إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فلسفة التربية عند جون ديوي امتدادات فلسفة التربية البراغماتية في العالم العربي - الأستاذ البار عبد الحفيظ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فلسفة التربية عند جون ديوي امتدادات فلسفة التربية البراغماتية في العالم العربي - الأستاذ البار عبد الحفيظ

    امتدادات فلسفة التربية البراغماتية "
    في العالم العربي من خلال الفيلسوف المربي " جون ديوي"
    بقلم : الأستاذ البار عبد الحفيظ



    يتضح من معالم فلسفة التربية عند "جون ديوي" وكذا تطبيقاتها التربوية أن أفكاره التربوية تمثل زبدة جهوده التي أراد أن يخدم بها الأمة الأمريكية خاصة والإنسانية عامة في أهم ميادين الحياة وهو التربية، حيث استطاع أن يوجه كل العناية والاهتمام إلى المتعلم باعتباره القاعدة التي يتأسس عليها كل بناء. وركز في أفكاره على النمو في الجوانب النفسية والاجتماعية والفكرية للأطفال واعتبر النمو الغاية القصوى للتربية وجعل من التربية الأداة التي تحفظ الكيان الاجتماعي للإنسان وأراد تقريبها من الواقع المعيش حتى يبتعد عن الأخطار التي أفضت
    إليها التربية التقليدية والتي فشلت لما ابتعدت عن واقع المتعلم وجزّت به في الخيال مستعينة بالمعارف المجردة معتمدة على طرق الحشو والتلقين، وبالتالي أخذ "ديوي" على عاتقه جعل التربية في حاضره سهلة التطبيق تلج بمناهجها وموضوعاتها الحياة العملية لتكوين الخبرات المفيدة للمتعلمين لتساعدهم على المعايشة والتكيف مع الواقع المتغير.
    لقد برزت معالم فلسفة ديوي التربوية في المدرسة الأمريكية باعتبار الواقع الأمريكي هو الذي ساعد "ديوي" على توجهه النفعي والبراغماتي في التربية في ظل انتشار قيم الديمقراطية والحرية والتقدم العلمي والتقني والإيمان بالتغير والتنوع الذي يطبع جميع الظواهر، فكان بذلك تجديد المجتمع في نظره أمر ضروري يتطلب تغيير المبادئ التربوية القديمة وبناء تربية جديدة في مناهجها وموضوعاتها وطرقها ينطلق من الواقع المدرسي الذي هو جزء لا يتجزأ من الواقع الاجتماعي، ولم يقتصر ذلك على المجتمع الأمريكي فقط بل امتدّ إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية ووصل إلى العالم العربي في صور متنوعة، وعلى هذا الأساس نتساءل: ماهي آثار التربية التقدمية وامتداداتها في العالم العربي؟ وفيما استفادت المنظومات التربوية العربية من الرؤى التربوية البراغماتية؟ وهل كان الواقع العربي مهيأ بما يسمح من تجسيد الفكر التربوي التقدمي؟
    فالمستقرئ لأحداث التطور التربوي في العالم المعاصر ابتداء من القرن العشرين لا يمكنه أن يغفل ذلك الأثر الذي تركته فلسفة "ديوي" التربوية على التربية الغربية والعربية(1) نظريا وعمليا، وذلك من خلال الكثير من المربيين في العديد من دول العالم، بما فيها العالم العربي.


    إن شهرة "جون ديوي" ونفوذه في الميدان التربوي نلمسها في الإشادة التي حملتها كتابات المربين المعاصرين وفي مقدمتهم تلاميذه (راندال ، إيدمان، هوك، راتز وغيرهم) ولعل أكثرهم إشادة هو "وليام كلباتريك" الذي شرح معظم أفكار أستاذه "ديوي" التربوية كما قام "هوك" بمراجعة معظم مؤلفات "جون ديوي" قبل طباعتها وكذا الأمر مع "راتز" الذي جمع مقالات أستاذه ونشرها في مجلد بعنوان "العقل في العالم الحديث"، فكل هؤلاء ساهموا بقسط كبير في إنتشار معالم فلسفة ديوي التربوية(2)، كما كان لرحلات "ديوي" إلى البلاد الأجنبية دورا في بناء تصوراته التربوية وكذا نشرها في الكثير من البلدان، وهي تدخل ضمن اهتمام الأمريكيين عموما بنظم التربية في أوروبا بعد الثورة الصناعية من خلال مكتب الولايات المتحدة الأمريكية للتعليم والذي يعد فرعا من فروع وزارة الصحة والتعليم إذ منذ 1868م وهو يهتم بنشر التقارير والدراسات والإحصائيات عن نظم التعليم في البلاد الأجنبية لتستفيد منها أمريكا في تطور نظمها(3). فرحلاته إلى أوروبا لا تخرج عن هذا الإطار حيث سافر إلى انجلترا وفرنسا وإيطاليا وتركيا والإتحاد السوفياتي سابقا والذي كان له فيه أهم نشاط مارسه "ديوي" خارج مجال التربية والتعليم (*) ، ومنها توجه إلى آسيا الشرقية حيث اطلع على حركة النهضة والتحرير في الصين وفيها زاد إيمانه بأن التربية هي السبيل إلى إحداث الثورة الاجتماعية والتقدم بالأمة وإخراجها من تخلفها والتي لم تعد تلائم التغيرات الراهنة وازداد إيمانه بدور التربية كقوة فعالة في تغيير ظروف المجتمع وضمان رفاهيته في زياراته إلى تركيا والمكسيك عامي 1924م و1926م على التوالي(4)، فبدأ تأثير التربية الديوية في الولايات المتحدة الأمريكية ثم انتقل إلى خارجها، ويلخص لنا "وليام كلباتريك" ذلك في أمور أربعة وهي:
    1-عرفت المدارس الأمريكية تغيرا جذريا في صفوفها وهياكلها ومناهجها إذ أصبح الاهتمام بالطفل وجعل حياته المدرسية قريبة من حياته الاجتماعية، والفضل في ذلك يرجع إلى "جون ديوي" الذي جلب الاهتمام بالتربية العملية من خلال التلميذ في حياته الخاصة(5).
    2- تأثر المربيين الأمريكيين بأفكار "ديوي" التربوية الجديدة حيث أصبح اهتمامهم منصب على ميولات المتعلمين وقدراتهم والعمل على زيادة النمو فيها(6).
    3- جعل المدرسة وسيلة اجتماعية بعدما كانت معزولة على الواقع الاجتماعي ونشر مبادئ الديمقراطية فيها حيث استطاع بمساهمته هذه أن يتزعم الفلسفة التربوية الأمريكية لأكثر من أربعين سنة على حد تعبير الناقد المشهور والأستاذ وليام باجلي William c . bagley(7).
    4- ساهم في التخلص من تراث الماضي المبهم وإبراز القيم الإنسانية وتطبيق المناهج العلمية على التربية(8).
