إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

للروائي العراقي محمود سعيد «ثلاثية شيكاغو» قراءة نقدية فيها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للروائي العراقي محمود سعيد «ثلاثية شيكاغو» قراءة نقدية فيها

    قراءة نقدية في «ثلاثية شيكاغو»





    ثلاثية الأرواح الضائعة لحسين سرمك حسن
    «ثلاثية شيكاغو» للروائي العراقي محمود سعيد هي ثلاث روايات مستقلة عن بعضها تتناول حياة مجموعة من العراقيين في أميركا.
    دمشق- عن دار ضفاف في دمشق، صدر للناقد الدكتور حسين سرمك حسن كتاب جديد عنوانه «ثلاثية الأرواح الضائعة» عن «ثلاثية شيكاغو» للروائي «محمود سعيد». ضم ثلاث دراسات مستفيضة عن أجزاء «ثلاثية شيكاغو»: «حافة التيه» و»إسدورا» و«زيطة وسعدان».
    عن سبب اختياره ثلاثية شيكاغو من بين أعمال محمود سعيد الروائية الكثيرة قال سرمك: «في عام 2008، وفي ما يتعلق بمشروعي النقدي عن منجزه، حقّق محمود سعيد انجازا روائيا يضاف إلى رصيده السردي من ناحية، وإلى مسيرة الفن الروائي العراقي من ناحية أخرى، وذلك عندما أصدر «ثلاثية شيكاغو»، وهو عمل ذو نفس ملحمي، يتكون من ثلاثة أجزاء.
    هذه الثلاثية هي التي اخترتها لتكون موضوع هذا الجزء من مشروعي عن الفن السردي لمحمود سعيد.
    ويقف في مقدمة الدوافع التي جعلتني «أقفز» زمنيا عقودا عدّة، لأتناول الثلاثية، في الوقت الذي بدأت فيه صلتي النقدية بمنجز محمود بدراسة عن روايته «زنقة بن بركة»، هو أن موضوعها أكثر إلحاحا في صلته بمتغيرات الحياة الراهنة مع علمي أن موضوعات الفن الحقيقي حيّة لا تموت. لقد تمسك محمود سعيد -ومنذ أعماله الأولى – بهموم ومحن الإنسان العراقي المسحوق وانتصر لها حتى وهو يرصد انكساراته الموجعة، مؤكدا أنه على الفنان أن لا يتعالى على هموم الإنسان، وأن يكون – من دون أن يغفل الاشتراطات الفنية واللغوية والجمالية طبعا – في خندق هذا الإنسان في أي زمان وفي أي مكان، وتحت أقسى الظروف.
    وكيف لا ينتصر لإنسان أرضه، وهو الذي كان شعار حياته -ومنذ مرحلة مبكرة في نشاطه الإبداعي- وما يزال الانتصار للإنسان المقهور في وجه الطغيان والإذلال والانسحاق، والذي عبّر عنه بقوله: «أنا مستعد للوقوف مع أي مظلوم حتى ينال حقه، ولو كان الظالم أخي، إنني أومن بحق كل الناس بالعيش والحياة الكريمة، مهما كانت معتقداتهم وانتماءاتهم الوطنية والقومية، ولذا فلن ترى شخصاً متعصبا محترما في رواياتي».
    وقد فرض عليه هذا الإيمان الراسخ أن يبقى على شطآن المدرسة الواقعية -طبعا ليست الواقعية الفجّة ولا الكلاسيكية- التي هي واقعية حديثة بوصف دقيق. ومحمود سعيد لم يستطع أن يغمض عينيه عن الدماء التي سُفكت، والتي ستُسفك -وقت كتابة الثلاثية- في وطنه بفعل عدوان الولايات المتحدة الأميركية الوحشي على العراق، وبينها حصار العشر سنوات الجائر الذي اجتث مليون إنسان من شعبه.
    لكن ثلاثية محمود سعيد الضخمة (أكثر من 680 صفحة)، تكشف بلا تردد، طبيعة المجتمع الأميركي الفردوسي الذي منّى المهاجر العراقي نفسه به طويلا، كجحيم لا يُطاق، ومصدر ضغوط جسيمة يواجهها في محاولة التكيّف مع طبيعة الحياة فيه. فبرغم توفير المستلزمات المادية و»الكرامة» إلا أن الكثير من المهاجرين العراقيين -في العيّنة التي عرضها محمود سعيد على الأقل- يواجهون ضياع «دلالات» ذواتهم، في مجتمع يقوم على أساس «فصل الدال عن المدلول» ولانهائية المعنى وصولا إلى ضياعه، ويسوّي بين الإنسان والمادة. والثلاثية أيضا هي محاولة متفرّدة للغوص في أعماق نفسية المهاجر العراقي تحديدا، وما يعانيه من مصاعب، ويواجهه من تحولات بعضها يبدو مستحيلا لأنه يخالف الطبيعة البنيوية لشخصيته.
    فهي لا تتردّد في الإمساك الحازم بمواضع الاختلالات العميقة في شخصية المهاجر والتي يأتي محملا بها من وطنه الأم فتربك حياته في البلاد الجديدة.
    وهي -أي الثلاثية- كشف لما يجري في مجتمعات هؤلاء المهاجرين من سلوكيات وصراعات وأفعال ملتبسة ومقلقة جعلتهم أنموذجا ينطبق عليه المثل العامي عن الكائن الذي «يضيع المشيتين»، بكل ما يعنيه ذلك من ضياع وخيبة وصراعات.
يعمل...
X