إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في «مهرجان الفنون الإسلامية» معارض بالشارقة - القاهرة.. الجميلة - بينها مقتنيات الشيخ سلطان القاسمي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في «مهرجان الفنون الإسلامية» معارض بالشارقة - القاهرة.. الجميلة - بينها مقتنيات الشيخ سلطان القاسمي


    معارض في «مهرجان الفنون الإسلامية» بالشارقة بينها مقتنيات الشيخ سلطان القاسمي
    القاهرة.. الجميلة في مرآة الآخرين

    جهاد هديب

    في إطار مهرجان الفنون الإسلامية لدورته الرابعة عشرة التي تختتم فعالياتها مساء الثامن من الشهر المقبل وتقيمه إدارة الفنون في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، يشهد متحف الشارقة للفنون بمنطقة الشويهين بالشارقة ثلاثة معارض تتزامن معا؛ تختلف في مضامين التوجهات التي تشتمل عليها الأعمال التشكيلية لكنها تتفق أن ملكيتها الشخصية تعود للمكتبة الفنية الخاصة بصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة: مجموعة العمال الاستشراقية التي هي أحد المعارض الدائمة لمتحف الشارقة للفنون، ورحلة إلى بلاد فارس، الذي ينطوي على عدد واسع من الأعمال التي مهدت للاستشراق الفني الأوروبي وتخص منطقة بلاد فارس تحديدا، وتكتسب أهميتها الفنية من أنها تمثل إحدى بدايات الفن الأوروبي في التعرف على فن الغرافيك حيث نُفِّذت هذه الأعمال جميعا بالطباعة الحجرية وفقا للطريقة الصينية القديمة، والآن المعرض الجديد: الفنون العربية في القاهرة من خلال آثارها، الذي يضم رسومات أصلية نادرة تعود إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتؤرخ بالمعنى العميق ليس للفنون العربية وحدها التي كانت شائعة آنذاك، بل لعلاقتها بمحيطها وبيئتها من جهة وعلاقتها بالحياة اليومية للناس من جهة أخرى.

    يضم هذا المعرض وحده رسومات لما يُقارب المائتين وخمسين عملا تمّ تنفيذها بدقة واحتراف ونقل أمين لما كانت عليه في الواقع.

    بهذا المعنى يتجاوز فعل اقتناء الأعمال الفنية الجانب التزييني والتزويقي الذي يهدف إلى المحافظة على العمل الفني وضمان استمرارية الفنان في إنتاج أعماله الفنية الأخرى، إلى ما هو أوسع ويتجاوز الشخصي والذاتي إلى العام والموضوعي. إن المعارض الثلاثة، وتحديدا: الفنون العربية في القاهرة من خلال آثارها، تشير إلى أي مدى كانت علاقة الإنسان العربي بالفنون لصيقة بتفاصيل حياته اليومية في المدن الكبرى أقلّها، وبما أنها تعود تقريبا لإلى مراحل زمنية متعددة ولكن متقاربة فإنها أيضا تشير إلى التداخل بين الوظيفة النفعية اليومية لهذه الفنون مع دورها الذي يتسم بطابع ديني محض إلى جوار لغتها الجمالية وخطابها الجمالي الذي يقوم على مبادئ بعينها باتت معروفة وأسست لنهضة شاملة في الفنون الإسلامية التي ظلّتْ فاعلة في حياة الناس حتى قدوم الاستعمار العسكري الكلاسيكي، الذي لم يدمر هذه الآثار الفنية بل دمّر الوعي بقيمتها الحضارية الإنسانية إجمالا فضلا عن نهبه المنظم والمدروس لكنوز هذا التراث وترحيلها إلى المتاحف الكبرى في أوروبا الاستعمارية وإلى المقتنيات الخاصة لأصحاب الشركات الكبرى فضلا عن أقسام الاستشراق، ذلك العلم الناشئ حديثا في الأكاديميات الأوروبية التي إن اتسم البعض منها بالنزاهة العلمية إلا أنها في أغلبها قد وظّفت نتائج أبحاثها لخدمة الأهداف الاستعمارية