    ومن ثم انطلق تأثير فلسفة "جون ديوي" التربوية إلى خارج الولايات المتحدة بحكم الرحلات المستمرة لـ"ديوي" للكثير من أقطار العالم الغربي –مثلما أشرنا إلى ذلك في السابق- وكذا رغبة العديد من الدول بلوغ التقدم الذي شهدته أمريكا في الميدان التربوي بفضل المعالم التي وضعها "ديوي" وتأثيره لا يقل عن تأثير بعض الفلسفات التربوية التي أشاد بدورها "جون ديوي" وعرفتها أوروبا فكان لها أثر كبير على أساليب التربية الأمريكية والأوروبية، ففي المكسيك تم الاعتماد على تعليم الحرف في الكثير من مدارسها لتنمية مهارات الأطفال وتكييفها مع البيئة ودمجت المدارس في حياة الريف، كما شهدت روسيا ثورة تربوية مستفيدة مما قدمه "ديوي" والذي لقي مكانة مرموقة هناك نظرا لقوة أفكاره التربوية التي تمثل ثورة حقيقية في عالم التربية وهو ما اتسم به التعليم في المجتمع الشيوعي حيث وجدت البلاد الشيوعية في نظام التعليم السوفياتي نموذجا عمليا وفي هذا يقول لينين: "إن من واجبنا في ميدان التربية هو أن نكافح أيضا للقضاء على البرجوازية، ونحن نعلن بصراحة أن القول بوجود المدرسة خارج دائرة الحياة وخارج دائرة السياسة هو عين الكذب والرياء"(9)، وهذا ما جعل "ديوي" يعجب باهتمام الشيوعية بالتربية، وأشاد بالثورة البلشفية التي تفوقت على غيرها في نظرتها إلى التعليم(*)، حيث اعتنوا بأساليب التعليم ومحتويات البرامج لتنمية العقول لأن التربية هي الوسيلة الفعالة في تنشئة المجتمع وفق أي توجه يتم تدبره.
    لقد عرف الفكر التربوي العربي عرف ازدهارا عظيما في العصور الوسطى من خلال أفكار أحد أبرز أعلامه "عبد الرحمان ابن خلدون" حيث أخص التعليم في مقدمته بفصل هو السادس من الكتاب الأول، وفيه تحدّث عن الطرق التعليمية التي هي من سمات التربية التقدمية اليوم، ولعلّ افتخار العرب بالإرث الفكري الذي أنتجته تلك الحقبة من الزمن في كل المجالات الفكرية عموما دليلا على نجاح التربية آنذاك، غير أن واقع الفكر التربوي العربي تغيّر بمرور الزمن حيث عرف تذبذبا من مرحلة إلى أخرى تبعا لمؤثرات عديدة داخلية وخارجية.
    ففي أواخر القرن التاسع عشر حدثت حركات إصلاحية في الوطن العربي نبهت الشعوب العربية بالتطورات التي عرفتها الحضارة الغربية، فبدأت مصر نهضتها التربوية بإنشاء مدارس تخرّج منها مفكرون بارزون في مجال الفلسفة والسياسة منهم "رفاعة الطهطاوي"، غير أن وقع الاستعمار على العالم العربي كان قويا، إذْ خلّف الكثير من الجهل والانحطاط وكلف المجتمعات العربية جهودا كبيرة ووقتا طويلا لسد الاحتياجات الرئيسية في التربية والتي تتطلب ضرورة إعادة النظر في نظم التعليم وأساليبه ومحتوياته للوصول إلى تربية أسرع لبلوغ التطورات التي عرفتها كل المنظومات التربوية الحديثة (10).
    ولما كانت معظم الدول العربية في مطلع القرن العشرين مندمجة في معركة النهوض من مخلفات الاستعمار كان المجتمع الغربي قد قطع أشواطا كبيرة في التقدم التربوي لما عكف على إعادة النظر في أهدافه التربوية وبصورة مستمرة ومنه امتدت حركة الإصلاح التربوي إلى مختلف أنحاء العالم، وفي اتجاه هذا المد العالمي الشامل للحركات الإصلاحية التربوية بدأت جهود بعض البلدان العربية تحاول تغيير الواقع التربوي فيها من خلال الاطلاع على ما قدمته التربية التقدمية في العالم الغربي من أجل البحث على فلسفة تربوية ملائمة لتغيرات العصر تخرج المجتمعات العربية من بوتقة التخلف إلى عصر التطور والتقدم، وهنا يمكننا بيان تأثير فلسفة التربية التقدمية فيها.
    لقد كانت معظم المناهج العربية متقاربة في خطوطها العريضة نتيجة المعاهدات والاتفاقات التي عقدت بين الدول العربية في تلك الفترة من الزمن، حيث تم الاتفاق على الكثير من المناهج التربوية المشتركة بين العراق وسوريا والأردن ومصر وعقدت الكثير من المؤتمرات بينها في إطار الجامعة العربية، غير أن الجهود المبذولة في تلك الفترة واجهت مشكلات كبيرة تمثلت خاصة في عدم التوافق بين الواقع المعيش والجوانب المنهجية والوظيفية للأهداف التربوية المرسومة إذ أنها صممت بطريقة عمومية وعشوائية وغامضة(11)، مما جعل الأنظمة التربوية تتميز في الكثير من الأحيان بالتذبذب والضعف، وبعدما كانت هاته الدول تعدّل مناهجها دون وضوح الأهداف، أدرك القائمون على التربية-من خلال المؤتمرات المختلفة حول أحوال التربية والتعليم- أن الإطلاع على ما قدمه رواد التربية البراغماتية أصبح ضرورة ملحة تساعد على إصلاح المناهج التربوية في الوطن العربي، فتلك المؤتمرات أطلعتهم على التقدم الذي بلغته التربية الجديدة في مناهجها وطرق تدريسها.(12)
    فكانت بدايات الاهتمام بنتائج التربية البراغماتية من خلال العمل بالتخطيط التربوي حيث يتم ربط الخطة التربوية بنواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكل مجتمع وهي تلك الرؤية التي أبانت عن فعاليتها في البلدان المتقدمة(13). كما حاولت البلدان العربية بناء سياستها التربوية على مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، وأعطت بعضها العناية للتعليم الفني والمهني فصدر في لبنان قانونا ينص على ذلك سنة 1968م، وحدث أيضا في السعودية إنشاء مدارس متوسطة للإعداد الفني في نفس السنة(14). هكذا بدأ الاهتمام في الوطن العربي بالتجريب في المناهج التربوية وكذا الاعتماد على التخطيط الذي يعد أساس تدبر الأهداف التربوية السليمة وفق الشروط العلمية والاجتماعية.
