العودة   منتديات المفتاح > المفتاح الثقافي و الأدبي > الخواطر والنثر - القصة - القصة القصيرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-09-2019, 02:50 PM
محمد محضار محمد محضار غير متواجد حالياً
عضو
 





افتراضي زمن البرشمان 1


تاريخ الإنشاءAug 22, 2019
لم يَشْتَرِه أقرنَ ، ولا أملحَ، ولا ناعِمَ الفروةِ ، بل اكتفى بالمرور أمام مرائبِ المدينة ، والتفرج على جمهرة المتهافتين على شراء كل أنواعه من سرديّ، وبركيّ، وبجعديّ، ودمّاني، وكذلك وكيليّ، وتلك عادة درج عليها منذ سنوات، يكتفي دائما بعيش أجواء العيد، دون ممارسة طقوسه .
هو يمارس لعبة الحياة ، بإيقاع خاص ، ويحاول أن يبقى اِجتماعيا في الحدود الدنيا،حياته فقدت الوهج منذ أن ترجّلَتْ زوجته عن قطار الحياة ،واَختار الأبناء البقاء خارجَ البلد ، طلبا لرزقٍ مُفْتَقَدٍ في وطنهم،بَقِيَّ وحيدا في شقته الصغيرة بزنقة الفرات ، يعيش على الذكريات ِ، معاشه المُحوّل من بلاد "اولادعيسى"، كما يحب أن يسميهم ، يكفيه طوارق الزمن ، وتكاليف العيش ، ومصاريف العلاج.
قادته قدماه ، إلى مقهى بتقاطع شارع سقراط ويعقوب المنصور ، اختار الجلوس بالباحة الخارجية ، وقعت عيناه على اسم المقهى مخطوطا على زجاج الواجهة ، قرأه مبتسما : " مقهى البُرْشْمَان"،
من غرائب الصدفِ، أن البرشمان نال حظه ونصيبه كاملا ، فصارت له مقهى باِسمه، لعَلَّ مالكها خيّاط ماهرٌ،يتقن الاِشتغال بالبرشمان، وبَرَع في اِبتكار موديلات لقفاطين ، وجلابيب نسائية ، تتهافت عليها بناتُ حواء.
جاء النادل مبتسما ، ووقف بمواجهته سائلا:
- ماذا تشربون ، سيدي ؟
رد بصوت خافت:
- قهوة سوداء خفيفة ، في الفنجان.
غاب النادل برهة، ثم عاد يحمل طلبه ، وضع الفنجان على الطاولة ، ومعه قارورة ماء معدنيّ صغيرة، ثم انقلب على أعقابه ، عائدا، .
ناداه دون تفكير مسبق :
- انتظر لحظة يابنيّ ، لدي سؤال تافه إذا سمحتَ.
عاد النادل أدراجه وهو يقول :
- نعم ياسيدي ، مرحبا.
هَتف ضاحكًا :
- قل لي بحقّ السّماء ، هل مالك المَقهى خياط ؟
اِبتسم النَّادل، وردَّ بِصَوت ساخرٍ:
- بل قل مَالكتَها، هي رَاقصَة شعبيّة مَعرُوفة .
عَلّق وهو يُزَوي مابين حاجبية:
- هي إذن شِيخَة عصرية
تَابع النَّادِل :
- إنها تملك مقاهي أخرى للشيشة ، ومطعما للوجبات السريعة .
تذّكر خَربُوعة ، التِي مَاتت ، وهي لا تملك قوتَ يومها، ورفع رأسه محدِّقا بالنَّادل الشَّابّ ثم قال:
-عذراً بنَيّ ، أرجو أن تَغْفر لي تطفُّلِي ، فالبرشمان جرّ لِساني ، وكما يقولون : الحديث ذُو شُجون، أرجو أن يُبارك الله لكَ في عمَلك .
انصرف النادل إلى عمله، وأقبل هو على فِنْجانه ، يَرْشُفُ بِفرحِ طِفْل قَهْوته.


محمد محضار 2019



1البرشمان نوع من الخياطة بالمغرب

 

 

الموضوع الأصلي - زمن البرشمان 1 = المصدر الحقيقي - منتديات المفتاح

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By alhotcenter