Announcement

Collapse
No announcement yet.

إرهاب.. نت

Collapse
X
 
  • Filter
  • Time
  • Show
Clear All
new posts

  • إرهاب.. نت

    انتشر هذا المصطلح مؤخراً وتعددت اتجاهاته وشابه الخلط الذي ينبع من مصالح سياسية وغيرها، مثلاً: الدفاع عن الحقوق والمقاومة ضد كل أشكال الاستلاب يسمى إرهاباً، وقتل الأطفال واغتصاب الحقوق يسمى دفاعاً عن وجود..الخ لكن لا أدري إذا كان بإمكاننا سحب هذا المفهوم حيال جرائم عديدة ترتكب بحق الأدب والجمال والذوق... على يد التكنولوجيا المعولمة (الأنتر نت)؟ وبما أن استخدامات هذا المصطلح تعدّدت -أظن- لا بأس من اعتباره هنا، وبذلك ربما نحتاج لمثل ما طلب الشاعر نزارقباني «قوة ردع أدبية». في عصر الثقافة الرقمية كل شيء جائز لأن الثقافة غير المنضبطة والتي لا تخضع لنظام يضبطها ستشيع الفوضى التي تتغير معها التسميات، فما عادت الخمّارة تلك التي نعرفها، لقد تعددت بأشكالها ونزلائها، ويأتي من يتحدث عن هذه الثورة العلمية وعظمتها حتى يُخيّل للمرء أنه ضحلٌ ما لم يرتد تلك الخمارات التي تنشر ثقافة الفراغ والمسخ الثقافي بعدما شاع النّت في الأزقة والملاهي.. (مع التحفّظ الشديد للجانب الإيجابي الثقافي لمنابر عديدة وما يقدّمه الأنترنت من خدمات جليلة للبشرية) لكننا نشير لتلك الجوانب الأكثر من سيئة يرتادها شباب اليوم بعدما اتخذت ألقاباً تجرّ الشباب بها تحت مسميات قاسية بحقّ الأدب من منتديات بأسماء مختلفة تحت شعار الثقافة، وهذا الإرهاب الحقيقي بحقّ الأدب والثقافة على العموم، فسمعنا عن الكثير من قرّاء الأدب يتحدثون عن تلك الفوضى في هذه المسماة بمنتديات ثقافية حيث تدجّن الذوق بثقافة غير جمالية ولا تمسّ الأدب بصلة إلا ما ندر. وأمام هذا الشعور الطاغي بأننا في عصر الانحطاط الأدبي الذي قرأناه منصرماً في حقب مضت، وإذ به يلوح في الأفق بموضوعاته المبتذلة وانحطاطه الفكري والذوقي. لسنا بحاجة لتراثنا الأدبي وصولاً إلى العصر الحديث، لأننا ببساطة لدينا مليون أديب وهذا يكفي لتكريس حضارة أدبية تنسخ ما قبلها، والمسألة ليست صعبة ما دامت أبواب المنتديات الثقافية مشرعة أبوابها على مصراعيها للجميع، ومن هنا سندخل بأسماء مستعارة وألقاب متعددة لنمارس هواياتنا في تلك المنتديات، وسنفرّغ عقدنا المرضية في هذه السلة الأدبية، وسنجد أنفسنا بين أحضان العائلة الحنونة التي تشدّ على آيادينا وترفع معنوياتنا بدفعنا للأمام ! ما أكثر المتعربشين المتسلقين على سلّم الأدب، وسنرى على أيدي أولئك المتعربشين ألواناً للأدب لم نرها إلا في عصر الانحطاط، ولا ضير في ذلك ما دامت قصائدهم تحترم الخليل بن أحمد الفراهيدي، فيحكي - بالوزن - قصيدة تقصّ علينا مرض السكر أو أي شيء مبتذل كما شاع في عصر الانحطاط من وصف للشامة.. والخال.. وسيجارة الحشيش.. والحمار والبرغش.. الخ ومن هنا فباب الشعر مفتوح فقط زن مفرداتك الركيكة وانسج شبكة خليلية تحكي عن أي شيء ولو حتى وصف ذبابة أو صرصور، ولا بأس أن تكتب قصيدة تتحدث فيها عن قدمك المعقورة من الحذاء... لا تضحك لأننا نروي واقعاً، وإذا أردت الضحك فاذهب واقرأ تعليقاتهم من المدائحيات الكاذبة ليمرّروا لبعضهم القصائد الهشّة والاعتراف بالشاعرية وثقب النظر النقدي.ناهيك عن لغة هؤلاء المُعربشين الذين يحتاجون لدروس في الإملاء والإنشاء، هناك من يدخل بألقاب عديدة وينسج مفرداته الركيكة التي تضجّ بالرغبات المكبوتة المراهقة، ثم يدخل بلقب آخر ليوجّه النقد (ويعني هنا المديح) لإبداعه ليجرّ أقلام (الكيبورد) المدّاحين لإنتاجه، ويعاود الدخول مرةً أخرى وهكذا.. لقد بات مصطلح الازدواج بالشخصية من ذكرياتنا الجميلة لأننا هنا أمام مليون شخصية في نموذج بشري واحد ! أما عن اكتشاف هذه الألاعيب فالأمر في غاية البساطة؛ إنك مجرد التصفح نصف ساعة ستجد أن هذه المفردات وليدة تلك لكن صاحبها من الغباء لدرجة أنه شعر بالعظمة بعدما امتدح ذاته فانسابت مفرداته عل سجيتها وكرّر ما قاله سابقاً من دون وعي لأن الشعور العارم بالعظمة سيطر على آلية تفكيره، فأعاد الشخصية المريضة ذاتها وعربش هنا وهناك كعصفور فرّ من عشّه وسرعان ما وقع تحت قبضة صياد – وإن كان غير ماهر -

    أكثر...
    سمير حاج حسين
Working...
X