    من هذا المنطلق يتجلى تأثير التربية التقدمية البراغماتية على الكثير من رواد التربية العربية، ففي مصر برز العديد من الرواد وفي مقدمتهم "إسماعيل القباني" و"محمد فؤاد جلال" وغيرهما. وكان القباني أكثر إطلاعا على تجارب البراغماتيين التربوية وأعجب بها وبذل جهودا للسير على منوالها في مصر وفي هذا يقول : "كان لفلسفة جون ديوي أثر بعيد في تطور نظريات التربية في النصف الأول من القرن العشرين، وكانت –بصفة خاصة- أهم العوامل التي أثرت في توجيه حركة (التربية الحديثة) أو (التربية التجديدية) أي (التقدمية Progressive) في هذه الفترة، وهي الحركة التي اتخذت من مبدأ (التربية عن طريق النشاط) شعارا لها، ولم يكن أثر ديوي مقصورا على بلاده –الولايات المتحدة الأمريكية- بل كان أثرا عالميا"(15). وعلى هذا الأساس لما أنشئ معهد التربية عام 1929م عمل فيه "القباني" وبدأ بدفع البحوث التربوية حول الفلسفة البراغماتية، واستقدم الأساتذة والخبراء ودعا تلاميذه إلى ترجمة الكتب التي ألّفها أعلام التربية البراغماتية وفي مقدمتهم ما كتبه "جون ديوي" وأصبح بذلك صوت "ديوي" يعلو كل الأصوات في ساحة التربية في مصر.(16)
    ومن العوامل المساعدة على انتشار الفكر التربوي الجديد التربوية في مصر نجد إنشاء إدارة البحوث الفنية والمشروعات عام 1955م ومركز الوثائق التربوية سنة 1956م، وكانت تمثل دافعا لبداية التجريب والبحث في أمور التربية وساهمت في التعديل الجوهري في نظم التربية ومناهجها في مصر، وامتد ذلك إلى بعض البلدان العربية بحكم المعاهدات الثقافية بينها(17)، ولم يحظى أي فيلسوف تربوي بذلك الاهتمام من حيث الدراسة والبحث في البلدان العربية وبخاصة مصر مثل الذي حظي به "جون ديوي" ولعبت المؤسسة الأمريكية للنشر والتي تسمى "فرانكلين" دورا هاما في تسهيل نشر مصادر الفكر التربوي الجديد في أمريكا والتي غزت المنطقة رغم انتشار المد الاشتراكي في مصر، وكانت المداس النموذجية مثل "النقراشي" و"الأورمان" تمثل مخابر كبيرة جربت فيها الكثير من الأفكار التربوية البراغماتية. فما حوته كتب "إسماعيل القباني" من معالم جديدة في التربية هدفها تغيير الواقع التربوي المعيش، ومن بين ما كتبه نذكر "دراسات في مسائل التعليم" وكذا " التربية عن طريق النشاط" كلها تعبر عن رغبته في مواكبة معالم التربية التقدمية التي وضعها "جون ديوي".(18)
    وفي هذا السياق يسير "عبد الفتاح المنياوي"(19) في معرض مقدمته لكتاب "مدارس المستقبل" لـ"ديوي" حينما أكد أن "إسماعيل القباني" أنشأ عام 1932م مدرسة ابتدائية جديدة تختلف عن المدارس التقليدية في مصر من حيث فصولها ومناهجها، وكان الهدف منها :
    1- أن تكون المدارس الابتدائية مخابر تجريبية ليمارس فيها المربون تجاربهم الجديدة.
    2- أن تكون فصولها ميادين يمارس فيها المتعلمون التدريبات العملية تطبيقا لما يدرسونه من الناحية النظرية.
    3- أن تستهدف هذه الفصول تنمية المتعلمين وفق برامج جديدة وخطط دراسية ومناهج بعيدة عن الطرق التقليدية القائمة على الحشو والتلقين.
    لينتهي عبد الفتاح المنياوي إلى أن هذه المدرسة التجريبية هي بمثابة الدم الجديد الذي بدأ يسري في عروق المربيين والمتعلمين ويعطي الأهمية الكبرى للجانب العملي في التربية وهو ما أثمر نتائج ناجحة منذ تأسيس تلك المدرسة إلى يومنا هذا. (20)
    وتأسيسا على ما سبق نادى رجال التربية في مصر وفي مقدمتهم الأستاذ "محمد يوسف" وزير التربية والتعليم آنذاك بالعناية بالمدارس التجريبية من خلال ثنائه على دورها وما أفضت عليه من نتائج قيّمة في الكثير من المجتمعات وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعني أن التربية في العالم العربي بدأت تشق طريقها إلى التربية التقدمية وأصبح روادها واعون بالمبادئ التي كان ينادي بها "ديوي"؛ إذْ حاولوا تطبيق الكثير منها بما يكون مناسبا للوضع الاجتماعي الراهن وبما يساعد على تغييره. وأدرك القائمون على التربية في مصر أهمية المدرسة التجريبية التي أسسها "إسماعيل القباني" وحاولوا فصل الفصول التجريبية على معهد التربية الذي أسس عام 1929م من طرف وزارة المعارف العمومية حيث تم ذلك سنة 1939م أي سبع سنوات بعد إنشاء المدرسة التجريبية فأصبح اسمها الجديد "المدرسة النموذجية".(21) وكان من وراء هذا الفصل تقديم المدرسة على أنها ذات صورة جديدة حتى يزيد الإقبال عليها والخروج من الأساليب التقليدية، التي ارتبطت بالمدارس والتي مازالت موجودة، فجعل المدارس النموذجية متميزة هو الذي يشوق المتعلمين على الإقبال عليها ويحفزهم على التخلي على كل ما له علاقة بالتربية التقليدية.
    إن محاولة الأستاذ "القباني" تقديم الموضوعات الدراسية الجديدة في صورة تحمل التطور الذي بلغته المناهج التربوية وتطبيقاتها الناجحة في الولايات المتحدة الأمريكية لم يجعله يغفل الحالة التي هو عليها الواقع العربي عموما فعمل على تكييف تلك الأفكار التربوية الجديدة بما يلائم هذا الواقع فكانت المدرسة النموذجية أو كما تسمى مدرسة النقراشي النموذجية ثمرة رغبته في تطوير التربية وإيمانه العميق بضرورة عمل ما يساعد على الخروج من مرحلة الجمود والتخلف الذي يعيشها العالم العربي في تلك الفترة.(22)
    وبعدما أنشأت مدارس ابتدائية نموذجية تم إنشاء مدارس ثانوية نموذجية منها المدرسة النموذجية الثانوية بحدائق القبة وهي مدرسة النقراشي الثانوية، كما أنشأت مدرسة الأورمان النموذجية الابتدائية وكذا الثانوية فيما بعد، بالإضافة إلى مدرسة المعادى النموذجية الثانوية. كل هذه المدرس تعتمد على التربية العملية وتنتهج الطرق التقدمية القائمة على التربية عن طريق النشاط، حيث تضم كل مدرسة التلاميذ حسب أعمارهم ومستوى تحصيلهم قياسا للذكاء والقدرات الذهنية والاهتمامات العامة والخاصة للتلاميذ، وهي تلك المقاييس التي اعتمدتها المدارس الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية في شيكاغو فيرهوب وأنديانا -التي سبق الإشارة إليها- وكانت المدارس النموذجية في مصر في تركيبها هي أول المدارس التي تعتمد على التفوق الذهني في تصنيف المتعلمين. بناء على ذلك وُضعت المناهج التي تطبق بوسائل تختلف من فصل لآخر ومن مجموعة لأخرى، فيدرس التلميذ المتخلف في قدراته العقلية في خمس أو ست سنوات ما كان يدرسه التلميذ العادي في أربع سنوات أو ثلاث تبعا لذكائه العقلي الذي يسمح له من السير بنجاح إلى الصف الأعلى.(23)
    فإذا ظهر تأثير التربية البراغماتية على المدارس العربية من خلال تركيبة الفصول فيها واعتمادها على تنمية القدرات العقلية وبخاصة الذكاء، فإن التأثير يتضح أكثر في المناهج الدراسية التي اعتمدت عليها، إذ عمل الأستاذ "القباني" على ربطها بالواقع الاجتماعي واحتياجات البيئة. ففي هذا يتجلى التوجه الجديد الذي ينزاح على المناهج التقليدية التي ترتكز على ما تتضمنه الكتب والمقررات الدراسية والمعارف النظرية المجردة، التي تُلقن للتلاميذ وتجبره على اجترار ما تم تثبيته منها، واتجهت إلى المناهج الجديدة التي تقوم على طريقة المشروعات التي تعتمد على بلورة المشكلات التي تثير ميول المتعلمين وتستهويهم وتنمي قدراتهم العقلية والفنية وتعمل على إشراكه في كل نشاط ليكون عنصرا فاعلا في مجتمعه ويبحث في مشكلات بيئته ويتدرج إلى دراسة بيئات أخرى بما يوسع من خبراته.(24) فحاولت هذه المدارس التي دعا إليها "إسماعيل القباني" أن تقرب التلاميذ من واقعهم عن طريق المشروعات التي تقودهم إلى البحث والعمل في الكثير من الأماكن التي تحيط بهم كأن يخرجوا إلى الحدائق والمصانع ومكاتب البريد والمستشفيات ومحطات القطار ودور السينما وغيرها من المرافق التي تمثل جزءا هاما من بيئاتهم، فتمكنوا من اكتساب المهارة اليدوية والمعرفية فكانت توفر لهم الوسائل المادية والعملية التي يتمرنون على استخدامها في الدراسات العملية وممارسة الهوايات، وبفضل تلك المناهج الجديدة التي أدخلها "القباني" على تلك المدارس أخذت الدراسة توجها جديدا يرتكز على النواحي العملية أكثر من النواحي النظرية.
