إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حـمـص .. تـقـرر كـتابـة مذكـراتهـا .. ناجي درويش ‎Naji Darwish‎‏

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حـمـص .. تـقـرر كـتابـة مذكـراتهـا .. ناجي درويش ‎Naji Darwish‎‏



    ‏‏‎Naji Darwish‎‏ مع ‏محمد عبدالله الأحمد‏
    9 مايو، 2014 ·
    اليوم المائة والخمسون بعد الألف
    حـمـص .. تـقـرر كـتابـة مذكـراتهـا

    وحاولتُ أن أختصر حمص في صورة يتسع لها رأسي الصغير ...
    كان تصوري لها كمحطة هو الخاطر الأقرب إلى ذهني .. وكنت أتساءل هل تملك هكذا بوابة مشرعة إلا أن تكون محطة تاريخ وميناء حضارة ؟..
    أوَ ليست هذه المحطة .. ميناءَ ضفاف الغربة المترعة بوعود العودة واللقاء وقوافل الحنين ؟..
    أوَ ليست هذه المحطة .. منعطفاً للشموع ومحطةً للنور والدليل الأقوى على كروية الأرض وتلاقي ذرات الروح ؟..
    أوَ ليست هذه المحطة .. المكان الأمثل للتلاقي الإنساني الرفيع .. وجسر الوصل التاريخي بين الشرق والغرب .. الشمال والجنوب .. العابد ومعبود .. المواطن والوطن .. والحبيب والمحبوب ..
    على هذه الأرض .. المحطة .. البوابة .. الرصيف .. الوطن الحنون .. ألا تلمح عيناك كل يوم :
    طفلاً يجري ويلعب متجاهلاً ما يدورُ حوله ، حياته خفيفة كالغبار ؟..
    أو واقفاً مع الواقفين أو جالساً مشلوحاً على مقعد انتظار ؟ ..
    أو آخرى تتنقل جيئة وذهاباً ترمق عيناها أسرابَ الأرواح تحوم في سماء المدينة تبتلعها المحبةُ حيناً وتلفظها أسبابُ الحياة أحياناً ؟.. وتبحث بينها علها تصادف روح ولدها ..
    وهذه الأزقّة والساحات والملاعب والأشجار والجدران والمنازل وحتى الركام .. كم أحاطت من باقات وردٍ تهنئ بسلامة وصول وكلماتِ وداعٍ رقيقة تدعو بسلامة طريق وأحبة لا يكادون يستقبلون عزيزاً حتى يتركوه ؟..
    كم أحاطت .. من تهافت أمهاتٍ على أبناء .. وأصدقاءٍ على أصدقاء .. من إعلانات فراقٍ وآمال لقاءٍ وهواءٍ مشبعٍ بأول إكسير الشوق ؟..
    من توفيقٍ يقدّم على طبق من دعاء .. تتلوه زغاريد نجاح أو سكنات قلوب ودموع فشل ؟..
    من صورٍ مبعثرة في تشتت ذهنٍ عمرُه بات بعمر وطن ؟..
    من ساعاتٍ تسرعُ في الدوران على هواها وتبطئ على هواها ؟..
    دلوني على محطة .. وطن .. كهذه الحمص .. تقسو فيها الشجونُ على المشاعر وتذرف الشفاه والعيونُ ضحكات ودموع الإيمان والأمل ..
    دلوني على محطة وطن كهذه .. يبدأ فيها مسلسل العشق .. ولا ينتهي ..
    أجل .. في هكذا محطة فقط يصبح الرصيف حلماً حين يستقبل قافلة تفترش نور الشمس .. دافعةً أمامها هواءً مميزاً في ذراته دفء اللقاء وبرد الوداع .. قادمةً لتسقط جبروت صمت ركام الجدران .. حاملةً القادمين من كل فجّ عميق والراحلين فوق سكة من موتٍ أو سفر .. لتثبت الأرض وتثبت المحطة وتثبت حمص ويثبت الوطن ..
    إذا لم أكن قد أترفت في الحديث وأعتقدني تقشفت .. اسمحوا لي أن أُعيد السؤال المذروف على شوارع الوطن : هل من الممكن أن تفقد آمالُ الفراشاتِ أجنحتها .. وهل يستطيع القلب إلاّ أن يكون محطة للدم ؟..
    إلى كل مقيم وقادم ومغادر ..
    إلى كلّ صامد ونازح ولاجئ ..
    إلى كل قارئ ومستمع مشاهد ..
    إلى كل مُوالٍ ومُعارض ومُطالب وصامت ..
    على هذه المحطة البوابة الرصيف الوطن الحنون .. ألم نرسم جميعنا الخطى بأدمعنا لنمشيها معاً ؟.. أوَ ليس هذا الوطن وطننا جميعاً ؟.. فماذا حدث ؟!..
    صدقوني في الملاحم لن تجدوا سوى القيل والقال ..
    لكن ماذا لو قررت حمص كتابة مذكراتها ؟..
    ماذا لو قررت سوريا كتابة مذكراتها ؟..

    ناجي درويش ـ حمص ـ 9 أيـار 2014
يعمل...
X