيمًا، والمقصد من هذا الإصدار تعريف القراء بأهمية العمران كمظهر ثقافي وحضاري، وتوثيق هذا الإبداع العربي في مجال التحضر والتمدن والعمران".
    أما مدير التحرير ناصر عراق فقد كتب تحت عنوان (العمارة الإسلامية.. كنوز فوق الأرض): "في هذا الكتاب البديع استطاع خالد عزب أن يقتنص هذه اللغة الفريدة، وأن يشرح هذا المفهوم المميز للعمارة الإسلامية، فصال وجال بين القاهرة ودمشق وحلب والقدس وشنغهاي وقرطبة وبخارى.. إلى آخر هذه المدن العتيدة التي تزدان ببنايات إسلامية شامخة، تسرُّ الناظرين!".
    قسّم خالد عزب كتابه إلى فصلين، يمثل كل واحد منهما محطة من محطات رحلة العمارة الإسلامية من القرن السابع الميلادي حتى القرن العشرين.

    فقه العمارة الإسلامية

    جاء الفصل الأول تحت عنوان: "مدخل إلى فقه العمارة الإسلامية"، وفيه يعكس المؤلف جانباً مهملاً في دراسة تراث العمارة الإسلامية، وهو القواعد المنظمة لحركة التخطيط العمراني للمدن الإسلامية، بل والمشكلة لتخطيط العمائر الإسلامية، سواء من حيث التخطيط الأفقي أم الرأسي، كما يتضح في الواجهات. هذه القواعد كما يقول عزب، هي نتيجة لاحتكاك المعماريين بالتقاليد الموروثة وأحكام الدين الإسلامي، وكذلك الخبرات المعمارية وحاجات المجتمع، وتشكلت فيما سماه "فقه العمارة الإسلامية". ويضيف أن دراسة العمارة الإسلامية على يد المستشرقين جاءت ناقصة لعدم درايتهم بهذه القواعد، وورث ذلك علماء الآثار من العرب، نظراً لأن اكتشاف هذه القواعد لا يتم إلا من خلال التبحر في علم أصول الفقه ومخطوطات فقه العمارة ودراسة طرز العمارة الإسلامية.
    عرض المؤلف في كتابه بعض القواعد الحاكمة للعمارة، مثل حق الجوار، وحق التعلية، وحق الهواء، ولم يكتف بذلك، بل كشف عن أن العمارة وقوانينها لها أبعاد اجتماعية أيضاً، وركز على عناصر رئيسة وهي: المسجد الجامع، والمدارس، والبيمارستانات (وهي المستشفيات التي شيدت لتقديم خدمات طبية للمرضى واستخدم بعضها لتدريس الطب) والحمامات والقلاع والأسوار. فالمضمون في تصميم المسجد هو تهيئة الفراغ المعماري الذي يساعد المسلم على الخشوع والرهبة، وهو واقف بين يدي الله سبحانه وتعالى. ولاحظ المؤلف من تتبع مكانة المسجد الجامع في المدينة الإسلامية على مر العصور أنه كانت له في صدر الإسلام المكانة الأولى التي تبلور حولها التكوين الطبيعي للمدينة، ومع مرور الوقت بدأت الشخصية الفردية للحاكم تظهر بالتدريج، فظهر اهتمامه برفاهيته وحاشيته وجنده. ويقول عزب في هذا الصدد: إن المسجد ارتبط بعد ذلك بقصر الحاكم ودواوينه، ثم انفصل فيما بعد عن قصر الحاكم.
    وعرج المؤلف على الحديث عن المضمون في تصميم المسكن الإسلامي من خلال دراسة عمارة منازل بغداد وصنعاء والقاهرة ورشيد وغرناطة والإمارات، وفي عرضه للمؤسسات الخدمية نراه يبدأها بالمؤسسات التعليمية كالكتاتيب التي كان يدرَّس فيها الحساب والقرآن الكريم واللغة العربية، منتقلاً منها إلى المدارس التي ركز فيها على نموذج المدرسة المستنصرية في بغداد. ثم عرض للبيمارستانات، كالبيمارستان المنصوري في القاهرة والنوري في دمشق. كما تطرق المؤلف إلى الحمامات في العمارة الإسلامية، وأكد أن دراسة العمارة الإسلامية على يد المستشرقين جاءت ناقصة لعدم درايتهم بقواعد الفقه الإسلامي، كما تعرض للأسبلة، وهي منشآت كانت تُستخدم لتخزين المياه لعابري السبيل.
    أما الجديد الذي قدمه الكتاب فيتعلق بمنشآت الرفق بالحيوان، فقد حرص المعماريون المسلمون على ابتكار منشآت لتقديم الماء للحيوانات التي يستخدمها الإنسان في حياته، ويشبّهها عزب اليوم بالمحطات التي تزود السيارات بالوقود، وكانت تلك المنشآت المتمثلة في أحواض سقي الدواب في المدن وعلى طرق التجارة الرئيسة. ولم يفت المؤلف أن يكشف عن المنشآت الصناعية في العمارة الإسلامية، وركز في الفصل الذي يتناولها على طواحين الغلال، التي تدار بطرق عدة منها الدواب والمياه والهواء. لم يفت المؤلف أيضاً تخصيص قسم للاستحكامات الحربية، راصداً تطورها وأنواعها وأثر الحروب الصليبية على تطور عمارتها، كما عكس أثر المدفعية عليها.