    وعلى سبيل المثال في الدراسة عن طريق المشروعات نذكر "مشروع دراسة حياة القدماء المصريين دراسة تاريخية وجغرافية"، فمن الناحية التاريخية درس المتعلمون كان يدرسون الطرق التي كان يستخدمها القدماء في حياتهم اليومية ومعتقداتهم الدينية وكيفية إدارة حروبهم، وكذا الوقوف على تركيبة السكان آنذاك والحدود الجغرافية وعلاقتها بالحضارات الأخرى، مثّل هؤلاء القدماء بعد أن لبسوا لباسهم على المسرح بعد إعدادها وكذا إعداد ستائر المسرح وكل الصور الملائمة مع شيء من الموسيقى والأناشيد، وأما عمل القائمين على المشروع فكل حسب اختصاصه، فمدرس اللغة الوطنية يستعمل ما يخدم المشروع أثناء تطبيقاته في المطالعة والإنشاء والمحفوظات، ومدرس الموسيقى يخدم المشروع بتقديم أناشيد على حياة القدماء وأما مدرس التاريخ والجغرافيا يقف على ما يقوم به التلاميذ من تقليد وتحديد لأساليب العيش والعمل والموقع(25)، ويتجه بهم إلى الآثار الموجودة هناك حتى يكونون أكثر قربا منها ويزداد شوقهم واهتمامهم للعمل والتطبيق.
    ويبرز قرب هذه المدارس من المجتمع وارتباطها بالحياة -وفق ما عبر عنه "ديوي" (المدرسة المجتمع)- من خلال اهتمامها بالنشاط المدرسي الذي يوازي الأنشطة الاجتماعية، ويذكر لنا هنا الأستاذ "عبد الفتاح المنياوي" أن المدرسة التي أنشأها "إسماعيل القباني" تتبع نظام الأسر حيث تضم أربع أسر، وينظم كل تلميذ منذ التحاقه بها إلى أسرة واحدة ويظل عضوا بها إلى غاية نهاية المرحلة الثانوية ولا يحق له أن ينتقل من أسرة إلى أخرى، حيث تصبح كل أسرة تضم تلاميذ من مستويات مختلفة والهدف من ذلك خلق روابط اجتماعية بين المتعلمين وبث فيهم روح التعاون وتنمية روح الانتماء إلى المجتمع وبالتالي الدولة والأمة وكذا الإنسانية بصورة عامة(26). فمثل هذه الأهداف هي نفسها التي كان يطمح إليها "جون ديوي" من "المدرسة المجتمع" ومن التربية عن طريق المشروعات.
    تلك هي صورة التربية التي سعى إليها الأستاذ "إسماعيل القباني" في جمهورية مصر العربية من خلال المدرسة النموذجية التي أنشأها، محاولا إعطاء اتجاه تربوي جديد ينطلق من ميولات المتعلمين وقدراتهم ومواهبهم، ويعتمد على طريقة المشروعات والاهتمام بالأنشطة المدرسية التي تتماشى والمحيط الاجتماعي للمتعلمين. وإذا ما قارنا بين ما وضعه "ديوي" من معالم تربوية جديدة وبين ما قدمه "إسماعيل القباني" لوجدنا تقاربا كبيرا بينهما، فاحترام النمو الطبيعي في المتعلم وتقدير مواهبه وقدراته هي تلك الطريقة السليمة التي أشاد بها "ديوي" وطبقتها الأستاذة "جونسون" في مدرسة "فيرهوب" بولاية ألباما(27)، وكذا التدريس بطريقة حل المشكلات من خلال وضع المتعلم أمام الموضوعات التي تثيره وترتبط بواقعه وتحفزه على العمل من أجل إيجاد الحلول لها، والأخذ بالمشروعات كصورة نموذجية عن ذلك فهي تلك الطريقة التي وضع أسسها "ديوي" وفصّل فيها تلميذه "وليام كلباتريك" وعملت بها الكثير من المدارس بولاية "شيكاغو" وكذا مدارس جاري بـ"أنديانا بوليس"، كما آمن "القباني" وغيره من رجال التربية بالمثل العليا التي نادى بها "جون ديوي" من الحرية وتكافؤ الفرص والتربية الاجتماعية والعمل بالأسلوب العلمي والنشاط المدرسي، ومن هنا شق تيار التجديد طريقه في ميدان التربية في الوطن العربي.
    ولم تكن بقية الأقطار العربية بعيدة عن المد البراغماتي في التربية بحكم الترابط الوثيق بين هذه البلدان عن طريق الاتفاقيات والمعاهدات، إذ كانت العراق التي تعد مهد الحضارات التي عرفها الإنسان وأسهم فيها بدور مرموق قبلة لأفكار "جون ديوي" التربوية وحاولت الاستفادة منها في مجال التربية، "فالذين درسوا في أمريكا حملوا معهم أفكار جون ديوي إلى العراق" (28) حيث أخذت وزارة التربية العراقية على عاتقها تحقيق الأهداف التربوية من خلال المهمات التي تقوم بها كالعمل على إنشاء المؤسسات التعليمية وتوفير الإطارات البشرية والإمكانيات المادية بما ينسجم مع السياسة التربوية الجديدة، التي تسعى لبلوغ إلى الفرد العراقي الجديد الذي ينعم بالحرية ويتأقلم مع متغيرات الواقع وقادر على مواجهة الرهانات والتحديات المعاصرة. لهذا سعت دولة العراق إلى تنويع الأنشطة الدراسية وتنظيمها في الميادين الرياضية والكشفية والثقافية والاجتماعية؛ كما تم تعزيز الصلات التربوية بين العراق ودول العالم بما سمح بتفتح رجال التربية العراقيين على الكثير من الآراء التربوية الجديدة هو التركيز على التربية العلمية والتكنولوجية وكذا تقريب المدرسة من المجتمع بإنشاء مجالس للآباء والمعلمين وتفعيل الأنشطة الخاصة بخدمة المجتمع والعمل التطوعي وغيرها من الأعمال التي تساعد على تنمية الفرد من خلال المجتمع.(29)
    وحاول القائمون على التربية في العراق تجسيد ملامح التربية التقدمية من خلال التشريعات والقوانين التي تستهدف تغيير المناهج وتحديثها في مجالات التعليم العام والتعليم المهني وتكوين المعلمين لجعل النظام التربوي العراقي يتسم بالمعايير التقدمية والتركيز على ديمقراطية التعليم ومتابعة التجديدات التربوية العالمية وتجريبها ميدانيا بعد تكييفها مع ما يناسب البيئة العراقية وتعميمها في ضوء نجاحها(30)، وتشكل نوعية التعليم في المدارس العراقية ملامح التربية التقدمية حيث ترتبط المناهج في جانبها المعرفي بقضايا المجتمع المحلي وبواقع الحياة اليومية للمتعلمين، كما ترتكز الأساليب التربوية على مفاهيم المشاركة والتعاون وتكتسي خبرات تساعد الفرد على مواجهة ثورة المعلومات وعالمية المعرفة.
