الحب العذري ـ هبة القلب
دمشق ـ علاء الجمّـال
(الحب العذري) الاتحاد الحسي الشفيف بين ذاتي المادة، بينك وبين الشيء الذي يأجج مشاعرك ويحرك فيك (حياء الروح) أو يحرك (خجلاً جميلاً يذبذب قلبك ما بين دفء وقول).
(الحب العذري) ليس فقط التوأمة التي تحصل ما بينك وبين فتاة أحببت، ما بينك وبين شاب أحببت، (الحب العذري) لا يحدث بترقب مسبق منك، إنه يفاجئك بصحوته فيك، يلامس إحساساتك بعذوبة وهدوء محاط بالنشوة ومأجج بلوعة الحنان.
(الحب العذري) يحدث بينك وبين الأشياء التي تصادفها إذا حركت تلك الأشياء بشكلها الخارجي وانعكاسها الحسي عليك... (ذاكرة ما في أغوار شخصيتك أو صفات ما أنت تعشقها في مكنون ذاتك) وربما يكون هذا الشيء... زهرة لها طابع الندّرة بتكونها الطبيعي وشكل أوراقها الربيعي، تجذبك من لحظة مصادفتك لها، وتبقى في عبير ذكرياتك ما حييت.
(الحب العذري) قد يحدث بينك وبين تكون صخري مرتفع، له من تشقق الصخر مظهراً طبيعياً ساحر التأثير، فما أن تراه أو تصادفه حتى تبدأ من داخلك بالغليان... تريد أن تلمس صخوره، أن تصعد قمتها، أن تصرخ من أعلاها، أن تتأمل فورة الجمال في محيطها، أن تلامس بشغف حيائك نقاوة الريح المتحركة في قمتها، وتبقى هذه المصادفة وشاعرية الملامسة التي أحسست... ذاكرة خالدة في مكونون خاصك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الحب العذري) قد يحدث بينك وبين كلماتك، بينك وبين جسدك، بينك وبين نفسك، بينك وبين عقلك ووعيك، بينك وبين كتاب تقرأه، بينك وبين منزل تسكنه، بينك وبين نبتة حساسة مثلك أنت زرعتها بيديك. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الحب العذري) قد يحدث بينك وبين شجرة يابسة، يبوستها منحتها شكلاً بديعي التكون يثير فيك هذا الشغف الرائع، (هذا الشغف الساكن في مخبوء ذاكرتك أو هذا الحنين المتأجج في خبايا نفسك)، وفي لحظة تأمّلك لها، تقول: «يا ليتني أعود إلى ذاك الزمن، يا ليتني أعود إلى تلك اللحظة يا ليتني أذبذب قلبي بنشوة تحققها، يا لتني أكون بها ما أنا أفكر به الآن».
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الحب العذري) هو التوحد الصادق الشفاف مع مكنونات الطبيعة التي خلقت لنا لتحيينا وتنمي في قلوبنا طاقة الحب، الحب النقي المبرء من أية قوانين وأية أفكار تأدلجت عقولنا بها.
(الحب العذري) ـ نسيم الروح الذي يتحرك من سباته عندما يلامس شخصك هيئة ما... أخذت في تجسدها صورة شاعرية التكون ذات تأثيرية مباشرة ومتفاعلة مع عواطفك وإحساساتك الرهيفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الحب العذري) ليس ملكاً لأحد ولا يحسن أحد أن يملكه، إنه (هبة القلب) تحسّه فجأة بعذوبة صارخة لا يوقفها شيء إلا الموت، إنه (حوار القلب) المذبذب بنشوة الطهر، وشاعرية الدفق العاطفي، وحياء التجدد... فكيف أن جمع هذا المزيج الوجداني الرائع قلب لبيبين؟
جميعنا نتمنى أن نعيش ضمن خوارزيمة (الحب العذري) ولكن ما يؤذي هذا الجانب الروحي... جموح الفكر إلى سلبيات الأشياء والصفات غير المحببة لمرحلة صرت فيها ترى الآخر ممن يأنس في طبعه إلى تلك السلبيات والصفات غير المريحة كأناً حي، ولكن (ليس إنسان)، وتقول في ذاتك: «ليتني لم أصادفه، ليتني لم أحادثه، كم أتمنى لو أنه يختفي من لحظة وجوده إلى الفناء» ولاسيما الآخر الذي يملك في شخصه وجوهاً متعددة... مفادها الإيذاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الحب العذري) ملامستك للخالق فيك، درب وعيك على بلوغه، فلعلك إن بلغته ولمست الخالق فيك أن تحسّ بنشوة روحك، بنسيم روحك، أن تصبح صورة وجدية لهذا الحب، عندها تأكد أن الأرض التي تقف عليها ستقدس وجودك فضلاً عن الآخرين الذين يروك ويعجزون عن وصفك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعلم أنك إذا لامست الخالق فيك عبر احتواء الحب العذري لك يعني أنك طورت ذاتك من شخص (واقعي جاف وجلف ومقيد) إلى شخص (حسّي راق ورقيق، مهذب الكلمة، حكيم الذات والطبع، متجدد وضحوك الوجه).
كأن أقول: «كلما آنست نفسه، كلما آنست نفسها إلى الصمت إلى التأمل بشيء ضحكت عينيه، ضحكت عينيها برقة وحب، فإن تحدث فإن تحدثت ضحكت عينيه، ضحكت عينيها برقة وحب، وإن غضب وإن غضبت ليس لعينيه وليس لعينيها إلى ذات الضحكة وذات الرقة والحب».
وهنا يعني أنك صرت (محرراً إلى ذاتك بفوران حبك العذري للخالق فيك) ومنه إلى كل الأشياء التي تصادفها، وما أحلى أن تعيش حياتك بناءً على (احتواء الحب العذري لك).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلو أن البشر اجتمعوا على هذا الاحتواء، وطبقوه كقانون إلهي، (لأصبحت الزهور بيوتاً وأسكنت الناس قلبها، وتحولت العصافير إلى قناديل أضاءت لها دروبها)، وفي خضم هذا العصر هناك بالفعل أناساً احتواهم الحب العذري، وأصبحت (الزهور لهم بيوتاً والعصافير لهم قناديلاً، و(الأرض تقدست لهم وجوداً)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
○○ فلتكن حياتك تذبذباً من فورة الحب العذري في قلبك
فلتكن حياتك شفافة من فورة الحب العذري
ثم معرفة الخالق فيك
«الحب العذري ـ هبة القلب»
Comment