    في أية حال، ولجهة التوصيف، فإن المعرض قد جرى توزيعه على قاعات العرض في متحف الشارقة للفنون وفقا، للتصنيفات الدارجة للفنون العربية والإسلامية بالطريقة الكلاسيكية، فالمعرض يبدأ بالرسوم الخاصة بالعمارة وينتهي بتلك التي تخص المنسوجات اليدوية والسجاد، وما بينهما من: الأسقف والأعمال الخشبية والمخطوطات والمصاحف والزخارف والفسيفساء والأثاث والخزف.

    ولجهة تحقيب هذه الفنون فإنها تعود إلى مختلف العصور الإسلامية التي مرّت بالقاهرة منذ تأسيسها حتى العصر المملوكي مرورا بالأمويين والعباسيين والطولوني والاخشيدي والفاطمي والأيوبي، بما يجعلها فنون شديدة الغنى والتنوع ومن خلالها يمكن دراسة التطورات التي كانت تطرأ على هذه الفنون بين حقبة وأخرى كما بين عصر وآخر من جهة وعلى تطور الأدوات الفنية لدى الفنان المسلم سواء في الموضوعات التي كان يطرحها من خلال هذه الفنون، وتحديدا في الزخارف والمقرنصات والأعمال الخزفية، فيلاحظ المرء أن الفنان المسلم ظل ينحو باتجاه التجريد باستخدام الخطوط العربية والأشكال النباتية في تزيين الأبنية التي لها طابع ديني محض كالجوامع والتكايا والأضرحة وما سوى ذلك من مطارح تمتاز بقدسيات متفاوتة لكنه في الأعمال الأخرى التي في البيوت المشربيات وما في داخل البيت نفسه من أعمال خزف وحفر على الخشب كان أقرب إلى طبيعة الحياة اليومية للناس بما هم عليه في وقتهم وزمان عيشهم، وبما يشير إلى حالة من الازدهار التي قد تبلغ بالبعض حدّ الترف والبذخ في أوقات الاستقرار والسلم الأهلي وهو ما كان يفاخر به أي خليفة حكم القاهرة، إذ كان توفر الأمن مقياسا لذلك الازدهار بدءا من حراسة الطرق التجارية النهرية والبرية المفضية إلى القاهرة وليس انتهاء بنوبات الحراسة الليلية. وقد كُتب عن ذلك الكثير تاريخيا وروائيا.

    و”الفنون العربية في القاهرة من خلال آثارها”، أي أكثر معارض مقتنيات صاحب السمو جدة لجهة عرضه وإتاحته للجمهور هو أحد أجزاء الكتاب الذي صدر بالعنوان نفسه، والأعمال المعروضة فيه هي من الأعمال التي تضنتها واحد من تلك النسخ المحدودة التي طبع فيها الكتاب في باريس أول مرة، أي أنها تعود إلى الحقبة ذاتها التي رسم فيها رافين أعماله التي من غير الممكن وصفها إلا بالفذة نظرا للجهد الفني والهندسي الذي بذله في إنجاز لوحاته. مثلا، يقوم بتحديد المساقط الهندسية الأفقية العمودية التي انبنت على أسسها المساجد القاهرية الضخمة، ويُعيد الوحدات التجريدية الزخرفية إلى أصولها الهندسية أكثر مما انه ينقلها من زاوية نظر هندسية شمولية وفقا لمقاييس بعينها، بما يعني أنه يرد الشيء إلى جوهره الأول كي يستطيع أن يفهمه تماما، وهو جهد يحتاج إلى فريق عمل من المتخصصين وليس إلى رجل واحد شاء مصادفات القدر ان يكون رساما ومهندسا وكاتبا موسوعيا في وقت واحد معا.