    وتبدو الرغبة الكبيرة لرجال التربية في العراق- منذ مطلع القرن العشرين- في بلوغ ما بلغته التربية التقدمية من خلال الاتجاهات الرئيسية للسياسة التربية التي تم رسم أهدافها للتصدي للمشكلات التي تواجه النظام التعليمي العراقي وفق أسس علمية تطورية تتناسب والتقدم الذي عرفته المناهج التربوية وتتمثل هذه الأهداف وفق تلك السياسة في إتاحة فرص التعليم للجميع وتحسين نوعيته وفق متطلبات التنمية المستدامة والارتقاء بقدرات الهيئة التعليمية والتدريسية، وتعزيز التسامح وحرية التفكير والتعبير، وربط التخطيط التربوي بالقطاعات الأخرى، بالإضافة إلى التكوين وتأهيل المربين وتعزيز البعد التكنولوجي للتربية من خلال تطوير أداء المربين باستخدام المهارات التقنية الجديدة للاستفادة من التقنيات الحديثة في جميع التخصصات ليكون المعلم على إطلاع بما يستعمله من تقنيات في تنمية المتعلمين، وبناء على ذلك عملت الوزارة على تطوير المناهج وتصميمها وفق التغيرات الراهنة وجعلها ترتكز على إستراتيجية محورية وهي جعل المتعلم محور العملية التربوية وربط المدرسة بالحياة(31) أي (المدرسة المجتمع) وهذا الإصلاح التربوي يظهر بصورة جلية التأثر بمعالم التربية البراغماتية وما تضمنته فلسفة "ديوي" التربوية من خلال التركيز على مبادئ التربية الديمقراطية والسعي إلى تقريب المدرسة من المجتمع وجعل الأنشطة الدراسية تعالج قضايا الحياة المعيشة غير أن عدم بلوغ تلك الغايات إنما مرده إلى الظروف السياسية والاجتماعية التي تطبع كل مجتمع وتحدد توجهاته.
    وفي سوريا انتشرت أفكار "إسماعيل القباني" وغيره من المجددين في التربية المصريين بسرعة بحكم المواثيق والمعاهدات وكذا الوحدة التي تمت بين مصر وسوريا عام 1958م ومعها توحدت النظم التربوية وكذا المناهج والمواد الدراسية(32)، وعن طريقها امتدت التربية التقدمية نظرا للدور الذي لعبه "القباني" في تجسيد معالمها في مصر، كما حدث توحيد المناهج والخطط التربوية بين جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية الليبية وحددت الأسس النفسية والتربوية والاجتماعية من أجل أن تساعد المناهج الدراسية في كل مرحلة تعليمية على تنمية المتعلمين تنمية كاملة في كل الجوانب الجسمية والذهنية والاجتماعية والخلقية والروحية، على أن تساير هذه المناهج خصائص نمو المتعلمين وكذا احتياجاتهم وقدراتهم في كل مرحلة من التعليم، وأن تتجاوب واحتياجات البيئة والمجتمع وأن تتسم بالمرونة التي تسمح لكل تلميذ اختيار أنواع النشاط التي يمارسها في حياته المدرسية(33)، وهذه الأسس التي بني عليها التعليم في ليبيا تقترب كثيرا من المناهج التربوية البراغماتية الجديدة.
    إن الحقيقة التي يجب أن تقال، أن الرغبة كانت كبيرة في بلوغ معالم التربية التقدمية لدى الكثير من رجال التربية في العالم العربي بحكم فهمهم لواقع التربية في الوطن من جهة واطلاعهم الكبير على ما قدمه "جون ديوي" من أفكار وآراء جددت التربية وأخذتها إلى مصاف التقدم والتطور؛ غير أن ما قاموا به من جهود وما قدموه من أعمال لم يرق لذلك الطموح وتلك الرغبة، ذلك راجع إلى عوامل كثيرة ومتنوعة ولعلّ في مقدمتها - مثلما ذكرنا سابقا - ما خلفه الاستعمار من تخلف وانحطاط في كل المناحي الاجتماعية، إذ قضت الكثير من الدول العربية وقتها وسخرت كل إمكانياتها في محاولة تجاوز التخلف الذي ساد فيها زمنا طويلا بل ومازال الكثير من الدول العربية يعاني منه إلى يومنا هذا. أما العامل الآخر فهو اختلاف البيئة العربية عن غيرها من حيث تركيبة المجتمع وكذا خصوصياته الثقافية ويتداخل هذا العامل مع العامل السابق إذ أن للاستعمار أيضا تأثيرا بليغا على هذا الجانب، فهو لم يؤثر على الجانب المعرفي فقط بل تعداه إلى الجانب الثقافي، ولم يكن في مقدور رجال التربية التقدم في الإصلاح التربوي من غير إصلاح ما خلفه الاستعمار بغض النظر عن الطرق التقدمية والعلمية.
    في حين يبقى العامل الأبرز في عدم بروز التربية في شكلها التقدمي في العالم العربي وكذا في الكثير من الدول الأخرى التي سعت إلى تجسيد معالم التربية التقدمية، وهو التوجه السياسي فحينما اكتسح الفكر الاشتراكي الساحة الثقافية في منتصف القرن العشرين فبدا أن ما يحمل توجها يغايره وفي أي ميدان ومجال غير مرغوب فيه، فكذلك الأمر إذ لم يكن مستساغا أن يبدو أي رجل من رجال التربية متأثرا بالفكر الأمريكي، ورغم ذلك بدأت الأفكار البراغماتية في الميدان التربوي تتغلغل متزينة بزي الاشتراكية، وإن دلّ ذلك فإنما يدل على أن روح التربية التقدمية التي أرسى دعائمها أحد أعلام البراغماتية وهو "جون ديوي" قد دخلت في عقول رجال التربية العرب وغيرهم من الذين يعيشون في المجتمعات الاشتراكية التوجه السياسي، إلى درجة أن بعض هؤلاء المربيين أصبحوا في ظل واقعهم السياسي السائد يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم وذلك تبريرا للضرورة من جهة ورغبة في بلوغ النجاح في الحياة العملية من جهة أخرى .(34)
    وأما في الجزائر فكان الاهتمام بتغيير النمط التربوي الذي خلفه الاستعمار ضرورة حيث تمّ تشكيل لجنة إصلاح التعليم وتحويله إلى برامج جزائرية بحتة سنة 1968م مع الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا، ورغم ما كانت تعانيه الجزائر في السنوات الأولى من الاستقلال من مشكلة المباني المدرسية من حيث العدد أو السعة أو الصلاحيات وكذا التجهيزات اللازمة(35)، إلا أنها وضعت على عاتقها تحسين ظروف التعليم ثم انتقلت بعد ذلك إلى الإصلاح التربوي. لهذا اتجهت في البداية إلى الاهتمام بالمربيين بحكم ضعف التأطير التربوي وكذا العمل على توفير الفرص المتكافئة للجميع حيث بذلت الحكومة جهودا كبيرة ومضنية في ذلك من خلال تجنيد الإمكانيات البشرية والأطر المؤسساتية على نطاق واسع ومضت الجزائر في إصلاحها التربوي في كل مرحلة زمنية تقتضي ذلك حتى تمكنت من بلوغ أرقاما كبيرة من المتمدرسين تتجاوز ثمانية ملايين تلميذ في مطلع القرن الحالي(36).