    نماذج من التراث المعماري الإسلامي

    أما الفصل الثاني من الكتاب فيمكن أن نعدّه رحلة سياحية منتقاة بعناية شديدة تكفل للقارئ أخذ فكرة متكاملة ومتنوعة عن تراث العمارة الإسلامية، فبدأها الدكتور خالد عزب بتفصيل لعمارة المدينة المنورة في عصر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فتحدث عن عمارة المسجد النبوي وعمارة المساكن والأسواق وتحصين المدينة المنورة. انتقل المؤلف بعدها ليرصد تطور عمارة مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة على مر العصور، والدور الذي تم القيام به لخدمة المجتمع كمؤسسة دينية لها احترامها وتقديرها في مصر، كأول مسجد جامع بعد الفتح العربي لها.
    عرج المؤلف بعد ذلك على جامع القيروان الذي شيده عقبة بن نافع سنة 50 هجرية، وكان هذا المسجد العريق في أول الأمر مساحة مسورة بسور سميك من اللبن على هيئة حصن. هدم حسان بن النعمان الغساني الجامع ما عدا محرابه، وشيد مسجداً جديداً بين عامي 693 و697 ميلادية. وظل المسجد موضع عناية القيروان حتى عصرنا.
    ويرحل بنا المؤلف إلى أعظم منشأة معمارية في اسطنبول، وهي مجمع السليمانية الذي شيده للسلطان سليمان القانوني، المعماري سنان باشا، أعظم المعماريين العثمانيين. ويعد هذا المجمع مؤسسة متكاملة، فهو يضم إضافة إلى المسجد، مكتبة وجامعة بها سبع مدارس تسمى المدارس السليمانية، منها خمس بمستوى الثانوية وواحدة منها كلية والأخرى للاختصاص، ومدرسة للطب، وأُلحقت بالمجمع «عمارة خانة» لتقديم الطعام للفقراء وطلاب العلم مجاناً، ثم أُلحق به مدرسة للحديث وحمام.
    ولم يترك المؤلف حتى مساجد الصين من دون أن يتعرض لها بدراسة تفصيلية، فبيّن أن هذه المساجد تأثرت بروح العمارة الإسلامية وبالتقاليد المعمارية الصينية في الوقت نفسه، ومنها مسجد هوايتشنغ في مدينة قوانغشو، ومسجد تشيغينغ ومسجد نيوجيه في بكين.
    أما أبرز نماذج العمارة الإسلامية في الأندلس فيتمثل في قصور الحمراء الشهيرة. وكما هو معروف فإن الحمراء كانت مقر حكم بني الأحمر، آخر مَن حكم غرناطة من المسلمين، وأسسها محمد بن يوسف بن نصر في الثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادي، والمجموعة الحالية لقصور الحمراء يرجع الفضل في إنشائها إلى بعض سلاطين بني نصر، الذين أضاف كل منهم قصراً أو ابتنَى مجلساً داخل برج من الأبراج تتقدمه بِركة اصطناعية، أو زوِّد أحد الحصون بصحن تتوسطه نافورة.
    وكما يقول عزب فإن قصور الحمراء تمثل آخر ما تبقى من الأندلس معمارياً وفنياً، ويمكن اعتبارها أعلى ما وصل إليه الفن المعماري والفنون الزخرفية بالأندلس. ويضيف: بقيت قصور الحمراء ذكرى مؤلمة للأندلس، فوجودها شاهد عيان على انحسار الإسلام عن الأندلس، ولطالما ذكرها المؤرخون مع ما ارتبطت به من أحداث في كتاباتهم، فظلت باقية في سيرة التاريخ.
    وكما تحدث عن العمارة الإسلامية في الصين أو الأندلس، فقد سلط الضوء على العمارة الإسلامية في قاهرة المعز لدين اللَّه الفاطمي، عماراتها من مساجد وحمَّامات ومدارس في أكثر من عهد إسلامي؛ الأيوبي، الفاطمي، والمملوكي، والعثماني، وسلِّط الضوء على العمارة في الشام، وسوريا، وفلسطين. والكتاب ممتع في تصفّحه وقراءته, يعرّفك ويقرأ لك تفاصيل العمارة الإسلامية من مساجد وقلاع وأسبلة وحمامات, في كل عصر "من الصين إلى الأندلس".
Working...
X