    وبالتأكيد فإن تناول الأعمال الفنية التي يشتمل عليها المعرض بوصفها كذلك، هو أمر ليس سهلا متاحا، ويحتاج إلى متخصص في الفنون العربية والإسلامية بهدف الكشف عن أهميته التوثقية والتاريخية والفنية وبالتالي الحضارية أيضا، لكن ما تحاوله هذه السطور هو تحفيز القارئ إلى زيارة المعرض والاستمتاع بجماليته ومستواه الراقي فنيا، مثلما تحاول التأكيد على أن فعل الاقتناء الشخصي لمثل هذه الأعمال هو موقف حضاري من الأعمال ذاتها التي أنجزها فنان استشراقي من الطراز الأول وكذلك هي موقف حضاري من المصادر المعمارية وغير المعمارية التي نهل منها رافين هذه الأعمال، إذ أن أغلب ما هو موجود في اللوحات لم يعد موجودا على أرض الواقع، فقد اندثر لأمر ما أو طالته يد الخراب والجهل بآلة تدمير جعلته أثرا من بعد عين. أيضا، وفي ما يتعلق بالمعارض الثلاثة، فإنها جميعا تشترك في أن للاستشراق الفني دور فيها يتجاوز التوثيقي الفني إلى الإبداعي الذي يتأسس على جماليات الحياة اليومية العربية.

    وبعيدا عن أي حوار للحضارات أو الثقافات مثلما بعيدا عن المرجعيات والاستقطابات، وعلى نحو فردي تماما، فإن المرء يحب أنْ يرى صورته جميلا ولو في مرآة “الآخر”.

    الفرنسي دافين: 600 لوحة من فتنة الشرق

    في يونيو من العام 1858 تقوم وزارة التعليم الفرنسية بإرسال بعثة علمية تضم مهندسا ورساما لا يخلو من افتتان بالشرق وهوس بآثاره الفنية إلى مصر، هو إميل بريس دافين (1807 ـ 1869)، ثم تعود البعثة إلى بلادها تاركة وراءها في القاهرة دافين المنشغل بنقل الرسومات ذات الطابع الهندسي أو التي تقوم أساسا على علم الهندسة الخاصة بالفنون العربية والإسلامية ولينجز أيضا رسومات أخرى ذات طابع استشراقي محض لأوابد تعود إلى فترات زمنية سابقة على الفتح الإسلامي مثل الحضارتين الرومانية والإغريقية وقبل ذلك الفرعونية، أو ما كان باديا منها للعيان قبل اكتشاف حجر رشيد وفك الرموز الهيروغليفية ونشأة علم المصريات.

    يعود رافين إلى باريس، تلك العاصمة الأوروبية التي كانت قد تفردت دون سواها بنشر الدراسات الاستشراقية مشفوعة بالصور واللوحات التوضيحية وليس الرسومات أو الاسكتشات التوضيحية بما يجعل الأمر يدل على تميُّز الناشرين الباريسيين بهذا النوع من الكتب المطبوعة بتقنية الطباعة الحجرية وفي عدد محدود من النسخ بما يجعل من غير الممكن اقتناؤه إلا من قبل النخب الاقتصادية القادرة على الشراء حيث كانت الطباعة وحدها تستغرق سنوات آنذاك وليس أشهرا فحسب. ذلك الكنز الذي عاد به رافين اشتمل على قرابة ستمائة لوحة نفذّها الرجل بدأب عجيب خلال عامين فقط، وكما لو أنه كان يعتقد أن عودته إلى باريس ستكون أبدية وعيشه فيها لن يتجاوز السنوات القليلة، إذ عاد رافين العام 1860 ليموت بعد ذلك بتسع سنوات وقبل أن يرى كتابه وقد ظهر إلى العيان كتابا مكتملا فاخرا ومحدود النسخ وفي أجزاء أربعة متسلسلة ويضم ما أنجز من لوحات استغرقت طباعتها السنوات العشر.

يعمل...
X