    وفي بداية القرن الواحد والعشرين برزت التربية كأكبر تحديات الدولة الجزائرية المستقبلية الكبرى والصعبة والمعقدة، لكنها مليئة بالآمال(*)، ونصبت اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية والتي تكونت من 157عضوا تم اختيارهم من الشخصيات الوطنية حسب كفاءاتهم المشهود لهم بها في عالم التربية، وكلّفت هذه اللجنة بتشخيص موضوعي شامل للمنظومة التربوية قصد رسم المقترحات الوافية والكافية لبناء سياسة تربوية جديدة منسجمة واستغرقت أشغال تلك اللجنة تسعة شهور وقدمت تقريرها في شهر مارس 2001م لرئيس الجمهورية الذي قام بعرضه على الحكومة للنظر فيه.(37)
    تواصلت مناقشة مشروع الإصلاح التربوي على مستوى الحكومة وتم تشكيل فريق عمل لضبط خطة عملية لتنفيذ الإصلاح التربوي، واعتمدت على خمسة عشر ورشة لتجسيدها، وبعد إطلاع مجلس الوزراء على الخطة التي أعدها فريق العمل اتخذ قرارات تم إدراجها ضمن برامج عمل الحكومة المصادق عليه من طرف البرلمان بتاريخ 27 جويلية 2002م، وتتعلق هذه القرارات بثلاثة محاور كبرى تدور حول : (إصلاح مجال البيداغوجيا، وإرساء منظومة متجددة للتكوين وتحسين مستوى التأطير البيداغوجي والإداري، وإعادة التنظيم الشامل للمنظومة التربوية) ففي المحور الأول يتم العمل على إصلاح البرامج التعليمية وتجديد الوسائل التربوية وفي مقدمتها الكتاب المدرسي، وكذا العمل على مواكبة التحولات العالمية بتأهيل دراسة اللغات الأجنبية واستعمال الترميز الدولي في العلوم الدقيقة والتجريبية وتعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة وغيرها من الإصلاحات البيداغوجية (38).
    لم تكن تعديلات البرامج التعليمية وليدة اليوم فقط بل هي عملية مستمرة عرفتها الجزائر منذ 1962م، حيث شهدت الكثير من المواد تعديلا لاعتبارات سياسية بعد الاستقلال مثل التاريخ والجغرافيا والفلسفة والتربية الدينية، أما في فترة السبعينات فكان التعديل بمثابة التمهيد لمرحلة الإصلاح حيث كان الهدف من ذلك تكوين برامج تعليمية جزائرية محضة، وكذا البحث عن الطرق والمناهج الملائمة، فكان التغيير الذي عرفته التربية في فترة السبعينات والثمانينات يمثل محاولات وتجارب لبناء النظرة الجديدة للتربية في الجزائر، التي تجسدت مع بداية العشرية الأولى من القرن الحالي في محاورها وخطوطها العريضة(39)؛ حيث تم إنشاء جهاز جديد مكلف بتصميم المناهج الدراسية والتي تحدد الأهداف العامة للتربية من خلال غاياتها وإعداد الملامح التي ينتظر أن يكون عليها التلاميذ في نهاية كل مرحلة تعليمية وكذا تحديد كيفيات تقييم التعلم والتكفل النفسي البيداغوجي بالتلاميذ لتجاوز الصعوبات التعلمية التي يعانون منها. يشار أنه لأول مرة في تاريخ الجزائر يتم إعداد وثيقة مرجعية لتصميم البرامج التعليمية في كافة الأطوار الدراسية، وقد تم اعتماد تنظيم البرامج الدراسية وفق المقاربة بالكفاءات وهي متفرعة عن المنهج البنائي وتتأسس على التعلم المتمركز حول التلميذ في كل اهتماماته وقدراته وردود أفعاله لتنميتها على التكيف مع الوضعيات لمواجهة الصعوبات التي قد تعترضه في حياته.(40)
    إن المقاربة بالكفاءات التي تم إعداد البرامج الدراسية وفقها إنما هي تجاوزا لطرق التلقين التي اهتمت بالموضوعات التعليمية على حساب القدرات الكامنة للمتعلمين والتي كان لابد من تفعيلها والكشف عنها وتكييفها، وباتت المقاربة بالكفاءات هي الطريقة الأنسب لذلك، فاختيار هذه المقاربة البنائية يضع المتعلم في صميم مسار التعلم بل وشريكا أساسيا في بناء معارفه. هذه المقاربة تفرض على واضعي البرامج الإلمام بشروطه وبالمسائل المرتبطة بها من خلال اختيار الوضعيات المناسبة والتي تكون قريبة من حياته الاجتماعية، على أن تتأسس على أسس منهجية لها بعد استراتيجي كأن تتميز بالشمولية وقابلية التطبيق والوضوح والتلاؤم مع الواقع ولها توجه مستقبلي متكامل ومتدرج وعلمي.(41)
    أما فيما يخص التكوين فتضَمَّن الإصلاح إنشاء معاهد تربوية لتكوين المعلمين والأساتذة وأساتذة التعليم التقني وإعادة تأهيل الأسلاك التعليمية، وكذا إعداد مخطط وطني لتحسين وترقية مستوى التأطير، في حين تمّ على مستوى محور التنظيم الشامل للمنظومة التربوية التركيز على التعميم التدريجي للتربية ما قبل المدرسية لفئة الأطفال البالغين خمس سنوات، وتمديد مرحلة التعليم المتوسط، وتنظيم مرحلة التعليم ما بعد الإلزامي العالي والتكنولوجي والتكوين المهني، بالإضافة إلى إضفاء الطابع القانوني على مدارس التعليم التابعة للقطاع الخاص(42).
    إذا ما تأملنا الخطوط العريضة للإصلاح التربوي في الجزائر، فإنه يمكن اعتبارها سياسة تربوية جديدة تنطلق من الإيمان العميق بضرورة البحث عن الوسائل الفعالة التي تجسد مبادئ التربية الحقيقية في الواقع كممارسة لا كمعارف يتم تحصيلها نظريا، ذلك أن إتاحة فرص التعليم بصورة متكافئة أو ما يعرف بديمقراطية التربية وكذا التوجه العلمي والتقني هي مبادئ ارتكزت عليها المنظومة التربوية في الجزائر منذ الاستقلال، لكن لم تكن قائمة على طرق تربوية سليمة، فالإصلاح التربوي الجديد يهدف إلى تجاوز الأخطاء وحجب النقائص التي خلفتها الطرق التربوية التقليدية والتي رغم تحقيقها لنسب معتبرة من حيث انتشار التمدرس بين الجزائريين إلى أنها لم تتجاوز النتائج والأرقام النظرية المجردة، وكان من الضروري البحث عن الطرق التي تمكن من تأهيل الفرد الجزائري وتتيح له الفرص أن يكون مواطنا فعالا مهنيا واجتماعيا.
    وعلى هذا الأساس مثّلت السياسة التربوية الجديدة في الجزائر تحديا كبيرا لمواجهة التحولات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها العصر، حيث بدأ العمل على توفير الشروط والضوابط الضرورية لتمكين الجميع من اكتساب أقصى ما يمكن من المهارات البيداغوجية، وذلك من خلال المعادلة التي أكد عليها الأستاذ "بوبكر بن بوزيد" وزير التربية الجزائري في قوله: "التحكم في تخطيط دفعات المتمدرسين والتكوين المتواصل لأفواج المعلمين وإدخال تكنولوجيات الإعلام وإعادة الهيكلة النوعية الشاملة للطرائق البيداغوجية والبرامج التعليمية"(43). فما جاء في الاهتمام بالعمل البيداغوجي بالطرق التدريس الجديدة وفي مقدمتها طريقة المقاربة بالكفاءات لبناء المنظومة التربوية الجديدة "وضمن هذه النظرة الجديدة سيكون التلميذ، من الآن فصاعدا، هو الطرف الرئيسي في العقد التربوي من حيث أنه سيحتل مركز العملية التعليمية، في حين يمنح المعلم الحرية واستقلالية أكبر في المبادرة التعليمية من حيث صياغة (العقد) التعلّمي أو تطبيق آليات تقييم المكتسبات"(44)، ويتم إعداد البرامج الدراسية وفق المقاربة بالكفاءات والتي تعتمد على منطق التعلم المتمركز حول التلميذ وأفعاله واستجاباته أمام وضعيات إشكالية، ويحمل فيها على المبادرة دون الركون إلى التلقي. يظهر هنا دور التربية التقدمية وتأثيرها من حيث جعل المتعلم محورا فعالا لكل المعارف وإلغاء التصور التقليدي القائم على توجيه التلميذ وإعداده دون النظر إلى مهاراته واهتماماته.
    إن هذا التوجه يمثل اختيارا بيداغوجيا يرمي إلى مواكبة التربية التقدمية والارتقاء بالمتعلم إلى أسمى درجات التعليم، لأنها تستند إلى نظام متكامل من المعارف والمهارات والأداءات التي تسمح للمتعلمين ضمن وضعيات تعليمية منظمة إبراز المهارات والكفاءات الملائمة المناسبة لتك الوضعية، فيتمكن التلميذ من بناء التعلم بصورة ذاتية من خلال تركيز الأنشطة التعليمية عليه والتي تسمح له بالتفاعل الإيجابي مع محيطه عن طريق الإستكساف والبحث لحل المشكلات التي تعترضه وفق قواعد علمية منظمة، وهذه هي مقومات التربية التي دعا إليها "جون ديوي"، ولما كانت طريقة المشروع هي إحدى أهم التطبيقات التربوية للمنهج التربوي الجديد القائم على حل المشكلات وفق الأسس المنطقية والعلمية التي أشار إليها "ديوي"، فإن هذه الطرق احتلت مكانا جوهريا في سلسلة الإصلاح التربوي في الجزائر باعتبارها هي الكفيلة بتحقيق التعلم الذاتي وبإبراز كفاءات المتعلمين. وهذا ما يدل بصدق على المتابعة الجدية للقائمين على التربية في الجزائر للمعالم التربوية العالمية الجديدة وحرصهم على تطبيقها ميدانيا بما يناسب خصوصيات المجتمع الجزائري.
    فإذا كان كل إصلاح تربوي يقتضي إطارا مرجعيا يعتمد عليه والمتمثل في الفلسفة التربوية التي يتم من خلالها التخطيط والتنظيم واختيار الطرق السليمة لمسايرة التطورات التي يفرضها العالم اليوم، فإن الجزائر قد أدركت أن مجتمعها يحتاج إلى تربية تكون أكثر تلاؤما مع طموحاته ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بفلسفة تربوية تضمن الوصول إلى الأهداف والتطلعات المنشودة تجعل من التربية في الجزائر في مستوى مواجهة تحديات العصر. فجاء الاهتمام بالمتعلم باعتباره اللبنة التي إذا ما تم الاعتناء بها فإنه يمكن ضمان مجتمع ينسجم مع التطورات العلمية والاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم، ولهذا كان التوجه التربوي الجديد في الجزائر يعتمد على مبادئ التربية التقدمية. وكان دور المدرسة في إطار الإصلاح التربوي يهدف إلى مسايرة المدرسة البراغماتية تلك المدرسة التي تعد وسيلة اجتماعية فعالة تتضمن كل المظاهر المختلفة التي يعيش معها المتعلم في واقعه ومحيطه، فكان دورها الجديد يكمن في جعلها المكان الذي يقضي فيه التلميذ فترة محددة من حياته يتعلم فيها كل المعارف وينمي فيها مهاراته ويطور قدراته، وفيها أيضا يتعلم قيم المجتمع لتوطيد الانسجام الاجتماعي، فكان لزاما تجسيد تلك الغايات التربوية في كل ما يمارسه التلميذ من أنشطة بيداغوجية في المدرسة وذلك عن طريق تغيير الوسائل التربوية، وبناء البرامج الدراسية الجديدة وفق التطورات العلمية والتكنولوجية التي أضحت تؤثر على المجتمعات في كل ميادينها الأمر الذي يحتم تدريس التكنولوجيا والعلوم للتلاميذ وفق اهتماماتهم وقدراتهم(45).
    بناء على ماسبق، يظهر أن امتداد معالم فلسفة التربية الديوية في الجزائر واضح الملامح وما يؤكد عليه وجود إصلاح منهجي وهيكلي للمنظومة التربوية بتحديد فلسفة واضحة للتربية على المدى البعيد تنطلق من التركيز على المتعلم بدءا بعهد الطفولة التي تنطلق من مرحلة التربية الابتدائية مرورا بالمراحل الأخرى وصولا إلى مرحلة البحث والتعليم العالي وبعدها تتجسد الفعالية في الحياة المهنية في الواقع الاجتماعي، بالإضافة إلى تجديد المدرسة الذي تم السعي إليه باعتبارها أحسن ضامن للتلاحم الاجتماعي والوحدة الوطنية تترجم صور الحياة الاجتماعية وتتفتح على المتغيرات الخارجية، وما يؤكد ذلك الامتداد أيضا معالجة مضمون البرامج والطرائق وكل ما يتعلق بالتربية بالنظرة الجديدة التي تقوم على المبادئ التربية التقدمية التي تتأسس على العناية بمبادئ الديمقراطية وروح التعاون والمشاركة الجماعية، وتعتمد على الطرق العلمية وتتضمن الأنشطة المهنية القريبة من الواقع المعيش، ولأجل ذلك حاولت الجزائر بناء منظومتها التربوية العصرية لتدارك التأخر الذي حصل نتيجة تراكمات خلفتها السنوات القاسية من حياة المجتمع الجزائري، حيث كانت للدولة رغبة واضحة المعالم في سبيل تحسين المستوى في شتى الميادين فيما يتعلق بالبرامج والمناهج والأنشطة ووسائل التقويم التربوية، والمضي قدما في تهيئة الظروف الملائمة لبلوغ تلك الغايات المنشودة المتمثلة في ضمان مستقبل الأجيال.
    ورغم أن الإصلاح الفعلي في النظام التعليمي في الجزائر وفق الطرائق التربوية الجديدة كان مع العشرية الأولى من القرن الحالي، إلا أن ملامحه وبوادره من خلال خطوطه العريضة التي تمس المناهج الدراسية، وتجديد نظام التكوين والتدريب البيداغوجي، ووضع نظام جديد للتقويم وإعادة تنظيم المنظومة التربوية في مراحلها وهياكلها، بدأ يعطي مؤشرات النجاعة البيداغوجية من خلال تحسن نتائج الامتحانات الرسمية وتطور نظام التمدرس وتحسن المنشآت القاعدية، مما يدل على أن التربية التي تواكب المستجدات التربوية وتأخذ على عاتقها مسايرة الاتجاه التقدمي في الكثير من المجالات وتتمسك بالاتجاه المحافظ بما يضمن الحفاظ على هويتها من جهة ومواكبة العصرنة من جهة أخرى، يمكنها أن تضمن مستقبلا لبلاده وأجيالها.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الهوامش

    ( )- سعيد إسماعيل علي، فلسفات تربوية معاصرة، ص131.
    (2)-أحمد فؤاد الأهواني، جون ديوي، ص29.
    (3)- نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 1974، ص25.
    (*)-يتمثل ذلك النشاط في رئاسته للجنة التي تولت التحقيق في الاتهامات الموجهة ضد ليون تروتسكي، وأصدرت اللجنة تقريرها الذي أثبت أنه غير مذنب مما جعل "ديوي" محل هجوم كل الشيوعيين فاعتبروه رجل استعماري وتاجر الحروب. ورغم ذلك فإن مهمته تلك تدل على المكانة التي كان يحتلها في الإتحاد السوفياتي قبل إصدار اللجة حكمها.
    - جون ديوي وإيفلين ديوي، مدارس المستقبل، مقدمة وليام .و. بريكمان، ص39.
    (4)- أحمد فؤاد الأهواني، جون ديوي، ص30.
    (5)- William H. Kilpatrick , Dewey‘s Influence on Education, in P. A. Schilpp , The Philosophie of John Dewey, P472
    (6)- أحمد فؤاد الأهواني، جون ديوي، ص65.
    (7)-William H. Kilpatrick, Dewey‘s Influence on Education, in P. A. Schilpp, The Philosophie of John Dewey, P471.
    (8)- أحمد فؤاد الأهواني، جون ديوي، ص65.
    (9)-نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، ص200.
    (*)-لم تكن تلك الإشادة للثورة البلشفية من حيث توجهها الإيديولوجي كما يعتقد أولئك الذين اتهموا ديوي بالشيوعية، بل كانت تتعلق باهتمامها بالتربية لتحويل توجهها السياسي كواقع حي وذلك ما تحقق فعلا وأدى إلى انتشار الشيوعية.
    (0 )- نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، ص324.
    (1 )- عبد الله عبد الدايم، نحو فلسفة تربوية عربية "الفلسفة التربوية ومستقبل الوطن العربي"، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1991، ص233.
    (2 )- نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، ص330.
    (3 )-نازلي صالح وعبد الغني عبود، المصدر السابق ، ص337.
    (4 )- المصدر نفسه ، ص333.
    (5 )- أحمد فؤاد الأهواني، جون ديوي، ص ص66،65.
    (6 )- سعيد إسماعيل علي، فلسفات تربوية معاصرة، ص132.131.
    (7 )-نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، ص358.
    (8 )- سعيد إسماعيل علي، فلسفات تربوية معاصرة، ص132.

    (19)- عبد الفتاح المنياوي وهو مترجم كتاب مدارس المستقبل لجون ديوي وابنته إيفلين، والذي افتتحه بمقدمة كتبها يعرض فيها فصول الكتاب وما حوته، وبدأها بعرض أثر التربية البراغماتية عند جون ديوي على التربية في العالم العربي من خلال أبرز رواده إسماعيل القباني.
    (20)-جون ديوي وإيفلين ديوي، مدارس المستقبل، مقدمة عبد الفتاح المنياوي، ص7.
    ( 2)-المصدر نفسه ، ص8.
    (22)-المصدر نفسه ، ص11.
    (23)-المصدر نفسه ، ص12.
    (24)-جون ديوي وإيفلين ديوي ، المصدر السابق، مقدمة عبد الفتاح المنياوي ، ص13.
    (25)-المصدر نفسه ، ص14.
    (26)-المصدر نفسه، ص ص17،16.
    (27)- المصدر نفسه ، ص21.
    (28)-William H. Kilpatrick, Dewey‘s Influence on Education, in P. A. Schilpp, The Philosophie of John Dewey, P471
    (29)- وزارة التربية لجمهورية العراق، تطور التربية، "التقرير الوطني لجمهورية العراق"، مركز البحوث التربوية، بغداد، 2004م، ص ص4،3.
    (30)- المرجع نفسه، ص8.
    (31)-المرجع نفسه، ص ص14،13.
    (32)-نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، ص363.
    (33)- المرجع نفسه، ص ص378،377.
    (34)- سعيد إسماعيل علي، فلسفت تربوية معاصرة، ص 125.
    (35)-نازلي صالح وعبد الغني عبود، في التربية المقارنة، ص ص334،333 .
    (36)- بوبكر بن بوزيد، إصلاح التربية في الجزائر"رهانات وإنجازات"، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2009م، ص10.
    (*)- ورد في خطاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة تنصيبه للجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية في قصر الأمم بالجزائر العاصمة يوم السبت 13ماي 2000م، قوله: "من بين تحديات المستقبل التي يجب علينا التصدي لها، فإن التحدي التربوي هو أصعبها وأكثرها تعقيدا ولكنه في الوقت ذاته أكبر التحديات المفعمة بالأمل وأكثرها إثارة للحماس، إن مستقبل الأجيال الصاعدة مرهون برفع هذا التحدي إذ على ضوئه يتحدد تطور مجتمعنا وانسجامه وتوازنه كما تتحدد تنمية بلادنا في الميادين الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية وفي حقل إشعاع شخصيتها وثقافتها على العالم..."
    (37)- بوبكر بن بوزيد، إصلاح التربية في الجزائر "رهانات وإنجازات"، ص25.
    (38)- المرجع نفسه ، ص ص27،26.
    (39)-المرجع نفسه ، ص47.
    (40)- المرجع نفسه ، ص53.
    (41)-المرجع نفسه ، ص ص55،54.
    (42)-المرجع نفسه ، ص29،28.
    (43)-المرجع نفسه ، ص32.
    (44)-المرجع نفسه، ص33.
    (45)- المرجع نفسه، ص44،43.
يعمل...
X